المنبر الاعلامي الحر

نزيف الوطن في شعر عباس الديلمي

نزيف الوطن في شعر عباس الديلمي

يمني برس – بقلم – محمد ناجي احمد

يتكامل الخطاب الشعري في إبداعات الشاعر والأديب والكاتب عباس الديلمي ، فقطراته الشعرية تتراكم مُشَكِّلةً نهرا من الحزن الرافض لواقع اليمن الذي تتراكم مآسيه .

( الغنائيات ) وقد تناولناه سابقا ،هو الكتاب الذي شمل غنائياته ووحدوياته الممتدة من 1967م إلى 2007 م وقصيدته المغناة ( وحدة وفيها عزة الأوطان)ويبدو أن عنوان القصيدة أعلى النص وفي فهرس المحتويات كتبت فيه(عزت ) فعلا لا اسما ، لكن ذلك يتناقض دلاليا مع السياق الكلي الذي أراد العزة لا الندرة.

وكتابه الشعري ( كهف أفلاطون ) في طبعته الثانية 2008م ، يقدمه الشاعر بتوطئة عن الحقيقة التي تتراكم تجاربه الإبداعية بحثا عنها ، وعن اليقين الذي يسافر نحوه دون وصول سوى متعة الطريق الشعري وتنوع أشكاله ومستوياته اللغوية .

و( أيام الوجع ) الذي لم يذكر تاريخا لطباعته لكن نصوصه مؤرخة من 2009 إلى 2012م .وهو الديوان الذي يستلهم فيه عبارات متداولة ومختزلة لأعلام يمنية في السياسة والفكر والأدب ، ليقدم من خلال المقولات ومناجاة الشخصيات نصوصا شعرية تحاكم الواقع المأساوي ، باستحضار شعري منولوجي لجار الله عمر والبردوني وعبد الله باذيب والأستاذ أحمد النعمان ،راسما من خلالهم لوحة الشعب المتعبة والمثخنة بالصراعت السياسية .

يستند إلى مقولة للأستاذ النعمان عن ثورات الشعوب التي لا تنبعث من فكر ، فتصير ” فوضى وكارثة تتقدمها مهزلة “. أو يعري واقع التخبط من خلال منولوج مع عبد الله باذيب ، قائلا :

” الطليعة تائهة يا أبانا

وقد خاب من أخطأوا مرتين

ويا ليتهم فقهوا ما العمل ”

ومن خلال حديثه الموجه لعبد الفتاح إسماعيل تأتي الرياح بريح العواصف وتهاوي الشراع والأمل :

“والرياح التي كنت أجريتها

تركتْنا لريح العواصف

للكارثات

وما لا يطاق ، ولا يحتمل

وتهاوى الشراع

وتعالى صُراخ المنادين

لا أمل ”

وعلى هذا السياق من استحضار الرموز السياسية يكون خطابه الشعري المنبثق من استحضاره لجار الله عمر ، ومناداته له بالحليم وروح السماحة ، والمعلم في السلم والحرب وكتابة الأغنيات .

ويقف مع ( أحمد يا جناه ) أو (الباهوت ) ألقاب أطلقت على الإمام أحمد ، الذي حصد رؤوس الطاغوت ، هو (الباهوت ):

“جبارا ، تغزل كفاه النيران

أرعبت الرعب

ولرهبته

ولصولته

قالوا : كان يموت الموت

ونرمق في عينيه النار”

في كتابه ( كهف أفلاطون ) ط2-2008م تتجمع قطرات الشعر في مواسم متعددة ، لتشكل نهرا شعريا ،بادئا بنص (لكم دينكم وليَ دين ) الذي تتشكل فيه عقيدة الشاعر الرافضة للعنف والشرك في العشق. “المخلب ” و” وأكل اللحوم في مذهب الشاعر ” من كبار الجرائم ” فهو بلا مخلب أو ناب لكنه دم مشتعل ، وقلب سليم ” من الحقد والبغض

لا ينبت النفط فيه عُشب النفاق

وذيل الخيانة ”

في ( ليلى القتيلة ) يبكي الشاعر ليلاه القتيلة في مستنقعات النفط والعباءات الطويلة . تتكاثر ليلى الشاعر في زمننا لتبدأ من بيروت لنعيش في زمننا مدنٌ عربية كلها بيروت القتيلة ، مفتشا عنها في “مستنقعات النفط”

“أيها الراحل عن بيروت

كي تبحث عن قبر القتيلة

خلف هاتيك العباءات

في مستنقعات النفط

والكاتم

وفي الأذن الطويلة

فتشوا يا صحبة الدرب معي ”

هو التاريخ العربي الذي يراه الشاعر ” مقبرة لفارس …وعظمة من رأس مشروع لفيلسوف” الفارس / الموقف ، والمعرفة / الفيلسوف. مقبرة وجمجمة ، فصندوق ذاكرتنا “يحوي وثيقتين ”

“مقولة (السفاح) في (الحجاز )

وخطبة ( الحجاج ) في ( العراق )

وصُرَّة ضمت جراح كربلاء

وثوب عثمان الجديد.”

في هذا التاريخ الموغل في الدم : التفكير تهمة ، والسؤال جريمة .

هو العشق للحقيقة الأفلاطونية التي سماها الشاعر ( فاطمة ) وسوداوية المفتش العراف ،الذي يدين الحب والعشق:

“قال المفتش العراف :

-هل تحب ؟

-بل عاشق

وعشقها في القلب طعنتان

وحبها في الروح رافدان…”

هو حزن الحسين ” وشم في ضميري ”و”صرخة” الحسين في وجه “المطففين”.

يعود (أبو لؤلؤة ) بخنجره المسموم ولحيته المُرْسلة ، وأبو ذر ما زال يحفر دون أظافر ، وبذرة الحسين في كربلاء تحيي “أخصب المشاتل ”

“شاء ولي العهد أم أبى

بتروله لن يحرق السنابل ”

و(شعرة ) معاوية أضحت مفتولة ” لعبة شد الحبل ” ويتماثل عمرو بن العاص مع الكاتم ” لو عدت إلى الوطن الأول

لعرفت معاني من يتحدث بالكاتم

ويسجل اسمك في الترتيب الأول ”

وفي تناص معارض لمقولة (هند بنت عتبه ) فإن ” الحرة صارت تزني جهرا “.

وأمام ضريح الحسين يلبس الشاعر “حزن أمه ” طالبا وصايا الطريق من الحسين ،في سير الشاعر نحو الحقيقة الأفلاطونية :

“قلت يا تاج رؤوس الشهداء

أوصني ”

فتكون وصية الحسين مزيجا من إيمان (عمار ) وإسلام (أبي ذر).إنه الجرح له ألف لسان تتكلم .

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com