معارك عنيفة على مشارف مدينة مأرب تنتهي بإنتكاسة كبرى وسقوط مواقع جديدة وخسارة منطقة إستراتيجية لصالح أنصار الله وتمرد عسكري واسع في أوساط قوات المرتزقة ضد قيادة التحالف وتوقعات بإنضمامها إلى صنعاء قبل العيد؟!
معارك عنيفة على مشارف مدينة مأرب تنتهي بإنتكاسة كبرى وسقوط مواقع جديدة وخسارة منطقة إستراتيجية لصالح أنصار الله وتمرد عسكري واسع في أوساط قوات المرتزقة ضد قيادة التحالف وتوقعات بإنضمامها إلى صنعاء قبل العيد؟!
يمني برس:
لم تيأس القوات الموالية للتحالف السعودي ــــ الإماراتي من إمكانية إعادة قلْب المعادلة في محيط مدينة مأرب. ولذا، فهي تُواصل هجماتها على الجيش و”اللجان الشعبية” في محاولة منها لاستعادة زمام المبادرة هناك. إلا أن تلك الهجمات لا تفتأ تؤتي نتائج عكسية، وهو ما تكرّر خلال الساعات الماضية في شمال المدينة، حيث استطاعت قوات صنعاء السيطرة على جبهة الجدافر، مُمهّدة لقطع جميع خطوط إمداد خصومها من شرق الجوف.
تستميت القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، في استعادة ما أمكن من مكاسب عسكرية فقدتها في المواجهات التي درات بينها وبين الجيش و”اللجان الشعبية” في جبهات محيط مدينة مأرب. فبعد فشلها في استعادة أيّ مكاسب في الطلعة الحمراء والعطيف والدشوش في الجبهتين الغربية والشمالية الغربية للمدينة، وفشل خطّة الإرباك التي نفّذتها في مختلف جبهات مأرب خلال الأيام الماضية، تزامناً مع تصعيد موازٍ في جبهات محافظتَي البيضاء والضالع، اشتدّت المواجهات بين الطرفين في ثلاث جبهات رئيسيّة في محيط مدينة مأرب، حيث شنّت قوات هادي عدداً من الهجمات على مواقع الجيش و”اللجان” في كلّ من الأطراف الشرقية للطلعة الحمراء ومحيط تبّة المصارية غرب المدينة، لتمتدّ المواجهات التي استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة إلى محيط حمّة الصيد والدشوش شمال غرب مركز المحافظة.
وبعد ساعات من انكسار تلك الهجمات، وتمكّن قوات صنعاء من تحويلها إلى هجمات معاكسة انتهت بسقوط المزيد من مواقع قوات هادي في اتجاه مناطق الميل شمال قاعدة صحن الجن الواقعة في الأطراف الغربية لمدينة مأرب، وفي محاولة لتحقيق اختراق على الأرض، شنّت قوات هادي، مسنودة بعناصر “القاعدة” و”داعش”، مساء الثلاثاء، هجمات مماثلة على مواقع الجيش و”اللجان” في جبهة العلم الصحراوية شمال مأرب، لتندلع مواجهات استمرّت قرابة عشر ساعات، وانتهت فجر الأربعاء بخسارة تلك القوات 80% من جبهة الجدافر الواقعة في منطقة العلم.
وجاء هذا التطوّر عقب ساعات من تمكُّن الجيش و”اللجان” من إحراز تقدّم كبير في صحراء الجدافر الواقعة شمال محافظة مأرب وشرق محافظة الجوف، حيث استطاعا قطع طرق إمدادات قوات هادي باتجاه شمال مدينة مأرب.
وأكدت مصادر قبلية، لـ”الأخبار”، أن “الجيش واللجان شنّا هجوماً على مواقع قوات هادي في جبهة الجدافر الصحراوية مساء الاثنين، حيث استمرّت المواجهات قرابة 24 ساعة انتهت بسقوط 80% من منطقة الجدافر الاستراتيجية غربي منطقة العلم شمالي محافظة مأرب، وقتل عدد كبير من قوات هادي؛ من ضمنهم قياديان من العيار الثقيل، وأسر آخرين، واغتنام أسلحة ثقيلة ومتوسّطة”. وأوضحت المصادر أن “تأمين قوات صنعاء لجبهة الجدافر سيوقف أيّ إمدادات عسكرية قادمة من شرق الجوف لقوات هادي، وسيُعجّل في حسم الجبهة الشمالية لمأرب”.
وعلى رغم فشل محاولاتها استعادة أيٍّ من المواقع الاستراتيجية الحاكمة الواقعة في تخوم مدينة مأرب والتي سقطت في الأسبوعين الفائتين، وتكبّدها جرّاء ذلك خسائر بشرية كبيرة، تُواصل قيادة قوات هادي الدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية، وتُكرّر هجماتها الانتحارية في مسعًى منها لنيل رضى قيادة التحالف السعودي ــــ الإماراتي التي هدّدت بإطاحتها وإحالتها إلى المحاكمة.
إلا أن الفشل الذي تواجهه وزارة الدفاع في حكومة الرئيس المنتهية ولايته تَعزّز بتمرّد عسكري في أوساط قواتها على توجيهات قيادة “التحالف” بإقالة قادة عدد من المعسكرات وقيادة المنطقة العسكرية الثالثة، واستبدال آخرين بهم. ووفقاً لأكثر من مصدر في قوات هادي في مأرب، فقد وجّه حزب “الإصلاح”، القيادات العسكرية المحسوبة عليه، برفض قرارات وزير الدفاع، محمد المقدشي، في هذا الإطار، كون القيادات البديلة مقرّبة من الإمارات وتابعة لرئيس الأركان صغير بن عزيز.
وفي السياق، أعلن قائد “اللواء 312 مدرّع”، العميد عيدروس الدميني، تمرّده على المقدشي، ورفضه قرار إقالته من منصبه، وإحالته إلى التحقيق على ذمّة خسائر قوات هادي في جبهة المشجح غربي المدينة، وتعيين العميد صادق معوضة بدلاً منه. كما عمد الدميني إلى طرد لجنة التسليم والتسلّم المُشكَّلة من وزارة الدفاع، وتمزيق وثائقها، وإشهار السلاح في وجه أعضائها.
وبالمثل، رفض قائد المنطقة العسكرية الثالثة التابع لـ”الإصلاح”، اللواء منصور ثوابة، قرار الإقالة، على رغم إيقافه عن العمل منذ أواخر آذار/ مارس الماضي. ولم تستبعد المصادر أن يعلن عدد من القيادات العسكرية الرفيعة التي حمّلتها قيادة “التحالف” مسؤولية الانتكاسة في محيط مأرب، ووجّهت بإقالتها وإحالتها إلى التحقيق والمحاكمة، الانضمام إلى قوات صنعاء.
وصل معين عبد الملك إلى مأرب في مهمّة لرفع معنويات قوات هادي
في هذا الوقت، وفي ظلّ فشل دعوات التعبئة والتحشيد التي أطلقها محافظ مأرب الموالي لـ”الإصلاح”، سلطان العرادة، أواخر الأسبوع الماضي، في إعادة قبائل مأرب إلى جبهات القتال، وصل إلى المحافظة رئيس حكومة هادي، معين عبد الملك، في مهمّة لرفع معنويات قوات هادي.
لكن زيارة عبد الملك، التي رافقتها تصريحات نارية مُكرّرة حول “تحرير” مأرب وصنعاء، كانت محطّ ترصّد القوة الصاروخية التابعة للجيش و”اللجان”، والتي استقبلتها بصاروخين باليستيين استهدفا، فجر الأربعاء، مقرّ قيادة المنطقة العسكرية الثالثة غربي المدينة.
(رشيد الحداد – الأخبار اللبنانية)