عباس السيد : لجان بالمجان
يمني برس _ أقلام حرة :
بقلم / عباس السيد
” ما حصلناها في التحرير والسبعين ، صرفناها في شارع المطار ” .. هكذا وصف ” ش.م ” حالته بعد أسابيع من مشاركته في إعتصامات ” أنصار الله ” بشارع المطار . ومع ذلك ، لم يكن أمامه من خيار سوى الإستمرار في الإعتصام حتى النهاية ـ ليس لإيمانة بعدالة القضية ومشروعية المطالب فحسب ـ بل لتعويض ما يعتبرها ” خسارته ” أو ما أنفقه على نفسه خلال أسابيع الإعتصام .
راهن ” ش.م ” على ما قد يؤول إليه من محتويات الخيمة بعد إنتهاء الإعتصام ورفع المخيمات ، وقد خاب ظنه أيضا وهو يرى مجموعات من الشباب تمر من خيمة إلى أخرى لجرد محتويات الخيام من مفروشات وشاشات ورسيفرات وأدوات كهربائية وبلاستيكية تمهيدا لإعادتها إلى المخازن .. بلع ” ش.م ” غُصته وهمس في أذن صاحبه قائلا : ” هولا ع يعيشوا ” .
ارتفعت مخيمات الإعتصام من داخل العاصمة ومداخلها ، بينما استمرت اللجان الشعبية أداء مهماتها المجانية في شوارع العاصمة .. وفي أحد التقاطعات الرئيسية ، يرابط أحد أنصارالمؤتمر الشعبي إلى جوار عناصر اللجان الشعبية مستغلا قرب منزله من المكان .
وفي كل مساء ، كان ” المؤتمري المتحوث ” ينهض قبل الجميع لإستقبال ” دوريات التعقيب ” الخاصة باللجان أملا في الحصول على دعم أو الإنضمام إلى كشف ما ،ثم يعود خائبا يضرب أخماسا في إسداس وهم يحلفون له بأنهم لا يتقاضون شيئا مقابل خدماتهم في اللجان .
بعد أيام من المراقبة والتدقيق تأكد خلالها أن الخدمة مجانية ، ترك نصيرالمؤتمر ـ الذي يمتلك عددا من العقارات في الحي ـ الخدمة المجانية وعاد بسلاحه إلى منزله .
سماع أصوات الرصاص في مساءات صنعاء بات أمرا مألوفا عند سكانها ، ولكنها بالنسبة لـ ” عبد الكريم ـ الذي أنخرط نجله في اللجان الشعبية ـ ” أمرا يبعث على القلق والتوجس الذي لا ينتهي إلا حين عودة الإبن سالما من مهمته ..
يفتح ” عبدالكريم ” الباب لنجله عند الفجر ويهنئه على سلامته ثم يُمازحه : أنا مُش خايف عليك .. إن قُتلت ستذهب شهيدا . أنا خايف على ” الآلي ” حق الجيران ، من أين لي بتعويضهم إن ذهب معك ؟.
وفي حين كانت الناشطة ” أ . ع ” تُحذراللجان الشعبية من اقتحام منزلها وتفتيش دولابها وبالذات ” الدُرج الواسطي ” المخصص لملابسها الداخلية ـ كما قالت ـ ، كان ” عبد الرحمن “ـ أحد أعضاء اللجان الشعبية ـ يتلقى إتصالا هاتفيا من زوجته في حرف سفيان تشكو فيه ضيق الحال ومرض الجهال .
دعا ” عبد الرحمن ” زوجته للصبر وطمأنها بقرب الفرج ، ووعدها بعودته بعد عشرأيام .. بدت العشرة أيام في نظرالزوجة دهرا ، فأضافت إلى شكواها ديون البقال . صرخ في أذنها قائلا : دبري حالك يا بنت الناس واصبري ، أنا مُش راجع قبل أربعين يوم .
أغلق ” عبدالرحمن ” الهاتف في وجه زوجته ، ومضى يمارس مهمته في حماية المكان بالمجان ، بينما يستمر صعاليك الحداثة والناشطون والناشطات بأتهامه ورفاقه بسرقة الدبابات والكناشل والكلسونات وسيديهات أفلام البورنو .