لماذا تقتل السعودية صيّادي الحُديدة والساحل الغربي؟
يمني برس / قاسم عزالدين
المجزرة التي ترتكبها السعودية بقتل صيّادي الأسماك في ميناء الحُديدة والموانىء اليمنية الأخرى، لعلّها تستهدف ترهيب عامة المدنيين في إقصائهم عن بيئتهم الطبيعية في البحر والبر. لكن منهج القتل والدمار الذي تتخذه السعودية عقيدة حربية، يواجهه فقراء اليمن بالقتال في المعارك دفاعاً عن بيئة الحياة الحرّة في اليمن وعن حضارته العريقة بين الحضارات الإنسانية.
الإعلام السعودي ينفي بصفاقة فاجرة مسؤولية السعودية عن ارتكاب مجزرة استهدفت قتل الصيادين والأطفال في سوق الأسماك والبوابة الرئيسية لكبرى مستشفيات الحديدة. ففي ظل ّ تواطؤ مريب مما يسمى دول المجتمع الدولي، لم تجد السعودية نفسها مضطرة للمواربة في الحديث عن خطأ غير مقصود، كما أذاعت وقت مجازر الأفراح والأتراح في صنعاء وصعدة. بل تتمادى تزويراً للوقائع في اتهام الجيش واللجان الشعبية بذبح اليمنيين “في محاولة لاستعطاف الرأي العام الدولي”، بحسب المتحدث باسم التحالف السعودي تركي المالكي.
المجزرة سبقتها ملاحقة القوات السعودية للصيادين بمنعهم من النزول إلى البحر، وأخطرتهم في بداية الأسبوع “بأنهم يصبحون هدفاً عسكرياً في حال مزاولة مهنة الصيد والنزول إلى البحر”، وفق تصريحات نقابيين في الجمعيات السمكية في الحديدة.
ارتكاب المجزرة في ميناء الحديدة، هو في سياق اجراءات التحالف السعودي لمنع الصيادين وسكان الشريط الساحلي من التشبّث بأرضهم وبحرهم ورفض الانصياع إلى مصادرة الاحتلال البحر اليمني، فالقوات الإماراتية أقصت الصيادين والأهالي في محافظة المخا عن البحر والساحل وحوّلت الميناء إلى ثكنة عسكرية.
وفي إطار سياسة الاحتلال للتنكيل بسكان الساحل اليمني، استهدفت السعودية قوارب الصيادين بتدمير ما يتجاوز 50 قارباً، وأحالت الصيادين إلى السجون السعودية بتهمة النزول إلى البحر، ولا يزال حوالي 80 صيّاداً يقبعون في سجن نجران السعودي، بحسب رئيس الاتحاد السمكي في الساحل الغربي، عبد الله بهيدر.
ففي محافظة المهرة غير الموالية للجيش واللجان الشعبية لا يزال الاحتلال السعودي يحرم الصيادين والسكان من البقاء في الشريط الساحلي، مستعيناً بالرئيس اليمني لقمع الاحتجاجات المناوئة لاحتلال السعودية. وقد قام هادي، بناء على طلب السعودية، بإقالة المحافظ علي سالم الحريزي ورئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى. فالسعودية تمنع حركة الملاحة والصيد في ميناء “نشْطون” على مضيق هرمز، وقمعت تحرّك اليمنيين على طول 560 كلم في الشريط الساحلي من أكثر من سنة، حيث حوّلت مطار “الغيضة” الدولي إلى ثكنة عسكرية.
التحالف السعودي الذي يقتل الصيادين وأهل الساحل اليمني كما يقتل المدنيين ويدمر الحضارة اليمنية في الشمال والجنوب، لم يعد بوسعه تورية احتلاله وأطماعه في اليمن بحجة دفاعه عن الشرعية، على الرغم من التحريض المذهبي ضد أنصار الله والتحريض العرقي ضد إيران.
فالدعوات المتزايدة المطالبة برحيل الاحتلال السعودي والإمارتي في الجنوب والساحل الغربي، تساهم بإحباط محاولات التحالف للسيطرة على الحديدة والمراهنة الإجرامية على تدمير مدينة زبيدة التاريخية الأثرية.
هذه الدعوات تقوّي من عزيمة الجيش واللجان الشعبية في التصدي للتحالف السعودي، استناداً إلى تحوّل في المناخ السياسي عما يسمى “دعم الشرعية لمواجهة الانقلابيين”. ولعلّ ما يعبّر عن هذا التحول هو ما عبّرت عنه توكّل كرمان تعليقاً على مجزرة الحديدة في قولها ” يا أوغاد العصر لن تفلتوا من العقاب”، بعد أن استمرّت حتى الأمس القريب تدعم ما تسميه “الشرعية”، والتحريض على الجيش واللجان بدعوى رفض “الانقلاب”. وما تذيعه توكّل كرمان يلهج به سكان عدن وسائر المحافظات.
التحالف السعودي لا يعتمد في احتلال اليمن على حلفائه من اليمنيين في القتل وتدمير الحضارة والبيئة الطبيعية لاستمرار الحياة، إنما يعتمد على تواطؤ دول مجلس الأمن وما يسمى المجتمع الدولي. فالمبعوث الدولي مارتن غريفيث الذي يتحسّس مأساة اليمن خلافاً لإسماعيل ولد الشيخ أحمد، يحاول تفادي معركة الحديدة كما يقول في دعوته لمباحثات جنيف في 6 أيلول/سبتمبر.
لكن مندوبة أميركا في مجلس الأمن، نيكي هايلي، تقرر أن لقاء جنيف يمكن أن يكون متأخراً “بالنظر إلى خطورة المعارك على الأرض”. وهي تشير بذلك إلى الضوء الأخضر الأميركي والإسرائيلي في استمرار قتل اليمنيين للضغط على إيران في الخليج ومضيق هرمز.
المنظمات الإنسانية التي تضغط في الجهة المقابلة للتخفيف من “أسوأ مأساة إنسانية في العصر”، تسعى إلى صحوة ضمير كما دعت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليزا غراندي، وكما أشارت منظمة الصحة العالمية وأشار الصليب الأحمر الدولي. لكن فقراء اليمن وأبطاله يواجهون القتل في معارك القتال.