الشَّـهِيْد القائد.. مشروع أُمَّــة
الذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
تقرير: جمال الأشول
بعدَ أيامٍ قليلةٍ تحل علينا الذكرى السنويةُ لاسْتِشْهَاد السَّـيِّـد حُـسَـيْـن بدر الدين الحوثي القائد والمؤسِّس للمسيرة القُــرْآنية، الذي لا يزالُ يسيلُ الكثيرُ من حبر الأُمَّــة والتَأريخ في أَوْسَـاط المجتمعات والشعوب، لما يمثّله هذا القائدُ من رمزيةٍ استثنائيةٍ في تَأريخ الأُمَّــة العربية والإسْلَامية، وَالذي أسّسَ لبناء أُمَّةِ القُــرْآن أمة الإسْلَام وقلبه مليء بالثقة بنصر الله لهذه المسيرة الإلهية مهما كانت التضحيات.
لقد حمل الشَّـهِيْدُ القائدُ على عاتقه همومَ الأُمَّــة وقضيتها، وظَلَّ مدافِعاً عن الحق وعن المظلومين والمستضعفين من مشروع قُــرْآني تمسّك بمبادئ وقيم الإسْلَام الذي جاء به الرسول الأعظم صلى الله علية وعلى آلة الطاهرين.
ومن واقع الأُمَّــة بدأ الشَّـهِيْد القائد يبحَثُ عن سبب تهاون الأُمَّــة وتخاذلها وارتهانها ووصولها إلى ما وصلت إليه اليوم؟ ليجد أَن العلاج موجوداً في رحاب القُــرْآن الكريم وعلـوم أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم فنهَلَ الحكمةَ والطُّهْرَ والعِلْمَ والشعورَ بالمسئوليـة العظيمة تجاه أمته ودينه.
حيث أَصْبَـحت دروسُ ومحاضراتُ الشَّـهِيْد القائد في متناوَل الجميع على هيئة ملازم والتي تجعلُ القارئَ المتأملَ لمحتويات تلك الملازم يقف منبهراً من عظمة ذلك الفكر النيّر ومن تلك الأطروحات والتشخيصِ الدقيق لمجمل المشاكل التي هي أساسُ معاناة الأُمَّــة اليوم، بل إن الحصيف أن الشَّـهِيْدَ القائد قد حرص أشدَّ الحرص على وضع المعالجات اللازمة لمختلف القضايا التي تُعاني منها الأُمَّــة من القُــرْآن الكريم، الذي انطلقت المسيرة القُــرْآنية منه.
فقد كان يقولُ: [إذا تأمل الإنْسَـان في واقع الناس يجــد أننا ضحية عقائد باطلة وثقــافات مغــلوطة جاءتنــا من خارج الثقلين كتاب الله وَعترة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)].
وقال الشَّـهِيْدُ القائدُ في “دروس من هدي القُــرْآن الكريم”: (نحنُ إذا ما انطلقنا من الأساس وعنوان ثقافتنا أن نتثقفَ بالقُــرْآن الكريم سنجدُ القُــرْآنَ الكريمَ هو هكذا، عندما نتعلمه ونتبعه يزكينا يسمو بنا، يمنحنا الله به الحكمة، يمنحنا القوة، يمنحنا كُلّ القيم، كُلّ القيم التي لما ضاعت، ضاعت الأُمَّــة بضياعها، كما هو حاصلٌ الآن في وضع المسلمين، وفي وضع العرب بالذات. وشرف عظيم جداً لنا، ونتمنى أن نكونَ بمستوى أن نثقفَ الآخرين بالقُــرْآن الكريم، وأن نتثقف بثقافة القُــرْآن الكريم “ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ”، يؤتيه من يشاء فلنحاول أن نكون ممن يشاء الله أن يؤتوا هذا الفضل العظيم.
مفكرون وعلماء وسياسيون يعتبرون أن الشَّـهِيْد القائد حُـسَـيْـن بدر الدين الحوثي هو قائدٌ استثنائيٌّ واسعٌ بسعة القُــرْآن وعظيم بعظمة المشروع الذي حمله؛ ونتيجة لذلك كانت المميزات التي وردت في الخطاب استثنائية وجامعة وراقية لم يجد لها مثيلاً على مدى تَأريخ طويل من عمر الإسْلَام.
ففي ملازمِه ومحاضراته نجدُ تحذيرَ الشَّـهِيْد القائد للجميع من عواقبِ ومخاطر سيئة قبل حدوثها، مقدماً الحلولَ لكل ما تعاني الأُمَّــة على كُلّ الأصعدة وبمرور الأيام أثبتت صحة ما كان يحذر منه، فمثلاً على مستوى الـيَـمَـن كالتدخل الأَمريكي، أَوْ على مستوى الأُمَّــة العربية كمخطط التقسيم والحروب المذهبية وَأَيْضاً على مستوى الدول الإسْلَامية، كما ضرب مثالاً لحالة إيران والمخاطر التي تعيشها اليوم.
لقد تخطّى فكرُ الشَّـهِيْد القائد كُلَّ المعوقات والموانعِ المذهبية والطائفية التي كان معظمُ مَن نحسبُهم قادةً ومفكرين يحتكمون لها ولا يجرؤون على تعديها لحساباتٍ عديدةٍ قد يكون أضعفَها عدمُ وضع الشخص نفسه موضعَ التهم والشبهات، وهذا ما لم يُحسب حسابه الشَّـهِيْد القائد.
حيث أعلن السَّـيِّـد حُـسَـيْـن بدر الدين الحوثي عن ولادة فجرٍ جديد لا مكانَ فيه للذل ولا للهوان والخنوع، يوم انطلقت من حنجرة السَّـيِّـد حُـسَـيْـن صرخة الحق في وجه المستكبرين كسلاح وموقف بشعار
[الله أكبر، الموت لأَمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسْلَام]؛ ليفتح بذلك بابَ العزة والحرية والمواقف المشرفة التي ستُعيدُ للأمة مجدَها وسيادتَها وتخلُّصها من تحت أقدام أعدائها.
في ذات السياق قال رئيسُ مركَز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية الـيَـمَـني عَبدالملك العجري في مقال له بعنوان: “من هم أَنْصَـار الله”؟: إن السَّـيِّـدَ حُـسَـيْـن يدر الدين الحوثي تطلع لصَوْغِ مشروع فكرى وأخلاقي يَتَغَــيَّى البعثَ الصحيحَ للهُوية الإيمانية وتخليصها من الانحرافات الأيديولوجية التي لحقت بها، وإعادَة بناء شخصية المؤمن على أساسها، واستعادة المسلمين لوَحدتهم وهويتهم ومركزهم الحضاري.
موضحاً أن الهاجسَ الذي كان يشغلُ بالَ الشَّـهِيْد القائد هو الوقوفُ في وجه زحف صراع الحضارات الهنجتوني الذي قادته إدارةُ المحافظين الجدد الأَمريكية، كما تحضُرُ القضية الفلسطينية كقضية جوهرية في الخطاب الحوثي، مضيفاً أن الشَّـهِيْدَ القائد اعتمد على النص القُــرْآني كنّصٍّ مركَزي لتحديث واستصلاح الثقافة الدينية وإعادة المفاهيم الإسْلَامية إلى حالة نقائها الأول وتنقيتها من الشوائب التي تعلَقُ بها مع الممارسة التَأريخية.
إن المشروعَ القُــرْآني الذي قدمه الشَّـهِيْد القائد من خلال ملازمه ومحاضراته ودروسه التي تُعبِّرُ عن هُوية المسيرة القُــرْآنية والتي تُعَدُّ أُسُساً جامعة لكل المسلمين ولا يختلف عليها أحدٌ منهم مما يستلزم تفعيلها واقعياً، كما قدمها الشَّـهِيْد القائد بصورة عملية وواقعية في حياته أَوْ في المراحل العملية لانتشار المسيرة القُــرْآنية، فلن ترى الأُمَّــةُ الإسْلَاميةُ العزةَ والتمكينَ إلّا بإتباعها بدلاً عن التِّيْه والضياع الذي تعيشُه ولن يرى العالَمُ العدلَ والخيرَ إلّا بها.
ورغم أَن هذا المشروعَ استهدف من قبَلِ نظام علي صالح وبدعم أَمريكي سعودي، في عام 2004م، واستشهد على إثره الشَّـهِيْد المؤسس السَّـيِّـد حُـسَـيْـن الحوثي، وحروب مستمرة لست سنوات “ست حروب ظالمة” على صعدة، وظل المشروع القُــرْآني متواصلاً؛ كون الشَّـهِيْد وفكره أَصْبَـح ملكاً للأمة كُلّ الأُمَّــة بمختلف لُغاتهم وبلدانهم ومذاهبهم، وأن لهم الحق في الاطلاع على رؤى الشَّـهِيْد القائد المختلفة وعلى طريقته المُثلى لفهم القُــرْآن الكريم والتي من خلالها صُنع أمة ذات عزة وفخر بدينها وقيمها بعد أن عاشت تحتَ نَيْرِ مفاهيم الذل والهوان فترة ليست قصيرة.
ومن هذا المشروع أَصْبَـح لدى الكثير من المفكرين والاجتماعيين والسياسيين مشروعٌ تنشأ منه مراكز بحوث ودراسات لحلول ومعالجات مناسبة لكل المشاكل وفقاً للمفاهيم القُــرْآنية والرؤى المحمدية التي غايتها إسعادُ الإنسان وصَوْنُ كرامته وتعميقُ ثقته بِرَبِّه وخالِقِهِ وغرس اعتزاز المسلم بدينه وعقيدته.