عبدالباسط الحبيشي كتب مقالاً بعنوان : الحديقة والثعبان الأحمر !!
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / عبدالباسط الحبيشي
من يعتقد بان الثعبان حيوان شجاع فهو مخطئ لانه لو كان كذلك لما اختبأ في الجحور وفي الشقوق والأماكن المهجورة ولما كانت من صفاته ومن سماته الغدر واللدغ والإنزلاق والإنسلال والتخفي. أما أن يكون ثعبان وأحمر في نفس الوقت فلا شك بأن يكون لديه صفات إضافية، كأن يريد مثلاً أن يتوج ملكاً لكل الثعابين والسحالي والزنابير. أو كأن يكون من الثعابين المتمردة. لقد تمرد إبليس الرجيم على الله جلا وعلا فتم طرده إلا الثعبان لم يُذكر بأنه قد طُرد.
تمرد الجنرال علي محسن الأحمر على رؤسائه السابقين واللاحقين وعلى قادته جميعاً، وتنكر حتى على رعاته من بعض الدول المجاورة الذين قاموا بدعمه مادياً ومعنوياً ردحاً من الزمن ومازال بعضهم ينظر إليه كزعيم قادم للبلاد. إلا أن الجنرال لم يُطرد رغم كل أعمال التمرد والمخالفات التي أرتكبها ضد رؤسائه والمجتمع بأسره، وبقي مع ذلك يُعد نفسه بديلاً المرة تلو الأخرى منذ فترة ليست بالقصيرة، ومازال يتصور بثقة ويقين بأنه على موعد مع الحكم لاسيما بعد أن قيل بأنه حمى الثورة وتسلم إستحقاقاً لذلك دروع الإنتصار من العديد من المكونات الشعبية والشبابية، فهل يُعقل بعد ذلك أن يكون زاهداً عن السلطة والرئاسة بالذات، إلا أنه حتى الآن لم يتجرأ للإعلان صراحة بأنه المؤهل الوحيد لرئاسة اليمن ولن يتجرأ أبداً على ذلك، وبالتالي لن يتجرأ في مواجهة حشود الجماهير في 22 مايو القادم لتحرير الحديقة.
لكن لو أفترضنا جدلاً أن من يعتبر نفسه المؤهل الوحيد لرئاسة اليمن، أما عليه أولاً أن يكون مثالاً للإلتزام بالنظام والقانون وأن يفهم بأن إحتلال حديقة (21 مارس) بالقوة خاصة بعد صدور قرار رئاسي وإهتمام شعبي ودولي، يُعتبر عمل غير قانوني وغير أخلاقي، أما في حالة إن كان قد أخلى مسؤوليته من الحديقة كما يدّعي “لمن لا يعرف كيف تدار الأمور في اليمن” فعليه أن يعلن ذلك صراحةً لكل اليمنيين بإخلاء عهدته كاملة بدون لف أو دوران ويُحمل الأطراف المعرقلة لتسليم الحديقة بعد أن يسميهم بالإسم إن كان ما يدعيه صحيحاً، حتى يعرف الشعب مايدور في الكواليس ومن خلف ظهره.
إن من السنن والظواهر المعروفة في اليمن بانه من رابع المستحيلات ان يلتزم اي مواطن عادي وخاصة في الشمال، إلا من رحم ربي، بتنفيذ اي قانون على ارض الواقع مهما كانت مخاطر او تداعيات عدم التنفيذ لهذا القانون، لأن القوانين أصلاً غير مفعله، الا إذا تم تطبيق هذا القانون عليه بالقوة لأنه لا يقدر على المقاومة، فكيف يكون الامر إذا كان المعني بالتنفيذ هو المخالف الذي يدّعي بأحقيته في حُكم اليمن شمالاً وجنوباً ويعتبر نفسه الرجل الأول والأخير سابقاً وحاضراً ومستقبلاً، لذا فهو يظن أنه فوق أي نظام وأي قانون داخلي أم خارجي وضعي أم سماوي، وبالنسبة له فإن أي جريمة يرتكبها ومن أي نوع لا تُسمى جريمة ولا حتى مخلافة طالما وهو منتهكها فلتجف الصحف ولترفع الأقلام، فليس عليه حسيب ولا رقيب ولا يجرؤ اي انسان او جهة أياً كانت على معاتبته فضلاً عن معاقبته بل أن هناك من الصامتين والخائفين والمرتعدين والمرتجفين والأتباع الذين ينتمون لمختلف الطيف السياسي والليبرالي والسلفي والأصولي والعلماني والإخواني والدعوي وخطباء المساجد والمعاهد وحتى المتصوفة من سينبري ليدافع عن مخالفة للنظام والقانون إذا كان هو من يقوم بإرتكابها.
وبصرف النظر عن التجهيل والمعاناه التي تكبدها الشعب اليمني بسبب (النظام المشترٍك) السابق. فإن أي مجتمع، معظمه أو بعضه، هذه هي طبيعته وهذه هي سجيته، لا يحتكم الى اي قانون ارضي ولا سماوي محلي او دولي، القوي فيه يأكل الضعيف وينتهك حرمته، أخبار جرائم القتل والإغتيال بدم بارد تمر كأنها أبسط من شرب الماء. لا توجد ثمة سلطة في هذا البلد قادرة على حماية المواطن في أمنه وعرضه وماله. ولا توجد قوة جمعية موحدة ولو (تليباثية) تأخذ حقها من متسلط مغتصب. واذا كنا كشعب هكذا لا نمتلك السيادة على حديقة عامة (مشروع صغير) فكيف لهذا الشعب ان ينتصر لتحرير وسيادة وطن.
من هنا تأتي اهمية فرض سيادة الشعب اليمني على الحديقة (كمشروع صغير) قبل أن تفرض الحكومة أو الدولة هيبتها على أي طرف آخر، لأن الشعب هو صاحب السيادة وهو صاحب الوطن وهو صاحب الحق، وما الحكومة والرئاسة وغيرها إلا خُدام لهذا الشعب وليس أسياداً عليه. ولنعتبر أن الحديقة ما هي إلا نموذج لإثبات هذا الحق وإثبات قدرات الشعب على فرض سيادته على وطن أكبر وأهم والذي من واجب الجميع الدفاع عنه حتى يكون من حقنا ان نستحقه لأننا اذا لم ندافع عنه من حق اي جهة اخرى ان تدعي احقيتها به سواءً كانت هذه الجهة (تنظيم القاعدة) ام السعودية ام المبادرة الخليجية ام القوى الدولية التي تعتبر جميعها بان اليمن ليس له صاحب بل أنه يشكل خطراً على امنها وبالتالي من حقها إزالة هذا الخطر باي شكل من الأشكال طالما ونحن وبالدليل القاطع لا نستطيع ان نحمي حتى حديقة فضلاً عن وطن.
ومن هنا أيضاً تأتي مخرجات اصدار قرار الفصل السابع من قبل مجلس الأمن الذي دون أدنى شك قد وضع صانعوه في حسبانهم ان اي وطن لا يستطيع أهله او شعبه ان يحميه فان هذا الشعب لا يستحقه فيصبح بالتالي مشاع للغير ومن حقهم اغتصابه ناهيك ان يكون هذا المشاع نهباً للثعابين السامة في زمن قد تم استئناسهم والاستفادة من سمومهم وجلودهم. لذا فموعدنا أكيد في 22 مايو لتحرير الحديقة.