الإنسان.. بين ما يصنعه الإيمان الصادق والإيمان الشكلي
الإنسان.. بين ما يصنعه الإيمان الصادق والإيمان الشكلي
يمني برس – مقالات رأي – الدكتور عبده سبيع
نحن أمة نحتاج إلى الإيمان العملي، احتياجاً أساسياً، لا ثانوياً، فالإيمان العملي هو الإيمان الذي يصنع الشخصية القوية التي تتمتع بالعزة والكرامة والقوة والمنعة من أي اختراق، فقد جعل الله سبحانه وتعالى سرّ قوة الإنسان المؤمن المجند نفسه لله، الواثق بآيات الله في الجانب المعنوي النفسي.
فالإيمان الصادق الواعي يزيد من ارتباط الإنسان بالله ويُجسّده إلى سلوكيات وممارسات تجد أثرها في الحياة.
فالروح المعنوية العالية لن يصنعها إلا ذلك الإيمان العظيم، فأثر الإنسان في واقع الحياة مرتبط بمستوى قوة إيمانه، فكلما كان الإنسان يتمتع بالإيمان الصادق الإيمان العملي، كلما كان له أثر في الحياة وكلما كانت شخصيته تتمتع بالعزة والكرامة والقوة، والعكس من ذلك في حالة ضعف إيمان الشخص، فالإنسان الذي علاقته بالله ضعيفة، فإن ذلك الضعف ينعكس على شخصيته، مما يجعل منه إنسان منهزم نفسياً، فالانهزامية يولدها ضعف الإيمان، وكذلك يولدها الخوف من أعداء الله، فهناك علاقة قوية بين الإيمان الصادق والإيمان العملي وبين الروح المعنوية العالية، وبين الإيمان الناقص، والإيمان الشكلي والروح المعنوية المنهزمة. فالقوة المعنوية العالية يمنحها الإيمان العملي الصادق وتزاد تلك الروح المعنوية ارتفاعاً كلما زادت علاقة الإنسان بربه وصدقه وإخلاصه وعمله في الحياة.
والعكس من ذلك عندما يكون الإيمان شكلي وناقص، فمعيار الإيمان الصادق، يتجسد إلى ممارسات عملية في الحياة كما تتجسد في نفس الإنسان العزة والكرامة والقدرة العالية على مواجهة التحديات والصعوبات.
ومعيار الإيمان الناقص تكشفه المواقف الحياتية، فالإنسان الذي لا يستطيع مواجهة أعداء الله ولم يحدد موقفه من ذلك فإن إيمانه ليس أيمانا صداقاً وإنما يُعد مجرد إيمان ذهني، إيماناً ناقصاً.
فالإنسان في واقع الحياة هو يحتاج إلى الإيمان الصادق، إلى الإيمان العملي الذي يصنع منه إنساناً قادراً على مواجهة التحديات، وإن لم يكن هنالك جنة ونار، لأن فقدان الإيمان فيه فقدان العزة والكرامة والمنعة والقوة والشجاعة، وفقدان للحرية الإنسانية، وكذلك فقدان للوعي والبصيرة والرعاية الإلهية وأيضاً فقدان للهوية والسعادة والطمأنينة والسكينة، وعُرضة للسيطرة من قِبل أعداء الله ومن الشياطين والذين يعملون على كل المستويات بهدف إضلال البشرية لأنهم يعلمون أن سيطرتهم على البشرية هي بإضلال هذا الإنسان وخداعه وإخراجه أو إبعاده عن مصادر قوته وعزته.
فالإيمان الذي لم يبدأ بالإيمان بالله تعالى وأنبياءه وينتهي بمواجهة أعداء الله فإنه يُعد إيماناً أجوف، إيمان ناقص، إيمان شكلي.
فمن خلال دراسة الواقع العربي والإسلامي نجد أن الكثير من أبناء الإسلام لا سيما معتنقي الفكر الوهابي التكفيري تنسجم شخصياتهم انسجاماً كلياً مع الإيمان الشكلي لأنهم بعيدين عن الإيمان الذي ينتهي بمواجهة أعداء الله، فلم نرى منهم أي موقف ضد أعداء الله من اليهود والنصارى بل نرى ذلك الإيمان الذي يدّعون لا ينسجم مع التوجيهات الإلهية والنبوية، فعندما نعرض نفسيات معتنقي الفكر الوهابي على الآية في قوله تعالى (أشداء على الكفار رحماء بينهم) سنجدهم يعملون بعكس هذه الآية، فقد رأينا في نفوسهم الشدة والغلظة والحقد والكراهية يتوجه إلى أبناء الإسلام وأهله، إلى أبناء هذا الشعب اليمني العظيم، في حين رأينا الود والحب والتذلل إلى أولئك المجرمين من اليهود والنصارى، فالإيمان الذي ادّعاه أولئك الأعراب أو أي إيمان يدّعيه أي أنسان لن يكون إيماناً صادقاً مالم يُعرض على كتاب الله الذي وضع معياراً لكشف كل من يدّعي الإيمان، فمعيار الإيمان الصادق في كتاب الله تجسده وتوضحه الآيات الأخيرة من سورة البقرة (آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه……………. أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) فالإيمان الصادق هو الذي يبدأ بالإيمان بالله وينتهي بمواجهة أعداء الله.
وكما أن الإيمان الصادق الإيمان العملي يصنع الشخصية القوية التي تتمتع بالعزة والكرامة والمنعة، يصنعه الإيمان المرتبط بالله، فإن الإيمان الشكلي، الإيمان الضعيف، الإيمان الناقص، والشخصية الضعيفة يصنعها الارتباط والولاء لأعداء الله، ولنا أمثلة من واقعنا العربي والإسلامي، فقد رأينا كيف صنع ذلك الإيمان الناقص ذلك الإيمان القائم على موالاة أعداء الله، فعندما نعود بالذاكرة قليلاً ونستذكر ذلك الموقف الذي حصل في أحد المساجد في نيوزيلندا، نجد أن ذلك المسجد كان ممتلئ بالمصلين، إذ أقدم أحد المجرمين اليهود باقتحام المسجد وقتل ما يزيد عن خمسون مسلماً، وهم خاضعون مستسلمون أذلّاء خائفون، فهذا الإيمان الذي رأيناه عند مواجهة أعداء الله، إيماناً ضعيفاً إيماناً ناقصاً إيماناً صنع شخصية لا تستطيع مواجهة أعداء الله، وفي المقابل لو نقارن بينه وبين أولئك الأبطال من الجيش واللجان الشعبية الذين يصدّرون أعظم البطولات والمعجزات، ونتذكر ذلك البطل الشهيد المعروف بـ”أبو قاصف” والذي قام في جبهة قانية بصد زحف للمرتزقة والمنافقين بالحجارة، في حين كان أولئك المرتزقة يمتلكون أحدث الأسلحة، فلنقارن بين تلك الموقعتين وبين ما يصنعه الإيمان الصادق العملي المرتبط بالله وبين ذلك الإيمان الناقص الذي يصنعه الولاء لأمريكا وإسرائيل.