طوفان الطلاق في السعودية.. والاسباب؟!
يمني برس – تقارير
فيما تشير الإحصائيات الرسمية إلى ارتفاع معدل الطلاق في السعودية، حيث بلغ 7 حالات طلاق في الساعة الواحدة، أي بمعدل يتجاوز الـ160 حالة طلاق يومياً، اندلع جدل واسع في المملكة، إثر مقال نشرته صحيفة “عكاظ” الحكومية عزت فيه تزايد حالات الطلاق الى منح السعوديات الكثير من الحقوق ومنها السماح لهن بقيادة السيارات. ويرى مختصون ان أسباب الطلاق تتعدد في المجتمع السعودي ومن ابرز العوامل الاقتصادية التي ادت الى تزايد الخلافات داخل الاسرة هي تفشي البطالة وسوء الأوضاع المعيشية نتيجة الغلاء والفقر.
اندلع جدل واسع في السعودية، بعدما صرح أحد الكُتاب عبر مقال له في صحيفة صحيفة “عكاظ” الحكومية السعودية بأن “المرأة نالت أكثر من حقها” بالمملكة، وعزا تزايد حالات الطلاق إلى منح السعوديات الكثير من الحقوق التي كن محرومات منها في الماضي، ومن بينها السماح لهن بقيادة السيارات.
ونشر الكاتب السعودي “أحمد عجب”، مقالا له في الصحيفة، تحت عنوان “طوفان الطلاق”، قال فيه إن حالات الطلاق الكثيرة التي تشهدها المملكة، تعود لنيل المرأة في الفترة الماضية كثيرا من الحقوق التي منحتها القوة في وجه زوجها.
وقال “عجب”، الكاتب والمحامي أيضا: “أرى أن تفشي الطلاق.. يعود لثلاثة أسباب؛ أولها: الحقوق التي حصلت عليها المرأة مؤخرا من قيادة وعمل وسرعة إنجاز بقضايا الأحوال الشخصية كانت لها ضريبة حين شعرت بالقوة واستأسدت على الزوج”.
وقال الكاتب إن السببين الآخرين للطلاق هما: “البطالة التي أرهقت الرجال وانعكست على قصورهم في أداء واجباتهم المنزلية، بالإضافة إلى الزواج الجماعي الذي يقذف بعشرات الشباب في معترك الحياة الزوجية دون جهد أو خبرة في تحمل التكاليف، ما يجعلهم يستهينون بالزوجة ويرونها لا تتعدى قيمة (جوال) يسهل هجره واستبداله!”.
وقوبل المقال بسيل من ردود الفعل التي انقسم أصحابها، وبينهم كُتاب ومُحامون وفنانون ومدونون من مختلف شرائح المجتمع السعودي، واتفق فريق منهم مع رأي كاتب المقال، فيما عارضه فريق آخر بشدة، واتهمه البعض منهم بالعنصرية.
وقال المحامي السعودي البارز “عبدالرحمن اللاحم”، في رد على المقال: “أعتقد أن نشر هذا المقال؛ خطأ قانوني جسيم من الزملاء في عكاظ، إذ إن محتواه فيه تمييز عنصري ضد المرأة بالمخالفة لأحكام القانون، ولا يمكن أن يدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير، لأن مسائل التمييز على أساس اللون أو الجنس أو الطائفة، جريمة”.
وأضاف في تغريدة أخرى: “والله تبون الصراحة؛ الدولة مالها حق تعطي المرأة حقوقها في العمل وقيادتها لسيارتها بدل السائق الأجنبي وتمكينها في المراكز القيادية وإن شاء الله حقها بالسفر بلا إذن قريبا.. لأن ذلك زَعّل سي سيد اللي متعود أن المرأة مجرد قطعة من أثاث المنزل مثل الثلاجة والغسالة وقلاية الزيت!!”.
وبدأت النساء في السعودية بقيادة السيارات منذ منتصف العام الماضي للمرة الأولى في تاريخ المملكة، التي سنت في السنوات الثلاث الماضية الكثير من التشريعات التي أزالت القيود من أمام مشاركة النساء في الحياة العامة.
ووفقا لإحصائيات رسمية عن حياة الأسر في السعودية، تقع 7 حالات في الساعة الواحدة، مقارنة مع نحو 16 حالة زواج في الساعة الواحدة بمختلف مناطق المملكة، التي يفوق عدد سكانها من مواطنين ومقيمين 33 مليون نسمة.
وذكرت صحيفة “سبق” السعودية المحلية في عددها الصادر 08-07-2019، أن “الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن معدل الطلاق وصل إلى 7 حالات في الساعة الواحدة، أي بمعدل يتجاوز الـ160 حالة طلاق يومياً، وأن كل 10 زيجات تقابلها 3 حالات طلاق، أي إن ثلث حالات الزواج سنوياً في المجتمع السعودي مصيرها الفشل.. هذه المعدلات المرتفعة والمخيفة ستكون سبباً رئيساً في بروز الكثير من الظواهر والسلوكيات الاجتماعية السلبية والخطيرة في المجتمع”.
وقالت الصحيفة: إن “أرقاماً وإحصائيات ونسباً صادمة حدّ الفزع سجلتها معدلات الطلاق في المجتمع السعودي، التي تشهد ارتفاعاً مطرداً وغير مسبوق”،
وبحسب الاحصائية التي نشرتها الصحيفة فإن عدد صكوك الطلاق في عام 2018 هي الأعلى في تاريخ السعودية، حيث تجاوزت الـ 58 ألف صك، بنسبة 28٪ من إجمالي عقود الزواج التي بلغت نحو 150 ألف عقد، أي أن معدل الطلاق وصل إلى 7 حالات في الساعة الواحدة، أي بمعدل يتجاوز الـ 160 حالة طلاق يومياً.
وفي إحصائية سابقة للصحيفة أشارت إلى أن المحاكم السعودية سجلت 53 ألف حالة طلاق عام 2017، بمعدل 149 حالة طلاق في اليوم، إضافة إلى مئات الحالات التي وقعت دون اللجوء إلى المحاكم، وأشارت بناءً على دراسات اجتماعية إلى أن كل 10 حالات زواج تقابلها 3 حالات طلاق، أي إن ثلث المتزوجين الجدد مطلق أو في طور إجراءات الطلاق.
وتعد نسب الطلاق في السعودية مرتفعة مقارنة بالمعدلات العالمية، وتطالب نخب المملكة الثقافية والدينية على الدوام بالعمل على خفض تلك النسب، وتقدم نصائح للأزواج وتدعوهم للأخذ بها.
تشكيل لجنة خاصة لمكافحة الطلاق
وفي ظل سياسة الانفتاح والترفيه التي ينتهجها ولي العهد لسعودي، محمد بن سلمان، أثار القرار الاخير لمجلس الشورى بتشكيل لجنة خاصة لدراسة “مقترح نظام مكافحة العنوسة والطلاق”، الرأي العام في المملكة وخارجها.
ونقلت صحيفة “سبق” عن مصادرها، أن 54 عضوا في الشورى وافقوا رأي لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بعدم جدوى هذا المقترح، فيما اعترض 60 عضوا على رأي اللجنة وأيدوا تشكيل هيئة خاصة لمكافحة العنوسة والطلاق استنادا للمادة (23) من نظام مجلس الشورى، من دون ذكر الأسباب التي تدعو المعترضين إلى رفض مثل هذا المقترح الذي يهدف إلى معالجة ظاهرة الطلاق التي تزداد سوءاً مع الأيام في السعودية.
وتم تقديم المقترح من قبل عضوي المجلس الأمير خالد آل سعود، وخالد العقيل، حيث تضمن تشكيل لجنة وطنية لمكافحة ظاهرتي العنوسة والطلاق تكون من مهامها وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة ومعالجة مسبباتها والإشراف على السياسات والتخطيط والقواعد لتحقيق أهداف هذه اللجنة.
ويأتي القرار في الوقت الذي نفى فيه الأمين العام لجمعية “ابن باز” للتنمية الأسرية علي بن عبد الرحمن الرومي ما يشاع عن ارتفاع معدلات الطلاق في السعودية!، وقال إن معدلات الطلاق في السعودية منخفضة “مقارنة بمعدلات دول العالم، وأن العلاقة الزوجية في المجتمع السعودي تتسم بالاستقرار”.
صحفيون ومهتمون يحذورن
وحذر صحفيون ومهتمون من خطورة الظاهرة، حيث رأى الكاتب صالح المسلّم في الصحيفة ذاتها أن ظاهرة الطلاق في الوقت الحالي “أصبحت قضية كبرى، لا حلول لها في الأفق، ولا حلول جذرية تلوح أمام أعين المجتمع، أرقام خيالية، حيث تبين آخر الإحصائيات أن هناك أكثر من 4000 حالة طلاق خلال شهر واحد، أي أكثر من 300 حالة طلاق في اليوم.. فما هي الأسباب؟”.
ودعا الكاتب مجلس الشورى إلى التدخل لمواجهة هذه الظاهرة، وطلب أيضا من “الجهات العليا أن تتدخل بقرارات صارمة، كي لا نصل إلى مرحل الانهيار الأسري”.
أما الكاتب ساير المنيعي، فقال في موضوع تحت عنوان “الطلاق.. حقائق مخيفة”، نشر في صحيفة “سبق”: “هالني الأمر وتملكتني الحيرة والدهشة أكثر وأكثر حين اطلعت على إحصائية وزارة العدل للشهر الذي يليه وهو شهر الخير والعبادة شهر القرآن والطاعة شهر رمضان من هذا العام أيضًا، فقد فُجِعت حين رأيت أن نسبة الطلاق قد زادت عن الشهر السابق فقد بلغت (41)٪! الله أكبر قاربت النصف إلا قليلًا! فمقابل (5800) صك زواج صادر من وزارة العدل صدر (2429) صك طلاق!”.
من جهتها أشارت لمياء عبد المحسن الإبراهيم، استشارية الطب والأسرة وباحثة اجتماعية سعودية، إلى أن أسباب تأخر سن الزواج والإحصائيات تحتاج للتفصيل بحسب نوع الزواج أو فترته.
وأضافت لوكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك”، أن الطلاق تتعدد أسبابه؛ منها إشكالية حالات الطلاق قبل الدخول “الزفاف”، والزواج المؤقت (المسيار)، وهي كلها تدخل في إطار نسب الطلاق.
وتابعت أن فترات الخطوبة يحدث فيها الكثير من الطلاق، مثل الزواج المؤقت؛ لأنه غير مستقر.
ولم تخفِ الباحثة الاجتماعية آثار التغيرات الاجتماعية السياسية بعد صعود ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى سدة الحكم، وقالت: “التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع، وكذلك القوانين الجديدة، وأسباب أخرى، أدت إلى زيادة معدلات الطلاق، لا سيما الفترات الأخيرة التي حصلت بها تغيرات كبيرة”.
وعن أساب تأخر سن الزواج ذكرت أن التعليم، وارتفاع المهور وتكاليف الزواج، والزيجات المؤقتة، وسهولة العلاقات بين الجنسين (الاختلاط) سواء كانت مقبولة اجتماعياً أم لا، كلها أسباب ترفع من نسب الطلاق أو تأخر سن الزواج.
انتقاد مجتمعي لارتفاع حالات الطلاق
هذه المداولات وانتشار الأخبار الصامدة حول نسب الطلاق أثارت المجتمع في المملكة، ونشر العديد من الناشطين تغريدات على “تويتر” ينتقدون فيها الوضع الحالي والتقصير الحكومي تجاه الأسرة، مشيرين إلى أن أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق هي وسائل التواصل الاجتماعي.
وحذر العديد من الخبراء والاستشاريين الاجتماعيين من كارثة حقيقية تهدد بنية المجتمع السعودي، في حين اعتبر البعض أن السبب يعود إلى عدم تقبّل الرجل لزوجته على أنها شريكة ومستقلة.
وبحسب دراسات سابقة تطرقت الى ظاهرة تزايد حالات الطلاق في المجتمع السعودي خلال السنوات القليلة الماضية، رأى مختصون أن من أهم الأسباب الاقتصادية هي الصعوبات المالية باعتبارها اهم سبب للطلاق واكثرها شيوعا، الفقر، ارتفاع مستوى معيشة الأسرة، البطالة، التفاوت الكبير في المستوى الاقتصادي بين أسرة الزوجين، في حين تمثلت الأسباب الاجتماعية في تعدد الزوجات، الزيجات المؤقتة، مستوى الثقافة الشرعية للزوجين وعدم تمكينهما من الرؤية قبل العقد، عدم إدراك الزوجين للحقوق والواجبات الأسرية، انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والاثر السلبي الذي تتركه على الأسرة كسهولة العلاقات بين الجنسين، الخيانة الزوجية، الزواج المبكر وفقا للتقاليد السائدة في المجتمع السعودي، الاكراه على الزواج من قبيل تحجير البنت لقريبها ، قصور الدور الثقافي وغياب المؤسسات التي من شأنها إعداد الزوجين أو الإرشاد الزوجي قبل الطلاق.
سياسات بن سلمان لتحديث المجتمع السعودي
ومنذ صعوده إلى سدة الحكم في المملكة، كشف محمد بن سلمان عن خططه الاستراتيجية لتحديث بلاده اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، في حين تواجه هذه الخطط والبرامج غضباً من السعوديين العرب والمسلمين عموماً؛ إذ شمل الانفتاح رفع الحظر عن دُور السينما، وانتشار الموسيقى والمقاهي، والاختلاط، وإقامة الحفلات، وفتح الملاعب الرياضية أمام الجنسين.
كما فتحت الرياض أبوابها أمام كثير من شركات صناعة الترفيه العالمية، واستقدمت مغنين وفنانين، كان أبرزهم مغنية الراب الأمريكية “الإباحية” نيكي ميناج، التي تشارك في مهرجان موسيقي بالسعودية.
ولم تلقَ الفعاليات المختلفة التي تقام تحت رعاية الدولة استحسان كثيرين؛ لسماحها بما وُصف بـ”الاختلاط” بين الجنسين، واستضافة فنانين وفنانات، وافتتاح الملاهي، ورأوا أن السعودية تواصل “انحدارها” وتخلِّيها عن الثوابت الدينية وقِيم المجتمع السعودي.
العالم