حروف تبحث عن نقاط:«قيس» السني و«ليلى» الشيعية
حروف تبحث عن نقاط:«قيس» السني و«ليلى» الشيعية
منذ أربعة عشر قرناً, والعمل جار على قدم وساق لتقسيم المسلمين إلى شيعة وسنة لأسباب سياسية, منذ معاوية إلى السلطان عبدالحميد, وحتى آل سعود ونتنياهو والداعمين معهم إلى ما أسموه بالتحالف السني.. ولهذا لم يكن الكاتب العربي فهمي هويدي يمزح عندما كتب مقالاً عن ذلكم التحالف بعنوان “إسرائيل السنية” كون الأمر سياسياً لا صلة له بالدين.
نعم لم يكن الأستاذ هويدي يمزح كما لا نمزح أو نسخر ونحن نكتب تحت هذا العنوان “ قيس السني وليلى الشيعية” هذا ما يؤكده التاريخ والوقائع, فإذا ما كانت الدولة الأموية من معاوية إلى آخر من خلفه من الملوك الأمويين, هم من وضعوا أساس هذا التقسيم للمسلمين فهم ايضاً من وظفوه سياسياً واجتماعياً على مختلف الصعد بما في ذلك من اشتهر وذاع صيته بين الناس من المحبين والعشاق, كما فعلوا مع الشاعر قيس بن الملوح المعروف بمجنون ليلى.. “هو قيس بن الملوح بن مزاحم العامري تُوفي عام 68م وعاصر الملك الأموي مروان بن الحكم” هذا الشاعر العاشق الذي ذاع صيته وملأ الأصقاع, وأعجب الناس بوفائه وبثورته على القيود ومن أجل الحرية الخارجة عن التقاليد القبلية، واختار الموت وحيداً في الصحراء رغم سيادة والده وثرائه.. صار الناس يتناقلون كلما يقوله.. ويقفون أمام مراده ومراميه, ولأن الأمر كذلك لم يسلم من الاستغلال السياسي وتوظيف بعض مقولاته لأغراض سياسية والتقسيم السني الشيعي للمسلمين حينها..
لقد تناقل الناس يوم ذاك قوله عن الحسين بن علي رضي الله عنهما “لساني عليه وقلبي معه” وقد أورد أو ضمن أمير الشعراء هذه المقولة لقيس بن الملوح في مسرحيته الشعرية “مجنون ليلي” وبنفس النص – نعم تناقل الناس مقولته تلك في عهد الدولة الأموية فخشى من خشى أن يقال بأن الشاعر قيس أو مجنون ليلى معجب بثورة الحسين في وجه الظلم والانحراف بمبادئ الدولة الإسلامية, وانه ينتقد الحسين بلسانه, اتقاء لبطش الدولة وإيذاء أنصار بني أمية, ولكن قلبه أو ضميره مع الحسين. وفسر البعض هذه المقولة “ لساني عليه وقلبي معه” بأنه كان من أسرة سنية وحبيبته ليلى من أسرة شيعية وبأن ما يبديه بلسانه من عدم رضى عن الحسين “ع” يقابله أن قلبه تسكنه ليلى معشوقته الشيعية, وفي هذا إشارة خبيثة إلى أن ثورة الإمام الحسين لا يرضى عنها إلا من كان شيعياً أي من شيعة الإمام علي وآل البيت.
أرأيتم التوظيف القديم للتقسيم السياسي للمسلمين تحت مسمى سنة وشيعة, وانه لم يسلم من ذلك حتى قيس وليلى, بل أن البعض قد حنق لمقوله قيس تلك فدعاه الأمر إلى إنكار شخصية قيس بن الملوح من أساسها وانه أسطورة وان إشعاره تلك ما هي إلا لأمير من بني أمية تستر تحت هذا الاسم!!
هذه وقفة عابرة للإشارة إلى قدم التقسيم السياسي المصلحي للمسلمين إلى سنة وشيعة, وهنا تجدر الإشارة إلى خاطرة مفادها.. ترى لوفطن دعاة هذا التقسيم من وهابيين وصهاينة وأبواق” الحلف السني” إلى هذا التفسير لمقولة مجنون ليلى وبأنه كان سنياً وليلى شيعية- لو فطنوا إليه في عصرنا هل كانوا سيفسرونه حسب تفسيراتهم اليوم وبأن والد ليلى الشيعي قد رفض زواج ابنته من قيس السني بدافع الاحتقار وعدم الرغبة في المصاهرة ورغبة في قتل شاعر سني بتلك الطريقة بين وحوش الصحراء.. لا نستبعد ذلك وقد يحدث لاحقاً كما لا نستبعد اقحام إيران وحزب الله وما لهما من أطماع توسعية ومواقف عدائية من إسرائيل والمملكة السعودية ودولة الإمارات كما نسمع في بكائياتهم. لا نستبعد ذلك خاصة ونحن نستمع إلى بعض المحللين الذين يصدق عليهم القول “لعن الله المُحلّل والمحلل له”.