القنابل العنقودية.. احتلال مدفون في الأرض!
يمني برس |
أكدّت المقاومة الإسلامية في لبنان أنّ “قوات الاحتلال الإسرائيلي على قصف مناطق في وادي الخنازير بوادي الحجير، وخلّة راج ما بين بلدة علمان وبلدة دير سريان، وأيضاً شرقي بلدة علمان باتجاه الأحراج، جنوبي لبنان، بصواريخ محشوّة بالقنابل العنقودية المحرّمة دولياً”.
وطالب البيان الذي صدر عن العلاقات العامة في حزب الله الجهات ذات الصلة في لبنان، والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، بـ”إدانة هذه الجريمة النكراء بكل المقاييس”، خصوصاً لما لها من “آثار سلبية بعيدة المدى على المدنيين”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم “جيش” الاحتلال فيها ، الأسلحة المحرّمة دولياً من فوسفورية، عنقودية، إنشطارية، فراغية وغيرها في لبنان وغزة.
والأسبوع الماضي نشر الميادين نت بيان “نقابة الكيميائيين اللبنانيين” حول آثار استنشاق غبار القصف الذي تتعرّض له الضاحية الجنوبية وباقي المناطق اللبنانية، وحذّرت في بيانها من استخدام اليورانيوم المُنضّب، لأنّ “حجم الدمار واختراق المباني والأرض لعشرات الأمتار دليل على استخدام القنابل التي تحتوي على اليورانيوم المنضب (Depleted Uranium)، الذي يتمتع بقوة اختراق هائلة”.
تاريخ اجرامي لجيش الاحتلال
ففي عام 2020، كتبت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، في تقرير للزميل علي داود أن عدة بلدات وقرى جنوبية عانت من خطر القنابل العنقودية الإسرائيلية التي رميت في عدوان تموز/يوليو 2006، ولا سيما المزارعون ورعاة المواشي، بعدما طمرت العوامل الطبيعية من رياح وأمطار وعواصف تلك القنابل في الأرض.
وأضاف هذا “ما عقّد عملية نزعها وباتت احتلالاً مدفوناً في الأرض على الرغم من مرور أعوام على انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان يومها، حين ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 5 ملايين قنبلة أدت حتى اليوم إلى استشهاد وجرح مئات الأشخاص، ومنهم من أصيب بإعاقات وعمليات بتر لأقدامهم، وغالبيتهم فقدوا عيونهم وهم من المزارعين والرعاة.
ما هي القنابل العنقودية؟
القنابل العنقودية هي أسلحة تنفتح في الهواء وينطلق منها عدد كبير من الذخائر أو القنابل الصغيرة التي تنتشر على مساحة واسعة بهدف تدمير أهداف متعددة في وقت واحد.
يتم إسقاط الذخائر العنقودية من الطائرات على شكل قنبلة أو يتم إطلاقها على شكل صواريخ من مدافع الهاوتزر والمدفعية وقاذفات الصواريخ. تحتوي الذخائر العنقودية على مئات القنابل الصغيرة التي تنتشر في مناطق واسعة تتفاوت مساحتها بين مساحة ملعب كرة القدم وبين عدة هكتارات، ما يجعلها تتسبّب ليس في مقتل الجنود فحسب وإنما أيضاً المدنيين والكثير من الأطفال.
تمّ استخدام القنابل العنقودية منذ الحرب العالمية الثانية واستخدمت أيضاً على سبيل المثال في حرب الفيتنام عندما أطلقت الولايات المتحدة نحو 260 مليون قنبلة صغيرة فوق لاوس تاركة دماراً وتلوّثاً كبيرين.
وحتى بعد مرور عقود من الزمن يمكن أن تتحوّل القنابل التي لم تنفجر بعد إلى فخٍّ مميت للكثيرين. فالقنابل العنقودية لا ينفجر منها عند الارتطام سوى 40 بالمئة، في حين تظل القنابل الأخرى قابلة للانفجار في أي لحظة مما قد يتسبّب في مقتل أو تشويه الكثير من الأشخاص، بحسب منظمة الإغاثة “هانديكاب إنترناشونال”.
تظل الذخيرة جاهزة للانفجار في أي وقت وهي تعمل بطريقة كارثية مماثلة للألغام الأرضية وتجعل المناطق المتضررة غير صالحة للسكن في بعض الأحيان.
يتأثر المدنيون على وجه الخصوص من الذخائر العنقودية. فقد أفاد رصد قامت به منظمة “هانديكاب إنترناشونال” لعام 2022 أن 97%من الضحايا في تلك الفترة من المدنيين وأن 66% منهم هم من الأطفال.
التأثير البيئي وكلفة إزالتها
فيما يتعلق بالتأثير البيئي للقنابل العنقودية، فإن الدولة الملوّثة أرضها بهذه الذخائر، لا تستطيع استغلال أرضها ومواردها الطبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى بطء في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كذلك تتحمّل أيضاً تكلفة مالية كبيرة، في حال قرّرت تنظيف الأراضي من الذخائر العنقودية غير المنفجرة، حيث أن كلفة إزالة كل ذخيرة عنقودية غير منفجرة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحد الأدنى من تدابير السلامة، يبلغ معدلها بين 2000 و 3000 دولار وفقاً لطبيعة الأرض.
ولا يخفى ما لهذا السلاح من تأثير على البيئة أيضاً، إذ يؤدي انفجار الذخيرة العنقودية إلى تلوّث التربة، ويجعل منها أرضاً ميتة لا تنتج شيئاً. ومما يزيد الأمر تعقيداً أن الذخائر العنقودية يمكن أن تنتقل من مكانها، بفعل عوامل الطبيعة كالسيول والانجراف الطيني، وهذا سيؤدي إلى تلويث مناطق، عدّت في السابق خالية من الذخائر العنقودية غير المنفجرة.