هل تتسابق السعودية مع الزمن لفتح باب التطبيع للمنطقة برمتها؟
هل تتسابق السعودية مع الزمن لفتح باب التطبيع للمنطقة برمتها؟
يقال ان العلاقات السرية بين المملكة العربية السعودية والكيان لاسرائيلي باتت اليوم ورقة مكشوفة للقاصي والداني بعد سلسلة الفضائح التي اضطلع بكشفها الاعلام الاسرائيلي مرة ومرة اخرى المسؤولون الاسرائيليون على اعلى المستويات..
صحيفة “هاآرتس” الاسرائيلية (Haaretz) كشفت الاسبوع الماضي أوراق مهندس العلاقات السعودية السرية مع الكيان الاسرائيلي، مشيرة الى أن الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، هو من كان يبرمج لعلاقت لم تعد اليوم خافية على الاوساط السياسية في العالم العربي وعموم المنطقة.
الصحيفة الاسرائيلية أكدت أن بندر بن سلطان الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي والمخابرات السعودية لسنوات سبق أن التقى مع قادة يهود وزعماء جهاز الأمن العام “الموساد”، وهو هو أحد الأمراء الذين لعبوا أدواراً مهمه تسببت في إحداث مشكلات معمقة في خارطة المنطقة. وليس هذا فقط، فحتى على المستوى المحلي، ترقى العديد من أفعالهم إلى درجة الخيانة الوطنية في العمل ضد الصالح العام، حسبما وصفته بذلك صحيفة “صوت الناس” السعودية المعارضة.
قبل ذلك بايام فضح رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي الأسبق زعيم المعارضة فيها بنيامين نتنياهو ولي العهد محمد بن سلمان بالكشف عن دوره الكبير في تعزيز التطبيع الإقليمي وإقامة علاقات عربية مع تل أبيب، معبرا بوضوح عن “تقديره لولي العهد محمد بن سلمان، على مساهمته في إنجاز أربع اتفاقيات سلام تاريخية (حققناها) ضمن اطار ما تسمى بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية” في إشارة إلى اتفاقيات التطبيع مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
الكشوفات السالفة المشار اليها لم تكن اعتباطية وبالصدفة ودون دراسة ممنهجة مسبقة، فما تفضحه الآلة لاعلامية الاسرائيلية والمسؤولون الاسرائيليون سبكون شهادة معتبرة لا يمكنى للامراء السعوديين التنصل عنها، لتكون بذلك وثيقة تهيئ لدخول المزيد من سياسيي الصدفة في البلدان العربية الى نفق التطبيع المذل.
الامر لن يقف عند اكمال تطبيع حكام دول عربية اخرى بل ان التطبيع سيكون هذه المرة علينا ومباشرا مع السعودية، وذلك ما افصح عنه نتنياهة بلسانه بقوله “إذا عدت إلى قيادة إسرائيل، فإنني أعتزم تحقيق اتفاقيات تسوية كاملة وعلنية مع المملكة العربية السعودية وكذلك مع دول عربية أخرى”.
انها المرة الاولى التي يكشف فيها أي مسؤول إسرائيلي بهذا الوضوح عن مساهمة محمد بن سلمان في توقيع اتفاقات التطبيع مع “إسرائيل، ما يدل على ان الكشف جاء مدروسا وممنهجا بدقة ليتزامن مع الوضع الحالي الذي تعيشه المنطقة والدفع الاميركي للدول العربية الاخرى على انتهاج سبيل التطبيع العلني دون الاكتفاء بالتطبيع المخفي من تحت الطاولة.
ذلك ما اشرت اليه وسائل إعلام عبرية بقولها ان نتنياهو وجه صفعة مدوية لمحمد بن سلمان بالكشف عن شراكته في اتفاقات التطبيع وأسهم في التوصّل إلى التطبيع مع 4 دول عربية، لكنه في نفس الوقت سيكون هذا الكشف ورقة رابحة لنتنياهو في خوض الانتخابات الاسرائيلية القادمة، باعتباره الآن هو زعيم المعارضة في “إسرائيل”، ما يعد مكسبا انتخابيا مؤجلا.
ويرى مراقبون أن السجال داخل اليمين الإسرائيلي بات يتمحور حول: من الاقدر على التطبيع مع السعودية في ظل التشبث بالمواقف المتطرفة من الصراع وتوظيف التطبيع أيضا في تمكين “إسرائيل” من حسمه لصالحها.
السعودية لم تخف رغبتها بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي لعلمها ان من شأن هكذا تجاه تنازلي تذللي ان يعزز من مقبوليتها لدى اصحاب القرار الدوليين في ابقائها على تسنمها الحكم في المملكة، لذا فان الاستعداد السعودي للتطبيع ليس وليد اليوم، انما مصلحة يقتضيها وجود النظام السعودي البعيد في منشئه عن الديمقراطية والتنوع البرلماني ما يتطلب منه ان يبادر الى كشف رغبته والمساعدة في التطبيع لضمان فترة زمنية اضافية يتربع خلالها على قمة برج الحكم العاجي الديكتاتوري.
في تصريح له خلال مشاركته في منتدى دافوس العالمي في الاسبوع الاول من شهر أيار/مايو الماضي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ، إن “الأولوية الآن يجب أن تكون حول كيفية دفع عملية التسوية الفلسطينية الإسرائيلية للأمام”، وانه “لطالما نظرنا إلى قضية التطبيع على أنها نتيجة نهائية ولكنها نتيجة نهائية لمسار، المملكة التي أطلقت مبادرة تسوية عربية في العام 2001 وقبل ذلك مبادرة التسوية الأولى وجميعها يفضي إلى تطبيع كامل مع إسرائيل..”.
وتابع الأمير قائلا: “لقد ذكرت سابقا أن التطبيع بيننا وبين “إسرائيل” وكذلك المنطقة و”إسرائيل” سيحقق فوائد هائلة للجميع لكننا لن نستطيع حصد هذه الفوائد ما لم نقم بحل القضية الفلسطينية، مضيفا انه “يجب أن تكون الأولوية الآن حول كيفية دفع عملية التسوية الفلسطينية الإسرائيلية إلى أمام، وهذا بالتأكيد سيعود بالنفع علينا جميعا، وعلى الإسرائيليين والفلسطينيين، والمنطقة بأكملها، ويفتح الباب للآخرين للتطبيع”.
في 15 نيسان/ابريل الماضي، كشفت سفير الكيان الاسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية “Michael Herzog” أن ولي العهد محمد بن سلمان منفتح على التطبيع الكامل مع تل أبيب، ونقل موقع “Axios” الأمريكي عن السفير الإسرائيلي إن بن سلمان “أبدى انفتاحاً على صفقة دبلوماسية مع “إسرائيل”.
يقول الأمين العالم السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور، ان عملية التطبيع بدأت منذ نشوء الكيان الاسرائيلي في المنطقة، وان من فتح الباب لنشوء هذا الكيان الغاصب في المنطقة فتح الباب لتعزيز وجوده في هذه المنطقة وان كل المشاريع التي تلت إنشاء الكيان تهدف الى إدماجه وسط الإمة العربية والإسلامية التي ترفض وجوده.
معن بشور أضاف ان فكرة ادماج الكيان الصهيوني في المنطقة ليست فكرة جديدة وكانت تنتعش مع كل تقدم يتم احرازه على جبهة انهاء الصراع مع البلدان العربية مشيرا الى انه كان من أول الشروط في اتفاقية كامب ديفيد مع مصر كان التطبيع لكن الشعب المصري أسقط التطبيع وكذلك الشعب الأردني أسقط اتفاقية وادي عربة وكلك الشعب الفلسطيني أسقط اتفاقية أوسلو.