بعضهم أولياء بعض
د. أسماء عبدالوهاب الشهاري
ليست صدفة -وإنما هي تدابير الله سبحانه وإن جرت على أيدي أشر خلقه- ان يستشهد سليماني مع ابو مهدي المهندس. أو أن يلحق السنوار هنية و السيد هاشم صفي الدين السيد حسن نصر الله خلال فترات قصيرة ومتقاربة جدًا.
وكلهم على ذات الدرب وفي نفس السياق بعضهم من بعض فهي أمة واحدة وقد جمعتهم الغاية الواحدة وساروا جميعا على ذات الطريق. وهي طريق المقدسات والحرمات ونصرة أبناء الأمة المستضعفين والصلاة في القدس كما يحصل من موقعهم في السماء الآن.
فأعداء الله الذين يظنون أنهم يحققون انجازا عظيما فهم إنما يحققون رغبة هؤلاء الشهداء العظماء ويزيدونهم فضلا إلى الفضل العظيم الذي تحقق لهم على أيديهم.
وكم قد تكرر ذلك مع الكثير من شهدائنا العظماء.
أولئك ممن كانوا سويًا في ساحات الجهاد والعشق الإلهي. ومن شدة ما يرون من عظيم فضل الله ونعمه في جنات النعيم المقيم. فإنهم لا يطيقون عدم مشاركة رفقاء دربهم وجهادهم المقدس لما هم فيه من المكانة العظيمة وما هم عليه من الفضل الكبير ولو لهنيهة.
ولأنهم شهداء أحياء ولهم مكانة خاصة عند بارئهم لم تكن لغيرهم فهم الوحيدون دون غيرهم من يضاهئون الملائكة والأنبياء في مكانتهم وقربهم. ومن شدة اشتياقهم للحاق رفقاءهم بهم وأن يعيشوا معهم في أعلى درجات السماء وهم يرزقون فرحين ومستبشرين. فهم لا يطيقون بعدًا عنهم وهم من كانوا قد تقاسموا وتشاركوا أعظم لحظات الصبر والبذل والفداء والتضحية فداءً لدين الله والمستضعفين. فكيف يطيقون بعدًا عنهم وهم في نعيم الله المقيم.!
فتراهم يتمنون في كل لحظة ان يكونوا معهم في كل تلك المكرمات وفي أعلى تلك الدرجات وهم في مقام الكرامة والقرب العظيم من الله. فإن الله قد يعلم باشتياقهم ولوعة قلوبهم فيرفعهم إليهم حتى يكونون جميعًا معًا في ذات الفضل والقرب. فهو الشيء الوحيد الذي كان ينقصهم وما كان الله قد كتب لمثلهم أن ينقصهم من شيء. فيلحقهم بهم سريعًا حتى يكونون سواء في مقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.
يقول الله تعالى: ” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ”
اللهمَّ ألحقنا بهم صالحين. اللهمَّ آمين