انصار الله يقدمون رؤية لمحتوى القضية الجنوبية
يمني برس _ خاص
طرحت اليوم رؤية مقدمة من أنصار الله في مؤتمر الحوار بمحتوى القضية الجنوبية إلى فريق القضية الجنوبية في المؤتمر جاء فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
محتوى القضية الجنوبية
رؤية مقدمة من أنصار الله
إلى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل
……………………………………………………………
قبل حرب 1994 وأثناءها لم نكن شركاء أو مشاركين في السلطة السياسية.وهذا يعني أننا غير متورطين في أزمة الوحدة وفي الحرب التي تلتها وما ترتب عليها من نتائج شكلت محتوى القضية الجنوبية بشقيها اليمني العام والجنوبي الخاص.وكان لمؤسس الحركة السيد حسين بدر الدين الحوثي موقفا متفردا ومتميزا بإدانة ورفض حرب 94م وضرورة العودة إلى تنفيذ ما نصت عليه وثيقة العهد والاتفاق ونعتقد أن هذا عنصر تميز يؤهلنا للحديث عن هذه القضية بقدر كبير من المسئولية الأخلاقية والوطنية..(وأي خطأ يمكن أن نقع فيه سيكون خطأ معرفيا لا تحركه حسابات سياسية ناجمة عن عبء التورط في صناعة هذه القضية..لذلك نحن طرف لن يصر على الخطأ عندما يكشفه الصواب، فغاية ما نسعى إليه هو الوصول إلى أكبر قدر من الحقائق التي تؤسس لحلول ناجعة..ونحمد الله سبحانه وتعالى أننا فيما يتعلق بجذور القضية الجنوبية بحثنا عنها في الزمن الذي تفاعل فيه الفاعلون في هذه القضية ولم نذهب ننقب في تاريخ الجنوب قبل 22 مايو 1990، إذ ليس لدينا عداوات من أي نوع كان مع هذا التاريخ الذي لا يخلو من الإيجابيات والسلبيات..لكن أبرز إيجابياته أنه هو وليس غيره الذي أوصل اليمن إلى 22 مايو 1990..وهذه حقيقة آن أوان الإعتراف بها من قبل كل الأطراف التي ظل بعضها لسنوات طويلة، ومازال، يحقر ويسفه هذا التاريخ الوحدوي المجيد بحقد ينم عن سقوط مروع للثقافة الوطنية لصالح ثقافة المال النفطي التي شيطنت التاريخ الوطني للجنوب ولعبت دور التوجيه المعنوي لحرب 1994.
إن تاريخ الجنوب ليس تاريخا للديمقراطية التي يرفع البعض اليوم مفرداتها في وجهه..والجنوب لا يدعي أنه كان ديمقراطيا..لكن الجنوب، وليس غيره، هو من ربط ربطا عضويا بين الوحدة والديمقراطية قبل أن يتعرف عليها اليمنيون..إن تاريخ الجنوب هو تاريخ إستعادة التاريخ، وهو تاريخ تحرير الأرض وتوحيدها، وهو تاريخ تحقيق الوحدة اليمنية المعاصرة التي ما كان لها أن تتحقق بدون أبناء الجنوب من كل روافد الحركة الوطنية اليمنية في الشمال والجنوب . ومن يريد أن يحاكم هذا التاريخ اليوم عليه أن يحاكمه من مواقع وطنية رحبة، وليس من وراء متاريس أيديولوجية، وحسابات مصالح ضيقة)
إن مصطلح القضية الجنوبية أيها الإخوة مصطلح جديد خرج من معمل الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية، ولا علاقة له بتاريخ الجنوب قبل 22 مايو 1990..وأصحاب هذا المصطلح أرادوا به التعبير عن أوجاع وآلام مصدرها نظام الشمال بعد حرب 1994، وليس نظام الجنوب قبل الوحدة..فالمصطلح وحد الجنوبيين على أساس جغرافي سياسي لتتشكل تكوينات حركات نضالية سلمية لاستعادة الجنوب التي اختطفته مراكز القوى وأيادي المتسلطين فقد اعلن الحراك السلمي بشكل علني بدء نضاله السلمي منذ العام 2007م خصوصا بعد ان مني النظام العسكري القبلي بالهزائم المتلاحقة في الحروب التي شنها على صعدة وبعض المحافظات الشمالية وانكسرت شوكتهم وقوتهم التي اجتاحوا بها الجنوب بألاضافة الى اسباب اخرى تمثلت في الاخفاقات السياسية والتدهور الاقتصادي بسبب توغل السلطة في سوء استخدام السلطة واستحواذها على الثروة وخصوصا من قبل احد اطراف التحالف على حساب اطراف اخرى وكذلك قضية الصراع على الحكم ادت كل تلك الاسباب الى تفكك التحالفات العسكرية والقبلية والدينية وهيئت لانفجار الثورة الشبابية الشعبية السلمية وتنامي الحراك السلمي في كل المحافظات الجنوبية الذي اصبح حاملا سياسيا لإيصال القضية الجنوبية إلى جميع المحافل الدولية وتمكن الحراك السلمي بكل مكوناته من التصالح والتسامح الذي انزعجت منه مراكز قوى السلطة التي كانت وما زالت تواجه هذا الحراك الشعبي السلمي ومسيراته بألآتهم العسكرية بقتل المئات واعتقال العشرات من قادته وناشطية والعمل على تشويه نشاطه المطلبي عبر أدواتهم الإعلامية وأجهزتهم الأمنية .
إن القسر بأي وسيلة عمل مضاد للوحدة فضلا عن كونه ممارسة غير أخلاقية تهدد الوحدة الوطنية للبلاد في الصميم.. فالوحدة الحقيقية لا تقوم إلا على التفاهم والمصالح المشتركة..أما إذا قامت على القهر تحولت إلى احتلال عسكري يؤدي بالضرورة – عاجلا أم آجلا – إلى بروز مقاومة ضده.
ايها الاخوة اعضاء فريق القضية الجنوبية :
يقال :إن المنتصر هو الذي يكتب التاريخ والحقيقة هي أول الضحايا ..لكن التاريخ يكتب مرة واحده ,ولا تكتبه جهة واحدة,ولا يكشف عن حقائق دفعة واحده وقد كشف التاريخ أن شعار” الوحدة أو الموت” لم يكن إلا لتدمير الوحدة ..وهو أيضا الفعل الذي استدعي شعار تقرير المصير كرد فعل طبيعي عليه .فلكل فعل رد فعل مساوي له في القوة ومضاد في الاتجاه .
وبسبب الشعارات والشعارات المضادة أصبح الجنوبي الذي يحاور ويبحث عن إمكانية الحل في إطار الوحدة يواجه بتهمة العمالة في الجنوب .والشمالي الذي يستنكر الواقع المشين الذي أنتجته الحرب في الجنوب يلاحق بتهمة الخيانة فى الشمال ..والأصوات المسموعة ألان هي لمن يطلق هذه التهم في الجهتين ..ونحن أنصار الله نعلم أننا متهمون لمجرد أننا نرفض واقع الحال في المحافظات الجنوبية..وإذا لم نقل عنة انه احتلال فهو في نظرنا ليس وحدة .وعلى الذين يقولون أنهم قاتلوا عام 1994م من اجل الوحدة وليس من اجل النطاق الجغرافي ,أن يعترفوا للشعب اليمني بأنهم خدعوا ,وان يقولوا لنا بصدق من هو الذي خدعهم حينه سنكون قد قطعنا نصف الطريق باتجاه الحل .
لذلك أيها الإخوة
نحن أنصار الله نرى أن البداية هي التشخيص الدقيق للجذور..ومن غير ذلك سيتعذر علينا أن نقبض على المحتوى..واتساقا مع تشخيصنا لجذور القضية نرى أن محتواها يتكون من شقين .
الأول :
ناجم عن أزمة الدولة في اليمن..وهذه الأزمة نتيجة طبيعية لممانعة القوى التقليدية التي ترفض أن تكون هناك دولة لكل اليمنيين..وحرب 1994 هي التعبير العنيف عن تلك الممانعة..فهي حرب ضد مشروع الدولة الذي لم يكن قد تحقق بعد 22 مايو 1990، وليس من أجل الوحدة التي كانت قد تحققت..ونتائج الحرب تثبت أن العلاقة بين الدولة والوحدة علاقة ترابط عضوي..فلا وحدة من غير دولة..ولا دولة من غير وحدة..وإذا كنا متمسكين بالوحدة فعلينا أن نقبل بدولة لكل اليمنيين.
الثاني:
فيعبر عن انهيار سلم القيم الوطنية والأخلاقية والإنسانية عند النخب التي خططت لحرب 1994 وأصرت عليها وأدارتها وخلقت واقعا إنسانيا مأساويا طال كل تفاصيل حياة الإنسان العادي في المحافظات الجنوبية..ولو أن هذه النخب إكتفت بالإنقلاب على قيادة الحزب الإشتراكي اليمني وإخراجها من السلطة لوجدت من يقول: هذا نتيجة الصراع على السلطة..لكنها ذهبت تستبيح الجنوب كله وتتعامل معه كغنيمة حرب..وهذا دليل على أنها نخب لا تتمتع بالحد الأدنى من حضور القيم الأخلاقية والوطنية والإنسانية، ولم يعد من حقها أن تتحدث عن الوحدة.
فالوحدة تحققت سلميا في 22 مايو 1990م..وخلال أقل من عامين تبين لشريك الوحدة الجنوبي ممثلا بعلي سالم البيض والحزب الاشتراكي أن دولة الوحدة لا تسير في المسار المتفق عليه لاسيما وبدأت عملية الاستهداف للكثير من القيادات العليا للحزب الاشتراكي وتفاقمت الازمة الى ان وصل الامر الى تمكن علي سالم البيض من اشراك جميع القوى والشخصيات الوطنية للوصول الى ابرام وثيقة وطنية تمثلت بوثيقة العهد والاتفاق التي تم توقيعها من جميع الاطراف بحضور دولي برعاية الملك حسين ملك الاردن وحضور ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية وكذالك حضور عصمت عبد المجيد أمين عام الجامعة العربية والتي ما ان تم التوقيع عليها حتى اعلنت حرب 94 من ميدان السبعين الذي اعتبر وثيقة العهد والاتفاق تقليصا لسيطرته على الثروة والسلطة فى حين سبقها تعبئة دينية من حلفاء النظام للتهيئة والتحشيد الشعبي والقبلي للحرب
ومعظم القوى المؤثرة في الشمال سارت وراء علي صالح الذي لجأ إلى استدعاء وتنشيط الموروث التاريخي للصراع بين الشطرين واستخدامه في الأزمة السياسية متكئا على تفوقه البشري ووضعه التحالفي الممتاز مع قيادة التجمع اليمني للإصلاح الدينية والقبلية وتحمسهما للحرب إلى جانب علي صالح.. فعندما أيقن ذلك التحالف الثلاثي أنهم لن يكسبوا المعركة في مربع السياسة هربوا من وثيقة العهد والإتفاق إلى الحرب، وأقحموا القوة العسكرية القهرية لإنهاء دور الحزب الاشتراكي اليمني في الحياة السياسية وإعادة صياغة الوضع اليمني بما يحقق لهم أهدافا بعيدة المدى.
وعشية إعلان حرب 94م لم تكن الشرعية للرئيس صالح وإنما لمجلس رئاسة خماسي منقسم على أساس شطري وسبب انقسامه خلاف ليس حول الوحدة وإنما حول دولة الوحدة .والأغلبية العددية التي أيدت الحرب في البرلمان كانت بحكم التفاوت في عدد السكان أغلبية شمالية معظمها من شيوخ القبائل والعسكريين وخطباء التجمع اليمني للإصلاح وعدد من الأميين الذين قيل أنهم لا يجيدون القراءة والكتابة .ونستطيع أن نقدم كشفا مفصلا بأسماء هذه الأغلبية العددية فى حال طلب منا ذلك .
ثم أن إعلان جمهورية اليمن الديمقراطية في 21 أغسطس 1994 جاء تاليا وليس سابقا للحرب..والبيض الذي يتهم الآن في الجنوب بأنه تسرع في تحقيق الوحدة هو نفسه الذي تأخر في إعلان الجمهورية المذكورة.. وهو لم يقدم على هذا الإعلان إلا بعد أن قدم مبادرة من ثماني نقاط لإيقاف الحرب والحفاظ على الوحدة..ونعلم جميعا أن علي صالح رفض تلك المبادرة مصرا على أن يسلم البيض نفسه لأقرب قسم شرطة.
ومع كل ذلك أصبح معظم الشماليين خائفون على الوحدة ..غير ان احدا له عقل لا يستطيع أن يدافع عن وحدة أسستها الدبابات والمدفعية وراجمات الصواريخ وقامت على الفيد والنهب، إلا إذا كان انفصاليا بالمعكوس لا يرى في الجنوب غير مناطق نفوذ ومصالح، أو كان من الدهماء التي صدقت أن الجنوب كان كافرا وأسلم بعد الحرب، وأن الجنوبيين كانوا جياعا قبل الوحدة التي أنقذتهم من الموت، وأن الحراك السلمي هو نكران للجميل وعض لليد الممدودة إلى الأفواه الجائعة.
أولا: المحتوى السياسي العام للقضية الجنوبية:
طال هذا المحتوى اليمن كله وتمثل في هزيمة المشروع الوطني الكبير ممثلا بدولة الوحدة التي حلم بها اليمنيون وناضلوا من أجلها منذ أربعينيات القرن الماضي باعتبارها وسيلة النهوض الحضاري باليمن..لكن سوء الطالع شاء أن يأتي الإعلان عن قيام الوحدة اليمنية في زمن كان فيه الشمال الرسمي والشعبي يدار من قبل مراكز قوى ونفوذ غير مؤهلة سياسيا لوحدة وطنية مع مكونات مجتمع الشمال، ولا هي مؤهلة وطنيا لوحدة سياسية مع الجنوب..وقد انتظمت مراكز القوى هذه في تحالف ثلاثي ضم الفئات التي تشكل مجتمعة ما يسمى بالقوى التقليدية..وهذه الفئات هي:
1 – كبار قادة الجيش وأصحاب السطوة في المؤسسة العسكرية.. والرابط الأول بينهم هي العصبية ذات الطابع العشائري التي توحدهم جميعا في مواجهة الغير..وقد تحولت المؤسسة العسكرية على يد هؤلاء إلى إقطاعيات خاصة، وكانت لهم مصدر القوة والنفوذ والوجاهة والمال..وبواسطة المؤسسة العسكرية صارت لهم السيطرة على السلطة التنفيذية والمؤسسات التابعة لها في العاصمة والمحافظات..ولم يكن بمقدور أي يمني أن يشغل موقعا سياسيا أو إداريا في السلطة التنفيذية وفي الجهاز الإداري للدولة على مستوى المركز والمحافظات والمديريات ما لم يكن محل قبول عند هذه الفئة التي سخرت وعملت لصالحها أجهزة أمنية واستخباراتية موجودة في كل مؤسسات الدولة…وكانت هذه الفئة هي السلطة الحقيقية في الجمهورية العربية اليمنية، أو قل مجلس الحكم غير المعلن الذي يدير أمور البلاد من خلال الرئيس السابق.
2 – كبار شيوخ القبائل الذين يرون أنفسهم الورثة الشرعيين لحكم بيت حميد الدين..وقد استخدموا عصبياتهم القبلية لاختطاف الدولة بعد ثورة 26 سبتمبر 1992 واعتبروا أنفسهم أصحاب الثورة والدولة..وقد ظل هؤلاء ومازالوا أصحاب السطوة في السلطة التشريعية فضلا عن النفوذ الاجتماعي..وهم طرف أساس في نظام الجمهورية العربية اليمنية عشية الإعلان عن الوحدة، وكانت لهم تحفظات كثيرة عليها.
3 – علماء السلطة الذين لعبوا دور الجبهة الأيديولوجية للنظام في الشمال عشية الوحدة..وهم أيضا أصحاب السطوة في منظومة التعليم .وهم المسئولون عن فساد هاتين المؤسستين..وقد وقف هؤلاء ضد دستور دولة الوحدة .
هذه الثلاث الفئات هي التي وقفت ضد المشروع الوطني الممثل في دولة الوحدة، وهي التي دفعت البلاد إلى حرب 1994..فالحرب عبرت عن إرادتها هي وما كان لها أن تندلع بغير هذه الإرادة..لكن ما كان بمقدور هذه الفئات أن تذهب إلى الحرب من غير تحالف واسع..وقد تشكل هذا التحالف من المكونات التالية:
1 – بعض ممثلي البيروقراطية المدنية في جهاز الدولة..وهؤلاء كرسوا أنفسهم لخدمة الفئة الأولى في التحالف الثلاثي وضمنوا لأنفسهم مصالح كبيرة.
2 – بعض التجار الذين كونوا ثروات مهولة بطرق غير مشروعة مستفيدين من فساد النظام ومن علاقتهم بالفئتين الأولى والثانية في التحالف الثلاثي.
4 – حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تأسس في سبتمبر 1990..وكان حين تأسيسه ينفذ أجندة مؤسسيه الذين ينتمي معظمهم إلى الفئتين الثانية والثالثة في التحالف الثلاثي.
5 – العائدون من أفغانستان..وهؤلاء يمنيون جرى الدفع بهم إلى أفغانستان زمن الحرب الباردة، ثم عادوا إلى اليمن بعد انتهائها.
6 – بعض العائدين من الأفغان العرب.. كانوا حاضرين بالآلاف عشية الوحدة..لكن تم ترحيلهم في السنوات التي تلت حرب 1994.
7 – معسكرات الجيش الجنوبي الذي نزحوا إلى الشمال بعد أحداث 1986.
إن القوى التقليدية مضافا إليها المكونات السبع المذكورة تشكل مجتمعة مدخلات حرب 1994..وعلى طبيعة هذه المدخلات توقفت النتائج التي تشكل مجتمعة محتوى القضية الجنوبية.
والمكون السابع في تحالف الحرب هو الذي جعل من الطرف المنتصر إتجاها في السياسة وليس جهة في الجغرافيا..وبدونه كانت الحرب ستبدو حرب الشمال ضد الجنوب..أما من الناحية الجنوبية فقد كان الحزب الإشتراكي إتجاها في السياسة ولم يكن جهة في الجغرافيا على الإطلاق..وكان عدد أعضائه في الشمال عشية الوحدة يفوق بكثير عدد أعضائه في الجنوب..
وبالتالي فإن من قاد الحرب لم يكن همة بناء دولة الوحدة كمشروع وطني ومن القضايا التي تشغل بالها..لهذا ذهبت إلى الحرب بدافع المصلحة الفئوية أو الأيدولوجيا أو هما معا.
إن قراءتنا لمخرجات الحرب من خلال مدخلاتها تحتم علينا نحن أنصار الله أن نطالب بإدانة الحرب نفسها أولا..وأن نبحث في الضمانات الواقعية والدستورية التي تمنع تكرارها في المستقبل..أما أن ندافع عن الحرب صراحة أو ضمنا ونكتفي بإدانة نتائجها فقط فهذه إنتقائية لن يرسو معها اليمن على بر..والدليل على ذلك حروب صعدة التي اكتوينا بنارها.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن تدمير دولة الجنوب أطلق يد القوى التقليدية لممارسة
الفساد بمعدلات مهولة لم تكن معهودة.
النتائج
التدمير على المستوى السياسي بأبعاده الاقتصادية والثقافية والاجتماعية:
1-إقصاء الشريك الجنوبي من كافة سلطات الدولة الرئاسية والتشريعية والقضائية والتنفيذية
2- إحجام نظام صنعاء الى العمل في بناء الدولة الجديدة بعد إعلانها وتعزيز سلطة النظام والقانون
3- إحلال نمط نظام ج ع ي تقليدي على جنوب اليمن
4- قيام نظام صنعاء بسلسلة من أعمال القتل والعنف والتصفية الجسدية التي طالت الكثير من الرموز السياسية الجنوبية وكذلك تصفية وإقصاء الكوادر العسكرية الفنية المؤهلة بهدف إضعاف وتدمير الشريك الجنوبي
5- قيام نظام تحالف صنعاء بنقض اتفاقات المشروع الوحدوي الموقع بين الدولتين وتنصله من التعهدات والالتزامات المتفق عليها وافشال كافة المساعي والوساطات المحلية والعربية والأجنبية وإعلانه الحرب العدوانية على الجنوب في 27 ابريل 1994 م مستخدما حليفه الديني بالتعبئة والفتوى التكفيرية عبر كل الوسائل رد الجنوب واستباحته
6-تعامل نظام صنعاء مع أبناء الجنوب بالدونية والعنصرية
7- استمرار شن الحملات العسكرية ومحاصرة المدن والقرى وقمع الفعاليات السلمية والقيام بحملات الاعتقالات والاختطافات والتصفيات الجسدية وبث الرعب النفسي لأبناء الجنوب منذ 7/7 /1994م وحتى يومنا هذا
8- استخدام العسكريين الجنوبيين والزج بهم في حرب صعده والزج بهم الى مناطق التصفية والقتال
9- تحويل الساحة الجنوبية إلى مسرح للعمليات العسكرية تحت مبرر الصراع مع ما يسمى القاعدة وجعل المدن والقرى تحت مرمى الطائرات الأمريكية بدون طيار التي ألحقت أضرار بالغة بالأرواح والممتلكات العامة والخاصة وخلق الاضطرابات لدى الأطفال والشيوخ والنساء منها على سبيل المثال حادثة المعجلة ونزوح الآلاف من منازلهم وخاصة من محافظة أبين والضالع ولحج وشبوة
10- حل كافة الأجهزة والمؤسسات الجنوبية المدنية والعسكرية لصالح المؤسسات التابعة لنظام صنعاء
11-تعمد نظام صنعاء طمس هوية الجنوب وتاريخه السياسي بما في ذالك تاريخ ثورة 14 أكتوبر وتحويل الوحدة السياسية الى ضم وإلحاق .
12- تصفية الدبلوماسيين الجنوبيين من جهاز الدولة
13- عدم استيعاب الشباب الجنوبيين من خريجي الكليات والجامعات والمعاهد في وظائف الدولة
14- طمس المعالم والتسميات التاريخية للجنوب بتسميات بديلة لكثير من المساجد والمدارس والشوارع وطمس وتشويه المعالم التاريخية تحت مبرر الترميم والبناء
15- قيام سلطة صنعاء بطمس اسم عدن عن أقدم إذاعة وتلفزيون في الشرق الأوسط
16- قامت سلطة صنعاء بنهب تاريخ وأرشيف دولة الجنوب ومصادرة الوثائق التاريخية المختلفة المحفوظة في المكتبات الوطنية والمتاحف ومراكز البحوث والجامعات في الجنوب والعبث بعشرات المواقع التاريخية والأثرية
17- قامت سلطة صنعاء بتكريس أحياء الثارات القبلية الجنوبية وإذكاء الصراعات الاجتماعية والسياسية الجنوبية الجنوبية وعرقلة التواصل والاندماج السياسي والاجتماعي الجنوبي بوسائل مختلفة وتشجيع الثقافات التكفيرية المتطرفة والنزاعات المناطقية الضيقة
18- لقد أقدمت سلطة حرب 94 على التدمير الممنهج والشامل للبنية الاقتصادية والتحتية كما تم الاستحواذ والتبديد لثرواته الطبيعية وتهميش خبراته الإدارية والتنظيمية والمالية والمعلوماتية والخدمية .
كما أن الانتقال السريع والمفاجئ من أقتصاد مخطط وموجه كان له الأثر البالغ على القطاعات الاقتصادية وعلى المستوى المعيشي للمواطن الجنوبي
بعد حرب 1994 حصلت موجة من التعيينات في اغلب المواقع القيادية في الجنوب..وشغل معظمها موالون للنظام ومرتبطون بالأجهزة الأمنية..حيث كانوا فى الغالب قيادات فاسدة ولا تحمل أية قيم وطنية..وقد اتسم سلوك هؤلاء في الجنوب بالبطش والسرقة والاستعلاء وازدراء أبناء الجنوب والتعامل معهم كمهزومين.
19- كما تم تدمير كل النظام القضائي واستبداله بنظام قضائي فاسد وجرى مثل هذا في الإدارة والرقابة الذين لم يكونا يسمحان بتمرير أي شكل من أشكال الاختلاسات أو السرقات المشرعنة على نحو ما هو قائم في الشمال
20- تعرض الجنوب لابتلاع ونهب يعافه حتى اللصوص المحترفون..فقد طال الأراضي والحيازات الزراعية والمزارع الحكومية ومؤسسات القطاع العام والثروات الطبيعية والشواطئ ومناطق الاصطياد السمكي..
القيم والعادات والتقاليد:
بعد الحرب تعرضت منظومة القيم في الجنوب للإنهيار كما هو الحال في الشمال..ونقصد بها هنا قيم الصدق وقيم الإنتاج واحترام الوظيفة العامة والدوام الرسمي..وانتشرت العلاقات المشوهة بين الرؤساء والمرؤوسين والاستخفاف بالقانون والنظام وعدم الاكتراث لأي ممارسات خارج القانون.
التعليم:
تم تعميم المناهج الدراسية التي صاغها علماء السلطة على مدارس الجنوب.. وهي مناهج مؤد لجة ومسيسة ولا تمت بأي صلة للتعليم المراد منه إنتاج مواطن عقلاني..كما جرى تعميم كل أمراض الإدارة التعليمية في الشمال والجنوب..والمحزن أن الغش في الامتحانات صار اليوم سلوكا فى عموم اليمن.
يضاف إلى ذلك أن طلاب المدارس لم يعودوا يهتمون بالدراسة واستذكار الدروس لأن الأمل بالمستقبل تلاشى ولم يعد موجودا في بيئة يجتاحها الشعور بالظلم وسدت أمامها آفاق المستقبل.
أخيرا:
نكتفي أيها الإخوة بهذه المظاهر لمحتوى القضية الجنوبية..وقد كان اهتمامنا بها لتعلقها بالجوانب المعنوية والنفسية للناس ولمساسها المباشر بالهوية التي دمرتها الحرب ونتائجها..أما النهب والسلب والسرقات والبطش فنعلم أنها بأحجام كبيرة ومخيفة وتتوفر لدينا بعض القوائم التي حصلنا عليها من بعض اخواننا الجنوبيين ملحقا بهذه الورقة .
والسلام عليكم ورحمة الله.