الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد الرئيس صالح علي الصماد
الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد الرئيس صالح علي الصماد
يضع السيد القائد عبدُالملك بدر الدين الحوثي -يحفظُه الله- جريمة استشهاد الرئيس صالح علي الصماد ضمن الاستهداف الأمريكي لليمن.
ويجدِّدُ في كُـلّ خطاباته بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس الصماد التأكيد على أن الأمريكي هو المسؤول الأول، في الاستهداف للشهيد الصماد؛ لأَنَّ الأمريكي “لا يطيق ولا يتحمل هذا النوعَ من الأشخاص أن يكونوا في هذا الموقع من مواقع المسؤولية”.
ويشير السيد القائد في خطابه الأخير بهذه المناسبة إلى أن “الأمريكي يريدُ أن يكونَ كُـلّ الزعماء في العالم العربي والإسلامي خانعين له، مطيعين له، موالين له، مستسلمين له، يقبلون بكل إملاءاته، يُقدِّمون ثرواتِ شعوبهم له، وفي نفس الوقت يفتحون له كُـلّ شيء، يفتحون المجال لانتهاك السيادة، لاحتلال الأرض، لأن تكون له قواعد عسكرية أينما يشاء ويريد، وأن يخترق كُـلّ المجالات في بلدانهم، بإملاءاته في كُـلّ المجالات: في المجال السياسي، في المجال التعليمي والتثقيفي والخطاب الديني، وفي الجانب الاقتصادي، أن يتدخل في كُـلّ شيء، دون أية ممانعة أَو اعتراض”.
هذا النموذجُ من الزعماءِ الطائعين الذليلِينَ للبيت الأبيض، كان خارجًا عن السياق، وهي حالة استثنائية في الوطن العربي، الذي اعتاد زعماؤه على تقديم الطاعة للأمريكي بكل ذل واحتقار.
وخلال مسيرته في العمل السياسي، امتاز الشهيدُ الصماد بالصدقِ في أقواله، وأفعاله، وكان كذلك حين وصَلَ إلى السلطة بعد اتّفاقٍ مع شركاء العمل السياسي عام 2016م؛ ولهذا ظل مخلصًا وفيًّا، مكافحًا، يعملُ بكل هِمَّةٍ ونشاط، ومقدِّمًا المبادرات المتواصلة للنهضة بالبلد، رغم ظروف العدوان والحصار التي عاشها اليمن خلال فترة حكمه.
ويلخص السيد القائد في خطاب سابقٍ أهدافَ العدوان الأمريكي من وراء اغتيال الشهيد الصماد في 3 نقاط:
الأولى: سعيه لتفعيل القدرات والإمْكَانات الرسمية، في التصدي للعدوان وخدمة الشعب.
الثانية: علاقته القوية بالوسط الشعبي، التي يُفَعِّلُهَا بشكلٍ تامٍّ في التعبئة الشعبيّة، ضمن هذه الأولوية الأَسَاسية.
الثالثة: قدرته الفائقة على توحيد الصف الداخلي والوطني، وجمع التيارات بمختلف مكوناتها”.
محاولةٌ لحرف مسار الحقيقة:
بعدَ أَيَّـامٍ من إعلان استشهاد الرئيس صالح الصماد، نشرت مجلة [فورين بوليسي] الأمريكية تقريرًا، زعمت فيه أن الشهيد الصماد قتلته طائرةٌ إماراتيةٌ مسيَّرة موجَّهة من غرفة عمليات داخل الإمارات، معتقدة أن [أبو ظبي] أصبحت أكثر شراسة في حربها على اليمن.
وبحسب المجلة فَــإنَّ ضابطًا في غرفة العمليات في الإمارات أصدر أوامرَه لمَن بالغرفة بعد أن “حدّدوا الهدف، قائلًا: “اقتلوهم! اقتلوا هؤلاء الناس”، وأنه في تمام الساعة الثانية ودقيقتين بعد الظهر تمت الضربة الثانية وضجَّت غرفة العمليات بالتصفيق.
التشكيك بالنسبة لنا هنا ليس في مسألة التصفيق في غرفة العمليات، فهذا بالتأكيد حدث، والفرحة قد عمَّت الإمارات والسعوديّة، فالشهيد -رضوان الله عليه- كان الشوكةَ في حلوقهم، لكن ما لا نؤمن به إطلاقًا، هو الادِّعاء بأن الإمارات هي المجرم والقاتل في هذه العملية؛ لأَنَّنا بذلك نستثني الأمريكيين من هذا الجرم الكبير.
ويمكن القول: إن الشواهد كثيرة ومتعددة على التورط الأمريكي في اليمن؛ فالعدوان على بلادنا، أُعلِنَ من واشنطن، بلسان سعوديّ، وفي بيان تلاه السفير السعوديّ آنذاك عادل الجبير، وبعد ساعات أعلن الرئيس الأمريكي أوباما مباركته للعملية، مؤكّـدًا أن بلاده ستقدم الدعمَ اللوجستي لهذه الحملة.
ولهذا، بذلت واشنطن جهودًا استخباراتية كبيرة في اليمن، ساعدها في ذلك عاملان:- الأول: شبكة الجواسيس التي شكلتها على مدى سنين طويلة، والتي زودت واشنطن بالمعلومات الكافية والشاملة عن اليمن، والحركات السياسية والحزبية فيه. في حين يتمثل العامل الثاني بالدور السعوديّ في اليمن، ونشاطه الاستخباراتي والعسكري متعدد الأوجه.
أمرٌ آخر، يؤكّـد حتميةَ الدور الأمريكي في اغتيال الرئيس صالح الصماد، وهو أن الجريمةَ تمت بطائرة استطلاع أمريكية من نوع [إم كيو 9]، وهذا النوعُ من الطائرات لا تمتلكُه السعوديّة ولا الإمارات، ولا أدواتهما؛ ما يؤكّـد أن الاغتيالَ يحمل البصمة الأمريكية بامتيَاز.
السفيرُ الأمريكي ومسيرةُ البنادق:
وخلال العدوان السعوديّ الأمريكي على بلادنا، بذلت واشنطن جهودًا كبيرة، محاوِلةً إلحاقَ الهزيمة باليمن وبثورته الفتية (ثورة 21 سبتمبر)، ولهذا اتجهت أمريكا لتحقيق هذا الهدف في ثلاثة مسارات: [سياسي، عسكري، اقتصادي].
من الناحية السياسية، ظلت التصريحاتُ السياسية والدبلوماسية تلازمُ العدوان على بلادنا، وتساندُه في مجلس الأمن الدولي، وفي كُـلّ المحافل الدولية، وتبرّره وتحاولُ شرعنته، وتقلِّل من جرائمه. في حين عملت في الجانب الاقتصادي على تضييقِ الخِناقِ على اليمن، وتفتيشِ السفن في جيبوتي، ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة، وهو ما خلق أكبَرَ أزمة إنسانية في العالم.
أما عسكريًّا، فظلت أمريكا، من خلال ضباطها وجنودها تُديرُ المعركة على الأرض، وتقدِّمُ المعلومات الاستخباراتية، وتهيِّجُ المرتزِقة لفتح جبهات جديدة.
ومن ضمن مراحل التهييج للأعداء للسيطرة على البلد، وصلت إلى الشهيد الرئيس الصماد معلوماتٌ تفيدُ بأن العدوّ يحشد للسيطرة على محافظة الحديدة غربي اليمن، وأن السفير الأمريكي قال إنهم سيدخلون المدينة، وإن أبناءَها سيستقبلونهم بالورود.
التصريح الوقح للسفير الأمريكي، دفع الرئيس للنزول إلى الحديدة، لتحشيد الناس ضد هذا التصعيد، رغم استشعاره للمخاطر التي تحدقُ به؛ فطيران العدوان كان يترصَّده ويتعقبه، وقد استهدف موكبَه بعد زيارته لمحافظة ذمار قبل عشرة أَيَّـام من استشهاده.
وصل الرئيس الصماد إلى الحديدة، وبدأ على الفورِ في حشد الناس، وتأليبهم ضد العدوّ الأمريكي، داعيًا للخروج في مسيرة تسمى “مسيرة البنادق”، والتأكيد على أن أبناءَ المحافظة “سيستقبلون أيَّ تصعيد على رؤوس البنادق”، وبعد ساعاتٍ لقي الرئيس الصماد ربه، في جريمة اغتيال آثمةٍ من قبل الأمريكيين.
لن تتمكّن أمريكا من حجب الحقيقة، فالشمس المضيئة الساطعة لا يمكن حجبها بغربال، وجريمة استهداف اليمن والعدوان عليه، يؤمنُ بها الشعب اليمني كُـلّ الشعب؛ ولهذا تظلُّ القناعة الراسخة لدى الشعب اليمني بأن القاتلَ الأولَ للشهيد الصماد هي أمريكا، ولن تفلت من جريمتها.
المصدر : المسيرة