أحمد بلحاف: مطامع السعودية ستُدفَن في رمال المهرة
أحمد بلحاف: مطامع السعودية ستُدفَن في رمال المهرة
يمني برس:
على رغم تحويل السعودية محافظة المهرة إلى معسكر مفتوح، واستخدامها أساليب القمع والترهيب بوجه أهاليها، إلا أن احتجاجات «المهريين» لن تتوقف إلا برحيل القوات المحتلة، وفق ما يؤكد مسؤول دائرة التواصل الخارجية في «لجنة اعتصام قبائل وأبناء المهرة» أحمد بلحاف. ويصف بلحاف، في حوار مع «الأخبار»، السعودية، بأنها «دولة محتلة تمارس الإرهاب ضدّ أصحاب الأرض»، مشدّداً على أنه «لا شرعية لِمَن ينبطح لها»، في إشارة إلى حكومة عبد ربه منصور هادي، وما قد تكون أقدمت عليه من صفقات خفيّة لا تلزم «المهريين» بشيء.
كيف تنظرون إلى التحركات العسكرية السعودية في محافظة المهرة، وتحديداً إلى الفصل الأخير منها الذي شهده منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عُمان؟
– أولاً، تحرك السعودية العسكري يهدف إلى السيطرة الكاملة على المنافذ البرية والبحرية في المهرة، تمهيداً لمشروع الأنبوب النفطي الذي تسعى المملكة إلى مدّه عبر المحافظة إلى البحر العربي، وتحديداً من خلال ميناء نشطون الذي يسيطر عليه الاحتلال، وحَوّله إلى قاعدة عسكرية من أجل تأمين الأنبوب. ثانياً، السعودية ترغب في إخضاع الشعب اليمني، عبر محاصرته اقتصادياً وجعله في حاجة دائمة إليها، وذلك من خلال محاربة المؤسسات والجهات الإيرادية. وفي هذا الإطار، يجد الاحتلال أن منفذ شحن الحدودي مع عُمان يمثّل معبراً إنسانياً ورافداً اقتصادياً قوياً لمحافظة المهرة واليمن عموماً، حيث إن كثيراً من الحالات الإنسانية لا تجد ممراً للعبور إلى الخارج غير منفذ شحن، وأيضاً البضائع والسلع التجارية تأتي عبر المنفذ، لتعزّز الاقتصاد المحلي وتنعكس على المواطن في جانب الخدمات والمرتبات. ولكن هذا الجانب أصيب بالتدهور نتيجة تدخلات الاحتلال السعودي، وفرضه قيوداً على الحركة التجارية، إلى أن وصل به الأمر إلى أن يغلق المنفذ، الأمر الذي جعل أبناء المهرة ينتفضون في وجهه. ونؤكد للجميع أن مطامع السعودية ستُدفن في رمال المهرة، ولن تتوقف احتجاجات أبناء المحافظة إلا برحيل القوات المحتلة.
ألا تخشون من أن تعمد السعودية إلى استخدام أساليب أكثر شراسة في مواجهة المطالبات المتصاعدة برحيلها؟
هي تستخدم ذلك لإرهاب الأهالي، لأنها تدرك أنها غير مقبولة لديهم، ولو كان وجودها فعلاً لأجل أعمال داعمة للجانب الإنساني والتنموي، لما وصل الأمر بها إلى استخدام هذه الأساليب والطرق القمعية، والتي تعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان، وتؤكد للعالم أجمع أنها دولة محتلة تمارس الإرهاب ضد أصحاب الأرض. ورغم ذلك، أبناء المهرة لن يظلّوا مكتوفي الأيدي، وسيدافعون عن أرضهم بكلّ الخيارات الممكنة والمتاحة، لأن هذه قضية احتلال واعتداء سافر، وإذا لم يتدخل المجتمع الدولي لإيقاف السعودية عن تحركاتها الصبيانية واعتداءاتها فلن نتوانى لحظة واحدة عن الدفاع عن أرضنا.
ما هي تقديراتكم لحجم الوجود العسكري السعودي في المهرة؟
– حوّلت السعودية محافظة المهرة المسالمة الآمنة، التي لم تعانِ حروباً أو اضطرابات أمنية، إلى معسكر مفتوح، من دون أن يكون هناك أي مبرّر على الأرض يستدعي نقل ترسانة عسكرية إليها، وإنشاء 33 معسكراً على أراضيها، وخلق ميليشيات موالية للاحتلال فيها. في المهرة اليوم أكثر من 180 دبابة، وعشرات الآليات العسكرية الحديثة، وأكثر من 2000 جندي سعودي داخل قواعد في المحافظة؛ أبرزها في مطار الغيضة.
وبالنسبة إلى السجون السرية السعودية في المهرة، ما معلوماتكم في شأنها؟ وما سرّ نقل معتقلين من الغيضة إلى الرياض؟
– ثمة سجون سرية داخل القاعدة السعودية في مطار الغيضة، وفي قواعد أخرى أيضاً. كذلك، الميليشيات التابعة للاحتلال تمتلك سجوناً سرية في مدينة الغيضة، والقصر الجمهوري يحتوي هو الآخر على سجون سرية. هذا المؤكد، ولكن لا تزال هناك سجون لا نعلم أماكنها بالتحديد، وهذا الأمر قيد البحث. أما عن نقل الاحتلال المعتقلين من الغيضة إلى الرياض، فهو أسلوب ترهيب وتخويف، يقوم على اختلاق تهم باطلة.
هل حاولت الرياض التحاور مع لجنة الاعتصام؟
– نعم، في تموز/ يوليو 2018، تمّ الاتفاق مع الجانب السعودي على عدة نقاط، ومنها إنهاء وجود المعسكرات والميليشيات، وعدم مضايقة المجلس المحلي في المحافظة أو منازعته في مهمّاته، والاكتفاء بوجود بعض القوات السعودية في جزء من مطار الغيضة. إلا أن السعودية نكثت العهد، والتَفّت على كلّ نقاط الاتفاق، وتدخلت وتمادت في التدخل في شؤون المحافظة، وعملت على توزيع الأسلحة والأموال في محاولة خلق شرخ اجتماعي بين القبائل.
على ذكر القبائل، كيف عملت السعودية على اختراقها؟ وهل نجحت في ذلك؟
– عملت السعودية على شقّ الصف المهري، لكنها لم تستطع الوصول إلى هدفها. فهي، عبر ضبّاطها في القاعدة العسكرية أو حتى في الرياض، كانت تقوم بتوزيع الأموال على أشخاص موالين لها، بهدف دفعهم إلى قتال إخوانهم من قبائل المهرة المعارضين للوجود السعودي، إلا أن هذه السياسة فشلت في جرّ أبناء المحافظة إلى مربّع التناحر والاقتتال. وجرّاء هذا الفشل، ذهبت السعودية إلى جلب ميليشيات من خارج المحافظة، بل ومن خارج اليمن، ودعم المتطرفين دينياً لاستخدامهم أيادي لها في المهرة. ونحن بدورنا في لجنة الاعتصام السلمي، نحرص دوماً على توعية الأسر بضرورة إبعاد أبنائها عن الانخراط ضمن الجماعات المتطرّفة أو الميليشيات، وقد كان لذلك الدور التوعوي نتائج إيجابية في الحفاظ على لحمة المجتمع المهري.
قرابة 30 ألف نسمة من أبناء المهرة أصبحوا، بحكم الإلحاق بالقوة، سعوديين، بعد قيام السعودية بضمّ عشرات المناطق والقرى إلى أراضيها، هل ثمة تواصل بينكم وبين تلك القبائل؟ وكيف تتعاملون مع معاناتها؟
– بالفعل، هناك مناطق وقرى وصحارى من أراضي المهرة أصبحت سعودية بعد ترسيم الحدود، وهي مأهولة بالسكان، وقد عملت السعودية على تجنيس أبنائها في ثمانينيات القرن الماضي، وهو تجنيس بمهنة راعي إبل فقط، ويتمّ ذلك عبر لجنة تسمى «لجنة قبائل الربع الخالي». تقوم هذه اللجنة بإعداد استمارات تفيد بأن الشخص المتقدِّم للجنسية هو سعودي الأصل والمنشأ، مع تحديد اسم الوادي الذي أتى منه، والملاحظ أن أغلب تلك الأودية هي داخل المهرة ومطلّة على البحر العربي، ما يدلّ على أن هناك نيّات قديمة للتوغل في المحافظة. وتمنح السعودية «المهريين» الساكنين داخل حدودها وثيقة جواز سفر لمدة سنة فقط، وهي لا تمنحهم الهوية، بل تطلق عليهم تسمية «القبائل المهاجرة». هم عالقون هناك، لا يستطيعون العمل، ولا الالتحاق بمؤسسة تعليمية، ولا فتح حساب بنكي أو استخراج بطاقة اتصال أو رخصة قيادة. وأيضاً، لا يستطيعون توثيق عقود الزواج بشكل رسمي، ومَن يموت منهم يواجه أهله إجراءات بالغة الصعوبة لكي يتمّ دفنه.
تحدثّتم في بداية المقابلة عن مشروع الأنبوب النفطي السعودي الممتدّ عبر المهرة، ما الذي قمتم به لمواجهة هذا المشروع؟
– لقد رصدنا أعمالاً لشركة سعودية تحاول البدء بشقّ طريق في المكان الذي سيعبر منه الأنبوب، بالقرب من الخراخير السعودية التي سينطلق منها خطّ النفط باتجاه ميناء نشطون. وقامت قبائل المهرة بطرد تلك الشركة والفرق العسكرية السعودية المرافقة لها، وإزالة العلامات التي أنشأتها. وكان موقف أبناء المحافظة صريحاً برفض مثل هذه المشاريع التي تمسّ السيادة في وقت يمرّ فيه البلد بحالة حرب؛ إذ يحتاج هذا الأمر إلى أن يَعبُر في قنوات رسمية وقانونية، وهي معطلة نتيجة الحرب. وفي ذلك، نجد أن السعودية تستغلّ غياب الدولة، بل هي من عَملت على إضعاف المؤسسات وتعطيلها سعياً لإمرار أجندتها.
كيف تنظرون إلى موقف ما تُسمّى «الشرعية» من قضيتكم؟
– للأسف، رغم أننا وقفنا مع الشرعية لحفظ هيبتها ومؤسّسات الدولة وأمن واستقرار المحافظة، إلا أن تلك الشرعية التي يمثلها هادي سقطت في المهرة وتسقط يوماً تلو آخر، وهي تخذلنا وتنبطح للرياض التي أصبحت هي مَن تصدر قرارات باسم الشرعية. وحول الصفقات الخفية، نحن لا نستبعد أن تكون هناك صفقات تعقد في فنادق الرياض، ولكن في الأخير، الأرض والشعب ليسا ملكاً من أملاك هادي أو نائبه علي محسن الأحمر أو غيرهما. فالشرعية هي شرعية الشعب.
لكن حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أصدرت، أمس، توجيهات بتسليم منفذ شحن لقوات الشرطة العسكرية التابعة لها، هل ترون في ذلك استجابة لمطلبكم إخلاء المنفذ من القوات السعودية؟
– لجنة الاعتصام والمكونات والقبائل ترحّب بأيّ قرار من شانه حفظ سيادة الدولة ومؤسساتها وأمن واستقرار محافظة المهرة. ولكن مطالبنا لا ترتبط بمنفذ شحن فقط، بل أيضاً بميناء نشطون ومنفذ صرفيت ومطار الغيضة، وكلّ قرى المهرة ومدنها.
على رغم ما شهده منفذ شحن قبل أيام من مواجهات، لا تزالون تؤكدون تمسّككم بالخيار السلمي، إلى متى؟
– خيارنا في الاحتجاجات السلمية لا يزال قائماً، والاحتلال السعودي يحاول جرّنا إلى مربع المواجهات المسلحة لأنه يرغب في أن ينفرد بالمحتجين لإرهابهم واعتقالهم والبطش بهم.
(رشيد الحداد – الأخبار)