المنبر الاعلامي الحر

حين يكتب المُسْتَثْورون يتناسون أميركا

الكاتب والإعلامي هاشم شرف الدين


يمني برس :
بقلم: هاشم شرف الدين

أحدُ شبابِ الاصلاحِ البارزين جدا في منبر الجمعة الثورية كتبَ عبارةً في الفيس بوك عقبَ إعلان تشكيلة حكومة الوفاق مباشرة، هذا نصها:
“على قيادات الاصلاح أن تفهم أن (العيال كِبرت) ما لم فسيتحولون إلى (مدرسة المشاغبين)”.ُ

حينها أدركت مدى شغف الخطيب المفوه بالمناصبِ الدنيوية التي وصل إليها الإصلاحيون على أشلاء الشهداء ودمائهم ممن كانوا ينخدعون بخطبه المتكررة ومنها خطبة جمعة الكرامة..

منذ تشكل تلك الحكومة وبدء تقاسم المناصب ـ فيما دون منصب الوزير ـ وصاحبنا يحاول أن يعثر على المفتاح الذي أوصل زملائه إلى المؤسسات والتعيينات، حتى وجده أخيراً فبادر إلى تقديمه عبر رسالة إلى “عزيزهِ الحوثي” كما أسماها، أتت بأسلوب كتابةٍ هو دون مستوى البلاغة التي يمتلكها وكان يتحفنا بها بدايات الثورة..

قبل أيام سعدت بزيارته لجرحى الاعتداء الآثم على المشاركين في زهرة المدائن، اعتبرت انه نتاج مراجعته المتأنية لذاته.
لقد فهمتُ تلك الزيارة على أنها محاولة للاصطفاف مع الوطنيين الشرفاء الذين يأبون الوصاية الأميركية على بلدهم، الذين يصرون على مواصلة الثورة حتى تحقق كامل أهدافها.
لكن كتابته سرعان ما خيبت ظني، فأدركت أن تلك الزيارة انما كانت رسالة يبعث بها إلى قيادات حزبه وإلى الرجل الأول في نظام صالح القديم ونظامه الجديد علي محسن الأحمر، ان العيال مش كبرت بس، بل (هربت) ستهرب من الاصلاح وإلى أين؟ إلى الخصم القوي انصار الله، ما لم يتم تعيينه في منصب بأسرع وقت ممكن، وبالطبع هذا ما لا يطيق حصوله الاصلاح مطلقا نظرا لمكانة الخطيب المفوه لدى شباب الاصلاح.

وما هي إلا أيام وبعد أن غمزت السنارة ووصلت الرسالة، حتى طُلب منه أن يكُفر عن خطيئته، تلك الزيارة المتعارضة مع قيم حزبه الدموية التي قتلت اليمنيين في الجنوب وفي الشمال، ثم تاجرت بهم في ثورة حقيقية تمت سرقتها.
لكنه بادر إلى الإعتذار بكتابة رديئة التعبير ركيكة الأسلوب، ليست سوى تجسيد لحالة التناقض الحادة التي أقحم نفسه فيها، فبينما هو الثوري في المنبر الرافض للمبادرة الخليجية الحريص على الوفاء للشهداء هو السياسي المتحذلق في أماكن أخرى.
فلتهنئ يا أخي باعتذارك وبالمنصب الذي سيتكرمون به عليك، بينما سأشفق انا على ذاتك التي تمنيت لها أن تصحو لكني أتمنى لها الان أن تراقب الله فيما تعزم عليه، فهي صاحية لكنها متغافلة.
أربأ بالرجال الذين نتوسم فيهم خيرا لخدمة الوطن أن يقلبوا الحقائق بهذه الطريقة استجداء لمنصب دنيوي..
إنهم بهذا يزيدون تأكيداتنا بأن النظام لم يسقط، لم يتغير، فبالأمس كانت طريق الوصول للمنصب هو مثل هذا النفس العنصري الذي يقود إلى مثل هذه الكتابات او الخطب..

إن المغالطات التي أوردها لتدل على نفسية يمكنها ان تلبس الحق بالباطل، متصورة أن بوسعها جعل الأبيض أسودا والعكس، لكن الخطير في الأمر أن خاتمة ما كتبه لتعبر عن عقلية دموية متأصلة لدى الكاتب.
فوصف الحروب الست على صعدة بالكاميرا الخفية لهو جريمة أخلاقية تبعث التقزز في كل ذي نفسٍ سوية ترفض القتل والاعتداء.
إن أي استهزاء بالحروب الظالمة التي شنت على صعدة أو الجنوب لهو سخرية بأرواح الأبرياء اليمنيين الذين سقطوا ظلما وعدوانا بفعلها..
إن تلك الكتابة لتعكس حالة جماعية لدى الاصلاحيين تجعلنا واثقين أنهم من يقف وراء عدم تطبيق النقاط العشرين التي قررتها لجنة التحضير لمؤتمر الحوار الوطني وخصوصا الاعتذار للجنوب وصعدة، لأن الدمويين متعطشون للدماء، ويدركون ان الاعتذار سيحول دون شنهم حروبا أخرى يروون فيها ظمأهم للدماء.
وختاماً أقول للخطيب المُتثور:
هنيئا لكم ثورتكم بولائكم للسفير الأميركي الذي سلمه حزب الاصلاح وطنا كاملا يُقتل فيه اليمنيون بدم بارد وأنت وحزبك لا تنبسون ببنت شفة..
أما أنا “الحوثي” فسأواصل ثورتي حتى يسقط النظام.. ومعي كل الشرفاء..
فهمت؟

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com