بؤر تطرُّف برعاية السعودية: نحو إستقطاب «مكافحة الإرهاب»
بؤر تطرُّف برعاية السعودية: نحو إستقطاب «مكافحة الإرهاب»
يمني برس:
تبدو السعودية مصمِّمة على استقطاب دول «مكافحة الإرهاب» لحماية خطوط الملاحة الدولية من التطرّف الذي يفتك في محيطها، برعاية وتمويل المملكة نفسها. هدفٌ تشتغل هذه الأخيرة بأقصى طاقتها لتحقيقه، من خلال استحداث مراكز تُلقِّن فكر المدرسة الوهابية وتعليماتها، في عددٍ من المحافظات التي تقع خارج سيطرة حكومة صنعاء.
بعد قيامها بتوطين التنظيمات الإرهابية في محافظات أبين وشبوة ولحج، في النصف الثاني من العام الماضي، ومنحِها «القاعدة» و«داعش» غطاءً جديداً من خلال احتواء عناصر التنظيمَين تحت جناح قوّات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، تتّجه الرياض وأبو ظبي إلى خلق بؤر جديدة للتطرّف والإرهاب في عدد من المحافظات التي تقع خارج سيطرة حكومة صنعاء. وتؤكّد تحرّكات السعودية والإمارات في جنوب اليمن، وبالقرب من مضيق باب المندب، أن المؤامرة التي تحيكانها أكبر من خلافات اليمنيين. وبعدما كرّست حضورها العسكري في محافظة المهرة التي تُعدُّ البوابة الشرقية لليمن، تحت ذرائع إعادة الإعمار ومكافحة التهريب، ها هي المملكة تموّل إنشاء عدد كبير من المراكز الدينية المتطرّفة في هذه المحافظة، وفي مناطق قريبة من البوابة الغربية لباب المندب.
في هذا السياق، يؤكّد تقرير حديث صادر عن المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبيّة، وجود 13 مركزاً دينياً في محافظات لحج والضالع والمهرة وبالقرب من شبوة، يضاف إليها تمويل السعودية تأسيس ثلاثة مراكز جديدة في محافظة أبين. وبحسب التقرير الذي حصلت «الأخبار» على نسخه منه، تقوم دول تحالف العدوان بدعم وتمويل إنشاء أكثر من 20 مركزاً دينياً صغيراً لنشر الفكر التكفيري الوهابي في حضرموت وعدد من مديريات محافظة أبين، فضلاً عن استحداث مراكز تكفيرية في مناطق استراتيجية ذات كثافة سكانية تقع بين محافظتَي لحج وتعز، وأخرى في محافظة المهرة.
وفق خريطة تموضع هذه المراكز المموّلة بملايين الدولارات من قِبَل السعودية، موّلت الرياض، في النصف الثاني من العام الفائت، إنشاء ستّة مراكز وهابية تتوزّع في مناطق المضاربة وطور الباحة والمحاولة والتربة في تعز، وفي أخرى تتوسّط محافظتَي لحج وتعز وتعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. توجّهٌ يؤكد أن المملكة تسعى إلى تحويل تلك المناطق الاستراتيجية إلى بؤر جديدة للإرهاب. ويفيد التقرير بأن تحالف العدوان افتتح مركزاً تكفيرياً في منطقة طور الباحة شرقي محافظة لحج، إلى جانب تدشينه مركزاً سلفياً ثالثاً في منطقة المحاولة الواقعة بين محافظتَي تعز ولحج، وآخر في تربة أبو الأسرار في الصبيحة هو الرابع في هذه المنطقة. كما أنشأت مركزاً تكفيرياً جديداً في منطقة المضاربة الواقعة غربي باب المندب.
تؤسّس المراكز الدينية التي تفتتحها السعودية في المحافظات اليمنية إلى فتنة طائفيّة
وبحسب التقرير، موّلت السعودية، خلال السنوات الثلاث الماضية، إنشاء سبعة مراكز دينية متطرفة في المهرة توزّعت على مديريات شحن المحاذية لسلطنة عمان، ومديريتَي حصوين وقشن ومحيط مدينة الغيظة. وتُعدُّ هذه المراكز التي تحظى بدعم سعودي مالي كبير، أذرعاً استخباراتية جديدة تم تزويدها بالمئات من العناصر الأجنبية تحت غطاء التعليم الديني، على ما يفيد التقرير. ويعكس توجّه السعودية إلى نشر الفكر الوهابي وإعداد بيئة مواتية للتطرّف عبر افتتاح عدد غير مسبوق من هذه المراكز، على غرار «مركز الفيوش» التكفيري في محافظة لحج، أجندة دول العدوان الخفية تجاه اليمن، فضلاً عن أنه يؤسّس لفتنة طائفية قادمة، لا سيّما أن دول العدوان دفعت بالآلاف من منتسبي «مركز الفيوش» إلى جبهات القتال تحت ذريعة محاربة «الروافض».
وفي ظلّ تصاعد المخاوف الاجتماعية في محافظتَي لحج والمهرة إزاء المخاطر التي تشكّلها هذه المراكز التكفيرية، كشف ناشطون في محافظة الضالع عن استكمال السعودية إنشاء مركز للسلفية الجهادية المتطرفة جنوب غربي عاصمة المحافظة، بهدف استقطاب الشباب من محافظتَي الضالع وإب لتلقينهم أفكار التطرّف الوهابي، وتحويلهم إلى أدوات لتنفيذ أجندة أجنبية مستقبلاً.
ويرى مراقبون أن تمويل الرياض عشرات المراكز الدينية المتطرّفة في مناطق استراتيجية تقع بالقرب من البوابة الغربية لباب المندب والبوابة الشرقية لليمن، يأتي في موازاة مساعيها هي وشريكتها الإمارات، إلى شرعنه بناء قواعد عسكرية تابعة لدول أجنبية في تلك المحافظات بدعوى «مكافحة الإرهاب»، والتمهيد لسيطرة تلك الدول على أهمّ ممرات الملاحة الدولية، مثل مضيق باب المندب، تحت ذريعة حماية خطوط الملاحة الدولية من أيّ تهديدات في ظلّ تنامي التطرّف والإرهاب في مناطق قريبة من الممرّ الدولي.
(رشيد الحداد – جريدة الأخبار اللبنانية)