الحوثيون من المتارس الى رئاسة الحوار
علي البخيتي
صورة الاستاذ صالح هبرة وهو يرأس جلسة الحوار الوطني, وعلى جانبيه يتوزع امناء عموم أكبر الاحزاب في اليمن, من اليسار الى اليمين, لها دلالات خاصة, ومعاني عميقة.
نعم هناك تغيير قد حصل, يجب أن نعترف بذلك دون مكابرة, قد لا يكون على مستوى الطموح لكنها البداية.
الاعلام الرسمي يبث وقائع تلك الجلسة, وهبرة يحمل بيده المطرقة, ليدق بها منبهاً المؤتمرين بضرورة الهدوء, ليسمعوا كلمات زملائهم, قبل اكثر من عامين كان يحمل هبرة بنفس اليد البندقية في متارس مران وحيدان وضحيان, في مواجهة حرب ظالمة خاضها ضدهم الرئيس السابق صالح وأركان حكمه.
جَيَشَ صالح كل امكانات الدولة ضدهم, حاول تشويههم عبر وسائل الاعلام الرسمية, تلك الوسائل وبنفس طواقمها تبث جلسة الحوار التي يرأسها أحد “الحوثيين”.
قد لا يكون صالح هبرة بنفس خبرة الدكتور ياسين في ادارة الجلسات, والتي مارسها منذ أن كان رئيساً لأول مجلس نواب بعد اعلان الوحدة, لكن ادارته للجلسات كانت ناجحة ولم يُغضب أحداً أو يتجاوز على أحد, وكان أكثر حكمة من بعض من أدروا الجلسات قبله, والذين ظهر ضيقهم في أحيان كثيرة.
استغل بعض الاخوان المسلمون رئاسة هبرة للجلسات وهاجموا الحوثيين بشراسة, لكن هدوء أعصابه ورباطة جأشه تغلبت عليهم, ولم يظهر عليه حتى مجرد الامتعاض.
احسست وقتها أن الدكتور ياسين لم يشعر بالضيق كما شعر غيره من أعضاء هيئة الرئاسة, فقد تجرع الاشتراكي حرباً ضروساً من نفس النظام وأدواته, وأحس بالظلم, لذلك كان ياسين فرحاً بجلوسه الى جانب أحد زملاء المظلومية, كان متعاوناً معه يشور عليه ببعض النصائح التي تساعده على ادارة الجلسة باقتدار.
تلك الصورة يجب أن نتأملها جيداً, صورة هبرة بيده المطرقة, يدير الحوار, ويسمح للأعضاء بإلقاء مداخلاتهم, بعض الأعضاء كانوا من المسؤولين السابقين الذين شاركوا بطريقة أو بأخرى في ظلم الحوثيين.
تلك الصورة تعبر عن اليمن الجديد, الذي من المهم أن تتقبلها مراكز القوى التقليدية, وأن لا تسعى الى تأزيم الأوضاع أو تفجيرها, فالمعادلات قد تغيرت, ولا يمكن لأي طرف حسم الأمور عسكرياً كالفترات السابقة, فهناك توازن القوة الذي أنتج ثقافة السلام التي بدأنا ننعم بها خلال الفترة القليلة الماضية.
لا أعتقد أن من صالح تلك المراكز انفجار الأوضاع, فقد أصبحت متخمة بالثروات وعيش القصور والفلل الفخمة, وتعودوا على حياة المدن, وأي حرب جدية – خصوصاً اذا انفجرت داخل صنعاء – قد تأخذ منهم كل تلك الجِنان, ومن هنا فعليهم الايمان بالواقع الجديد والتعامل معه بحكمة وسياسة, والخروج من الأزمة بما يحفظ لهم بعض مكانتهم وأموالهم المنهوبة.