المنبر الاعلامي الحر

الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثــــــي .. من الصرخة إلى المواجهـة الكـبرى

الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثــــــي .. من الصرخة إلى المواجهـة الكـبرى

يمني برس:

 

في العام 1991/م ، أعلن الرئيس الأمريكي وقتذاك ” بوش الأب ” عن ولادة نظام عالمي جديد تقوده أمريكا إثر تفكّك الإتحاد السوفيتي في العام نفسه ، وقد شرعت “أمريكا” بما لديها من أجندات للسيطرة على العالم ولنهب ثرواته ، واستعباد الإنسان ، في إعادة ترتيب العالم الجديد وإخضاع كل الشعوب والبلدان بالقوة ، كان لابد لحروب الإخضاع من أن تشتعل ولا بد لها من عناوين وذرائع من الضرورة أن تستند إلى حدث رهيب يعطي الأمريكيين عناوين متماسكة لاستباحة البلدان ، وبعد عشر سنوات وتحديدا في العام 2001/م ، وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، وعلى إثرها أعلن الرئيس الأمريكي” بوش الإبن “ بدء حرب شاملة على ما أسماه ب”الإرهاب” ، أصبح واضحا أن للوطن العربي مكانه المتميز وأن الإرهاب عنوان حرب شاملة تستهدف الأمة الإسلامية على وجه أعم ، وأن الذريعة والغطاء الذي ستجري أمريكا من خلفه مؤامرتها الخبيثة هو ( الإرهاب).‏

 

 

السيد حسين..في مواجهة التسيد الأمريكي على العالم

 

حين وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قسمت أمريكا، العالم إلى قسمين “من ليس معنا فهو ضدنا” ، كل الزعماء والحكام والنخب ولوا شطرهم نحو البيت الأبيض لتقديم واجب الولاء والطاعة والإخلاص لأمريكا في حربها على ما أسمته بـ«الإرهاب» ، التي لم تكن في الواقع إلا حربا على الإسلام و«أمركة للعالم»، كانت ممالك الخليج ، ونظام الهالك علي عبدالله صالح في اليمن، في مقدمة المطيعين لأمريكا التي افتتحت عصراً جديداً للهيمنة على العالم ، شاءت الأقدار أن يكون الشهيد القائد في موقع جغرافي في منطقة تماس حدودي لبلدين بينهما صراع تاريخي طويل ، راهنا يشهد الصراع تقاطعا مصيريا ، في ظل انكشاف الإصطفافات الأمريكية والمشبوهات الصهيونية وإفرازاتها في المنطقة ، ومن فرادة الشهيد القائد أن ذلك الصراع سواء على ما كان حدوديا أو ما كان ينطلق من إرث وموروث سعودي حاقد ، كله لم ينعكس في محاضراته تحريضاً، لا على نظام الهالك صالح في صنعاء، ولا على نظام ال سعود في مملكة العدوان السعودية ، بل حرص على إبراز النصيحة لكلا النظامين، وتنبيههما من الوقوع في شرك ما تخطط له أميركا ضد المنطقة من خلال مشروع تسميه «مكافحة الإرهاب» وهو في مجملة حملة استعمارية أمريكية ضد الأمة الإسلامية ، تسعى من خلاله إلى خلق اصطفافات واضحة وصريحة فإما معنا أو ضدنا.

 

الإرهاب عنوان لأمركة العالم

 

لم يكن خطاب أمريكا حول الحرب على الإرهاب أكثر من قناع جديد يتيح التحرك في المسرح القديم نفسه وللأهداف نفسها ، قسمت إدارة جورج بوش، العالم إلى قسمين رافعة شعار “من ليس معنا فهو ضدنا”. معظم دول العالم حاولت مسايسة واشنطن في حربها على «الإرهاب» التي لم تكن في متنوعة الواقع إلا «أمركة للعالم». وكانت دول الخليج وعلي عبدالله صالح في اليمن، في مقدمة المتأمركين والمشاركين لبوش في حربه الجديدة التي افتتحت عصراً جديداً للهيمنة على العالم.

 

في 29 نوفمبر 2001/م ، وصل لعلي عبدالله صالح إلى واشنطن وهي الزيارة الأولى بعد تفجيرات سبتمبر من العام نفسه ، وقد اجتمع مع بوش وباول ، ذكر خبر الزيارة أن صالح طلب معونات ومساعدات مقابل توقيع اتفاقية أمنية مشتركة وهو السبب الذي أدى لتأجيل التوقيع ، كما أشار ناطق البيت الأبيض إلى أن الطرفان اتفقا على التعاون في مجال الأمن والقضاء ، وقد ناقش بوش وصالح محاكمة المتهمين بتفجير المدمرة الامريكية ، وقضايا السلام في الشرق الأوسط وخلال محادثاته مع باول اعرب الرئيس اليمني عن اعتقاده بان الحرب ضد الارهاب ستكون حربا طويلة ، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ريتشارد باوتشر ان المسئولين تطرقا ايضا الى ازمة الشرق الاوسط وانهما شددا على ضرورة وضع حد للعنف الدائر هناك. واوضح باوتشر ان صالح وباول اكدا ان الرئيس بوش عازم على المضي قدما بحملته الراهنة ضد تنظيم القاعدة قبل ان يدير الدفة تلقاء جماعات ارهابية اخرى.

 

لم يكن الحادي عشر من سبتمبر 2001/م ، إلا بداية فاتحة لحرب أمريكية شعواء امتدت آثارها لأطراف المعمورة، فكانت البداية احتلال أفغانستان في 2001، مازال الشعب الأفغاني حتى الآن يعانى من التشريد، رغم أنّه لا يوجد بين المتهمين مواطن أفغاني واحد ، وفي عام 2003، كان احتلال العراق ودخول القوات الأمريكية بغداد تحت دعوى كاذبة أنّ لدى العراق أسلحة دمار شامل، ولليوم يدفع ثمن تهمة ظالمة انتهت بمقتل أكثر من مليون عراقي ، وتخريب أغنى دولة عربية ، ونهب ثرواتها بترولاً وآثاراً وتاريخاً وحضارة ، فكان احتلال العراق بداية أكبر كارثة حلت بالعالم العربي منذ سقطت عواصم كثيرة بعد سقوط بغداد، وانقسم العراق على نفسه سادت الفتن ، ومع بقاء الاحتلال الأمريكي البغيض لن يجد أمنا ولا استقرارا، فلقد استطاع الرئيس بوش الابن أن يفكك العالم العربي وأن يتركه أشلاء مبعثرة ، وكانت أيضا محطة فارقة بين وضعت العالم بين صفين إما مع أمريكا أو ضدها.

 

لقد جرى تقديم الأعداء السابقين بذرائع الحرب على الإرهاب، فعلى سبيل المثال، تم غزو العراق بذرائع الإرهاب وعلاقاته بالقاعدة وأسلحة الدمار الشامل، ومن ثم لم يكن خطاب أمريكا حول الحرب على الإرهاب أكثر من قناع جديد يتيح التحرك في المسرح القديم نفسه وللأهداف نفسها ، قسمت إدارة جورج بوش، العالم إلى قسمين رافعة شعار “من ليس معنا فهو ضدنا”. معظم دول العالم حاولت مسايسة واشنطن في حربها على «الإرهاب» التي لم تكن في متنوعة الواقع إلا «أمركة للعالم». وكانت دول الخليج ونظام علي عبدالله صالح في اليمن، في مقدمة المسايسين للسياسة الأميركية التي افتتحت عصراً جديداً للهيمنة على العالم.

 

شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر نقطة فارقة وتحولا مفصليا لدى الشهيد القائد ، إذ رأى أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر جاءت لتكون أكبر ذريعة وخديعة لاستهداف الأمة الاسلامية على أعلى مستوى وأمام هذا الخطر والاستهداف غير المسبوق للأمة تحرك الشهيد حسين بدر الدين الحوثي على أساس القرآن لمواجهة هذا الاستهداف وهذا التضليل” كما يقول السيد القائد حفظه الله في خطاب سابق ، وصحيح أن تفاصيل تلك التفجيرات بقيت حتى الآن غامضة لم تكشف تفاصيلها ، لكن الحقيقة أن تلك الأحداث نجدها بعد 19 عاما قد هدمت شعوبا ، وخربت بلدانا ، وقتلت بذرائعها ملايين البشر ، واستبيحت شعوب ودول ، وهو الخطر الذي أشار إليه الشهيد وقتذاك ، فتلك التفجيرات لم تكن إلا من أجل اكتساح العالم الإسلامي كله بشبح الإرهاب ، ولهدف وضع عناوين لشن حرب شاملة على الأمة ، صناعة مخابراتية أمريكية ضخمة لفرض سيطرة أمريكا على العالم.

 

 

الشهيد القائد : لابد من التحرك والمواجهة

 

(أقول لكم أيها الاخوة اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا: [ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام] ، أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟

 

بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى:[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام] ، هذه الصرخة أليست سهلة، كل واحد بإمكانه أن يعملها وأن يقولها؟ ، إنها من وجهة نظر الأمريكيين – اليهود والنصارى – تشكل خطورة بالغة عليهم.

 

” إصرخوا وستجدون من يصرخ معكم”

 

آنذاك ومن قاعة مدرسة الإمام الهادي في مران صعدة بتاريخ 17/ 1/ 2002م ، دوى شعار الموت لأمريكا وسط مجموعة قليلة من الناس والمواطنين ، لقد أرد الشهيد أن تكون الصرخة تلك ، سلاح وموقف ، وهو شعار المشروع وعنوان التحرك ، وعلى هذا النحو قدم الشهيد القائد المشروع القراني وبطريقة سلمية وحضارية ، وبما يعبر عن غضب الشعوب تجاه جرائم امريكا وإسرائيل في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من بقاع العالم ، وبما يخرجها من حالة اللاموقف إلى الموقف والتعاطي بمسئولية تجاه المخاطر التي تحيط بها ، دعا الشهيد الى مقاطعة البضائع الامريكية والإسرائيلية كواجب ديني واخلاقي يترجم حالة السخط إلى مواقف عملية ، وقد رأى أن لذلك تأثير بالغ الأثر ، خاصة عندما ينطلق المجتمع المسلم في مقاطعة اقتصادية شاملة جماعية.

 

حرص الشهيد القائد أن يتحرك من خلال النص القرآني

 

ابتدأ الشهيد القائد تحركه بإلقاء الدروس والمحاضرات في المراكز والمدراس ، وقد ركز في بداية التحرك على معرفة الله ، وعلاقة المخلوقين بالله ، وشرع في بناء وعي حول ولاية الله في الكون ، والتي تتعارض كليا مع أي ولاية للمخلوقين أيا كانوا ، كما ركز على إفهام الناس حقائق الخلق والتكوين ، وطبيعة الحياة في الدنيا والمهام المنوطة بالناس ، وعلاقة ذلك بمصير الإنسان في الأخرة ، وأعاد ربط الناس بالقران الكريم ، باعتباره أوامر ونواهي وتوجيهات عملية ، ثم اتجه الشهيد القائد إلى بناء وعي حول الواقع والصراعات ومالاتها المستقبلية ، ووضع معالجات قرانية عملية تنطلق من المفاهيم والحقائق التي جاء بها القران الكريم ومن تأهيل الإنسان للقيام بدوره وفق المنطلقات القرانية وقيم الولاء والعداء ،التي كرسها القران الكريم ، فاليهود وهم من غضب الله عليهم هم الشرق المطلق للإنسان ، فإما ان يتحرك الناس موالين لليهود ولأمريكا ، او تكون ولايتهم لله ولرسوله ولمن أهلهم الله للولاية من أهل البيت.

 

بدأ الشهيد القائد تحركه بعد أحداث سبتمبر من العام 2001/ م ، مباشرة ، وحرص على أن يكون تحركه من خلال القرآن الكريم، وانطلق من النص القرآني على اعتباره جامع لا خلاف حوله ، متجاوزا القيود المذهبية، والطائفية، والجغرافية، والسياسية ، وتلك من أهم ركائز مشروعه القراني الذي تحرك على أساسه ، وقد رأى أن مواجهة الأمريكيين لابد لها أن تنطلق من أرضية واحدة تجمع المسلمين ، واضعا رؤية قرانية تجاوز بها حدود الجغرافيا والانتماءات ، إلى آفاق أوسع وأشمال.

 

كانت محاضرات الشهيد ودروسه موجهة إلى عامة المسلمين ، وركز في كل خطاباته على قضايا الأمة ، متحررا من الأثقال المذهبية والتناقضات الفكرية والخلافات الفقهية ، وبلغة تبتعد عن الصراعات السياسية التي كبلت الشعوب عن دورها وحجمت من تأثيراتها في الأحداث ، كما استخدم المحفزات الذهنية والفكرية المستمدة من القران الكريم لدفع الناس إلى اتخاذ موقف من السياسة الإستعمارية بصورة كلية ، في وقت كان الجميع ميمما شطره إلى البيت الأبيض.

 

بدأ المكبرون برفع الشعار في الجامع الكبير ، وهي محطة تالية للصرخة بالشعار في مران ، ورغم أن النشاط لم يكن فيه ما يعد تحريضا ضد السلطة أو رئيس النظام الحاكم علي عبدالله صالح ، إلا أن نظاما خانعا ومرتعدا وفاسدا وعميلا كنظام عفاش ، لم يرق له أن يسمع ما يؤذي الأمريكيين ، وبدأت الملاحقات والسجن للمكبرين ، وأمعنت سلطات الأمن التابعة لنظام الهالك عفاش في التنكيل بكل من يصرخ بشعار “الموت لأمريكا” ، فقامت بشن الاعتقالات من كل مكان ، من المساجد ، والأسواق والبيوت ، حتى اكتظت السجون بالمكبرين ، وفصل الكثير من الموظفين، واستبعد الآلاف من الاستحقاق الوظيفي ، ومارست السلطات بحقهم أسوء أنواع المضايقات ، واستمر الحال على هذا النحو منذ العام 200م.

 

كان من ضمن توصيات الشهيد القائد للمكبرين في الجامع الكبير ، أن يسلموا أنفسهم حين يلقى القبض عليهم من قبل الأمن دون أي مقاومة ، وأن لا يحدثوا أي ردة فعل تجاه اعتقالهم ، ولعل الشهيد القائد كان يريد من وراء توجيهه أن يبقي النشاط في إطاره السلمي خلال تلك المرحلة.

 

غير أن هذا النشاط رغم سلميته وتوجيه بوصلته نحو أمريكا وإسرائيل ، لم يرق للسلطات الظالمة آنذاك في صنعاء ، فبدأت الملاحقات والزج بالمكبرين في السجون ، وأمعنت سلطات الأمن التابعة لنظام الهالك عفاش أنذاك في التنكيل بكل من يصرخ بشعار الموت لأمريكا ، وقامت بشن الاعتقالات من كل مكان من المساجد والاسواق والبيوت حتى اكتظت السجون بمن نددوا بجرائم الامريكيين والإسرائيليين وفصلت الكثير من الموظفين واستبعدت الآلاف من الاستحقاق الوظيفي ومارست السلطة بحقه أسوء أنواع المضايقات ، وبقي الحال كذلك حتى عودة علي عبدالله صالح من امريكا حاملا معه قرار الحرب العسكرية الأولى في العام 2004م كتتويج للممارسات القمعية التي ضلت السلطة تمارسها لما يزيد عن العامين بحق كل من يهتف بالشعار لشن الحرب العسكرية.

 

لحظات الحرب الأولى..ولحظات الشهيد القائد الأخيرة!

 

في ال 13 من يونيو 2004/م ، كانت عودة علي عبدالله صالح من أمريكا حاملا معه قرار الحرب الأولى ، اندلعت الحرب في ال 18 من يونيو أي بعد خمسة أيام من عودته ، كتتويج للممارسات القمعية التي ضلت السلطة تمارسها لما يقارب العامين بحق كل من يهتف بالشعار ، بدأت الحرب على مران وما فيها من بشر وحجر ، وطالت ثلاثة أشهر استنفر فيها النظام مختلف القطاعات العسكرية. ، ومع حلول الذكرى الثالثة لأحداث 11 أيلول، استعجل الحسم ليدلل على جدّية الشراكة مع واشنطن، وكان إعلان مقتله يوم ال 11 من سبتمبر ، كما هو موثق لدينا في صحيفة الثورة ، لقد ظنها النظام حينذاك آخر الحروب ليتضح أنها شرارة حروب لم تتوقف , تداعت الى اليوم وبات المشروع القراني واسعا ومعادلاته تتجاوز المنطقة والاقليم.

 

كانت زيارة علي عبدالله صالح إل أمريكا والتي عاد منها في 13 يونيو 2004/ لافتة ومثيرة للانتباه ، فما إن وصل مطار صنعاء حتى وصف تلك الزيارة بالتاريخية ،الفارقة ، متحدثا في سياق تصريحه عن لقاءاته الكثيفة مع الرئيس الأمريكي جورج بوش و نائبه ديك تشيني، و كولن باول وزير الخارجية و دونالد رامسفيلد وزير الدفاع والمسئولين في ال/ سي آي إيه/ أو ال / إف بي آي / ، وقد أشار إلى أنه تناول معهم موضوع تسوية القضية الفلسطينية ، ومواجهة الإرهاب.

 

في 18 يونيو/حزيران 2004 / م قرر رأس نظام الخيانة “علي عبدالله صالح” شن حرب غاشمة وشعواء على الشهيد القائد ، استخدمت السلطة الظالمة كل ثقلها العسكري وحشدت القوة إلى مران على بعد 30 كيلو متر مربع جنوب غرب مدينة صعدة حيث كان الشهيد القائد ومن معه ، وأحاطت بالمنطقة قوات كثيفة حشدتها السلطة وإلى جانبها “البشمركة” وهم من حشدتهم السلطة من القبائل ، ظن النظام أن العملية لن تستغرق سوى ساعات أو أيام قليلة إلا أن قواته سارت ببطء وسط مقاومة صلبة وضعت السلطة الظالمة آنذاك في موضع حرج أمام الرأي العام في الداخل اليمني وخارجه ، رغم أن الشهيد القائد ومن حوله لم يكن يملكون أي سلاح ثقيل أو متوسط.

 

دشنت الحرب العسكرية على المشروع القراني والشهيد القائد بعد عودة صالح من اجتماع الدول الثمان الصناعية ولقاءه بالرئيس الأمريكي بوش ، وكان واضح أنه أخذ المباركة لمباشرة العدوان وهذا ما حصل .. ارتكبت السلطة الظالمة مجازر يندى لها الجبين وحاصرت منطقة مران وتحركت جحافل الجيوش الى تلك المنطقة .. وشنت الطائرات غاراتها على بيوت المواطنين لتهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها فاستمرت الحرب على مران 3 أشهر .. وفي الأيام الاخيرة من الحرب قاموا بمحاصرة الشهيد القائد وأطفاله ونساؤه ومن تبقى معه من الجرحى في جرف سلمان في ظل انعدام تام للغذاء والدواء والماء مع قصف ممستمر ومكثف ومتنوع بالطائرات والمدفعية والصواريخ .. كما قاموا بضرب جرف سلمان في منطقة مران بمختلفة انواع الغازات المحرمة دوليا واستخدموا الألغام شديدة الانفجار وقطعوا أنبوب الماء وضخوا من خلاله مادة البنزين إلى الجرف .. ومن ثم قاموا بتفجيره وإشعال النار فيه وخلال ذلك سقط عدد من الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء وأصيب الشهيد القائد بجراحات مختلفة جراء تساقط الصخور داخل الجرف ولولا رعاية الله ولطفه لاحترق كل من في الجرف من النساء والأطفال والجرحى .

 

استخدم نظام عفاش كل أنواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ، واستغل النظام الظالم ضعفاء النفوس من المرتزقة وتجار الحروب ، ووظف الفتاوى والتحريض الإعلامي من أجل القضاء على الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي ومن معه من المؤمنين وسخر النظام المستبد الفتاوى الدينية لتبرير ذلك العدوان والتحريض الطائفي والمذهبي ، كما عمل على شن حرب إعلامية لتضليل الرأي العام وإخفاء جرائمه ، والتكهن حول حقيقة الحرب وخلفياتها ، فارتكب النظام أبشع المجازر ، وحاصر منطقة مران بشكل خاص ، ومحافظة صعدة بشكل عام ، وعاشت لما يقارب ثلاثة أشهر ، ومنع وسائل الاعلام من النزول الى محافظة صعدة والدخول الى مران لكي لا تظهر بشاعة ما ارتكبته من جرائم يندى لها الجبين وقد وصفها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي اثناء الحرب الاولى في احدى المقابلات الصحفية بأنها حرب ظالمة وشعواء لم يراعوا حرمة طفل أو امرأة أو مسجد ، وانهم صبوا في يوم واحد على منطقة مران قنابل وصواريخ أكثر مما صب الامريكيون على الفلوجة خلال احتلاهم للعراق.

 

في الأيام الاخير ة من الحرب حوصر الشهيد وأطفاله ونساؤه ، ومن تبقى معه من الجرحى في جرف سلمان في ظل انعدام تام للغذاء والدواء ، مع قصف وحشي وهمجي بالطائرات والمدفعية والصواريخ ، وأنواع مختلفة من الغازات المحرمة ، والألغام شديدة الانفجار ، وقام جلاوزة النظام بقطع أنبوب الماء وضخوا مادة البنزين إلى داخل الجرف ثم قاموا بتفجيره ، وإشعال النار فيه وخلال ذلك سقط عدد من الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء ، وقد أصيب الشهيد القائد بجراحات مختلفة جراء تساقط الصخور داخل الجرف بسبب الإنفجارات.. ثم وبعد أن أعطوه الأمان خرج الشهيد مثخنا بالجراح لا تحمله قدماه ، وفي لحظة إجرام بشعة قرر رأس النظام وأمر بقتل الشهيد وإعدامه ميدانيا ، لتبدأ مسيرة أخرى معمدة بالدماء. كان ذلك في في يوم 26 من شهر رجب 1425 عام هـ الموافق 10 من سبتمبر 2004م.

 

وتحت إحدى نوب الحراسة في السجن المركزي ، ظل جثمان الشهيد مغيبا لتسعة أعوم ، كان عفاش يرفض الإفصاح عن الجثمان ويرفض تسليمه ، وخلال مؤتمر الحوار الوطني حدث وبجهود ومساع حثيثة أزيح الغطاء عن الجثمان ، لتقوم السلطة بعد ذلك بالكشف عن جثمان الشهيد القائد في 18 من ديسمبر 2012م ، قيل بأن صالح وقتها وجلاوزته قرروا بتوجيهات أمريكية إخفاء الجثمان حتى لا يتحول إلى مزار عامر بالمحبين.

 

بعد تسعة أعوام …بيان الإستشهاد : الحزن يملأ الآفاق

 

خلال سنوات تغييب الشهيد القائد خاض المجاهدون ستة حروب وواصلت المسيرة إلى مستويات متقدمة المشروع يتعاظم وتكبر تأثيراته ، في مؤتمر الحوار الوطني قرروا الاعتذار عن حرب ظالمة شنوها على صعدة الشهيد القائد ، وكان من مقتضيات الإعتذار الكشف عن جثمان الشهيد القائد ، قامت السلطة بتسليم الجثمان في الثامن والعشرين من ديسمبر للعام 2012م ، وقد تم التعرف عليه عن طريق أولاده وأقاربه ومن كان معه في اللحظات الأخيرة في جرف سلمان ومن خلال الملابس التي كان يرتديها قبيل استشهاده ، وبعض الملامح عن شخصيته والتي بقية مع رفاته الشريف ، وتم التحقق عبر الفحص بالحمض النووي ( الـ DNA )، في الجمهورية اللبنانية في الخامس عشر لشهر يناير في 2013م مع أحد أولاده وكانت النتيجة مطابقة تماما ، أجري بالفحص في ألمانيا في تاريخ الأول من مارس لعام 2013م مع أحد أقارب السيد وكانت النتيجة كذلك متطابقة تماماً ،، وعلى إثر تلك الفاجعة الكبرى ، أعلن أنصار الله نبأ استشهاد قائد المسيرة المباركة وسيد شهدائها السيد المجاهد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه .. محتسبين ذلك في سبيل الله ومن أجل اعلاء كلمته وننعي شهيد الأمة الى كل المسلمين في العال عليه م مؤكدين أن الأمة الإسلامية خسرت خسارة فادحة بفقد هذا الرجل العظيم الذي يمتلك رؤية حكيمة مستوحاة ة من القرآن الكريم ، كما ورد في نص بيان نعي الشهيد القائد الصادر في 31 مايو 2013 ، وقد دعا الجماهير الى المشاركة الواسعة في التشييع الذي أقيم ، بتاريخ الاربعاء 26 من شهر رجب 1434 ه الموافق 5 من يوليو 2013م ، وهو تاريخ استشهاده.

 

صعدة تشيع الشهيد في يوم الكرامة والوفاء

 

تدفقت الجموع إلى صعدة من كل المحافظات حضرت النخب والقيادات والمسؤولون ، حاولت وفود من الخارج حضور التشييع لولا ان السلطات حينها قررت عدم منح تأشيرات للراغبين في المشاركة من خارج اليمن ، من العلماء والسياسيين والباحثين ، حاولت وزارة الداخلية حينها منع المواطنين واعاقة وصولهم إلى صعدة ، إلا أن الحضور شق طريقه باتجاه صعدة كسيل جارف / الحراك الجنوبي ، ممثلي الاحزاب السياسية ، زعماء القبائل ، المواطنون من كل حدب وصوب ، تحولت صعدة كما أتذكر إلى ساحة بشرية ممتلئة بالحشود ، ملايين البشر قدمت للتشييع.

 

وسط الجموع الملايينية في يوم الوفاء والكرامة تقدم الرتل العسكري حاملا جثة الشهيد العظيم رضوان الله عليه ، ها هو القائد يطل من جديد بعد التغييب الآثم ، ها هو حليف القرآن يطل على مشهد كان ملايينياً يضج بصرخة ألله أكبر الموت لأمريكا الموت ، أمواج البشر المتداعين إلى هنا من كل مكان جاءوا لترديد الشعار ومبادلتك التحية ، أدى السيد القائد الصلاة وحين انتهى وحمل الجثمان ومضى الرتل العسكري كان الحشد المهيب يتحرك كانه جبال او عواصف لهفة ومحبة تعكس عمق الإرتباط وصدق الولاء ، فمن الذي جمع هؤلاء غير دماء الشهيد ومشروعه ، الدماء التي سالت قبل 9 أعوام من وقتذاك ، إنها عظمة الشهادة وعلو المشروع.

 

الحضور الجماهيري الكبير وغير المسبوقة الذي شهدته محافظة صعدة انذاك يدلل على مدى وعي ابناء الشعب اليمني وارتباطهم ووفائهم للشهيد القائد .. وأن هذا اليوم المشهود سيسجله التاريخ بأبهى صور الوفاء والتعظيم لقائد جسد كل معاني الانسانية وتجلت فيه أبهى صور الرجولة والشجاعة والشهامة والاباء والعزة الايمانية والقيم العظيمة والمبادئ ، لقد أوصل الشهيد القائد بدمائه المشروع القرآني إلى أفاق واسعة وامتدت المسيرة لتكبر مع الأحداث والأيام ، ولتمضي بأمر الله إلى حيث يشاء الله.. كان تشييع الشهيد القائد محطة تحول كبرى ، تشير إلى قادم أعظم ، كما كانت شهادته وانطلاقته تحول في مسار عائم ، أدت إلى ما أدت إليه من وعي وتنبه وتصويب للمسار “مادة المشروع القراني أين هو اليوم” ، لقد كان يوم تشييع جثمانه تاريخي، ينبئ بتحول استراتيجي في الذهنية العامة للمجتمع، ويمثل استفتاءً شعبياً على صوابية مشروعه التحرري..

 

خاتمة

 

رغم استشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ، لم تترك السلطة المجاهدين، وظلت تلاحقهم وتعتقلهم وملأت السجون بأكثر من 5000 سجين منهم ، ما طبع العلاقة بين نظام صالح ، وبين مشروع المسيرة ، بحالة الحرب استمرت حتى نهاية الحرب السادسة والتي امتدت ستة أشهر من آب عام 2009 إلى شباط 2010، تورطت السعودية فيها في الأشهر الثلاثة الأخيرة منها، ومن نتائجها عجز النظام السعودي عن تحقيق أي إنجاز عسكري، ودفع ثمن ذلك نائب وزير الدفاع خالد بن سلطان بأن أقيل من منصبه.

 

اليوم وبعد 16 عاما من استشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي ،وإخفاء جثمانه حتى نهاية عام 2012، إلا أن قضيته ظلت حية ، فالحرب في ذروتها مع الأمريكيين والسعوديين مباشرة.

 

الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة ، فلولا الجهاد والتضحية في سبيل الله لكانت الكلفة أعظم مما يحصل معها ،و”كلفة البقاء أعظم” كما يقال، هي فلسفة لم يقلها الشهيد القائد فحسب بل مضى بها شهيدا قائدا لمشروع قراني كبر وتعاظم حتى غير مجرى التاريخ ، وصنع المصائر والمآلات ، منذ استشهاده في مران صعدة وإلى جانبه ثلة من المؤمنين وحتى اليوم جرت مياه كثيرة في النهر ، سالت أودية من الدماء الزاكية ، فتبارك شهداء المسيرة القرانية حتى صاروا بالألف يحسبون ، ينزرعون في الأرض فيورقون ويثمرون وتخضّرُ بهم حيات الشعب والأمة ، فأعادوا النجوم إلى مداراتها وحركة التاريخ إلى اتجاهاتها الصحيحة ، ، لقد أوقفوا المهزلة ، وأي مهزلة كبرى كانت ستحل؛ لو أن المشروع العظيم لم يكن ، أو أننا قوم لم نستحق من الله أن يهيئ لنا هاديا منا عظيما ، لقد تمظهرت حروب أمريكا السرية وانكشفت حقائق الزمان ، فلم تعد المؤامرات الأمريكية ضد الأمة؛ حروبا سرية ، لقد صارت معلنة ، وعلى نحو أحداث يومية نشاهدها ونسمع بها ونقرأها ونعرفها بكل وسائل المعرفة.

 

(عبدالرحمن الأهنومي – الثورة)

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com