أكذوبة أمريكا في حربها على الإرهاب بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر
أكذوبة أمريكا في حربها على الإرهاب بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر
يمني برس:
بعد عقدين من الزمن على هجمات الـ 11من سبتمبر عام 2001،تكشفت الكثير من الأمور، وبانت أكذوبة الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على الإرهاب التي اتخذتها واشنطن ذريعة لأكبر حملة تدخل عسكرية في التاريخ.
فبعد أقل من شهر على الهجمات، أعلن الرئيس الأمريكي حينها جورج دبليو بوش، عملية احتلال أفغانستان أعقبها التدخل العسكري تحت نفس الذريعة في العراق.
لكن بعد عشرين عاما من الوجود العسكري في أفغانستان، اختار الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن تاريخ الهجمات نفسه (11 سبتمبر) موعدا رمزيا للانسحاب الكامل.
وما أن بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب، حتى بدأ تمدد حركة طالبان، التي سرعان ما سيطرت على مناطق واسعة من البلاد، إلى أن وصلت العاصمة كابول في 15 أغسطس.
وتشير تقييمات الخبراء ومراكز الدراسات، وأبرزها المركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب، إلى نمو وازدياد التنظيمات المتطرفة.
وتوقع تقرير لجامعة براون الأمريكية أن تصل كلفة “الحرب على الإرهاب” التي بدأت قبل عقدين إلى 6.7 تريليون دولار بحلول عام 2023، إذا أوقفت الإدارة الأمريكية كافة عملياتها العسكرية قبل هذا التاريخ. كما يُقدر عدد الجنود الأمريكيين الذين قُتلوا بأكثر من 7 آلاف جندي.
ويرى خبراء أن الولايات المتحدة قد حققت في حربها على الإرهاب بعض النجاح التكتيكي، لكنها لم تتمكن من القضاء على أي من التنظيمات المتشددة، كما أن مصطلح (الحرب على الإرهاب) كرس على مدار الـ 20 عاماً الماضية نهج التدخل العسكري كمسار رئيسي للولايات المتحدة فأصبح الغزو وحملات التدخل العسكرية أشبه بعرف تتبعه واشنطن عندما تريد تحقيق أهداف معينة أو أطماع توسعية.
وتحول المصطلح أيضا الى حجة تستخدمها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لإسكات الجهات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتمرير ما تريده بدعم قوى غربية متواطئة معها وهذا ما حدث في العدوان الأمريكي على العراق عام 2003 .
مسرحية مكافحة الإرهاب الهزلية التي تمثلها أمريكا كلما احتاجت إلى تبرير لتمرير خططها تكررت في اليمن عند تشكيل تحالف العدوان أو ما يسمى (التحالف العربي) الذي تقوده السعودية في 25 مارس عام 2015 ، وقبله كان في سوريا تحت ما يسمى (التحالف الدولي) في أغسطس عام 2014 بذريعة مكافحة تنظيم (داعش) الإرهابي في سوريا والعراق الذي نشأ على يد الاستخبارات الأمريكية والغربية.
وكشف تقرير جديد أعدته منظمة ايروورز البريطانية وأصدرته بالتزامن مع ذكرى هجمات سبتمبر أن الولايات المتحدة قتلت نحو 23 ألف مدني في اعتداءات وغارات جوية شنتها على دول عدة حول العالم منذ عام 2001 .
وأوضح التقرير أن الجيش الأمريكي نفذ ما يقرب من 100 ألف غارة جوية منذ عام 2001 وأن العام الأكثر دموية في العقدين الماضيين لضحايا الاعتداءات الجوية الأمريكية من المدنيين كان عام 2003 عندما تم الإبلاغ بإحصاءات رسمية عن مقتل ما لا يقل عن 5529 شخصاً جميعهم تقريباً خلال الغزو الأمريكي للعراق في ذلك العام.
ولفت التقرير إلى أن التقديرات التي توصلت إليها منظمة ايروورز تشير إلى أن عدد الضحايا الفعلي للمدنيين الذين قتلوا جراء الاعتداءات الجوية الأمريكية بزعم محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي يصل إلى نحو 19624 .
لكن تداعيات الحرب المزعومة على الإرهاب لم تقتصر على دمار دول عدة حول العالم لتحقيق الأجندات الأمريكية فبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن التهديد الإرهابي الحقيقي الذي يجب على واشنطن أن تخشى منه ينبع من جماعات اليمين المتطرفة داخل الولايات المتحدة والتي تعاظم وجودها ودورها بعد 20 عاماً على هجمات سبتمبر.
وأشارت الصحيفة إلى بيانات رسمية تؤكد مسؤولية جماعات اليمين المتطرفة عن 16 عملية قتل لدوافع عنصرية عام 2020 كما اتهمت هذه الجماعات في عام 2019 بـ 41 هجوماً قام بها متطرفون يمينيون.
مسرحيات واشنطن وأكاذيبها حول شن تدخلات عسكرية تحت شعار مكافحة الإرهاب وحماية أمنها أصبحت بالية ومثيرة للسخرية فبدلاً من ذلك عليها أن تلتفت لمكافحة التطرف العنصري الذي ينخر جسد المجتمع الأمريكي، فقد تغيرت في الولايات المتحدة أمور كثيرة في مجال الهجرة إذ أنشئت أجهزة وأقرت إجراءات قانونية جديدة تتعلق خصوصا بهذا الشأن. تغييرات تضايق منذ عشرين عاما أعدادا كبيرة من المهاجرين والأمريكيين من أصول عربية ومسلمة بحسب بيانات نشرتها أجهزة حكومية أمريكية، فإضافة إلى تعرضهم لاعتداءات مجانية من مواطنين غاضبين إثر الهجمات، بات على هؤلاء المهاجرين اليوم تحمل قوانين وممارسات جديدة تصعب حياتهم اليومية وتربط ربما، بشكل خفي بينهم وبين هجمات سبتمبر.
وعلى الرغم من التطمينات التي أرسلتها شخصيات نافذة في الإدارة الأمريكية عقب هجمات سبتمبر 2001، حين أكدت أنها ستعمل على منع الخلط بين المسؤولين عن هذه الهجمات والمواطنين الأمريكيين من أصول مهاجرة وعربية، فإن اعتداءات وعمليات قتل سجلت في عدة مناطق متفرقة من البلاد عقب هجمات سبتمبر 2001 استهدفت عربا ومسلمين وأحيانا أفرادا من أقليات أخرى تتقاسم مع هذه الفئة ملامح الوجه أو الديانة أو فقط تتشارك معهم الأصول المهاجرة، لمجرد الاعتقاد بأنهم عرب ومسلمون.
ونشر “مكتب التحقيقات الفيدرالي” تقريرا في 2002 أظهر أن عدد الجرائم التي ارتكبت بدافع الكراهية ضد المسلمين قد ارتفع من 28 جريمة في عام 2000 إلى 481 في عام 2001.
وذكر تقرير هيومن رايتس ووتش أيضا نقلا عن “اللجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز” حدوث أكثر من 600 جريمة على علاقة بأحداث 11 سبتمبر كان الدافع فيها الكراهية ضد العرب والمسلمين.
تأثير هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة ندد به كذلك عدد من الأمريكيين والمهاجرين من أصول عربية ومسلمة يتعرضون لإجراءات “تمييزية وعنصرية” بشكل مستمر، تتراوح بين حفظ ملفات أمنية لهم بسبب أصولهم الأجنبية أو التعرض لمعاملة تحمل”ارتيابا وشكا” خصوصا عند الفحص الأمني بسبب مظهرهم العرقي أو الديني فضلا عن تحقق من هوياتهم على قائمات أمنية خاصة.
حتى أن وزارة النقل الأمريكية ذكرت أنها حققت حتى شهر يونيو عام 2002 في 111 شكوى مرتبطة بالحادي عشر من سبتمبر تقدم بها مسافرون في مطارات أمريكية من أصول أجنبية.
إلا أنه بالتوازي مع هذه الاعتداءات والتجاوزات التي استهدفت هذه الأقليات الأمريكية ،ظهرت ممارسات جديدة اتخذت صبغة رسمية وقانونية تكبل حرية البعض وتعقد من حياة الكثيرين من أبناء الأقليات المهاجرة في الولايات المتحدة، فأصبحت إجراءات الدخول إلى هذا البلد أصعب من قبل، إذ فرضت مثلا بعد هجمات 11 سبتمبر تأشيرة خاصة على الأوروبيين في ما يعرف اليوم بـ”بنظام ترخيص السفر الإلكتروني ’أستا‘”.
وأصبح كل شيء معقدا بالنسبة للمهاجرين والأقليات العربية، فإضافة إلى تعرضهم للاعتداءات والانتقام، توجب عليهم الآن التأقلم مع تغييرات قانونية جديدة واستحداث أجهزة أمنية أمريكية جديدة أيضا منها وزارة الأمن الداخلي الأمريكي حيث أصبحت سياسة الهجرة مؤطرة في عهد أوباما، تعتبر تندرج في إطار الأمن القومي الأمريكي”.
وهدف هذه الفرق هو بالفعل مطاردة المهاجرين المتواجدين في وضعيات غير قانونية على الحدود ولكن خصوصا داخل الولايات المتحدة نفسها. وهي التي تنفذ اليوم عمليات الترحيل الواسعة التي ارتفع نسقها بشكل بالغ.
ونشرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكي أعداد المهاجرين المرحلين في 2019 والتي بلغت 360 ألف شخص في 2019 و328 ألف شخص في 2018 و432 ألف شخص في 2013.
وهنا يتساءل المراقبون عن الفوائد التي جنتها الولايات المتحدة من غزوها لأفغانستان بعد عقدين من الزمن على هجمات الـ 11 من سبتمبر؟! وهل يعني عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان ، بشكل أو بآخر، هو حتمية عودة القاعدة بكل قواعدها ومعسكراتها لتدريب الإرهاب؟!