النفط و “كورونا” يرغمان السعودية على تبني إجراءات غير مسبوقة
النفط و “كورونا” يرغمان السعودية على تبني إجراءات غير مسبوقة
يمني برس:
تتجه المملكة السعودية إلى اتخاذ إجراءات لم يسبق لها مثيل لتخفيف وقع ضربة تدني أسعار النفط ووباء كورونا، وهي خطوة تسعى من خلالها إلى التخلص من أسوأ أزمة مالية تشهدها منذ عقود.
في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قال الكاتبان روري جونز ودونا عبد العزيز إن أسعار النفط تراجعت منذ أوائل مارس/آذار، ويعزى ذلك جزئيا إلى حرب الأسعار التي شنها ولي عهد السعودية محمد بن سلمان مع روسيا، في الوقت الذي ضرب فيه فيروس كورونا الاقتصاد السعودي وتسبب في تراجع الطلب العالمي على النفط الخام.
ورغم أن الرياض وافقت في 12 أبريل/نيسان على عقد اتفاق مع 23 دولة لخفض الإنتاج، فإن الخطوة فشلت حتى الآن في رفع الأسعار مجددا، وفي الواقع تعني عائدات النفط الضئيلة أنه سيتعين على السعودية (أكبر مصدر للنفط في العالم) أن تسحب 32 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية هذا العام، وأن تقترض مليارات أخرى من أسواق الديون.
في الوقت الحالي، تعتمد بعض الأعمال التجارية على مساعدات الحكومة التي تفرض الأزمة عليها قطع التمويل عن خطط تحويل الاقتصاد بعيدا عن النفط.
وبحسب صندوق النقد الدولي، تحتاج المملكة أن يكون سعر برميل النفط في حدود 76 دولارا لموازنة ميزانيتها هذا العام، ولتخفيف حدة الضربة الاقتصادية، اتخذت السعودية تدابير تحفيزية جديدة على الصعيد الداخلي، على غرار المساعدة في دعم أجور العمال في القطاع الخاص، والاستمرار في دفع رواتب القطاع العام.
تدابير تحفيزية
ويرى تقرير “وول ستريت جورنال” أن التدابير التحفيزية قد تعني أن اقتصاد المملكة يعاني بشكل أقل من اقتصادات الدول الأخرى، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 2.3% هذا العام، مقارنة بـ 5.9% للولايات المتحدة و3% حول العالم.
مع ذلك، فمن المتوقع أن يتضخم عجز الميزانية في المملكة إلى ما يقارب 13% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد وافقت الحكومة على رفع سقف الديون المفروضة على الناتج المحلي الإجمالي من 30% إلى 50%، وانخفض احتياطي البلاد بمقدار قياسي بلغ 24 مليار دولار في مارس/ آذار ليصل إلى 479 مليارا.
حتى الآن، لم يلاحظ أي رد فعل شعبي يذكر على النكسات الاقتصادية، بل أشاد السعوديون باستجابة الحكومة لوباء كورونا، لا سيما فيما يخص تعهدها بدفع تكاليف علاج المصابين به، علما بأن المملكة سجلت أكثر من 24 ألف حالة إصابة و169 حالة وفاة.
لكن مخاطر حدوث نكسة للنظام الملكي آخذة في الازدياد، حيث إن الوضع المالي المتدهور للحكومة قد يجبرها على خفض أجور القطاع العام.
هذا الأمر من شأنه أن يهدد الاتفاقية الاجتماعية طويلة الأمد في المملكة، التي تتمثل في تولي عائلة آل سعود على مدى عقود توزيع ثروة النفط في البلاد من خلال الإعانات والوظائف الحكومية السهلة، مقابل الطاعة والسلطة المطلقة، بحسب التقرير.
وأشار الكاتبان إلى أن الأمير محمد بن سلمان، الذي أدرك مدى اعتماد المملكة على الثروة النفطية المحدودة، حاول خلال السنوات الأخيرة أن يعيد هيكلة الاقتصاد بعيدا عن النفط، واتجه في هذا الإطار إلى خفض الإعانات وحاول نقل العاملين في القطاع العام إلى الخاص، لكن هذه الجهود أسفرت عن نتائج مختلفة.