الفضيحة الأكبر للجيش السعودي.. “محور جيزان” يُهشّم بقيّة “الهيبة”
الفضيحة الأكبر للجيش السعودي.. “محور جيزان” يُهشّم بقيّة “الهيبة”
يمني برس:
في عملية نوعية جديدة في العمق السعودي، استطاعت قوات صنعاء، خلال الأيام الماضية، التوغّل في منطقة جيزان جنوبي السعودية، حيث سيطرت على مساحة تُقدَّر بـ150 كيلومتراً، وأوقعت خسائر كبيرة في صفوف القوات السعودية والسودانية والميليشيات اليمنية الموالية للرياض. خسائر لعلّ أكبرها على الإطلاق، بالنسبة إلى المملكة، قيام الإعلام الحربي اليمني بنشر مشاهد للعمليات، تُعدّ بمثابة فضيحة جديدة للجيش السعودي، الذي يَظهر جنوده وهم يفرّون بـ»هستيريا» من أمام المقاتلين اليمنيين، المُسلّحين برشّاشات روسية قديمة!
من محور جيزان على الحدود الجنوبية للسعودية، ردّت قوات صنعاء على التصعيد الجوّي المكثّف لطيران “التحالف” في جبهات مأرب، بعملية عسكرية واسعة نفّذتها أواخر الأسبوع الفائت من ثلاثة مسارات قتالية. العملية التي حملت عنصر المفاجأة وشارك في تنفيذها العشرات من عناصر الجيش و”اللجان الشعبية”، انطلقت يوم الأربعاء الماضي، لتتمكّن، وفق مصادر عسكرية في صنعاء، من اختراق كلّ المواقع الدفاعية الأمامية التي تتمركز فيها وحدات يمنية موالية للرياض تعمل تحت مسمّى “لواء المغاوير” في وادي جبارة، وكذلك قوات سودانية، وأخرى يمنية موالية للسعودية أيضاً في منطقة الخوبة التابعة لمنطقة جيزان جنوب المملكة.
كانت البداية باستهداف المواقع السعودية بشكل مكثّف في جبل الـ”إم بي سي” وتباب الفخيذة ومن ثمّ التبّة البيضاء، وعلى الأثر نُقلت المعركة إلى خطوط الدفاع الخلفية التي تتمركز فيها قوات سعودية في مناطف القمبورة والعمود وتويلق وشرق قايم صياب، لتتمّ في أقلّ من 12 ساعة من زمن العملية السيطرة على 40 موقعاً عسكرياً سعودياً في محور جيزان، وقتل وإصابة 80 من القوات السعودية والسودانية والميليشيات اليمنية الموالية للرياض، وإحراق 29 مدرّعة وآلية عسكرية سعودية.
كما تمّ، بحسب المصادر، أسْر عدد من الجنود السعوديين والسودانيين، واغتنام كمّيات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة، فيما قدّرت المصادر المساحة التي تمّت السيطرة عليها في العمق السعودي بـ150 كيلومتراً.
عملية “محور جيزان” التي أظهرت تطوّر المهارات القتالية لدى قوات صنعاء، وقدرتها على تغيير المعادلات العسكرية على الأرض، كشفت في المقابل مدى وهن الجيش السعودي، على رغم الفارق الكبير في العتاد والعدّة بين الطرفين. إذ بيّنت مشاهد وثّقها الإعلام الحربي لصنعاء بالصوت والصورة، وتمّ نشرها السبت الماضي، فرار العشرات من الضبّاط والجنود السعوديين من مواقع عسكرية حاكمة، أمام المقاتل اليمني الذي يستخدم بندقية “كلاشنكوف” وقاذف “أر بي جي” ورشاشات روسية قديمة. كما بيّنت المشاهد التي بثّتها قناة “المسيرة “التابعة لحركة “أنصار الله” ووسائل الإعلام المختلفة في صنعاء، لجوء أعداد كبيرة من القوات السعودية إلى الانتحار الجماعي من منحدرات جبلية، في مشهد صدم الرأي العام السعودي الذي يواجه سياسة تعتيم إعلامية من قِبَل النظام في الرياض في ما يتعلّق بأداء جيشه في المعارك.
الجانب السعودي، الذي وفّر غطاءً جوّياً مكثّفاً خلال تنفيذ العملية التي جرت في مناطق جبلية ذات تضاريس معقّدة ساهمت في تحييد فاعلية الغارات، أصيب بحالة إرباك. ووفقاً لمصادر مطّلعة في الرياض، فإن المشاهد التي تمّ نشرها من قِبَل الإعلام الحربي اليمني، دفعت بنائب رئيس أركان الجيش السعودي، وقائد القوات المشتركة لـ”التحالف”، الفريق مطلق بن سالم الأزيمع، مساء السبت، إلى عقد اجتماع طارئ بكبار القيادات العسكرية في غرف عمليات “التحالف”، استمرّ لساعات لتدارس الردّ على العملية.
كذلك، وفي أعقاب نشر المشاهد الجديدة التي كسرت ما تبقّى من هيبة للجيش السعودي، ردّت الرياض بشنّ سلسلة هجمات جوية مكثّفة طاولت جبهات مأرب بأكثر من 20 غارة مساء السبت. كما استهدف الطيران السعودي بسِتّ غارات منطقة الصليف في مدينة الحديدة.
وكان الجانب السعودي لجأ، في أيلول 2019، إلى فتح قنوات تواصل مع القيادة العسكرية في صنعاء، طالباً إليها عدم نشر مشاهد مصوّرة لقوات سعودية انكسرت في عملية كتاف في محافظة صعدة، والتي عُرفت بعملية “نصر من الله”، وأدّت إلى أسْر أكثر من 3000 عنصر من قوات موالية لـ”التحالف”، والعشرات من قوات الجيش السعودي.
وعلى رغم ثبوت تلك الفضيحة، عمد الجانب السعودي، هذه المرّة، مجدّداً، إلى التنكّر للفضيحة الأخيرة، والزعْم أنها مفبركة، نافياً أن يكون الفارّون سعوديين. على أنها ليست المرّة الأولى التي تلجأ فيها وزارة الدفاع السعودية إلى التنكّر لانتكاسات قواتها في مواجهات الحدّ الجنوبي، فقد سبق لها أن تنكّرت خلال عام 2016 لعدد من أسرى الجيش السعودي، وتَرَكَتهم في سجون صنعاء لسنوات، قبل أن يتمّ الإفراج عنهم في صفقة تبادل أواخر العام الماضي.
أظهرت مشاهد الإعلام الحربي فرار العشرات من الضبّاط والجنود السعوديين من مواقع عسكرية حاكمة
التصعيد الجديد لقوات صنعاء في جبهات الحدّ الجنوبي، جاء بعد أيام من زيارة قام بها المتحدّث الرسمي للجيش و”اللجان”، العميد يحيى سريع، إلى جبهات جيزان، حيث أدلى بتصريح صحافي من منطقة الخوبة السعودية التي كانت مسرحاً للعملية العسكرية الأخيرة، أكد فيه أن قوات صنعاء بإمكانها الانتقال إلى العمق السعودي.
وتزامنت زيارة سريع مع تصعيد جوّي سعودي على جبهات القتال في تخوم مدينة مأرب، واستمرار الرياض والقوى الموالية لها في التهويل في شأن التداعيات الإنسانية لتحرير المدينة، فضلاً عن رفضها التجاوب مع مطلب وقف العدوان والحصار، وإصرارها على استخدام الملفّ الإنساني كورقة للمقايضة، عبر ربط تنفيذ “اتفاق استكهولم” وحلحلة ملفّ الأسرى بوقف تقدّم الجيش و”اللجان” في مأرب، وعدول صنعاء عن قرارها دخول المدينة.
ووفقاً لعدد من السياسيين في صنعاء، ومنهم الأمين العام للمكتب السياسي لحركة “أنصار الله”، فضل أبو طالب، فإن عملية جيزان تُعدّ رسالة واضحة إلى الرياض بأن المعركة البديلة لمأرب لن تكون داخل الأراضي اليمنية، بل في العمق السعودي، وأن بإمكان قوات صنعاء أن تُسقط مدناً سعودية تحت سيطرتها وتُجبر الرياض على وقف العدوان ورفع الحصار وسحب كلّ القوات الأجنبية من الأراضي والمياه اليمنية.
وتزامنت عملية جيزان، أيضاً، مع عودة الهجمات اليمنية الجوّية التي تراجعت نسبياً خلال الأسبوعين الماضيين. إذ عاودت قوات صنعاء استهداف الأراضي السعودية بالطيران المُسيّر البعيد المدى، وشنّت خلال الـ48 ساعة الماضية عمليّتَين بواسطة طائرات مسيّرة من نوع “قاصف 2K”. وأعلن العميد سريع أن سلاح الجوّ المُسيّر نفّذ، فجر السبت، عدداً من الهجمات على قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط، وهو ما تَكرّر يوم الأحد.
وكان الجيش و”اللجان” نفّذا، في التاسع من الشهر الفائت، عملية عسكرية في محور نجران جنوبي السعودية، تمكّنا خلالها من السيطرة على عدد من مواقع وتحصينات الجيش السعودي والقوات الموالية له في منطقة الظهرة، وعلى جبال وتلال الخوار في صحراء الأجاشر الحدودية الواقعة بين نجران وصعدة، مُكبّدَين المهاجمين خسائر بشرية كبيرة. وجاءت تلك العملية بعد أيام من اعتراف القوات السعودية بمقتل ثلاثة ضبّاط من منتسبيها في مواجهات حدودية في الـ30 من نيسان.
(رشيد الحداد – جريدة الأخبار اللبنانية)