التاريخ يعيد نفسه ، قبيل فترة ليست بالطويلة حاولت الامارات من خلال الاستثمار على الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح واعادته الى الساحة السياسية، التعويض عن خسائرها وخسائر السعودية وتحالف العدوان السعودي، الا ان محطتها النووية في البركة تعرضت لقصف صاروخي يمني زعزع امنها وامانها، وفي هذه الايام نرى التاريخ يعيد نفسه حيث تحاول الاستثمار على نجل شقيقه .
منذ حوالي شهر والاماراتيون يشنون عدوانا شاملا على الساحل الغربي باتجاه ميناء الحديدة الاستراتيجي عبر تجهيز القوى الثلاث المشتملة على السلفيين وانصار وزير الدفاع اليمني السابق وبالتالي انصار طارق عفاش نجل شقيق الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح.
الانباء الاولية كانت تشير الى التقدم السريع لهذه القوات والسبب واضح تماما ويعود الى امرين اساسيين هما ، عدم وجود اي عوائق في الساحل من جهة والاستفادة الواسعة من المعدات الحربية الحديثة مقابل شحة الاسلحة والمعدات عند الجانب اليمني من جهة اخرى . وسائل الاعلام العربية والغربية المعروفة بولائها للسعودية والامارات وفي اطار الحرب النفسية بدات بتضخيم الانباء حول التقدم الذي تحرزه قوات تحالف العدوان على اليمن الى درجة انها بثت انباء واعدت تقارير تشير الى انه لم يعد يفصل القوات الغازية عن ميناء الحديدة سوى عدة كيلومترات .
وفي مقابل هذه الحرب النفسية الواسعة فان اليمنيين وخلال الايام الماضية ليس فقط نجحوا في وقف الالة الحربية الاماراتية بل انهم استطاعوا تحرير قسم من الاراضي التي تم احتلالها، ومن ثم كشفوا عن عامل جديد من شأنه تحديد مصير الحرب او تغيير مساره . المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية اعلن قبل يومين وبشكل رسمي ان ابو ظبي لم تعد آمنة وانها في مرمى الصواريخ اليمنية. الرسالة الصريحة اليمنية يعلن عنها في ظروف تحاول الامارات من جهة احتلال الحديدة وسائر الموانيء الجنوبية في اليمن وتوسيع دائرة احتلالها لجزر اليمن وتنمية تجارتها وضمان مصالحها في هذه المنطقة – كما اتخذت خطواتها الاولية من خلال احتلال عدن وسقطري في وقت سابق- ومن جهة اخرى تحاول المساعدة لترجمة مخطط ابن سلمان الفاشل والمتمثل بالاستيلاء على اليمن.
ولكن يبدو ان اليمنيين وضعوا ايديهم هذه المرة على اكثر مناطق الامارات حساسية . فرغم ان الاماراتيين وقبل عدة اشهر ذاقوا وبال الصواريخ اليمنية، ونجحوا من خلال التعتيم الاخباري احتواء التوابع المزلزلة لهذه الخطوة اليمنية الجريئة، لكن الحقيقة هي ان توجيه اليمنيين لصواريخهم الى هذه الدويلة الصغيرة ستكلف الاماراتيين غاليا، والسبب يعود الى ان الامارات ورغم كونها بلد نفطي الا انها بنت اقتصادها على اساس التجارة والسياحة ومن الطبيعي ان تتمثل نقطة ضعفها الاساسية في زعزعة امنها ومن البديهي ايضا ان اي هجوم صاروخي على هذا البلد سينتج عنه هروب الاستثمارات الخارجية وهذا يعني ان حياة ابوظبي في هذه الايام رهن بكيفية تعامل واداء اليمنيين الذين يتحلون بالصبر لحد الان في مواجهة العدوان الاماراتي على اراضيهم.
ان الامارات وبدل ان تستخلص العبر من جهودها لاعادة علي عبد الله صالح الى السلطة وايجاد شرخ في صفوف اليمنيين تحاول تكرار التجربة السابقة، ولكن هذه المرة من خلال دعمها لنجل شقيقه وجعله راس حربة العدوان على اليمن. ولا شك ان الاهداف الاماراتية المشار اليها آنفا تبقى في مرمى التوجهات ولكن السؤال المطروح هو في مقابل اعادة التاريخ لنفسه في هذه المرحلة هل سيعود الزمن لليمنيين ايضا؟ وهل ستستقبل الامارات حجما اكبر واوسع من الصواريخ اليمنية ؟ ختاما يبغي القول ان سقوط ميناء الحديدة بما انه يشكل مسألة حيوية لليمنيين فان تصريحات المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية تشكل خارطة طريق رسمها اليمنيون لمستقبلهم السياسي والعسكري ولا تقتصر على التهديد فقط.