شواهد الفشل تتغلّبُ على صمت البنتاغون: اعترافاتٌ أمريكية بإسقاط 21 طائرة (إم كيو-9) في اليمن
شواهد الفشل تتغلّبُ على صمت البنتاغون: اعترافاتٌ أمريكية بإسقاط 21 طائرة (إم كيو-9) في اليمن
يمني برس- تقرير
على الرغم من تكتُّمِ البنتاغون، نقلت وسائلُ إعلام أمريكية خلال الـ24 ساعة الماضية عن مسؤولين أمريكيين اعترافاتٍ جديدةً بإسقاط طائرة (إم كيو-9) التي أعلنت عنها القوات المسلحة، أمس الجمعة، لتكون الطائرةَ السادسةَ في عهد إدارة ترامب، والعشرين منذ نوفمبر 2023م؛ الأمر الذي أعاد التذكيرَ بالفشل الذريع للعدوان الأمريكي في تحقيق أهدافه، وعجز الإدارة الجديدة عن الخروج من واقع الهزيمة التي مُنِيَت بها سابقتها أمام اليمن.
ونقلت كبيرة مراسلي الأمن القومي في شبكة “فوكس نيوز” جينيفر غريفين، اليوم السبت، عن مصادر في إدارة ترامب قولها إن طائرة (إم كيو-9) جديدة تم إسقاطها من قبل الجيش اليمني، وذلك بعد ساعات من إعلان ناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع عن إسقاط الطائرة أثناء تنفيذها مهامَّ عدائيةً في أجواء محافظة صنعاء.
وأشَارَت شبكة “فوكس نيوز” إلى أن “هذه هي سادس طائرة من نوع (إم كيو-9) يتم إسقاطها في اليمن منذ 3 مارس الماضي، وخلال إدارة ترامب، وهي الخامسة من نوعها منذ أن بدأت القيادة المركزية الأمريكية غاراتها اليومية على اليمن في 15 مارس”.
وأضافت أن “الجيش الأمريكي يقصف اليمن منذ 35 يومًا متتاليًا، ومع ذلك يواصل اليمنيون إطلاق الصواريخ لإسقاط هذه الأصول الأمريكية باهظة الثمن، ويواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية على إسرائيل” مشيرة إلى أن الملاحة الأمريكية والصهيونية لم تُستأنَفْ عبر البحر الأحمر كذلك.
وذكّرت الشبكةُ بأن “تكلفةَ كُـلّ طائرة (إم كيو-9) تبلُغُ حوالي 30 مليون دولار، وَفقًا لدائرة أبحاث الكونغرس”.
ونقلت عن مصدر وصفته بـ “المطلع” قولَه: إن “عددَ الطائرات التي أسقطها الجيشُ اليمني منذ أُكتوبر 2023، قد يصل إلى 20 طائرة، برغم أن بعضَ المسؤولين الأمريكيين لا زالوا يصرّحون عبر وسائل الإعلام أنها 16 طائرة، وهو ما يشكّل أولَ اعتراف واضح بالإحصائية الرسمية للقوات المسلحة والتي يرفُضُ البنتاغون دائمًا التعليقَ عليها، ويُصِرُّ على عدمِ الكشف عن أية إحصائية رسمية من جانبه؛ نظرًا للإحراج الذي يمثله هذا العدد الكبير.
وأشَارَت “فوكس نيوز” الأمريكية إلى أن الجيش الأمريكيّ بات يخبر القادة العسكريين أنه “لا يوجد ما يكفي من هذه الطائرات لوحداتهم القتالية” في إشارة إلى الاستنزاف التي تتعرض له الترسانة الأمريكية من هذه الطائرات، والحاجة الماسة لدى الجيش الأمريكي لها؛ كونها تعتبر الأحدث والأكثر تطورًا بين الطائرات الأمريكية المسلحة غير المأهولة.
بالإضافة إلى ذلك، نقلت مراسلة الأمن القومي والبنتاغون في شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية كورتني كيوب، عن مسؤولَينِ أمريكيَّينِ اثنين اعترافَهما بإسقاط الطائرة الجديدة.
وأضافت أنه “على الرغم من أكثر من 500 غارة جوية أمريكية ضدهم، لا يزال اليمنيون يُسيطرون على المجال الجوي” في إشارة واضحة إلى فشل العدوان الأمريكي في تدمير القدرات العسكرية اليمنية، بما في ذلك قدرات الدفاع الجوي التي زعم الجيش الأمريكي عدة مرات أنه استهدفها.
وقالت مراسلة “إن بي سي نيوز”: إن القيادة المركزية الأمريكية “توقفت عن مشاركة أية تفاصيل بشأن العمليات في اليمن” وإن “إدارة ترامب ترفُضُ تقديمَ أية معلومات حول تفاصيل الحملة الحالية على الإطلاق، باستثناء الإعلانِ المتكرّرِ عن نجاح الهجمات بدون وجود أية أدلة تثبت ذلك”.
ويشير هذا التناول إلى أن سياسة التكتم التي يعتمدها البيت الأبيض تعزز تقييمات فشل العدوان على اليمن حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، وأنه مع مرور الوقت وتراكم الخسائر التي لا تستطيع واشنطن إخفاءَها بشكل كامل يتحول العدوان أكثر فأكثر إلى مأزِقٍ كبير للإدارة الأمريكية الجديدة وربما بشكل أسرعَ مما كان الوضع في الإدارة السابقة.
تكامُلُ فشل الاستراتيجيات الإعلامية والعملياتية للعدو:
في السياق نفسه أَيْـضًا نشر موقع “مليتاري” العسكري الأمريكي، أمس الجمعة، تقريرًا، ذكر فيه أنه “بعد أكثر من شهر من إعلان حملة قصف غير محدّدة المدة في اليمن، لم تقدم وزارة الدفاع سوى معلومات قليلة، وترفض القيادة المشرفة على الحملة الإجَابَةَ حتى على الأسئلة الأَسَاسية حول ما أنجزته القواتث الأمريكية في المنطقة”.
وشكّك التقريرُ في الدعاية الرسمية للجيش الأمريكي بشأن تحقيق نجاحات عملياتية في اليمن، مُشيرًا إلى أن “القيادة المركزية التي تشرف على جميع العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، أمضت الثلاثين يومًا الماضية في نشر منشوراتٍ شبهِ يومية على وسائل التواصل الاجتماعي حول عملياتها في اليمن، لكن هذه المنشورات لم تكن أكثرَ من مقاطع فيديو لعمليات جوية على متن حاملة الطائرات في المنطقة، وتصريحات عامة”.
واعتبر التقرير أن “الرفضَ القاطعَ لتقديم حتى أبسط التفاصيل حول ما يفعله أفراد الخدمة في عملية عسكرية كبرى – والتي من المرجح أنها لم تُنفّذ منذ سنوات – هو أمرٌ غير مألوف للغاية، خُصُوصًا وأنه يقترن مع غياب شبه تام للإحاطات الصحفية من المتحدث باسم البنتاغون، في ظل تزايد عدد التقارير التي تفيد بأن المهمة لا تحقّق أيًّا من أهدافها الأوسع”.
وأشَارَ التقرير إلى أن التكتم الذي يمارسه البنتاغون في عهد إدارة ترامب يتجاوز حتى مستوى التكتم الذي كانت تمارسه الإدارة السابقة.
ولفت إلى أن “التفاصيل القليلة المعلَنة أَو التي جمعها الصحفيون ترسمُ صورةً لحملةٍ يبدو أنها تُكبِّدُ التكاليف وتُنفِقُ مخزوناتٍ ثمينة من الذخيرة، لكنها لا تُحقّق سوى القليل في هدفها المُعلَن، وفي غضون ذلك، أشَارَت تقارير متعددة إلى أن الهجمات الجوية من غير المُرجّح أن تكون كافيةً، بل قد تُشجّع اليمنيين أكثر”.
وأوضح التقرير أن العدوان الأمريكي “لم يُحدِثْ فَرْقًا” فيما يتعلق باستعادة حركة الملاحة الأمريكية والصهيونية في البحر الأحمر، مُشيرًا إلى أن أسعار التأمين على السفن الخاضعة للحظر اليمني لا تزال مرتفعة.
وقال التقرير: إن القيادةَ المركزية الأمريكية ترفُضُ حتى توضيحَ ما إذَا كانت لديها “أية مقاييسَ تُظهِرُ تأثيرًا إيجابيًّا” فيما يتعلّقُ بإعادة حركة السفن المحظورة في البحر الأحمر.
وتشير هذه الأصداء إلى أن فشل الاستراتيجية الدعائية لإدارة ترامب فيما يتعلق باليمن صار يتكامل بشكل واضح مع فشل الاستراتيجيات العملياتية والتكتيكية، بصورة تحاصر البيت الأبيض وتحشره بين خيارات صعبة؛ فإما الاعتراف بالخسائر وإعلان الفشل، أَو مواصلة الصمت لعدم توفر أية أدلة على نجاح العدوان، ومع تراكم الإخفاقات فَــإنَّ الفرق بين هذه الخيارات يتضاءل بشكل مُستمرّ.