المنبر الاعلامي الحر

“فأمكن منهم”.. تحرير الجوف يضيِّقُ “الكماشة” على المرتزقة في مأرب

“فأمكن منهم”.. تحرير الجوف يضيِّقُ “الكماشة” على المرتزقة في مأرب

يمني برس:

 

بعد شهرٍ ونصف شهرٍ من إعلانها عن عملية “البُنيان المرصوص” التي مثّلت أكبرَ تقدم ميداني للجيش واللجان الشعبيّة في الجبهة الشرقية منذ بدء العدوان، بجغرافيا تزيدُ مساحتُها على 2500 كيلو متر مربع، موزعةً على ثلاث محافظات، كشفت القوات المسلحة، أمس الثلاثاء، عن عملية عسكرية جديدة استكملت فيها الإنجازَ الذي حقّقته في العملية السابقة، من خلال تحرير كامل مديريات محافظة الجوف، باستثناء بعض المناطق الصحراوية، الأمر الذي يشكل تمدداً استراتيجياً لجغرافيا سيطرة “صنعاء” بضم مناطقَ حاكمة يتجاوز تأثير تحريرها حدود المحافظة؛ ليضيفَ إطلالةً جديدةً على مناطق المرتزِقة في محافظة مأرب المجاورة، وهو ما يجعلُ مساراتِ تقدم المجاهدين، منذ عملية “البنيان المرصوص” تبدو الآن ككماشة واسعة تضيق أكثرَ فأكثرَ على مرتزِقة العدوان.

 

القواتُ المسلحةُ أطلقت على العملية الأخيرة اسم “فأمكن منهم” اقتباساً من الآية القرآنية الشريفة: (وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وقد جرت العادة أن تختارَ القيادةُ أسماءَ العمليات العسكرية الكبرى بعناية فائقة لتعبِّرَ عن ظروف العملية نفسها، بحيث يكشف المسمى عن أبرز ملامح المعركة وما دار فيها؛ ولهذا فإنَّ تسميةَ العملية الأخيرة قد حملت عدةَ رسائلَ بخصوص تحريرِ محافظاتِ الجوف، أبرزُها الإشارةُ إلى مسألةَ الخيانة من قبل المرتزِقة، الأمر الذي يكشفُ استمرارَهم بنقض كُـلّ العهود والاتّفاقات، كامتدادٍ لخيانتهم الكبرى للوطن بالوقوف في صف العدوان.

 

أمَّا عن التفاصيل الميدانية فقد تضمَّن البيانُ المتلفز لناطقِ القوات المسلحة العميد يحيى سريع، عدةَ نقاط رئيسية تضمّنت تحديد جغرافيا المعركة، ومُدَّتها، وأبرز ما تحقّق فيها، ومن المقرّر أن يعقد سريع اليومَ الأربعاءَ مؤتمراً صحفياً للكشف عن تفاصيلَ موسَّعةٍ للعملية مع مشاهدَ مصورة لأحداثها وما تضمنته من ضربات صاروخية وجوية ضد العمق السعودي.

 

بخصوص جغرافيا العملية، أكّـد سريع، أن العملية العسكرية “استكملت تحرير كافة مديريات محافظات الجوف ما عدا بعض المناطق في مديرية خب والشعف وصحراء الحزم”، ويتضمن هذا إعلاناً ضمنياً عن تحرير مدينة الحزم التي كانت المقرَّ الرئيسيَّ لقوات المرتزِقة والقوات السعودية التي كانت مسؤولة عن إدارة قوات العدوان في المحافظة كلها، إضافةً إلى الإعلان عن تطهير بقية المديريات التي لم يكن قد أعلن عن تطهيرها من قبلُ.

 

خلال مؤتمر صحفي عقده سابقاً عن تفاصيل “البنيان المرصوص” كان العميد يحيى سريع قد أشار وقتها إلى بدء المواجهات داخلَ المديرية بعد أن أصبحت محاصرة من ثلاث جهات، ومنذ ذلك الوقت بدا جلياً أن تحريرَها من قبل قوات الجيش واللجان بات أمراً محسوماً، إذ تواترت المعلوماتُ الميدانية التي أكّـدت سرعة انهيار قوات المرتزِقة وفرارهم، وقد كشف عضو المكتب السياسي لأنصار الله “محمد البخيتي” بعد ذلك أن محافظ الجوف المعيَّن من قبل العدوان “أمين العكيمي” نفسَه قد لاذ بالفرار بعد أن تم منحُه الأمانَ بتوجيهات من قائد الثورة.

 

لم تكن القواتُ المسلحة قد أعلنت عن تحرير مدينة الحزم قبل بيان الأمس، لكن المرتزِقة أنفسهم قد أعلنوا ذلك؛ نظراً لما تمثله المدينة من أهميّة استراتيجية أجبرتهم على الاعتراف بالخسارة، وبتفاصيلَ فاضحة كشفتها الاتّهاماتُ التي تبادلوها عقب طردهم من المدينة.

 

الكثيرُ من وسائل الإعلام الأجنبية تناولت خلال الفترة الماضية سيطرة الجيش واللجان الشعبيّة على مدينة الحزم؛ باعتبارِها عنواناً لتحرير المحافظة بأكملها، وقد جاء بيان الكشف عن عملية “فأمكن منهم” مؤكّـداً لذلك.

 

ولزيادة التأكيد على ذلك، يمكن النظر إلى الفترة الزمنية التي استغرقتها العملية والتي حدّدها بيان القوات المسلحة بخمسة أيام فقط. رقم قياسي جديد سجلته قوات الجيش واللجان الشعبيّة التي عوّدتنا على مثل هذه “الخوارق” العسكرية، حيث يقفُ الزمن عاجزاً عن تفسير سرعة التقدم ومساحته، لكن هناك عناصر أُخرى بإمْكَانها التفسير، وأبرزها دائماً الحنكة القتالية والبسالة التي يتمتع بها المجاهدون، بمقابل الانهيار الذي سرعان ما يصاب به المرتزِقة دائماً عند المواجهات.

 

وقد كشف العميد يحيى سريع في بيان، أن قوات الجيش واللجان الشعبيّة تمكّنت خلال هذه الأيّام الخمسة من دحر ما يسمى بـ”المنطقة العسكرية السادسة” للمرتزِقة بكاملِ ما تضُمُّه من ألوية عسكرية.

 

وضمن العناصر التي مكّنت المجاهدين من حسم هذه المعركة الكبرى سريعاً، الخطة العسكرية المحكمة والدقيقة التي نفّــذت العملية على ضوئها، والتي تبدو ملامحها واضحة بالنظر إلى توقيت العملية والظروف المحيطة بها، فالعملية جاءت مباشرة بعد نجاح عملية “البنيان المرصوص” التي كانت بمثابة زلزالاً أصاب قوى العدوان ومرتزِقتها في الجبهة الشرقية ككل، وبالتالي فإن انكسارات المرتزِقة داخل الجوف كان أشبهَ بمشهد تساقط أحجار الدومينو التي كان أولها في جبهة نهم.

 

وتتجلّى دقةُ الخطة العسكرية المحكمة لعملية “فأمكن منهم” أَيْـضاً من خلال مشاركة كُـلٍّ من القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر في المواجهات، حيث أعلن ناطقُ القوات المسلحة، أمس، أن الوحدَتين نفّــذتا أكثرَ من 50 عملية، بعضها استهدفت العمق السعودي رداً على تصعيده الجوي، وبعضها استهدفت المرتزِقة في الداخل، وقد بات اشتراكُ الصواريخ والطائرات المسيّرة في العمليات البرية الكبرى للجيش واللجان استراتيجيةً معتمدةً، وفعالةً جداً، فهي من جِهة تضاعِفُ خسائرَ المرتزِقة وتستبقُ جميعَ تحَرّكاتهم على الميدان، ومن جهة أُخرى توجِّـهُ ضرباتٍ قاسيةً على العدوّ السعودي، سواءً على مرابض طائراته الحربية؛ لتقليل نسبة تواجدها في سماء المعركة، أَو على معسكراته ومنشآته الهامة التي من شأن استهدافها أن يربك السعودية تماماً.

 

وفي حالةِ عمليتَي “البنيان المرصوص” و”فأمكن منهم” فإن الضرباتِ الصاروخيةَ والجويةَ على العُمق السعودي، تحمِلُ أَيْـضاً رسائلَ سياسيةً هامةً للرياض، بأن ما قبل “مبادرة الرئيس المشّاط” ليس كما بعدها، وأن كلفةَ التصعيد الجوي باتت فوريةً ومستمرة بالارتفاع.

 

ويشهدُ حجمُ الخسائر التي تكبّدها المرتزِقة خلال العملية أَيْـضاً على مدى فعالية الخطط العسكرية للجيش واللجان، حيث أكّـد العميد سريع، أمس، أن المئاتِ من قوات العدوّ سقطوا بين قتيل وجريح وأسير “بينهم قيادات”، فيما اغتنم المجاهدون كمياتٍ كبيرةً من الأسلحة.

 

خريطةُ السيطرة التي أعادت عمليةُ “فأمكن منهم” رسمَها تؤكّـدُ أن أهميّةَ تحرير مديريات الجوف تتجاوز حدود المحافظة لتؤثر أَيْـضاً على الوضع الميداني في محافظة مأرب أيضاً، فبالنظر إلى الخريطة الجديدة، نرى بوضوح أن قواتِ الجيش واللجان الشعبيّة باتت تمتلكُ إطلالةً جديدة على عدد من المناطق الهامة داخل مأرب.

 

كما نرى أن العملية قد جعلت عدة مناطق سيطر عليها المجاهدون في مأرب مؤخراً، تلتقي مع مناطق جديدة ضمن مديريات الجوف، الأمر الذي يجعل جغرافيا المجاهدين متصلةً ومترابطةً، بحيث تشكّل الآنَ كماشةً سميكةً تضيِّقُ على ما تبقى من مناطق تواجد المرتزِقة في مأرب باستمرار.

 

وفي هذه الخريطة تبدو مدينةُ مأرب بوضوح وهي تقتربُ أكثرَ فأكثرَ من متناول المجاهدين من جهات (الشمال والشمال الغربي) بعد أن باتوا مطلين عليها مسبقاً من جهة الشرق، الأمرُ الذي يعني أن وضعَ المرتزِقة في مأرب بات أسوأ بالنسبة لهم من قبلُ.

 

بالعودة إلى الحديث عن خطة المعركة، لا يمكنُ إغفالُ دور أبناء الجوف في تحرير مديرياتهم، وهي الجزئيةُ التي توليها قيادةُ الجيش واللجان اهتماماًً كَبيراً في كُـلّ خططها العسكرية، حيث يكونُ التعاونُ بين أبناء المناطق وقوات الجيش واللجان من أبرز العوامل المساعدة في حسم المواجهات وضمان تأمينها، وهو ما يؤكّـدُ الترحيبَ الكبيرَ الذي تتلقاه قوات الجيش واللجان من أبناء تلك المناطق الذين تعرضوا لاعتداءات وانتهاكات كثيرة من قبل المرتزِقة قبل التحرير.

 

وفي هذا السياق، فقد حيّا الناطقُ باسم القوات المسلحة، “الدور البارز والمشرِّفَ لقبائل محافظة الجوف” في إنجاح هذه العملية الكبرى.

 

ويأتي هذا في الوقت الذي أثبت فيه العدوانُ ومرتزِقته تعامُلَهم العدواني مع أبناء القبائل سواء في الجوف أَو في مأرب، حيث تصاعدت مؤخّراً اعتداءاتُ حزب الإصلاح على القبائل واتّهامهم بالخيانة والتحريض عليهم، على خلفيةِ خسائره العسكرية المتواصلة.

 

(المسيرة – ضرار الطيب)

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com