نحن مشاريع شهادة أَيْـضاً
نحن مشاريع شهادة أَيْـضاً
يمني برس / مقالات رأي / طه العزعزي
إذا ما قرأنا في القرآن الكريم قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) فَــإنَّ الأمر يصير إلهياً، بمعنى أن الشهادة والذكرى الفاصلة في أي حال التي يشاركنا فيها بشرا مثلنا لن تكون كذكرى وشهادة الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم للشهيد.
بواقع حالنا، نعتبر هذا الزمن هو الأجمل، الذي عرفنا فيه أشياء كثيرة، من بينها أن عدوان الاستكبار العالمي جعل منا مشاريع شهادة؛ لذلك نجد أن أهم المبادئ العظيمة التي تأصلت فينا في ظل استمرار هذا العدوان إلى جانب الشهادة هي الشاهدة ذاتها أخيرًا وأولاً، مَا الذي نريد في ظل هذا العدوان؟، لا شيء غير الشهادة، إن الزمن لم يتوقف أبداً في أية لحظة حرب؛ لأَنَّ دماء الشهداء حقاً هي من امتلكته، حَـاليًّا تقول لنا، هذا الأسبوع هي فعالية ذكرى الشهيد السنوية، هي المناسبة التي نتذكر بها نحن أرواحاً تنساب كالدقائق، إن الزمن لم يفعل ذلك، لم يتقدم ليأتيَ بالذكرى السنوية للشهيد، في الحقيقة، أرواح الشهداء الحية كأكثر من الوقت هي من فعلت ذلك.
إن أهم التحولات التي أسهمت في ترسيخ فكرة الجهاد وتعزيز ثقافته روحياً وجسدياً جاءت كثمرة وكنتيجة لنضال الشهداء والتزامهم الصادق بوعودهم تجاه دينهم ووطنهم، وعلى هذا النحو، ما تزال ألسنة المجاهدين وليس المجاهدين فقط بل والناس وعقولهم تقتبس أثرا عميقا لنضالات الشهداء التي تمدهم بحوافز الدفاع المقدس والأخلاقي.
لذلك ليست مُجَـرّد ذكرى سنوية، أَو مناسبة عارضة، هذه الفعالية السنوية للشهيد، إنما هي تعزيز روحي وطاقة حماسية وثورية تنزع النسيان من أشد أماكن تشبثاته، وعلامة نضج فارقة تؤكّـد طبيعة مشروع المسيرة الأخلاقي في الوفاء والمبادرة والسعي إلى التذكير بالقوة الإيمانية في صناعة أجيال مجاهدة.
لقد أصبح العدوان أشبهَ بجثة ميتة في التاريخ، وهذا هو الأرقى في ظل هذا الصمود اليماني، ما الذي أصبح يملكه العدوان من التاريخ غير العدم واللعنة، ولذا علينا المفاخرة كَثيراً بأن شهدائنا أنبوب أكسجين هذا التاريخ، الذكرى السنوية محطة والمناسبات الأُخرى كذلك يقف التاريخ فيها بنا، وفي حين أن الشهداء ضحوا بأغلى ما يملكون، فَــإنَّ الواجب هو إعطاؤهم المكانة اللائقة بهم.
وبالتأكيد، لا يمكن لأية حضارة عظيمة أن تستمر ما لم يكن أبناؤها في وعي دائم بفكرة الدفاع عنها، ولا يمكن لأي دين أن ينتشر ما لم يكن أبناؤه يقدسون أفكاره حَــدّ طلب الشهادة مِن أجلِه، لذلك حضرت فكرة التضحية في الحقل الفلسفي في أُورُوبا بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وعدت الحضارة الإسلامية هي الحضارة الأبقى على العكس من الحضارة “اليهومسيحية”؛ كون أبناء الحضارة الأولى يمكنهم التضحية بأنفسهم فداء لفكرة دينية أخذت من القرآن الكريم.
أخيرًا، لم يكن دم الشهيد يسيل خارج الوقت والزمان لننساه وننسى حياته الحقيقية، إلا إذَا كنا نحن ميتين ولا ندري بموتنا.