الكاتب: عبد الباسط الحبيشي كتب مــقالاً بــ عـــنــــوان :الحوثيون يبتلعون صنعاء
يمني برس_ اقلام حره
بقلم / الكاتب: عبد الباسط الحبيشي
بعد ديباجة طويلة من قصص الخيال والإعلام المحترف والدعايات المشوقة حول ما يرتكبه الحوثيون من جرائم ضد المجتمع اليمني، وبسبب مصاحبتها لأناقة الطرح وأسلوب الإقناع وإختيار الألفاظ من قبل أحد كبار القادة الهمام في صنعاء الذي أختتم حديثه لي بالقول: هل تتخيل!!! بأنهم لم يعودوا يقيمون صلاة الجمعة وقد قاموا بتحويل جامع الهادي بمدينة صعدة إلى مزار بدلاً من إقامة صلاة الجمعة!!! عندها أُسقِط في يدي، بعدما كدت على وشك تصديقه رغم معرفتي المباشرة والموثقة بعكس كل ما ذكر، لكن السلاسة في الطرح المدروس والممنهج تجعل الإنسان أحياناً يعيد النظر في معارفه وقناعاته حتى في الأشياء التي عاصرها بشكل شخصي .. فربما إلتبست عليه الأمور!! أو ربما شُبه له. لكن عندما يزيد الشئ عن حده ـ أي شئ ـ ينقلب إلى ضده، لذلك سقط كل حديثه مباشرةً في خانة الإعلام المزيف والدعايات المغرضة. فهو حتى تلك اللحظة لم يكن يعلم بأني أتيت لتوي من صعدة، وقد عاينت شخصياً كل القصص التي ذكرها وتعرفت على جوانب أبعادها الإجتماعية والإنسانية المأساوية، وأنتهاءًا بتجربة صلاة الجمعة في أحد مساجدها المعروفة بعد البحث بصعوبة عن جامع مايزال فيه متسع للصلاة حيث أن كل جوامع صعدة كانت مكتضة بالمصلين في صلاة الجمعة. …. ياإلهي! الهذه الدرجة تصل الحرفية والفن في إبتكار مناهج الإفتراء وصياغة الكذب والتدليس؟ إلهذا الحد يُمكن للحقائق أن تُزور وتُرسم وتُصور بمختلف الألوان الكاذبة والخادعة!!؟ رغم مظلوميتهم الفضيعة والرهيبة التي لا تقارن ولا توصف بكل المقاييس الإنسانية، كنت في السابق أستغرب الحجم الهائل من الكراهية والغل والحقد المنتشر بين كثير من الناس في اليمن وخارجه ضد الحوثيين دون أي مبررات واضحة وملموسة ـ لكني الآن بدأت أتفهم الحقيقة بل وألتمس العُذر لكل من يحمل هذه المفاهيم المغلوطة عن صعدة وأنصار الله/الحوثيين وذلك لصعوبة كشف هذا الكم الهائل والممنهج من الإعلام الكاذب والمزيف في هندسة قلب الحقائق رأساً على عقب لاسيما وأن القنوات الفضائية الرئيسية التي تقف وتساند هؤلاء الغزاة الحُمر مثل الجزيرة والعربية تمتلك مطابخ إعلامية خاصة لتزييف الواقع ، وزاد ذلك الطين بله هو إنضمام قناة البي بي سي للحملة الحاقدة ضد أنصار الله. لنجد في المحصلة أن بقية الفضائيات العالمية الأخرى تنقل عن هذه القنوات ربما بعضها بعفوية مُعتبرةً أن هذه القنوات مصادر معلومات حقيقية كونها متواجدة بمراسليها اليمنيين على الأرض. وما إن صدر قرار مجلس الأمن الدولي بوضع اليمن تحت الفصل السابع حتى صَعَدَ الخبثاء من قادة مليشيات حزب “الإصلاح” الإرهابي التكفيري المتطرف ـ فرع الجماعة المحضورة (الإخوان المتأسلمين) في مصر ـ لنصب الشِراك السامجة والمفضوحة جداً بإستخدام المغرر بهم التابعين لجيش المجرم علي محسن الأحمر في عمران وهمدان في محاولاتٍ للإيقاع بإنصار الله/الحوثيين في فخ المواجهات المسرحية مع الجيش، ظناً منهم بأن مجلس الأمن لم يكن إلا في حالة إنتظار الفرصة لإلتقاط مثل هذا الطُعم ليقوم فوراً بالإجهاز على أنصار الله من خلال تطبيق الفصل السابع. لكن من الغريب أن هؤلاء السُذج لم يتعرفوا على حقائق أنفسهم حتى الآن، ولم يكتشفوا بأن ألاعيبهم وحقاراتهم قد أزكمت أنوف الأسرة الدولية بأسرها، ولم يعترفوا بأن زمانهم قد ولى إلى غير رجعة، وأن العالم يمر راهناً بحالةٍ من التبدُل والتغيُر لصالح إعادة الحقوق لإصحابها على أسس الشراكة المتكافئة بين الشعوب وبناءًا على خياراتها الحُرة – مع إحترامي هنا في هذه الجزئية لكل العقليات المتكلسة بمنهجية وأنماط الماضي والمتشرنقة داخل الإلتباس السياسي – فبدلاً من أن يستكينوا ويتصالحوا مع أنفسهم ويعتذروا عن كل ماأقترفوه من جرائم ضد الشعب اليمني خلال الخمسة العقود الماضية، مايزالون (لحسن الحظ) يكابرون وينافحون ويفترون، غير مدركين بأن الفصل السابع لم يصدر إلا لمواجهتهم هم، وأن إستمرارهم في إرتكاب الحماقات والممارسات الخاطئة إنما يراكمه المجتمع الدولي ضدهم لترتفع بها درجة المحاسبة والمعاقبة التي تنتظرهم. وأن المقولة التي تتردد بأن “الحوثيون سيبتلعون صنعاء” سترتد عكسياً عليهم لأنه؛ ـ من يذهب إلى محافظة صعدة، يرى بأم عينيه بأن الأموال المنهوبة من قبل عصابات الأحمر من أراضي وغيرها ما تزال مسورة كما هي ولم يبتلعها الحوثيون، بينما تُنهب أراضي وعقارات البلاد في وضح النهار من قبل جماعات (التمصلاح) بأوامر رسمية كان من بينها قبل أيام فقط أرضية وزارة المواصلات في مدينة عدن فقط تم نهبها لصالح حميد الأحمر ومن المحافظ الإصلاحي رشيد وحيد نفسه فضلاً عن مئات من القطع العقارية التابعة “للدولة” التي تُصرف وتوزع لهذه الجماعات ضمن حملة نهب الجنوب ودون قيدٍ او شرط. ـ من يذهب إلى محافظة صعدة, يرى بأم عينيه بأن قيادات الحوثيين ما يزالون يسكنون في منازلهم المهدمة المبنية من الطين والتبن، في الوقت الذي قام فيه وزراء “الإصلاح” الجدد ببناء القصور الفخمة لإنفسهم في صنعاء وغيرها من أموال الشعب المسروقة وخلال فترة قصيرة جداً، فضلاً عن صرف عشرات السيارات آخر موديل لدرجة أن كل واحد فيهم بات يمتلك معرض سيارات خاص موزعة في قصوره بالإضافة إلى بدلات السفر الباضخة والفارهة دون توقف التي تصرف بالعملة الصعبة دون أي مبرر او مراعاة لوضع اليمن الإقتصادي المعدوم. ـ من يذهب إلى محافظة صعدة، يشعر بالراحة النفسية والإطمئنان، وبالأمن والأمان من لحظة عبوره أول نقطة في صعدة وتتعافى رقبته من كُثر النظر من فوق أكتافه يمنةً ويسرة وإلى الخلف أو إلى أعلى سطوح البنايات او مراقبة الموتورات والشاسات والهايلوكسات التي قد تكون مفخخة وتمر أو يمر عبرها أو بجانبها كما هي الحالة في صنعاء التي يتربص فيها القتلة والمردة والمأجورن بكل الوطنيين من أبناء اليمن ويتم فيها الإغتيالات والخطف بأنواعه لاسيما ضد الأجانب والدبلوماسيين. ـ من يذهب إلى محافظة صعدة، يشعر بأنه عاد إلى طبيعة اليمنيين الأصيلة والأصلية كما كانت في الستينات والسبعينات عندما كان يتميز اليمني بالبساطة والطيبة والصدق والكرم وصفاء النفس، والشهامة والشمم والإباء والأمانة، ونجدة الملهوف ونصرة الضعيف في أي مكان أو طريق يمر به يقع تحت إدارة أنصار الله. بينما تبدلت كل هذه الأخلاقيات والشيم في صنعاء وباتت عكسها من المميزات الحميدة لحُمران العيون إلا من استحى او خاف من الله سبحانه. ـ من يذهب إلى محافظة صعدة، يستمتع بوجود الكهرباء معظم اليوم وطول المساء والليل رغم الظروف المادية الصعبة التي تعاني منها المحافظة، دون الوضع الكهربائي المنحط الذي ساد فيه وضع (طفي لصي) كل بضعة دقائق في صنعاء وبقية مناطق اليمن بسبب ممارسات (كلفوت) المدعوم من جماعات (هلفوتية) حيث أصبحت هذه التصرفات إعتيادية إعتاد عليها اليمنيون كأمر واقع مفروض عليهم. ـ وفي الأخير من يذهب إلى صعدة يجد الإلتزام بالوقت والمواعيد بالساعة والدقيقة لقضاء أي غرض لاسيما مع قيادات الحوثيين/أنصار الله بينما لا يوجد إحساس بالوقت في صنعاء لدى الجميع وكأنهم لم يعرفوا أن ثمة إختراع قديم يسمى “الساعة” فالوقت يقاس بالفترة إما في الصباح ويعني من الساعة السادسة صباحاً إلى الثانية عشرة أو الثانية بعد الظهر، أو في موعد بعد الظهر ويعني من الساعة الواحدة إلى الساعة السادسة مساء هذا في حالة الدقة، أما في حالة عدم الدقة فالموعد يعطى خلال اليوم كامل، أي كالقول في يوم كذا دون تحديد الفترة. أفبعد أن يُقال بأن الحوثيين سيبتلعون صنعاء! فهل هناك ثمة تدليس وكذب ودجل أكثر من هذا؟؟ ألم يبتلع هؤلاء الهلافيت، اليمن بأكملها شمالاً وجنوباً غرباً وشرقاً طيلة الخمسين عاماً الماضية. إن هؤلاء الشلافيت لم يبتلعوا اليمن فقط بل قاموا بإمتصاصها وعجنها وعصدها وعصرها وزبطها ودعسها ورفسها وفحسها ودحسها بشتى الطرق وحتى بيعها مئات المرات لكل عابر سبيل .. ومايزالون. بل ويريدون القيام بذلك مرة ومرات ثانية وثالثة وللمرة الألف. ألا يكفي هذا؟