أمريكا والحرب اليمنية
العلاَّمة /سهل إبراهيم بن عقيل
كان الأمل الأمريكي في احتلال اليمن سهلاً، وذلك بعد أن خططت للهيكلة في جميع الدوائر الحكومية مع هيكلة الإنسان نفسه ،كي يكون فريسة سهلة لابتلاعه بواسطة دول الخليج التي كان لها الأثر الأكبر في إنجاح هذا المخطط، وجعل اليمن مقسمة بين هذه الدويلات “السعودية والإمارات ومن لف لفها”.
ولقد اصطدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها بصخرة عصيّة هشَّمت رؤوس التحالف، وأظهرت –بعون الله- المستضعفين بصورة جلية، ولقد أظهر هذا العدوان اليمن قِبلةً عظيمة تنحني لها رؤوس الجبابرة ورفعت مكانه إلى مكان لا تستطيع أي دولة في العالم الثالث أن تقوم مقامه ،مع قلة الإمكانيات ..والحمد لله ،وكل يوم تظهر اليمن انتصاراً جديداً تمرَّغ به أنف أمريكا وتحالفها وجيوشها وعملائها في الشرق الأوسط في التراب، وأصبحت أمريكا وتحالفها في اليمن محط سخرية العالم..
هنا أصبحت أمريكا تبحث عن وجوه جديدة لاستلام الحكم في دول الخليج ولكنها لم تجد الموثوق بهم من العملاء كالذين هم على كراسي الحكم في هذه البلدان وبلدان التحالف ،وتخاف إن سلمت الحكم لأي فئة كانت مهما أظهرت الولاء أنها لن تكون بديلة عن الموجودين الآن ،وكذلك هي حائرة أشد الحيرة، وكما قال الشاعر: (وقال أصيحابي الفرار أم الردى*** وخُيرت في أمرين أحلاهما مُرٌ) فكلا الامرين مصيبة ،ولذا ترى (أمريكا)- وهي المسيِّرة لهذه الحرب- إطالتها ،رغم أن فيها الخسارة العظيمة لمصالحها ومصالح حلفائها ،لأنها بلا شك ستكون حاسمة في تدمير كل المصالح في السعودية ودول الخليج ودول الحلفاء بلا استثناء وستخرج ” بخفي حنين”.
وهذا بالنسبة لنظرتها الاستباقية أخف ضرراً من تسليم هذه المقدرات أو ما بقي منها لأصحاب الأرض في الجزيرة العربية ،لأنها تخشى وبلاشك أن تقوم في هذه البلدان دولة عظيمة أتيحت لها الفرصة والعوامل المادية والعلمية لأن تكون دولة عظيمة في “الشرق الأوسط” لبناء تاريخ جديد للامة العربية والإسلامية ،وكما قال الله تعالى في كتابه على لسان نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، بل يتكلم باسم الله القوي القاهر: )) وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)).
فهذا حسب النظرة الاستباقية للأحداث في نظرها تختار أخف الضررين، وأخف الضررين في نظرها أرض محروقة تماماً ،وكما يقول مثلهم (عليّ وعلى أعدائي)، (أنا وبعدي الطوفان)..
وهنا نقول كما قال المثل (وأين للحمار عقل كعقل الأمير؟!).. إذ خرج أحد الامراء في إحدى الليالي المظلمة ،ليتفقد أحوال الرعية ،فمرَّ في طريقه بمعصرة يجرها حمار وفي رقبة الحمار جرس ،وصاحب المعصرة نائم على مقعد في رأس المعصرة ،فأخذ الأمير السوط وضرب صاحب المعصرة، فانتبه الرجل وإذا هو بالأمير وإلى جانبه حراسه ،فقال: لِمَ ضربتني بالسوط؟ فقال الأمير :أنت تستحق ذلك، لأنك نائم خلال عملك ،فأجابه صاحب المعصرة :أنا أنام على صوت الجرس فإذا وقف الجرس استيقظت وضربت الحمار ليزاول عمله ،فقال الأمير :افترض أن الحمار وقف وحرَّك رأسه ولم يحرك المعصرة !!؟.. فأجابه صاحب المعصرة :وأنى للحمار عقل ،كعقل الأمير؟!!
هنا نقول :إن دول التحالف هي الحمار، وإن صاحب المعصرة هي أمريكا ،فأخف الضررين بالنسبة لها تحطيم كل شيء حتى داخل دول التحالف نفسها ،حتى لا تقوم لهم قائمة مستقبلاً ،وعلى الجميع أن يعقل، فالبدار البدار لضرب مصالح كل الدول الاستعمارية داخل هذه الدول ،لأن الخسارة الآنية أخف عليها من الخسارة المستقبلية إن قامت دولة عظيمة ، وذلك كي نكسب التوازن في الرعب.
*مفتي محافظة تعز
26/8/2019م