المنبر الاعلامي الحر

معزوفة الطاعة.

قال تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم)

كثيرًا ما نسمع مناصري النظام، ونشاهد في إعلامه الحوارات والدعاة يعزفون على هذه الآية ليل نهار، ويفسرونها حسب طلب الحاكم وأهوائه؛ كنوع من إقامة الحجة من القرآن على المطالبين بإسقاط النظام أنه لا يجوز عليهم، وأنهم مخالفون لهذه الآية الكريمة. ولم نسمعهم يتحدثون عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالآية تحثنا على طاعة الله، وهي العمل بكتابه الحكيم، والاحتكام إليه في جميع شئون حياتنا.

وطاعة رسوله هي العلم بسننه، وتشريعاته التي لا تخالف كتاب الله (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)

وطاعة ولي الأمر هي في الاستجابة له لتطبيق شرع الله وأحكامه في المجتمع، فإذا كان ولي الأمر مخالفا لله ورسوله فهل يجب طاعته؟؟!!

وبالمقارنة نجد أفعال النظام (وليا لأمر كما يدعون) مخالفة لله ورسوله، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ لأن المجال لا يتسع لذكرها جميعا التالي:

* قتل النفس المحرمة بغير حق: كما حدث في حروب صعدة؛ بسبب رفعهم لشعار: الموت لأمريكا … إلخ. وكما حدث في مجزرة المعجلة م/أبين ضمن مخطط أمريكي بما يسمى تنظيم القاعدة. وكما يحدث يوميا من قتل المعتصمين في ساحات التغيير والحرية، وغير ذلك من حالات الاغتيالات والحوادث المرورية المؤسفة؛ والله تعالى يقول: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون)[الأنعام:151]. (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)[النساء:93].

والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول مخاطبا الكعبة الشريفة: ((لهدمك حجرا حجرا أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم)) أو كما قال، و((كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه)).

* الفساد والنهب والسرقة لثروات البلاد، والتحكم بها مع مجموعة أشخاص، وحمايتهم ضد أي مساءلة أو محاكمة أو حتى نشر فسادهم ومنحهم الحصانة بالتشريعات أو القوة أو الدعم العسكري والمعنوي وغيره؛ كما حدث في بيع حقول النفط جملة بما فيها من ثروة لعدة سنوات- بيع الغاز بأبخس الأثمان- نهب الأراضي من مسئولي النظام- المشاريع الوهمية التي تعود ميزانيتها إلى جيوب هذا النظام- توزيع ثروات البلاد وتقسيمها للمقربين، وحسب الولاء للنظام.

والله تعالى يقول: (ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين)[القصص:77]، (والله لا يحب المفسدين)[المائدة:64].

والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في معنى حديثه: ((إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف عاقبوه، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)).

* الظلم الذي يئن منه جميع أفراد الشعب؛ بسبب عدم تطبيق النظام لشرع الله وأحكامه؛ فصاحب الحق لا يجد من ينصفه، والقاتل لا يردعه أحد، والسارق يسرق دون حسيب أو رقيب، وكم قضايا وحقوق في المحاكم تشكوا من الظلم والجور.

والله تعالى يقول: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)[المائدة:45].

والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حديث قدسي عن الله: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا)) أو كما قال.

* المشاركة في تنفيذ المخططات الأمريكية والصهيونية تجاه الشعب والأمة؛ فعلى سبيل المثال:

1- حذف آيات الجهاد والعداء لبني إسرائيل من المناهج التعليمية؛ بحجة تطويرها ومواجهة أي ثقافة بهذا الخصوص، ونشر ثقافة السلام؛ تمهيدا لتطويع الشعب للموافقة على السلام مع إسرائيل.

2- تبني خطة مكافحة الإرهاب في المنطقة تحت عنوان: تنظيم القاعدة، والتي أدت إلى قتل المواطنين، وأفراد الجيش الأبرياء، وانتهاك سيادة الوطن بالطائرات الأمريكية، واعتقالات، وتعذيب، وزرع الخوف، وإرهاب المواطنين والشعب تحت هذا الغطاء، ولو لم تكف إلا وثيقة ويكيلكس لإدانة حول مجزرة أبين : (اقتلوهم وسأقول: إنه أنا) ، وتصريح وزير الدفاع الأمريكي الأخير خير دليل على ذلك: إن أمريكا ستخسر شريكا فاعلا في محاربة الإرهاب.

3- محاولة تقسيم اليمن على شمال وجنوب، وغيرها من خلال سياساته الإقصائية وفساده وتصرفاته في سعي لتطبيق الخريطة الأمريكية الخاصة باليمن ضمن الشرق الأوسط الجديد.

والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة…)[الممتحنة:1]، ويقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)[المائدة:51].

فهل هذا النظام منا كما في آية (أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم) أم منهم كما في آية: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)؟!

فإذا كنتم أيها الدعاة تستدلون بكتاب الله فلماذا تعموا أبصاركم وتصموا أسماعكم عن أفعال النظام المخالفة لكتاب الله (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) صدق الله العظيم.

وقد عضد علماء السلطة بروايات تدعم الملوك الظالمين بروايات عن النبي (ص)، صانه الله عن أن يتفوه بها، ومنها ما نسبوه إليه من قوله: «يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ». وسَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِىُّ رَ?ُولَ اللَّهِ (ص) فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ». وما روي أيضا مما نسب إليه من قوله (ص): «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَد? مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».

وما من شك أنها روايات خرجت من مظبخ ملوك بني أمية، وهل يعقل أن يتفوه النبي الذي قاد المهاجرين والأنصار قارع الأسود والأحمر، أجل الحرية والكرامة والعدل، ورفع شأن الإنسان الذي كرمه الله، ليكون عبدًا لله وحده، وليس للظالمين المستبدين، بروايات كهذه تحث على الذل والهوان، فلا يجوز لإمام المجاهدن والأحرار أن يقول كلاما يدجن به الأبطال، ويطأطئ به هامات الرجال، بل قال لهم ولأمته إلى يوم القيامة، ما روي عن زيد بن علي عن آبائه عن النبي عليه وآله: «لا قدست أمةٌ لا تأمر بمعروفٍ، ولا تنهى عن منكرٍ، ولا تأخذ على يد الظالم? ولا تعين المحسن، ولا ترد المسيء عن إساءته»، و قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، و رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله»، وقال أيضا: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»، وقال: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، فهذه هي الروايات المطابقة للقرآن الكريم، والموجهة لكل مسلم ليكون شجاعا حرا، لا يخاف إلا الله، ولا يعطي قياده إلى لأولياء الله الرحماء بعباده، المطبقين لشرعه، على أنفسهم وأقاربهم قبل غيرهم، إن ثقافة القرآن العزيز تغرس في النفوس محبة أولياء الله، وكراهية أولياء الشيطان، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِ?ُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وقال عز قائلا: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). إن التدجين والتركيع واستذلال ?لمسلمين إنما جاء من مدرسة الملك العضوض، الذي اتخذ مال الله دولا، وعباد الله خولا، واستأجر تجار الحديث وعباد الدنيا، فأكثروا من روايات وجوب طاعة ولي الأمر، وتحريم شق عصى الجماعة، ووجوب الصبر والرضا بالظلم، لأن الوالي بحسب زعمهم نائب عن الله سبحانه وتعالى، وهو ظل الله في الأرض، وتوليه لأمر الأمة إنما هو بقضاء الله وقدره، فإن أعطى فبقضاء الله، وإن منع فبقضاء الله وقدره، فهو بحسب هذا المنطق متشبه برب العزة جل وعلا، لا يسأل عما يفعل، ولم يبق إلا أن يأتوا برواية تقول: إن الآية الشريفة (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ ال?مُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) نزلت في هذا الصنف من الحكام والولاة الظالمين، تعالى الله عما يفترون علوا كبيرا، وأدهى من ذلك أن الطغيان قد أحيط بإيمان من العوام والمخدوعين، إذ قالوا لهم: لا يتم إيمانكم إلا بالرضا بالقدر، والصبر على البلا والظلم، والكبت والاستبداد، والقبول بولاية العهد، ولو لطفل رضيع، أو حمل في بطن أمه، لئلا تضيع الأمة التي لم تبلغ بعد سن الرشد بحسب?سياسة المستبدين، ولكيلا تبقى كالغنم بلا راع، بمنطق الظالمين المتجبرين.

فهل الفاسق الكافر الظالم يوالى أو يطاع؟ أو يسكت عن فسقه وظلمه وكفره؟ حاشا وكلا، (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)، لكن مطابخ ملوك الظلم وولاة الجور قد قدمت الوجبات الشهية، المصبوغة بالسم والعسل، وهونت من شأن ارتكاب الكبائر، وطبخت في ذلك روايات مزقت القرآن إربا إربا.

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com