الخيارات الأمريكية تضيق
الخيارات الأمريكية تضيق
يمني برس- بقلم د مهيوب الحسام
إن صدمة أمريكا من معركة «طوفان الأقصى» والتي شكلت هزيمة قاسية لكيان الاحتلال الصهيوني كانت أكبر من أو تساوي صدمة الكيان نفسه، وهذا ما تظهره ردة فعل أمريكا المرتبكة وغير المتوازنة، وتصرفات الإدارة الأمريكية اللامنطقية واللاعقلانية وخطواتها غير المدروسة وقراراتها غير المحسوبة، والتي دفعت كيان الاحتلال لوضع أهداف غير قابلة للتحقق في حربه الإجرامية على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، وهي أهداف أمريكية بالأساس وليست أهدافا للكيان المنهار.
إن هول الصدمة ومرارة هزيمة الكيان في معركة «طوفان الأقصى» وتداعياتها الاستراتيجية على الكيان وعلى أمريكا نفسها، والتي أذاقت أمريكا من كأس الصدمة والرعب التي ما انفكت تذيقها للآخرين، وهو ما جعلها تتصرف بلا توازن، وبدوافع الصدمة ذهبت هي وكيانها لتصرف المهزوم، محققين سقوطا قيميا وأخلاقيا وهزيمة ميدانية ثانية تؤكد الأولى وتعلي راية المقاومة وتؤكد نصرها مرتين، برغم التضيحات التي يقدمها الشعب الفلسطيني ومقاومته على طريق تحرير القدس والأقصى وكل فلسطين.
هزيمة أدخلت الكيان في مأزق وخطر وجودي، وأدخلت أمريكا مرحلة سقوط الهيبة والفقد التدريجي للقوة وقيادة العالم وانحسار النفوذ وازدياد المشاكل داخليا وخارجيا دونما وضع خطط واستراتيجيات لمنع المزيد من التدهور الحاد ولا وضع قواعد جديدة لإدارة التغيير ومنع السقوط الحر، فالكيان لم يعد آمنا بعد «طوفان الأقصى» في الـ7 من أكتوبر 2023، وكذلك فإن أمريكا لم تعد في فسحة من أمرها بعد مرور ما يقارب 7 أشهر من الطوفان، حيث لم تعد قادرة على المضي مع الكيان في جرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء قطاع غزة وغير قادرة على دفع ثمن الهزيمة دفعة واحدة.
لعبت المشاركة اليمنية الفاعلة لمساندة غزة وإغراق أمريكا في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي دورها في لجم أمريكا وغطرستها، كما لبقية محور المقاومة والرد الإيراني دوره ليأتي تحرك القطاع الطلابي في الجامعات الأمريكية ضد جرائم الإبادة التي يقوم بها كيان الاحتلال بدعم أمريكي وأسلحة أمريكية بحق أبناء قطاع غزة، كل هذا جعل خيارات الإدارة الأمريكية تضيق شيئا فشيئا وبوتيرة متسارعة بعد استخدامها للعنف ضد هذه التحركات والتظاهرات السلمية وقمعها بالقوة وامتداد هذه التحركات إلى الجامعات الأوروبية.
وأخيرا، فإن أمام الإدارة الأمريكية خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتم الاستجابة لمطالب شباب الجامعات بوقف جرائم الإبادة والمجازر والمحارق بحق أبناء غزة، وإما أن يكون التغيير مكلفا وبثمن باهظ، فالتغيير حتمي وعلى هذه الإدارة أن تختار بين الحفاظ علي أمريكا دولة كبرى لا تقود ولا تحكم العالم أو المضي نحو خسارة المعركة بشكل كلي