ما هي الـ”قنبلة القذرة” وما سيناريوهات استخدامها؟
ما هي الـ”قنبلة القذرة” وما سيناريوهات استخدامها؟
صنع واستخدام “القنبلة القذرة” مسألة بالغة الخطر، وهي تشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية ويمكن أن تؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
باتت الحرب الطاحنة بين روسيا وأوكرانيا على أبواب منعطف جديد بعد صدور تقارير في 23 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، تفيد بإستعداداتٍ داخل أوكرانيا لتفجير “قنبلة قذرة”. وهو ما أبلغه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، لكلٍ من نظرائه وزير الدفاع البريطاني بن والاس، والتركي خلوصي أكار، والفرنسي سيباستيان ليكورنو، والأميركي لويد أوستن.
وفي الوقت الذي اتهمت فيه أوكرانيا الجانب الروسي بالاستعداد لاستخدام هذا النوع من الأسلحة، أشارت تصريحات مسؤولين روس إلى وجود تشكيكٍ من قبل الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية ، في المعلومات التي قدّمتها موسكو بخصوص مخطط كييف لتفجير “قنبلة قذرة” على أراضيها.
وأوضح الناطق الصحافي باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن المنظومة الغربية ترفض الاعتراف بوجود تهديد كهذا.
لا سوابق
قبل ذلك، لم تكن هناك أمثلة على استخدام “القنابل القذرة” في العالم، إذ إنه وبسبب كوارثها المحتملة، منعت في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي وقَّعتها الغالبية العظمى من بلدان العالم.
أما الدول التي انسحبت من المعاهدة المذكورة أو لم تنضم إليها منذ البدء، فتحاول عادةً تطوير أسلحة نووية كلاسيكية، كما هي حال كوريا الشمالية وباكستان. ولهذه الدول موارد وقاعدة تقنية كافية لصنع هذا النوع من القنابل.
وفيما يخص الدول الكبرى، فعادةً ما يكون الخيار لمصلحة الأسلحة التقليدية، على وجه التحديد، لأن الضرر الناجم عنها أكبر بكثير.
والنتيجة الرئيسة لاستخدام هذا النوع من الأسلحة، هي تلوث مساحات واسعة كبيرة بالمواد المشعة. ووفق خبراء روس، يعتمد قطر التدمير على حجم “الحشوة” التفجيرية داخل القنبلة، وكذلك على الظروف الجوية. وقد تصبح المنطقة المستهدفة غير صالحة للسكن طوال عقود، تماماً كما هي الحال في منطقة تشيرنوبيل.
ومن ميزات هذه القنبلة أنها محشوة بنوعٍ من المواد المشعة، لكنها لا تسبب انفجاراً نووياً من تلقاء نفسها، بل تنفجر مثل القذيفة العادية، التي تؤدي بدورها إلى خلق مشكلات لا حصر لها للسكان وللنشاطات الاقتصادية وغيرها.
ويمكن صنع “القنبلة القذرة” من قبل الغالبية العظمى من الدول التي لديها طاقة نووية أو حتى مفاعلات نووية للأبحاث. أما وسيلة الاستهداف فتكون من خلال إسقاط طائرة لهذه القنبلة على منطقة معينة، أو من خلال تفجيرها بطريقة خاصة، وكذلك من خلال تنفيذ عمل إرهابي.
تدمير هائل
ووفقاً للخبير بالطاقة النووية سيرغي كوندراتيف، فإنه في حال استخدام الـ”قنبلة القذرة”، فإن حجم تدمير البنية التحتية سيكون أكبر بكثير.
ويضيف: في السنوات الـ20 الماضية، لم تكن المناقشات المتعلقة بتداول المواد المشعة ومحاولات صنع قنابل نووية مرتبطة بالدول، بل بالجماعات الإرهابية.
ويشير إلى أنه عند تصنيع الأسلحة التقليدية فإنه يجري اختبارها دائماً. وينطبق الأمر نفسه على الأسلحة النووية، إذ تجري الدول المصنعة تجارب عليها قبل وضعها في الخدمة القتالية.
ولكن، إذا حاولت جهة ما تصنيع أو استخدام “القنبلة القذرة”، فقد تكون العواقب غير مؤكدة تماماً، فحتى أولئك الذين يصنعونها لا يدركون كيفية عملها ولا نطاق أضرارها.
ويخلص إلى أن استخدام هذه القنبلة، مسألة بالغة الخطر، ويشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية.
نتائج الدعم
بدوره، قال المحلل السياسي سيرغي بيرسانوف “في ضوء الدعم غير المحدود الذي يقدمه الغرب لأوكرانيا، يمكن توقع أي شيء من كييف، بما في ذلك الاستفزازات والهجمات الإرهابية ذات العواقب الوخيمة”.
ولا يقتصر الأمر بحسب رأيه على “القنبلة القذرة “، بل يمكن أن تصل الأمور إلى استهداف سد محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية، الذي يمكن أن يتسبب بفيضانات هائلة في مناطق واسعة من منطقة خيرسون.
ويؤكد في حديثه إلى”الميادين” أن عواقب قيام كييف باستخدام “قنبلة قذرة” نووية هي أشد خطراً من تلك التي حصلت في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية أو فوكوشيما في اليابان، إذ إن التلوث الإشعاعي سيكون على مستوى عالٍ من الخطر، فضلاً عن صعوبة القضاء عليه.
ويعتبر بيرسانوف أن هذا النوع من القنابل أسوأ من القنبلة النووية الكلاسيكية، فقد مر أكثر من 35 عاماً على مأساة تشرنوبيل، وما زالت الأوضاع هناك غير آمنة.
3 سيناريوهات
من جانبه، يحدّد الخبير العسكري قسطنطين سيفكوف ثلاثة سيناريوهات محتملة لكيفية ونوع القنبلة التي تستعد كييف –بحسب رأيه- لتفجيرها في أوكرانيا.
الأول هو النفايات المشعة، التي يجري تحميلها في قذيفة وإطلاقها. ونتيجةً لانفجارها في الهواء، ترش النفايات المشعة على منطقة معينة.
أما الثاني، فيتمثل في محاولة أوكرانيا توريط روسيا، ويوضح بأن الأمر يصبح أكثر خطراً عندما تُضرب محطة للطاقة النووية بنظام صاروخي بعيد المدى، وبشكل أدق استهداف المخلفات النووية الناجمة عنه. ويتابع: يمكن توجيه الضربة من المناطق الشرقية التي تسيطر عليها أوكرانيا إلى المناطق الغربية، ثم لوم روسيا، وبالتالي منح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ذريعة للتدخل.
أما السيناريو الثالث، فينطوي على تسليم قنبلة نووية إلى كييف، معيداً إلى الأذهان توفر امكانية لدى أوكرانيا، بتفجير قنبلة ذرية حقيقية، ووجود أدلة على أنها موجودة في منطقة نيكولاييف، بعدما أحضرها البريطانيون أو الأميركيون.
المصدر/ الميادين/