خاب ظن الشعوب العربية في حكامها
خاب ظن الشعوب العربية في حكامها
يُحكى أن دولة غازية احتلت بلداً وسلطت مجموعة من جنودها فيه على محاصرة عدد من النساء واغتصابهن ولم يكن أمام أولئك النسوة سوى الاستسلام باستثناء واحدة حرة قاومت وقتلت الجندي,
وعندما علمن المستسلمات بعملها خفن من أن تفضحهن فتآمرن عليها وقتلنها، وهذا هو حال الحكام العرب اليوم الذين يمتلكون إمكانيات وجيوش جرارة ولكنها كغثاء السيل لا يستفاد منها ولذلك عندما قامت المقاومة الفلسطينية بعملية بطولية ممثلة في طوفان الأقصى وضربت عمق الكيان الإسرائيلي وأذلت وفضحت وبينت هشاشة الجيش الذي كان يقال عنه بأنه جيش لا يقهر خاف الحكام العرب من تداعيات هذا العمل البطولي وانعكاسه على الشعوب العربية التي قد تتمرد عليهم وتنتفض ضدهم لأنهم لم يستطيعوا بكل جيوشهم أن يقوموا بأي عمل يوازيه مُنذ نشأة الكيان الصهيوني في 15 مايو عام 1948م وحتى اليوم فلم يكن أمامهم إلا التقليل من شأن هذا العمل الجبار الذي جعل قادة أمريكا وأوروبا يهرولون إلى تل أبيب لمواساة قادة إسرائيل وتقديم الدعم المفتوح لهم لاستعادة توازنهم بل إن بعض الحكام العرب سارعوا إلى إصدار بيانات يحملون من خلالها المسؤولية للمقاومة الفلسطينية وأنها من أعتدت على إسرائيل وأن ما تتعرض له غزة من مجازر وعقاب جماعي من قبل الطيران الحربي الصهيوني ما هو إلا بسبب دخول المقاومة إلى عمق إسرائيل وقتل وأسر المئات من عناصر الجيش الصهيوني، ووصل الحال بأحد القادة العرب الكبار الذي كان يؤمل فيه بأنه سيسارع إلى تقديم الدعم العسكري والمادي للمقاومة كون بلده محاددة لقطاع غزة وكانت إسرائيل تخطط لتهجير سكان غزة إلى بلده أن يطلب من إسرائيل تهجير سكان غزة إلى صحراء النقب الفلسطينية حتى يتم تصفية المقاومة ثم تعيدهم إليها.
ولولا أن هؤلاء الحكام الخانعين والخاضعين للإرادة الأمريكية قد خافوا من أن تتحول انتفاضات شعوبهم التي خرجت إلى الميادين والشوارع تأييدا للمقاومة الفلسطينية واستنكاراً لما تتعرض له غزة هاشم من إبادة جماعية معظم ضحاياها من النساء والأطفال ضدهم لكانوا قد سارعوا في تقديم الدعم للكيان الصهيوني جهاراً نهاراً وبدون حياء أو خجل، ومن يتابع القنوات الفضائية التي تتبع هؤلاء الحكام وتمجدهم سيجد أن التحليلات فيها من قبل الشخصيات التي تستضيفهم تحمل المسؤولية للمقاومة وكأنها ارتكبت جُرماً عندما قامت بالدفاع عن أرضها والمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة المتمثلة في إقامة دولته المستقلة على أرضه المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني والتي فرط فيها الحكام العرب أنفسهم مُنذ عدة عقود مع إن المعلومات الاستخباراتية تؤكد بأن جيش الكيان الصهيوني كان قد أعد خطة بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية لاجتياح قطاع غزة وتهجير سكانه بالقوة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية والتفرغ لتصفية المقاومة نهائياً وتدمير الأنفاق والقضاء على سلاحها وذلك عقب اقتحام أكثر من خمسة آلاف مستوطن تحت حماية الشرطة للمسجد الأقصى وكانت هذه العملية ستتم بعد الانتهاء من الاحتفالات بما يسمونه في إسرائيل عيد العرش ولكن المقاومة أفشلت عليهم خطتهم عندما اقتحمت عمق الكيان الصهيوني يوم 7 اكتوبر الجاري وهو آخر يوم يحتفلون فيه بعيد العرش، ولأن خطة الجيش الصهيوني كانت ما تزال قائمة فإن القصف العنيف والمجازر الجماعية التي ارتكبها في غزة لاسيما قصف مستشفى المعمداني لم تكن رداً على العمل البطولي الذي قامت به كتائب القسام وحركة الجهاد الإسلامي وإنما الهدف من هذه الإبادة الجماعية كما هو مرسوم لها ومخطط سابقا يتمثل في تخويف سكان قطاع غزة وتهجيرهم وأنهم لن يجدوا أي ملجأ آمن يحميهم بما في ذلك المستشفيات وقد أصيب الجيش الصهيوني وقادته بخيبة أمل كبيرة عندما وجدوا إصرار السكان على التمسك بأرضهم وعدم مغادرتها رغم ما لحقهم من قتل وصلت أرقامه إلى الآلاف وتدمير البيوت فوق رؤوسهم وهو ما جعل الرئيس الأمريكي بايدن يأتي بنفسه إلى تل أبيب ليعلن تضامنه مع قادة الكيان الصهيوني وتقديم ما يحتاجونه من مساعدات عاجلة تحقق لهم أهدافهم بعد أن فشل وزير خارجيته بلينكن في إقناع بعض الأنظمة العربية بالموافقة على عملية تهجير سكان القطاع بل وأعلن بايدن بكل وقاحة بأن إسرائيل لو لم تكن موجودة لعمل على إيجادها ودعمها والوقوف معها كتأكيد على إن إسرائيل هي ولاية أمريكية.
أما القادة الأوروبيون الذين أتوا مهرولين إلى تل أبيب يلاحقهم الذعر وفي مقدمتهم الصهيوني مستشار ألمانيا ورئيس وزراء بريطانيا لتقديم الدعم للقادة الصهاينة ومساندة خطتهم لتهجير سكان غزة فهذا الدعم المقدم منهم ليس بسبب حبهم لإسرائيل وإنما خوفاً من هزيمتها وعودة اليهود إلى أوروبا الذين كانت لهم معهم تجارب مريرة في الماضي بسبب ما كانوا يثيرونه من مشاكل لشعوبهم ولذلك فقد قرر اودلف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية أن يتخلص منهم حيث نصب لهم مشانق ومحارق لكن هزيمته في الحرب حالت دون استكمال مشروعه هذا وتخليص العالم من شرورهم وعليه فإن الأوروبيين يحرصون على بقاء اليهود في فلسطين بعيداً عنهم وعن مشاكلهم ليشكلوا خنجراً مسموماً في ظهر الأمتين العربية والإسلامية وإثارة الفتن في أوساط شعوبها، وبما إن حقيقة اليهود قد ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم وتحدث عن كيف ستكون نهايتهم وأنه ليس لهم عهد ولا ذمة لكن مع الأسف الشديد فإن بعض الحكام العرب يثقون بهم ويهرولون للتطبيع معهم وطلب حمايتهم متحدين إرادة شعوبهم ومعتقدين في نفس الوقت بأن ارتباطهم وموالاتهم لليهود سوف يطيل أمد مكوثهم على كراسي الحكم التي وصلوا إليها بإرادة أمريكية وصهيونية وعندما شعروا باهتزازها عقب عملية طوفان الأقصى قامت قيامتهم ودب الذعر في نفوسهم فالتزموا الصمت المطبق ولم يحددوا مواقفهم مما يجري من قتل ودمار وإبادة لسكان غزة فتحولوا إلى وسطاء مطالبين بخفض التصعيد من خلال تصريحات خجولة تدينهم ولا تحسب لهم، وعليه فإن إرادة الشعوب الحرة ستنتصر عليهم وعلى تآمراتهم لأنها مستمدة من إرادة الله ولا يُستبعد أن تقذف بهم من على كراسيهم وتستبدلهم بحكام وطنيين يقدرون مصالح شعوبهم ويدافعون عنها وليس ذلك على الله ببعيد.