الامارات تلعب بالنار لإطالة أمد العدوان على اليمن والحكومة السودانية على مفترق طرق
الامارات تلعب بالنار لإطالة أمد العدوان على اليمن والحكومة السودانية على مفترق طرق
يمني برس – تقرير/ عبدالله الحنبصي
لم تمضى سوى أيام على إعلان الحكومة السودانية تقليص عدد قواتها المتواجده في اليمن ضمن صفوف تحالف العدوان السعودي الامريكي، حتى شرع التحالف في التحرك عبر ارسال الوفد الى الخرطوم في محاولة لثني السودان عن قراره، الامر الذي دفع مسؤولين يمنيين الى اطلاق ما اعتبره البعض بالتحذير الاخير للأمارات.
وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا”، بأن رئيس أركان الجيش الإماراتي، الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي، من المقرر أن يصل اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة السودانية الخرطوم في زيارة وصفتها بالرسمية.
واكتفت الوكالة في خبرها المقتضب بالقول أن “زيارة قائد الأركان الإماراتي والوفد الذي سيرافقه إلى الخرطوم تأتي لتطوير العلاقات بين البلدين والدفع بها إلى آفاق أرحب”، دون شرح تفاصيل عن برنامج الزيارة ومدتها.
وكانت الخرطوم شهدت خلال اليومين الماضيين مباحثات سودانية إماراتية وعدت فيها ابو ظبي، الحكومة السودانية بدعم الاقتصاد السوداني وتشجيع الاستثمار في كافة المجالات لتحقيق المصالح المشتركة.
وتأتي الوعود الإماراتية بدعم الاقتصاد السوداني قبيل زيارة الوفد العسكري الاماراتي الى الخرطوم لمناقشة مسألة بقاء القوات السودانية في اليمن في مقابل حصول الحكومة على المزيد من الاموال، وهي نفس الطريقة التي مارستها السعودية والامارات مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير من اجل التواجد العسكري للسودان في اليمن.
التحركات الاماراتية تأتي كذلك ضمن الخطط السعودية الاماراتية الامريكية الرامية لإطالة أمد العدوان على اليمن، حيث يتضح أن الامارات ماضية في استغلال علاقتها مع عدد من القيادات السودانية التي اوصلتها الى سدة الحكم ، من اجل الابقاء على التواجد العسكري في اليمن، رغم المعارضة الشعبية المناهضة لذلك في السودان.
ولا تنسجم الخطوات الاماراتية مع التحذيرات الاخيرة لوزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر العاطفي التي اكد فيها ان القوات اليمنية ما زالت عند وعيدها في ما يخص العدو الإماراتي، وترصد عن كثب نشاطه التآمري.
رئيس اتحاد الاعلاميين اليمنيين عبدالله صبري، اوضح ان تصريح رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك بشأن انسحاب بلاده عسكريا من اليمن ليست بمعزل عن التطورات السياسية التي شهدتها الساحة اليمنية خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ تراجعت أسهم الحسم العسكري منذ تصاعد العمليات النوعية للقوة الصاروخية وللطائرات المسيرة اليمنية التي دشنت مرحلة توازن الردع مع العدو السعودي في أغسطس 2019م، باستهداف حقل الشيبة النفطي السعودي شرقي المملكة، وما تلاها من عمليات أكثر بأساً وأثراً، كعمليتي بقيق، ونصر من الله.
واوضح صبري أن هذه التطورات ادت إلى انسحاب تدريجي للقوات الإماراتية من اليمن، وإلى تهدئة ومفاوضات غير معلنة من جانب السعودية، الأمر الذي شجع الخرطوم على الإعلان عن سحب جزئي لجنودها من اليمن.
وقال صبري: تأتي الخطوة السودانية نتيجة لعدة عوامل، فبالإضافة إلى العامل الخارجي واتساع الحديث عن تسوية سياسية مرتقبة في اليمن، وتأثيره على العمليات العسكرية التي تنحسر تدريجيا منذ ما بعد عملية بقيق، فإن الحكومة السودانية الجديدة واقعة تحت ضغط الحراك الشعبي، وتنامي الأصوات المطالبة بانسحاب السودان من حرب اليمن، خاصة بعد الإعلان عن الخسائر الكبيرة في صفوف الجنود والمرتزقة السودانيين.
وحول ما اذا كانت تصريحات رئيس الوزراء السوداني بشأن تقليص تواجدها في اليمن مقدمة لانسحابها كليا، اوضح صبري انه من غير المتوقع أن تحسم السودان أمرها فتعلن الانسحاب من التحالف السعودي بشكل منفرد، فسودان ما بعد الثورة ما يزال يراهن على الدعم الاقتصادي السعودي_ الإماراتي أيضا، وما يزال هذا العامل هو الحاسم لجهة استمرار السودان في التحالف وفي الحرب على اليمن.
واشار الى أن السعودية والإمارات قد تعهدتا بدعم الاقتصاد السوداني بعيد الإطاحة بالبشير.
وفي أكتوبر 2019م أعلن وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي إن بلاده تلقت نصف الدعم البالغ ثلاثة مليارات دولار الذي تعهدت به السعودية والإمارات في أبريل، وأنه من المتوقع سداد الباقي بنهاية العام المقبل، موضحا أن السعودية والإمارات أودعتا 500 مليون دولار في البنك المركزي السوداني، بينما جرى تسلم ما قيمته مليار دولار من المنتجات البترولية والقمح ومدخلات الإنتاج الزراعي.
وهكذا تبدو علاقات سودان ما بعد الثورة مرهونة بقاعدة المال مقابل الدم، وعليه فلا يمكن توقع الكثير من الحكومة الجديدة.
ويضيف صبري: صحيح أن الحكومة السودانية تحدثت وقامت بانسحاب تدريجي استجابة للضغط الداخلي إلا أنها ما زالت تراهن وتنتظر فرصة التسوية السياسية بحيث يأتي انسحابها النهائي، وقد أعلن التحالف نفسه عن نهاية عملياته العسكرية في اليمن، في خيار مثالي تتطلع إليه الخرطوم وتعتقد أنه يمكنها من استثمار مشاركتها في الحرب، والتعويض المالي والاقتصادي عن خسائرها فيها، على عكس فيما لو أنها انسحبت بشكل نهائي ودون اتفاق مع التحالف السعودي الإماراتي.
واوضح أن حكومة السودان السابقة فرطت في علاقتها الجيدة والتاريخية باليمن، وقال: لا يبدو أن الحكومة الجديدة في وارد إعادة الاعتبار للعلاقة التي تربط الشعبين في البلدين.. ومادامت المقدمات من جنس النتائج، فلا رهان على الحكومة أو المجلس السيادي، والنخبة السياسية الجديدة بشكل عام.
واكدر رئيس اتحاد الاعلاميين أن وحده الشعب السوداني ومن خلال الحراك الضاغط، يمكنه أن يضع حدا سريعا للمحرقة السودانية في اليمن وفك الارتباط مع التحالف، وتصويب مسار حكومة الثورة في إطار من المبادئ والمثل التي تليق بتاريخ الشعب السوداني وانتمائه العروبي والإسلامي.
وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك كشف عن تقليص عدد القوات السودانية في اليمن، قائلا إن “السودان لديه خمسة آلاف جندي في اليمن.
وحظيت تصريحات حمدوك بترحيب يمني ودولي ، حيث وصف عضو المجلس السياسي الاعلى محمد على الحوثي، تصريحات رئيس الوزراء السوداني بشأن عزمه سحب قوات بلاده من اليمن، بـ”الإيجابية”.
وقال : أن إعادة القوات “يلبي ما يتطلع إليه أحرار السودان ويحقن الدماء”.
من جانبه عبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن أمله بأن تكون الخطوة السودانية مقدمة لإنهاء الحرب المدمرة التي مزقت هذا البلد على مدار السنوات الخمس الماضية.
وقال المرصد الأورومتوسطي والذي يتخذ من جنيف مقرًا له، في بيان صحفي –حصل موقع انصار الله على نسخة منه- إنّه يتطلع إلى إنهاء التواجد العسكري السوداني وسحب جميع الجنود من اليمن والعمل مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة من أجل إعادة الأمن والأمل لملايين اليمنيين.
وأوضح الأورومتوسطي أنّ قرار مشاركة السودان في العدوان على اليمن يرجع إلى أسباب اقتصادية وليست سياسية أو أمنية، مضيفًا أنّ إرسال آلاف الجنود للمشاركة في حرب على أراضي دولة أخرى والحصول على أموال مقابل ذلك لا يمكن أن يكون حلًا لمشاكل البلد الاقتصادية، بل سيحوّل جيش البلاد إلى مرتزقة ينفّذون مهمات غير قانونية مقابل المال.
وأشار المرصد الحقوقي الدولي إلى أن فرقه وثقت على مدار الأعوام الخمسة الماضية عددًا من جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات التحالف بقيادة السعودية خلال حربها على اليمن بمشاركة القوات السودانية التي كانت بمثابة القوة العسكرية الأكبر على الأرض اليمنية.
وقال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الأورومتوسطي أنس جرجاوي إنّه ينبغي على رئيس وزراء السودان أن يتخذ قرارًا شجاعًا بإنهاء التواجد العسكري السوداني في اليمن إلى الأبد، والالتفات إلى معالجة القضايا الداخلية والنهوض بمختلف القطاعات الحياتية.
وأضاف جرجاوي أنّ القانون الدولي لا يبرر هذا النوع من التدخل ويعتبره غير مشروع، وقد حظرت المادة (2 ف7) من ميثاق الأمم المتحدة التدخل في شئون دولة أخرى، إذ جاء فيها ” ليس في هذا الميثاق ما يسوغ “للأمم المتحدة” أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق”.
وطالب الأورومتوسطي في ختام بيانه السودان بسحب كامل قواتها من اليمن، والتحقيق في الانتهاكات التي مارستها تلك القوات خلال فترة خدمتها هناك، كما حث المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية على ضرورة البدء بالتحقيق في الانتهاكات الخطيرة ضد المدنيين اليمنيين، والتي تدخل ضمن إطار الجرائم الدولية التي تستلزم معها الملاحقة الجنائية من قبل تلك المحكمة.