علي السراجي :الأحزاب السياسية والجماعات الدينية اليمنية بين السلطة والمجتمع
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / علي السراجي
لقد كانت توقعاتي ان الأحزاب السياسيه والجماعات الدينية ستستثمر نتائج ثورة 21 سبتمبر خاصه بعد تحرر العمليه السياسيه من الهيمنه الفردية من قبل قوى عسكريه واجتماعيه تحكمت بالمجريات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه لفتره طويله جدا ما سبب جمود و ركود سياسي داخل هذه الأحزاب والحركات اسهم في تفريغها من محتواها وأجهض مشاريعها وبرامجها وطموحاتها على اعتبار انها تمتلك هذه المقومات،
لكن و للأسف فقد خابت كل هذه التوقعات بل اثبتت التجربه صوره سلبيه عكسيه لنموذج الفراغ السياسي المتمثل بغياب المشاريع والبرامج السياسيه الحزبيه، الامر الذي مثل صدمه جديده تضاف الى رصيد الصدمات التى يتعرض لها هذا الشعب ابتداءا من غياب الدوله عبر سلبها سيادتها وقراراتها الى غياب الحكومه وضعف مشاريعها وخططها وبرامجها وتفشي حالات الفساد المالي والإداري في جميع مفاصلها الى غياب الرؤية و ضعف الأداء السياسي و الاجتماعي على المستوى الحزبي في المعارضة او الحكم،
منذ احداث 2011م واليمن تعيش مخاض سياسي فريد من نوعه لم تشهده اليمن في تاريخها وفي ظل التعددية السياسيه المتنوعة والتى ازدات خلال 2011م توفرت بيئه خصبه لنضوج سياسي حزبي كان المتوقع منه احداث تغيير جذري على المستوى التنظيمي بما يتوافق مع متطلبات ومتغيرات المرحله كون عملية التغيير المجتمعي والوعي الجمعي المصاحب لها قد تتطلب قوى حزبية قادرة على التحديث والتطوير بما يتوافق مع المجريات والأحداث السياسيه التى تشهدها الساحه، و امام هذه الحاله من الحراك السياسي والمجتمعي سابقا وحاليا لم نشهد اى حراك او نضوج سياسي نخبوي على المستوى التنظيمي او البرامجي،
لقد اصحبت معظم الأحزاب السياسيه والجماعات الدينية في اليمن عباره عن تشكلات تنظيمية وليست تشكلات شعبيه مجتمعيه بما يعني ان مجمل اهتماماتها قد تمحور في كيفية الوصول الى الحكومه (النظام السياسي الحاكم) وتنتهي مهامها الاجتماعيه والتنمويه والخدمية هنا (السلطه السياسيه)، يجد المتبع للأحزاب السياسيه ان معظم توجهاتها نحو السلطه السياسيه قد خالف منهجيتها العقديه على سبيل المثال الحزب الاشتراكي والناصري من برامجهم السياسيه نجد ان رفع كفاءات المواطن الاجتماعيه والإنتاجية بما يخدم المجتمع في كل مستوياته الحياتيه لم تعد من اولاوياتهما، غير ان المتبع يجد ايضا ان هذين الحزبين لم يحققا للمجتمع اى منافع تذكر بسبب ان تفاعلهما الاجتماعي لم يعد ذا مساحة واسعه مع المجتمع و إنما تركز على جانب البقاء في السلطه والاستفادة منها،
وفيما يتعلق والجماعات الدينية مثلها كمثل الحزبين الاشراكي والناصري والأحزاب القوميه المواليه لهما، فإنها تلجاء في توجهاتها العقديه الى الشعب ليصنع لها نطاق قبول واسع وحين تمتلك ذلك النطاق الواسع تتخلى عن المجتمع ولا تقدم له شيء يذكر بل تسهم اكثر في تخديره والسيطرة عليه،
وكلا من هذه الأحزاب والجماعات تستدعي المجتمع لدعمها عند الحاجه لتكريس هيمنتها المجتمعيه ويبادر المجتمع الى ذلك ويلتف حول دعواتها اللحظيه ليجد نفسه امام ظواهر تنظيمية انانيه تتولى مكونات السلطات السياسيه و تجانب الشعب لفترات طويله وتنعزل عنه لتحقيق مصالحها كما حصل خلال المراحل السياسيه السابقه حين كان على سبيل المثال المؤتمر يتعمق في داخل مكوناته الاجتماعيه ويتفاعل معها اثناء الانتخابات ثم ينعزل عن المجتمع من جديد،
وفي اعتقادي كخلاصه مختصرة ان معظم الأحزاب السياسيه والجماعات الدينية لهي في طريق التشرذم وعدم مواكبة المجتمع اليمني الذي اصبح يعرف حقيقة هذه الأحزاب من انها احزاب انانيه تنظيمية فوقية تخدم نفسها وتتنازل دائماً عن توجهاتها المجتمعيه امام قوى مستبدة اضعفت مكونات هذه الأحزاب في عمقها الاجتماعي الامر الذي جعل اللامبالاة من الشعب نحو هذه الأحزاب يمثل مؤشر إنذاري تحذيري لمراجعة سياساتها و العوده الى الشعب و الا فأن التلاشي اصبح حتمي لهذه الأحزاب والجماعات على المدى المنظور،