تقرير مفصل يكشف الدور المشبوه للإمارات في المنطقة
تقرير مفصل يكشف الدور المشبوه للإمارات في المنطقة
يمني برس تقرير
اتهم المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية، رئيس الحكومة الأسبق (2011: 2013) حمادي الجبالي، دولة الإمارات بـ”خرق” السيادة الوطنية؛ “بالإملاءات والمال والإعلام”.
وتتهم الإمارات بالتداخل في الشوؤن الداخلية لدول عربية عدة، اما بصورة مباشرة كاليمن او عبر وسطاء كما هو الحال في الصومال والسودان ومصر وليبيا وتونس، وغيرها من الدول.
وبدأ التدخل الإماراتي منذ تولي ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد مهامه اذ اعتمد على اقامة التحالف مع السعودية مستغلة سذاجة ولي عهدها محمد بن سلمان وقلة خبرته ليشكلوا معا تحالف عسكري في اليمن والتدخل في عدد من الدول العربية والإسلامية، وهو ما أدى إلى تصاعد حدة الدعوات في اوساط السياسيين والمراقبين بقطع يد الامارات والسعودية .
كما انتشرت مشاهد حرق الأعلام الإماراتية والسعودية واللافتات التي تهاجم تلك الدول، فضلا عن خروجات المظاهرات المنددة بزيارات بن سلكان وبن زايد ، كما تصاعدت الحملات الإلكترونية والكتابات والتصريحات والإجراءات المناهضة للسياسات الإماراتية في عدد كبير من الدول.
اولاد زايد والدور المشبوه
وقد كشفت دراسة حديثة أعدتها وحدة الدراسات والبحوث في المركز المصري للإعلام، ما وصفته بدوافع تدخل الإمارات العربية المتحدة في دول المنطقة.
وخلصت الدراسة الى إن “سلوك أبناء زايد، السياسي والدبلوماسي والعسكري والأمني، يؤكد أنهم لا يعادون فقط الهوية العربية الإسلامية ومن يحملونها ويدافعون عنها من الجماعات الإسلامية، ولكنهم جاؤوا بمشروع متكامل لاستئصال هذه الهوية وإحلال المشروع التغريبي العلماني بدلا منها، مع تأكيد التحالف مع الكيان الصهيوني ضد مصالح الأمة”.
وأكدت الدراسة، أن “الدور الإماراتي في المنطقة تعدى حالة التدخلات العادية إلى ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون الدولي مثل تمويل الانقلابات العسكرية، والرشاوى الضخمة التي تقدمها لمؤسسات وأشخاص للعمل ضد مصالح بلادهم ومحاولة تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها بخلق اضطرابات لزعزعة نظم مستقرة أو شراء ذمم وولاءات على نطاق واسع”.
اليمن في اجندة الامارات
ولم يعد خافياً على أحد ما يحصل في اليمن من اقتتال بعد أن بات الدعم الإماراتي للانفصاليين والسعودي للأخوان واضحا خاصة بعد سيطرة كليشيات الامارات المتمثلة بالمجلس الانتقالي على عدن بداية أغسطس الماضي.
ويتضح أن الإمارات تؤدي دوراً سياسياً وأمنياً وعسكرياً في اليمن لا يتناسب مع حجمها وكذلك مع حجم عدد سكانها، وهو تكرار للتجارب الفاشلة التي قامت به السعودية في سوريا والعراق.
وكان التحاق الإمارات بالسعودية فيما سُمّي بعاصفة الحزم مُشابهاً لالتحاق بريطانيا بأمريكا في غزو العراق، وهدفه الرئيس هو منع السعودية وأمريكا من التفرد برسم مستقبل اليمن، والدليل على ذلك تعبير مسؤولين في الإمارات بعدم اقتناعهم بعاصفة الحزم، فقد جاء على لسان المستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله قوله بأنّ: “عملية عاصفة الحزم لا تعدو سوى مغامرة سعودية”.
وكدولة لها طموح وصف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس دولة الإمارات بـ”إسبارطة الصغيرة” والتي دخلت اليمن تحت غطاء المشاركة في الحرب على اليمن مع دول التحالف لاستعادة ما تسميه بالشرعية، فيما لها نوايا أخرى، وفي الوقت نفسه، تسعى إلى توجيه رياح اليمن في دورة مواتية لخدمة مصالحها الاستراتيجية على المدى الطويل.
ومع وجود مقاومة كبيرة من قبل اليمنيين لإفشال المخطط وجدت الامارات نفسها في مأزق بسبب تطور القدرات العسكرية للجيش واللجان الشعبية والتهديدات التي اطلقها قائد الثورة “السيد عبد الملك الحوثي الذي حذر في احدى خطاباته من“الدور المشبوه للامارات” الذي ، متهماً إياه بالتحكم في مصير الجنوب وثرواته ومقدراته.
وقد وصلت الامارات بنفسها الى طريق مسدود تجاه الملف اليمني المتورطه فيه، حيث ادركت ان العمليات العسكرية في اليمن باتت فاشلة رغم جهوزية العدوان بانواع السلاح الفتاكة والمتطورة الامريكية البريطانية والفرنسية الصنع.
وفي تحقيق واسع النطاق أجرته وكالة أسوشيتد برس، ونشر في يونيو الماضي، كشفت الوكالة عن وجود 18 سجناً سرياً تابعاً للإمارات في اليمن، كما كشفت عن اختفاء المئات ممن اعتبرتهم القوات الإماراتية مشتبهاً فيهم وبناءً على هذه التهمة تم اعتقالهم وتعذيبهم على يد القوات الإماراتية واستجواب مباشر من قوات أمريكية.
وفي تقرير آخر نشر في يوليو الماضي كشفت تفاصيل أكثر عن عمليات احتجاز لناشطين وملاحقة وانتهاكات مارستها قوات الحزام الأمني التي أنشأتها ومولتها القوات الإماراتية في مدينة عدن.
عُمان
بداية التدخل الإماراتي كان مع اتهام السلطنة بأنها تقوم بتسهيل تهريب الأسلحة والمعونات لحركة أنصار الله اليمنيّة، الأمر الذي نفته مسقط مراراً، وترافق ذلك مع ضخّ إعلامي مكثف في وسائل الإعلام السعودية – الإماراتية، لتبدأ بعدها عمليات التحرش الإماراتية وأحياناً السعودية بسلطنة عُمان، حيث تعمل كل من السعودية والامارات على استفزاز عمان منذ ما يقارب العام تقريباً من خلال تكثيف الدولتين لنشاطهما في محافظة المهرة اليمنية وهي الواقعة على الحدود مع عُمان، بعد أن كانت هذه المحافظة خارج دائرة الصراع منذ بداية الحرب الهمجية على اليمن.
ويؤكد مراقبون أنّ علاقات قديمة وعميقة تجمع سكان المهرة مع سلطنة عمان، حيث تربطهم بها مصالح ثقافية وسياسية وأمنية واقتصادية، ولهذا السبب سعت عُمان ومنذ بداية الحرب على اليمن إلى عدم التورط بالحرب على اليمن والحفاظ على المهرة آمنة من النزاع اليمني، غير أنّ وجود القوات الإماراتية والسعودية هناك قد يجرُّ مسقط إلى الحرب الأمر الذي سيجعل الأمور تتعقد في اليمن أكثر وأكثر وسيهدد هذا الأمر السلم الأهلي والأمن داخل سلطنة عمان.
وغير بعيد عن التحرشات الإماراتية بعُمان؛ تبرز عملية إلقاء القبض على خليّة استخباراتية كانت تعمل في عُمان لحساب جهاز الاستخبارات الإماراتي، حيث تم اعتقال هذه الخليّة من قبل السلطات العُمانية، ويجرب التحقيق معها.
ليبيا
أما في ليبيا؛ فيمكن مشاهدة الدور الإماراتي جليّاً في دعم الجنرال خليفة حفتر على حساب رئيس الوزراء فايز السراج، حيث اتهم تقرير للأمم المتحدة دولة الإمارات بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا من خلال تقديم مروحيات قتالية وطائرات حربية لقوات المشير خليفة حفتر، وجاء في التقرير الذي أعده خبراء من المنظمة الدولية أن أبو ظبي قدمت الدعم المادي والدعم المباشر “للجيش الوطني الليبي” الذي يقوده حفتر.
وقد استطاعت قوات حكومة الوفاق الوطني تدمير واغتنام العشرات من المدرعات الإماراتية لدى قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من الإمارات، كما أسقطت طائرات مسيرة إماراتية كانت تقصف العاصمة طرابلس، وعرضت صور الطائرات التي أسقطت وعليها علم الإمارات.
كما عثر على عدد من الأسلحة والصواريخ التي زودت بها الإمارات قوات حفتر، ما شكل منعطفا هاما في الكشف عن سياسة أبوظبي التخريبية.
وكشف ضابط من قوات حفتر ألقي القبض عليه في مدينة غريان، عن وجود طائرات وضباط وجنود إماراتيين لدعم حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس.
الجزائر
يمكن مشاهدة الدور الإماراتي في الجزائر من خلال محاولة الأخيرة التأثير على القرار السياسي الجزائري، غير أنّ الجزائر رفضت مراراً الانصياع لأوامر أبو ظبي وقررت المضي منفردة في مساعي إحلال السلام في المنطقة، ولعلّ أبرز مواقف الجزائر المناهضة لأبو ظبي تمثّل بدعم رئيس الوزراء الليبي فايز السرّاج على حساب حليف الإمارات خليفة حفتر، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد التونسي بعد توقف عدد من المشاريع التي كانت تدعمها الإمارات.
تونس
أما تونس؛ وهي الناجية الوحيدة من الربيع العربي، كان للإمارات رأياً آخر، حيث حاولت أبو ظبي الضغط على الرئيس الراحل السبسي الذي لم يخضع للرغبات الإماراتية التي أرادت من خلالها إعادة إنتاج المشهد المصري .
وحال رفض الرئيس السبسي الإملاءات الإماراتية، قامت أبو ظبي بإيقاف عدد من المشاريع التي كانت تنجزها في تونس، ثم تطورت الحالة إلى منع التونسيات من السفر على الخطوط الجوية التابعة لدولة الإمارات، بالإضافة لمنعهنّ من ركوب أي طائرة متجهة نحو أحد مطارات الإمارات كوجهة نهائية أو حتى كمحطة عبور، ليكون الرد التونسي على هذا الإجراء من خلال تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية من وإلى تونس إلى حين تمكن الشركة من إيجاد الحل المناسب لتشغيل رحلاتها طبقًا للقوانين والمعاهدات الدولية.
سوريا
وفي سوريا، يبدو التدخل الإماراتي جليّاً من خلال مشاركتها الفعالة في غرفة “الموك” الاستخبارية والموجودة في العاصمة الأردنية عمان، والتي يتم من خلالها دعم المجموعات المسلحة السورية، بالإضافة لتنسيق عمل تلك المجموعات على الأرض، ناهيك عن طرد مئات السوريين المُقيمين في الإمارات، وذلك بسبب آرائهم السياسية تجاه بلدهم سوريا.
العراق
وضع العراق لم يكن أفضل من أشقائه، حيث يمكن رؤية الدور الإماراتي واضحاً جلياً من خلال محاولة أبو ظبي إغراق العراق بالمخدرات تارةً، أو دعم المنظمات الإرهابية تارة أخرى، وفي هذا السياق تمكّنت السطات العراقية من ضبط أكبر عملية تهريب للمخدرات شهدها العراق في تاريخه، وصلت عن طريق موانئ دولة الإمارات، حيث أكد الخبراء حينها أنّ أبو ظبي هي من قام بتسهيل عبور هذه الكميّة الكبيرة من المواد المخدّرة، وذلك بهدف إغراق العراق بالمخدرات.
وغير بعيدٍ عن المخدرات دعمت الإمارات شركة “بلاك ووتر” المتهمة بعمليات قتل ممنهج في العراق، فبعد أن خرجت الشركة من العراق إثر قرارٍ برلماني، وملاحقتها وإغلاق مكاتبها في الولايات المتحدة الأمريكية، احتضنت أبو ظبي الشركة مع تغيير اسمها والاحتفاظ بكوادرها، لتبدأ الشركة عملها تحت اسم “أوليف” أو شركة “الزيتونة للخدمات الأمنية”، وتملكها بشكلٍ كامل حكومة أبو ظبي، ويديرها مؤسس “بلاك ووتر” الضابط السابق بالجيش الأميركي “إريك برنس” والملاحق قضائياً بتهم عدة، بينها جنائية وأخرى تهرب ضريبي.
السودان
هاجم المتظاهرون في السودان السياسات الإماراتية واتهموها بأنها متآمرة على الثورة السودانية ضد الرئيس المخلوع عمر البشير. ورفعوا لافتات تندد بالتدخلات الإماراتية والسعودية في بلادهم.
أظهر مقطع فيديو في أبريل/ نيسان الماضي قيام معتصمين سودانيين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في العاصمة الخرطوم بطرد شاحنة معونات قادمة من الإمارات، وسط هتافات “اطلع بره .. اطلع بره”.
المفكر السوداني تاج السر عثمان قال على تويتر “الإمارات لا تنجح في مخططاتها إلا إذا وجدت أرضية محلية قابلة لأهدافها وإلا فهي أوهن من بيت العنكبوت”. وتابع “وعي الثوار في اعتصام القيادة العامة يتجلى في هذا الفيديو لطرد قافلتها التي تخفي خلفها أجندة تآمرية لن تنطلي على أحد”.
باكستان والهند
ولم تقتصر التدخلات الاماراتية على البلدان العربية بل شرعت الامارات في مناهضة الجماعات الاسلامية فرغم الغضب الإسلامي والتنديد الدولي الواسع بإجراءات الهند بحق إقليم كشمير، إلا أن ولي عهد أبوظبي قام بتكريم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ومنحه “وسام زايد”.
ولم يسبق أن كان تأييد الإمارات للسياسات الهندية تجاه المسلمين بمثل هذا الوضوح من قبل.
وقد سبق أن أعلن السفير الإماراتي في نيودلهي أحمد البنا تأييد بلاده للإجراءات الهندية في كشمير.
وأثار ذلك غضبا باكستانيا واسعا، وأدى إلى قيام رئيس مجلس الشيوخ صادق سنجراني بإلغاء زيارة رسمية على رأس وفد برلماني كان مقررا أن يقوم بها إلى الإمارات.
ندد مئات المتظاهرين في القسم الباكستاني من إقليم كشمير، بدعم الإمارات للحكومة الهندية. واعتبروا منح أبوظبي لمودي “وسام زايد”، وصمة عار في جبين الإمارات.
الصومال
وفي الصومال أعلنت احدى الفصائل مسؤوليتها امس الاول عن الهجوم الذي تعرض له ميناء “بربرة” الذي تديره شركة موانئ دبي العالمية، وأدى إلى تدمير ثلاثة من الرافعات العاملة في أرض الميناء، التي تقدر سعر الواحدة منها بـ5 ملايين دولار .
وجاء الهجوم عقب تصعد النظام الإماراتي مؤامراته في الصومال عبر نشر الفوضى والإرهاب والدفع بتقسيم البلاد خدمة لأطماعه في النفوذ ونهب ثروات ومقدرات الدول.
ودعمت أبو ظبي سلطة إقليم صوماليلاند، الذي أعلن انفصاله عن الصومال ويعتبر نفسه دولة مستقلة، لكنه حتى الآن لم يحظ بأي اعتراف دولي أو إقليمي، إلا أن استقبال الإمارات لرئيسه ودعم الإقليم عسكريا واقتصاديا يعني أنَّ أبوظبي تعترف به كدولة مستقلة.
ويأتي هذا الدور الإماراتي ضمن مخطط إماراتي لإسقاط وتقويض الحكومة الصومالية الاتحادية، كما يرى علي جبريل الكتي الباحث الصومالي المتخصص في شؤون افريقيا الشرقية والبحيرات العظمى.
ويؤكد الكتى أن طبيعة الدور الإماراتي تتجلى في محاولة تقسيم الصومال عبر الولايات الفيدرالية، حيث خططت الامارات في خضم سياستها التخريبية في المنطقة لمشروع تقسيم الصومال بدعم الولايات الفيدرالية واضعاف الدولة الاتحادية، بل إنها لم تتورع في انشاء كيان موازٍ للدولة الصومالية مستفيدة من علاقتها ببعض الأشخاص المتنفذين في المجتمع الصومالي، فقامت المخابرات الإماراتية بتسليح بعض القبائل وأمدتهم بالمال السياسي لادارة الفيدرالية، واتجهت نحو دعم الانفصاليين في أرض الصومال.
وأشار إلى أن الإمارات في إطار اختراق الأجهزة الأمنية الصومالية، سعت من خلال تغلغلها في البلاد، على مدار سنوات مضت، وتدريبها للجيش، إلى استنساخ تجربة قوات الحزام الأمني في جنوب اليمن، وهذا ما ظهر جلياً في الاتفاقية التي وقّعتها أبوظبي مع اقليم “صوماليلاند”، التي أعلنت انفصالها عن البلاد عام 1991.
وذكر أن الإمارات لعبت -وما زالت- أدوارا أقل ما توصف به أنها تدميرية لتقويض الحكومة الصومالية منذ انتخاب الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو.
وسبق أن أعربت مفوضية الاتحاد الأفريقي عن قلقها إزاء تزايد التدخل الخارجي من قبل “أطراف غير أفريقية” في الشؤون الداخلية للصومال.
كما طالب البرلمان الأوروبي صراحة الإمارات بالتوقف عن كل عمل من شأنه أن يهدد الاستقرار في الصومال، وباحترام سيادته ووحدة ترابه.