حفل اطلاق كتاب “هبوط في الصحراء “للدكتور علي شريعتي
.
يمني برس – ثقافة
برعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داوود يقام حفل إطلاق كتاب ” هبوط في الصحراء ” للدكتور علي شريعتي الصادر عن دار الأمير وذلك يوم الخميس الواقع في 26/9/2019 الرابعة والنصف عصرًا في جمعية التخصص والتوجيه العلمي ـ الرملة البيضاء ـ بيروت.
ويأتي الكتاب ضمن سلسلة الأعمال الكاملة التي تصدرها للمفكر الراحل الدكتور علي شريعتي منذ العام 1992 أصدرت دار الأمير الطبعة الأولى الكاملة لكتاب ” هبوط في الصحراء ” للدكتور علي شريعتي ، وهو الجزء الـ 31 من سلسلة مؤلفاته.
تمتاز هذه الطبعة بمطابقتها للنص الفارسي الكامل لآثار شريعتي الصحراوية، والمنشور في كتاب ” هبوط در گوير “.
يقع الكتاب في 864 صفحة من القطع الكبير/ تجليد فني فاخر/ مع سبعة فهارس علمية، وملحق خاص بوصية شريعتي الكاملة التي تنشر للمرة الأولى باللغة العربية، إضافة إلى نماذج مصورة بخط شريعتي نفسه.
وقد قام بتعريبه الدكتور ياسر الفقيه والأستاذة مريم ميرزاده، وحققه الدكتور محمد حسين بزي.
من مقدمة الكتاب بقلم الدكتور محمد حسين بزي:
“سنتان من عمري قضيتهما، بل مرّتا فيَّ كأنّهما العمر بأكمله، فحتى لو قضيتُ بعدهما وأسلمتُ الروح؛ فإنّه يكفيني عند ربّي وفي ميراثي أنّني أنجزتُ لقرّاء العربيّة ” هبوط في الصّحراء “.
وأضاف ” بزي ” لئنْ تحقّق كتابًا لـ علي شريعتي يجب أن تكون سبّاحًا ماهرًا، فكيف إذا كان “هبوط في الصّحراء”؟! حيث هنا عليك أن تسبح في الرمل الحارق والغبار الملتهب تحت شمس متأهبة.. حافي القدمين.. لا ماء يروي، وأحيانًا لا هواء يكفي، لكن في كلّ الأحايين لا ثمار سوى شوك المعرفة في شوق المناجاة.
أذكر أنّني كنتُ أسبح مرّة وأطير أخرى ..!
أسبح في التاريخ الذي تجلّى على هيئة جغرافيا بسرعة غزال هام فعام فوق الرمال.. وأطير بسرعة سلحفاة استعارت من البطّ جناحيّه في ريح عصوف مفتّشًا عن إبرة تراءت كظلّين لشبحين غابا وراء لاوتسو.. ليظهر كونفشيوس فجأة ممسكًا الميزان وعن يمينه بوذا المتشح بغصنيّ زيتون، حسبتهما من طور سيناء..! أي تخبط عشته وقد ظهر الثلاثة عليّ بروح واحدة وقلب واحد؟ لكن أي لذّة عشتها عندما تعرّفتُ إليهم .. ونهلتُ منهم بعد أن صحبتهم لقرنين..! لا، لسنتين، لا لساعتين، عفوًا، ربما لدقيقتين تخلصتُ فيهما من “السمسارا” وعبرت “الكارما” دون ألم العقاب لتقبض على روحي “النيرفانا” الكاملة وأنا على قيد العشق صرت لا شيء.. صرتُ عاشقًا.
وأحيانًا، وأنا أسبح ـ وفي نفس الوقت ـ كنتُ مضطرًا للطواف في السّماء كي ألتقط نجمة من مثنوي، كانت خرجت مع أنفاس مولانا مرموزة لدرويش أمّيٍّ كي يدور في سماء “شمس” بعد أن طوى الأرض لأنّها لم تعد تَسَع عشقه.. من هناك، من الأعالي، من الأعلى رماني بها كي أقف على مقولات بابا طاهر الأولى والسُّهروردي في إمارة إشراقه.. وأنا إنْ لم أطِر إلى سماء شمس تبريز فكيف كنتُ سألحق بـ سارتر لأعيد للعدميّة روحها القديمة؟!
شريعتي في هذا الكتاب قد لاحق الغايات العظمى للدين، والمقاصد العليا للشريعة، ولكن بمنهج خاص، ولم أكن أتوقعه لحينه.
والآن، عندي من الحدّس الفكري ما يكفي لأقول: إنّ هذا الكتاب ” هبوط في الصّحراء ” بما فيه من فلسفة وعرفان وتاريخ وعلم نفس واجتماع وأديان ومذاهب وملل ونِحل وأساطير وحكايا وحكمة وأمثلة وشعر ورواية، وحتى القصّة القصيرة؛ سيؤسّس لمدرسة جديدة في فهم الفكر الديني؛ سيما عند الناطقين بالضاد. مدرسة قوامها استدعاء التاريخ وشخوصه واسقاطهما على الواقع الفكري المعيش، ليس اسقاطهما فقط؛ بل تقمّصهما -بعد الهبوط فيه- بكلّ المعنويات العالية والفلسفات الكبرى.
وختم محمد حسين بزي مقدمته قائلًا ”
وها أنا، ورغم أنّ معاناتي ـ بل معانقتي للأرواح العالية وسَفري الملكوتي ـ في تحقيق هذا الكتاب والتي تحتاج كتابًا ـ لا يقلّ حجمًا عن هذا الكتاب ـ لتدوينها، لكنّني طفتُ مع شريعتي كلّ الأديان وكلّ الحضارات وكلّ الثقافات، بل وكلّ التاريخ البشري، فضلًا عن كلّ الأسئلة والإجابات .. وبعد أن نفضتُ يدي وقلبي وعقلي من الأرض وأفكارها وأساطيرها وأديانها وشخوصِها عرجت معه إلى سماء التوحيد الخالص؛ ولأهبط معه إلى الصّحراء الخالية من كل شيء سوى الواحد الأحد.. من هذه الصّحراء تقمصته وانطلقتُ وحيدًا؛ لكنّني لستُ غريبًا .. نعم لست غريبًا؛ لأنّني كنتُ عصرتُ معه كلّ فكرة، وكلّ وحي، وكلّ آية، وكلّ روح، وشربتها نقطة نقطة، نشوة نشوة، بهمّة السالك وهيبة المُوحِّد بين قوسي الصعود والهبوط..
ووصلتُ .. ووصلتُ إلى العقل فيما وراء العقل.”
المصدر: موقع المنار