صنعاء تعلن “المجلس السياسي”.. والرياض الخاسر الأكبر
يمني برس- تقرير – إبراهيم الوادعي
أعلنت صنعاء قبل قليل تشكيلة المجلس السياسي الأعلى وفقاً للاتفاق السياسي المبرم بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي وحلفائهما، وتكونت التشكيلة من 10 أشخاص يشكلون “المجلس الرئاسي” إن صح التعبير، إعلان يأتي بالتزامن مع انقضاء 500 يوم على العدوان السعودي الأمريكي الذي بدأ في 26 مارس 2015م.
إعلان تشكيلة المجلس السياسي الأعلى أنهى أياماً من التكهنات وحالة الانتظار في الشارع اليمني والعواصم الإقليمية حول تشكيلة هذا المجلس والمهام المناطة به، وهي في ذات الوقت تسدل الستار على جهود وضغوط دولية مورست على صنعاء لتأخير إعلان تشكيلة المجلس، ومهلة أعطتها إفساحاً لفرصة أخيرة أمام المفاوضات الجارية في الكويت، والتي وصلت إلى طريق مسدود في ظل تعنت واشنطن والرياض بتجزئة الحل السياسي عن الحل العسكري، وهو ما رفضه الوفد الوطني مؤكداً بأن يكون الحل سلة متكاملة.
الرياض تبدو الخاسر الأكبر مما يجري في ظل التصعيد الميداني على حدودها والخسائر الكبيرة التي يُمنى بها جيشها في مناطق ما وراء الحدود عقب العمليات العسكرية النوعية والكثيفة التي يشنها الجيش واللجان الشعبية، وتطبيع الحياة السياسية في اليمن بمعزل عن حلفاء الرياض.
ووفقاً لما رشح عن اتفاق القوى السياسية اليمنية فإن المجلس السياسي سيعقبه تشكيل حكومة حسب تصريح لعبدالملك العجري عضو المجلس السياسي لأنصار الله، ما سيجعل ورقة الرئيس الفار هادي وحكومته في الرياض محدودة التأثير، وسيتعامل العالم حينها مع حكومتين، حكومة تدعي الشرعية ولا تحظى بالقبول الشعبي، كما أنها لا تملك الأرض، وتستند إلى مبادرة انتهت قانونياً، وبين أخرى تملك الشرعية السياسية الناجمة عن اتفاق سياسي وطني، وتملك الأرض أيضاً وتتواجد في عاصمة البلاد الرسمية.
اعتزام بعثة الاتحاد الأوروبي إعادة فتح مكتبها في صنعاء بحسب الاتصال الذي تلقاه رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي من منسقة السياسيات الأوربية في الاتحاد الأوروبي “بيتينا موشايت”، مؤشر على اعتراف دولي سيحظى به المجلس السياسي والحكومة التي ستنبثق عن الاتفاق السياسي، ومن المتوقع أن تتبع دول أخرى الاتحاد الأوربي في إعادة فتح ممثلياتها بصنعاء والاعتراف بالشرعية السياسية الجديدة وفي المقدمة موسكو التي كان لمداخلة سفيرها لدى مجلس الأمن “فيتالي تشوركين” وقع الصاعقة على الرياض وحلفها، في إظهار أن مزاجاً دولياً قد بدا يبتعد عن أحلام وأماني الرياض في أن تكون الحرب على اليمن منسية وأن يغوص آل سعود في الدم اليمني دون محاسبة أو مساءلة ولو بعد حين.
وثمة أمر أكيد آخر، وهو أن الأموال السعودية فقدت بريقها ولم يعد لها وقع السحر في ظل غموض مستقبل المملكة مع تفاقم الخلاف بين العائلة المالكة والمشاكل الداخلية للملكة، في ظل تدني أسعار النفط وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وإفلاس العشرات من الشركات والتوقف شبه الكامل للمشروعات الإنمائية هناك – البنوك السعودية أطلقت نداء استغاثة الأسبوع الماضي جراء شحة المعروض من النقد الأجنبي – ناهيك عن الإنفاق الهائل على حروب المملكة في اليمن وسوريا عديمة الجدوى.