الشهيد علي هادي حسين الأسطى .. نموذج المجاهد الأمين
بقلم/ حمود عبدالله الأهنومي
شاهدت قبل قليل بقية من برنامج رائع على قناة عدن بعنوان (على خطى الشهيد)، هو عبارة عن مقابلات مع والد الشهيد، وأخيه الصغير، وزملاء له، وأصدقاء، وجيران.
عرفت أنه من بني الحارث محافظة صنعاء.
وأنه كان في أول أمره رجلا متدينا
التحق بجماعة الدعوة والتبليغ، ولكن لم يحمد بعض طرائقهم، فتركهم.
ثم في 2006م التحق بحركة أنصار الله، ولما وجدهم قال لأبيه: الآن وجدت من كنت أبحث عنهم، واقتنعت بهم.
في ثورة 2011م كان أحد الشباب الثائرين، يحكي أبوه عنه موقفا يدل على عظيم ثقته بالله رب العالمين.
والده الذي يبدو من خلال اعتراض حشرجات البكاء على كلماته أنه بات يحترمه احتراما كبيرا، ويجله إجلالا بالغا، ويعتبره قديسا على هذه الأرض.
قال له مرة أيام ثورة 2011م: كيف تأتي في آخر الليل من ساحة التغيير، ألا تخاف أحدا يعترضك، ألا تخشى من أحد أن يضرك؟
فأجابه إجابة أبكت والده وهو يرويها، قال له: يا ليت ذلك يحصل، سأفوز حينها برضون الله، إنها الشهادة يا أبي.
من مواقفه الكريمة والتي وردت على لسان أحد جيرانه، أنه لم تكن هناك مشكلة لأحد، أو قضية، إلا ويسعى الشهيد في حلها، يقول هذا الجار، وقد كان يعاني من مشكلة، إن الشهيد لما سمع بهذه المشكلة وطّد نفسه على حلها، وأنه استطاع أن يحلها في غضون 48 ساعة، مضيفا: أنه لن ينسى جميله، ومعروفه فيه، وأضاف أيضا: أن الشهيد أصبح مدرسة لكل أبناء حيه، وجيرانه، وأنه أصبح نموذج الرجل الوفي، ذي المروءة، والنجدة. وأنه أصبح أستاذا لأحد أولاده الذي انطلق للجهاد بسببه.
ويروي أخوه الوحيد، وهو طفل لا يتجاوز الـ12 ربيعا تقريبا: إنه كان يسعد بوجود أخيه، إلى جانبه، وأنه كان يلاعبه، ويتحدث معه، ويقرئه القرآن، وأن مما أوصاه به هو اتباع السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ونهج المسيرة القرآنية، وكلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكلام علي بن أبي طالب عليه السلام.
أما عمه فروى أن الشهيد كان من أفضل الناس، وكان لا يشاهَد إلا نادرا، وأنه لقيه في رمضان 1436هـ حين جاء لزيارة أهله يوما، فعاتبه: لماذا هكذا تأتي خلسة لزيارة أهلك؟، فقال: يا عمي إنه يجب أن نجاهد في سبيل الله، لا بد أن ندافع عن هذا الوطن. فاستشهد في رمضان بعد زيارته تلك بعد أن سطّر بطولات رائعة في جبهة الربوعة.
يقول والده: إنه كان يجل السيد عبدالملك الحوثي، ويقدره كثيرا، وأنه كان قد التقى به عددا من المرات.
أما مواقفه المشرقة في الأمانة، فمنها:
أنه لما استولى أنصار الله على بيت علي محسن الأحمر، وجد فيه الشهيد ساعة تقدّر بمليوني ريال، فسلمها للمشرف.
ويضيف مرة أنه رآه يتأبّط ثلاث مئة ألف ريال، وكان قد طلب من والده قيمة قليل من وريقات القات، فقال له أبوه: لديك ثلاث مئة ألف ريال، لم لا تخزن منها؟
أجابه: هذه ليست لي، إنها لسبيل الله، ولا يجوز لي أخذ شيء منها، وإذا لم تعطني شيئا، فسأذهب بدون قات، ولن أخزن، قال والده الكريم الطيب، وهو يحشرج بكلماته: فأعطيته أنا قيمة القات، وذهب، مضيفا: أن ولده الشهيد كان عازفا عن الدنيا، أمينا، منطلقا، مخلصا لله تعالى. وكان أمينا، ويصرب به المثل في ذلك.
يبدو من صورة هذا الشهيد البطل أنه كان متمتعا بصحة عالية، ويعلوه محيا الجمال الخلقي، الذي زاده الجمال الأخلاقي مهابة وكساه كمالا، ووقارا.
لقد استمتعت هذه الليلة بما صادفت من بقية هذا البرنامج، الذي لا أملك الا الشكر والتقدير لمن يقف خلفه، وأشجع على الاستمرار فيه، وأدعو لدعم هذه البرامج التوثيقية، التي تعنى بالشهداء، وتطويرها.
هذا الشهيد وكثيرون من أمثاله هم من يصنعون الأمة الواعية، والكريمة، والطيبة، هم من يشكلون النموذج الحي للمؤمن الواعي، والمجاهد الكريم، والصادق الأمين، هم عماد هذه الحركة، وروحها المحلق في عنان السماء.
لقد اقشعر جلدي وأنا أسمع عمه يشبهه قائلا: “كأنه كان ابن نبي”.
لاحظوا أيها الكرام الطيبون كم سيترك هذا الشهيد من نماذج وراءه، وكم سيخلق في حيِّه ومجتمعه من مجاهدين، وكم سيسلك خلفه رجال ملتزمون.
كم سيظل هذا الشهيد في مخيلتي، وكم أرجو أن تصل رساليته النموذجية إلى شباب اليمن قاطبة.
إنه اليمن الإيماني، والإيمان اليماني
استشهد الشهيد في 10 / 7/ 2015م في الربوعة.
سلام الله عليه حيا، وحيا خالدا، ورحمة الله وبركاته.
كتبت هذا بتاريخ 29/ 5/ 2016م