غزة تعيد رسم الخريطة
غزة تعيد رسم الخريطة
يمني برس- بقلم- غيداء شمسان
تتصاعد أصوات الانهزام منْ وراء جدْران العدو الصهيوني، أصوات تختفي خلف صخب أخبار التطبيع المزيفة، ولكنها تكشف عن حقيقةٍ لا تنكر: فشلٌ ذريعٌ في غزّة، وحراك يتزايد في داخل الجيش والحكومة فالعدوان على غزة، الذي كان يفترض أَن يحقق “النصر” للصهاينة، انتهى بهزيمة استراتيجيةٍ، أثبتت بأَوضح الأُسلوب أَن مقاومة الشعوب أقوى من كل عتاد عسكري فغزة التي حصرت، وقصفت، وحددت بجدران الاحتلال، لم تخضع، بل أثبتت أَن إرادتها لا تقهر، وأَن روحها لا تخمد بالنار.
لم يخف الصهاينة هزيمتهم في غزة، فالتقارير تتحدث عن فشلٍ استراتيجيٍّ، وعن هزةٍ قويةٍ في جيش العدوّ فقد وصلت المطالبات بِاستقالة نتنياهو، وتزايدت صوت المعارضة في داخل الكيان، مؤكدة على أَن السياسات التي تتبعها الحكومة مفلسة، وأن الطريقة التي تدير بها الصراع مع فلسطين بعيدة عن صناعة النصر ولكن نتنياهو، بدلاً من مواجهة فشله في غزة، حاول التعويض عنه بالعدوان على جِنين، مرتكبًا مزيدًا من الجرائم ضد الشعب الفلسطينيّ فهل تعتبر مجازر جِنينَ طريقًا إلى النصر؟!، أم هي مجرد شهادة أُخرى على فشل الاستراتيجية الصهيونية؟
ولكن ما يزيد من خطورة الموقف، هو التزامن بين التصعيد الصهيوني وتنصيب ترامب، الذي يحاول فرض صفقة القرن، وضمّ الضفة الغربية، وتهويدها إنها صفقة لا تملك إلى أُخرى، ولا تستحق القبول، وتواجه عقبات كبيرة داخل فلسطين وخارجها، فلا شعب فلسطين سيسلم بهذه الصفقة، ولا العالم سيوافق عليها فما هو إلا حلمٌ ضائعٌ، وسراب يتلاشى بفعل مقاومة الشعب الفلسطيني.
وفي سياقٍ متصل، يعلن ترامب عودة “قطار التطبيع”، مركزا على السعودية كمحطةٍ أساسية وتبدو هذه الخطوة بمثابة استئنافٍ لِمرحلةٍ سوداءٍ من الابتزاز والاستغلال، مستخدمًا الخوف من الصراع كسلاح لفرض مصالحه، ولكن، هل يستطع ترامب أو أي من أتباعه أن يغيروا مسار التاريخ؟ أَم أَن إرادة الشعوب ستظل أَقوى من كل الضغوط والتهديدات؟
يعد العدوان على غزة وجنين، ومحاولات دفع صفقة القرن، وإعادة التطبيع، محاولاتٍ يائسةً من الصهاينة وحلفائهم، لكي يغيروا مسار التاريخ، ولكنهم يواجهون مُقاومةً شعبيةً شرسةً، مُقاومةً تتغذى من عمق الإيمان والعزيمةِ، فالمعركة ليستْ معركة سلاحٍ وحسب، بلْ هي معركة دينية،وفكريةٌ وإنسانية، والنصر لن يتحقق إلا بإرادة شعبية صامدة، بوحدة أموية تعلن رفضها للسياسات الاستعمارية، ورفضها للسّيطرة الأجنبية، والتزامها بدعم قضية فلسطين فغزةُ اليوم ليست مجرد قطاع محاصر، بلْ هي رمز لمقاومة الشعوب ضد الظلم والاحتلال، وجنين اليوم ليستْ مجرد مدينة متحدية، بل هي شهادة على أَن النصر في النهاية سيكون للشعوب.
وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا.