المرتبات .. قميص عثمان
المرتبات .. قميص عثمان
لا أحد البتة يناقش في موضوع المرتبات ، لا في صفته الإنسانية ولا في أحقيته ولا في المعاناة المهولة التي يعانيها موظفو الدولة في المحافظات الشمالية من جراء انقطاعها بعد قرار نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن ، لا أحد يجرؤ حتى لو أراد أن يقلل من أهمية هذا الموضوع أو غمط حقوق المستفيدين لا أحد .
إذا كان نحن في المحافظات المحتلة نعاني وننطحن بسبب هذا العدوان البغيض ونحن نستلم مرتباتنا والتي لا تساوي شيء نتيجة انهيار سعر صرف العملة الوطنية ولا تلبي حتى أبسط أبسط الاحتياجات البديهية ، فما بالك بمن هم ولأكثر من ست سنوات مرتباتهم متوقفة ؟؟
ولكن دعونا نناقش الموضوع بروية وبكل تجرد ، هل يتحمل الأنصار مسئولية هذا ؟؟
حتى الطفل الصغير يعرف أن قرار نقل البنك المركزي من صنعاء هو قرار كيدي أتخذه العدوان وحكومة المرتزقة العميلة ، وهم من أراد الوصول لهذه النتيجة .
ولكن ما العمل ؟؟
هل تقاعس الأنصار كسلطة مسئولة أو لم يضعوا هذا المطلب الملح على أعلى قائمة أولوياتهم ؟؟
جميعنا نعلم أن هذا الموضوع يؤرق سلطة صنعاء ومن أجله ومن أجل غيره من الحقوق البديهية قبلت هذه الهدنة الظالمة ، وأنه يُطرق وبقوة في كل زيارات الوسطاء وعلى كل طاولة مفاوضات ، إحساساً بالمسئولية كسلطة دولة ، رغم أن الأنصار ك (فصيل) سياسي لن يستفيد أي شيء من هذا الملف لأنه ببساطة وبمقتضى كشوفات 2014 لا يوجد لقواعده أي موظف ، والسعودية ومعها رعاتها وكذلك أدواتها تراوغ وتسوّف لأنها تريد ببساطة إبقاء سيف المرتبات مسلط على رقبة سلطة صنعاء ، وتتلذذ بمعاناة الناس وتماطل ، وتمعن في تعذيب اليمنيين ما استطاعت الى ذلك سبيلا .
ما العمل ؟؟ هل تسلم سلطة صنعاء البلد هكذا مجاناً للسعودية نظير دفعها مرتبات الشمال ؟؟ والتضحية بكل التضحيات والدماء والمعاناة والصبر والصمود طيلة 8 سنوات من العدوان والحصار ؟؟ ولن تدفع السعودية حتى حين ذلك قرش واحد وأنظروا الى تعاملها مع مرتزقتها ومع موظفي ما تبقى من مؤسسات الدولة في المناطق المحتلة ، وستترك اليمنيين يتناحرون على مجرد مرتب لا يساوي في ميزان المدفوعات شيء .
بخس الثمن هذا الثمن ، وهذا هو المستحيل بذاته ، يأبى الله ورسوله وشعبنا المؤمن لهم ذلك ، وحتى المتباكون على المرتبات أجزم بأنهم لن يقبلوا بهذا على الاطلاق .
أو تتخلى صنعاء بعد كل هذه المراوغة الخبيثة عن الهدنة وتعود وتستعر الجبهات ، كما تلمح صنعاء تارة وتصرح بذلك تارة أخرى تصريحا ، وعلى جميع مستويات السلطة ، وأعتقد أن هذا هو ما سيكون ان عاجلاً او آجلا ، لأن وعود السعودية معروفة والتجارب السابقة معها لا تبشر بخير ، السعودية وكما يعرف الجميع حتى المنخرطون معها في عدوانها لا تريد لليمن أي خير ، وعندها ربما تعود وتعلو نغمة المرتبات وأن الأنصار قد أفشلوا مفاوضات صرفها .
ماذا تبقى من احتمال بهذا الخصوص لنحمله الأنصار ؟ وسوف نحمله الأنصار ولا نجامل أو نحابي أحد هنا .
أما المماحكات الفارغة والغير منطقية والمضحكة والتي تستقيها معارضة صنعاء من أبواق حكومة الفنادق فلا يمكن أن تقنع أحد ، بأن يطالبوا من سلطة صنعاء دفع المرتبات من إيرادات الضرائب والجمارك والاتصالات وميناء الحديدة كما يردد البلهاء . اذا كان حكومة الدنبوع وباسندوة قد أعلنوا ان الدولة ستعجز بعد شهرين او ثلاثة عن دفع مرتبات موظفي الدولة ، مع وجود كل الموارد من نفط وغاز وموانئ وضرائب وجمارك وأسماك وزراعة وسياحة وقروض ومعونات خارجية ..الخ ، فكيف ستكفي إيرادات ميناء واحد وضرائب 8 محافظات وأجزاء من 3 محافظات الآن وفي حالة عدوان خارجي متعدد الجنسيات وحصار ودمار وانهيار اقتصادي ومالي ، الى آخر ذلك من الكوارث وقبلها تمويل المجهود الحربي في عشرات الجبهات المستعرة ؟؟
كما أن المحافظات المحتلة تمتلك بدل الميناء موانئ شغالة وبدل المطار المغلق مطارات مفتوحة ومنافذ برية وموارد أخرى كثيرة ناهيك عن الدعم الإقليمي والدولي لحكومة الفنادق ، فماذا فعلت ؟؟ هذه مسائل لا تحتمل حتى المقارنة ولا تقبل مجرد النقاش وهي محسومة تماماً .
أما أن يتخذ البعض موضوع المرتبات قمص عثمان ويشتغلون على مبدأ (كلمة حق اُريد بها باطل) ، ويتجاهلون كل الوقائع والحقائق ، ويسكتون عن المتسبب الحقيقي ، ويحملون الضحية المسئولية في مجافاة صارخة للمنطق ، ويضعون عجل المرتبات فوق المقدسات والأنبياء والوطن والثوابت الوطنية فهذا شيء مريب ومعيب ، وما يريب أكثر أن تلتقي منشوراته وتغريداتهم التحريضية مع نفس مفردات وتوظيفات العدو السعودي وذبابه الالكتروني وهذا يفسر كل شيء !!
المؤتمريون تحديداً ودون غيرهم يجب أن لا يخوضوا بهذا الموضوع ، ولو كان يوجد عدل في هذه البلاد لوجب عليهم إعادة مرتبات السحت التي أخذوها طوال ثلاثة عقود بدون وجه حق ، حيث كان كوادر حزبهم يحظون بأكثر من مرتب من اكثر من وظيفة قبل تطبيق نظام البصمة او منع الازدواج الوظيفي , وظلوا حتى بعد القانون يجمعون بين أكثر من وظيفة مدنية وأمنية وعسكرية وهذا أمر معروف ، ناهيك عن المناصب غير المستحقة والوظائف الوهمية والدرجات والترقيات والامتيازات ..الخ ، هذا كان يتم بطريقة (قانونية) أما خارج القانون فحدث ولا حرج ، وفي حين كان الواحد منهم مع عياله واقاربه وجيرانه وأقارب أقاربه وسلسلة طويلة لا تنتهي يرفلون بهذه الوظائف والامتيازات كان خريجو الجامعات والكفاءات المختلفة يحفون ويدوخون بين الوزارات للحصول على مجرد وظيفة حيا الله وظيفة ، وبعد أن يبّسوا ضرع الوطن جاءوا الآن يمنون على أبناء وأهل الشهداء بصبرهم على مرتبات لا يستحقونها أصلاً ، وينوحون بهدم المعبد فوق الجميع وبيع البلد لغزاة العصر مقابل مرتب الجميع يعلم أنه مرتب حرام !!
أن اغلاق الملفات بعد كل مرحلة يضاعف الفساد ويشجع المفسدون الجدد حتى من الأنصار –افتراضاً- على تجربة حظهم واستغلال المرحلة ، كما يزيد اللصوص القدامى وقاحة وقلة حياء حتى يخيّل الى المراقب أن اللصوص ما عادوا يشعرون أنهم لصوص ، وبدلاً عن العقاب او حتى على الأقل الاعتذار صاروا هم الآن أصحاب حق وهم الضحايا ، هزلت ورب الكعبة هزلت ..