القاعدة العسكرية تقول “غير مكانك لكن لا تغادر الميدان”، صورت كاميرا العدو اللحظات الاخيرة للسنوار، والحق ما شهدت به الاعداء، فلم يتخيل هؤلاء ان طائرة مسيرة ستقوم بفضح أكاذيبهم وتُظهر مدى تقزمهم امامه، اذ اظهرته وهو جالس بهدوء على كرسي غير مختبئ ولا خائف كأنه ينتظر الخلود، مقبلاً غير مدبر بذخيرة نافده ويداً مصابة.
لقد أعمي على ابصارهم وعقولهم فلم يُمهلهم القدر ان يصوغوا لاستشهاد السنوار، سيناريو مكذوب كسرديتهم الخائبة، تنطلي على السذج من العقول، فصوروه كما هو اسد جريح في عرينه بيده عصاه يهش بها عليهم كالأغنام.
ان الحق لا يحتاج سوى رجال تؤمن بما تقوم به، وحبيبة يُستقتل من أجلها وهي (الارض) وهذا ما ذكره السنوار نفسه في روايته (الشوك والقرنفل) والذي كتبها وهو خلف قضبان الأسر، حيث قال؛ يبدو ان قدرنا هو ان نعيش حباً واحداً فقط، وهو حب الأرض ومقدساتها وترابها وهوائها، كلام لن يفهمه اشباه الرجال، ومن لم يعتنقوا الحب بعد.
مع بداية الهجوم البربري الاسرائيلي على غزة وتمدده على الجنوب اللبناني، وأنا انظر بعين المراقب الى نشرة الاخبار بشكل يومي، وأتسأل الى اين نمضي؟ والى متى هذا الاحتراب والاحتراق؟ وكيف سينتهي؟ الى ان ايقنت انها البداية فقط.
ان سلسلة الاحداث تدفع الجميع دفعاً، للاصطفاف اما مع الحق او مع الباطل، اما مع العزة او الذلة، اما مع النصرة والخذلان، اما ان تكون مع اصحاب الأرض او مع مستعمريها وغاصبيها، لا مجال للمهادنة ولا توجد ارض رمادية يقف عليها اصحاب الحياد.
يقول تشرشل “لا يمكنك التفاوض مع النمر ورأسك داخل فمه” كذلك لا يمكن ان ترد على الرشقات الصاروخية ببرقيات دبلوماسية خجولة تنادي بالشجب والاستنكار!
كنا نقرأ في كتاب التاريخ ونحن صغار ان للأمة عدو واحد وهو العدو الصهيوني الغاصب، الذي اغتصب قبلة المسلمين الاولى ومسرى الرسول، وتحرير الارض هي قضية العرب الأولى.
كيف تقهقر الواقع الى مهادنة وتطبيع ومصالح مشتركة، وكيف نجح العدو في شراء صمت العربي، وشراء العبيد الذين تتعالى اصواتهم في الدفاع عن العدو، وتبرير هجماته، وتخوين المقاومة بل جعلها سبب الدمار، وعدم استقرار المنطقة.
ومن هنا نعلم ان عصا السنوار لم تسقط في فراغ بل سقطت على من زّيف الحقائق وقّلب الموازين وضَلل الرؤية وتلاعب بعقلية جيل بأكمله، سقطت العصى على خذلان العرب وجُبن الذكور واخزتهم بالدنيا والاخرة.