كانت مسرحية استقالة بحاح وهادي ثم هروب هادي إلى عدن مشهد من مشاهد اللعبة التي كانت تديرها إدارة أوباما والسعودية ومرتزقتها في اليمن تمهيدا للانقضاض على ثورة 21سبتمبر ببشائرها التحررية من الوصاية السعودية الأمريكية على اليمن .
وفي السياق المخابراتي الأجنبي المنظم في اليمن تأتي جريمة اغتيال الشهيد عبد الكريم الخيواني السياسي والصحافي والناشط الحقوقي واحد رموز ثورة 21سبتمبر رضوان الله عليه، وجريمتا تفجير مسجدي بدر والحشحشوش بالعاصمة صنعاء – اللتان استشهد فيهما وجرح العشرات من خيرة العلماء والقضاة والناشطين والناس العاديين وفي مقدمتهم العلامة المجاهد المرتضى بن زيد المحطوري رضوان الله عليهم جميعا – من مقدمات العدوان السعودي الأمريكي التحالفي الشامل على اليمن بحضارته وهويته ، بعلمائه ومثقفيه وكفاءاته العلمية والإدارية والقانونية والعسكرية والأمنية التي استهدفتها موجة الاغتيالات قبل وبعد العدوان السعودي الأمريكي التحالفي المجرم.
يدخل العدوان عامه الثالث في ظل صبر وصمود رسمي وشعبي تاريخي عظيم ، استطاع بفضل الله أن يفشل جل أهداف العدوان ، ويحيل المواجهة معه إلى حرب استنزاف فاعلة ومؤثرة ، في جبهات الداخل وفي العمق الحدودي السعودي المحتل .
بالتوكل على الله وبالأسلحة البسيطة وفي ظل سيطرة جوية مطلقة للعدوان السعودي الأمريكي التحالفي وحصار بحري وبري مطلق ، استطاع أبطال الجيش واللجان الشعبية تثبيت واحتواء زخمه واندفاعه العسكري خلال عام ونصف ،ومن ثم استنزاف وإفشال أهدافه ، وإحباط هجماته وزحوفاته وتدمير معنوياته .
نجح راسم الاستراتيجية في مواجهة العدوان السعودي التحالفي في قراءة أهداف العدوان منذ اليوم الأول، فعمل بإمكانيات بسيطة ومتواضعه على التعاطي معها، بما يؤدي إلى إفشال خططه العسكرية وتكتيكاته التي يرسمها كبار المخططين العسكريين الأمريكان والبريطانيين والصهاينة وغيرهم ، مستفيدين من بنوك معلوماتهم الجاسوسات في اليمن والمنطقة ، ومستفيدين من جهود مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الشرق والغرب، ومن منظومات الأقمار الصناعية الأمريكية الفرنسية البريطانية الإسرائيلية ، إضافة إلى ما يزودهم به يوميا جواسيسهم على الأرض اليمنية الخ .
خلال العدوان الهمجي الظالم وغير المبرر ، نجح المقاتل اليمني في تحقيق انتصارات نوعية على جبهة العدوان الجوي فاسقط طائرات الأباتشي وال إف 16، وعلى جبهة الحرب البرية تفوق المقاتل اليمني على أحدث الأسلحة البرية الأمريكية والغربية فتم تدمير دبابات الابرامز والبرادلي وغيرها بأسلحة بسيطة ، وحققت قوة الدفاع الساحلي نجاحات مهمه ووجهت ضربات ماحقة لسفن العدوان كان لها أثرها في إبعاد خطر هذه القوات المحاصرة عن السواحل الغربية لليمن .
سياسة النفس الطويل التي وضعتها القيادة اليمنية في مواجهة العدوان والأخذ بكل الاعتبارات الجيواستراتيجية ، أثمرت قدرة يمنية متعاظمة على نقل المعركة إلى عمق العدو السعودي ، سواء عبر التوغل والاختراق في مناطق عسير ونجران وجيزان وإسقاط قواعده وتحصيناته العسكرية وتدمير خطوطه الدفاعية وفرض معادلة القدرة على إسقاط مدن تلك المناطق وموانئه في اية لحظة تقررها القيادة ، أو عبر استخدام الصواريخ الباليستية لضرب القواعد الجوية والعسكرية في عمق السعودية ابتداء بجيزان وخميس مشيط وأبها والطائف مرورا بجدة ووصولا إلى الرياض ، بما يعنيه ذلك في معادلة الردع وصولا إلى إحداث التوازن اليمني الهجومي مع قدرات العدوان الجوية والبحرية انشاء الله .
التأثير الكبير لهذه القوة الصاروخية اليمنية التي تم تطويرها خلال العدوان والحصار بأيد يمنية يمكن أن نلحظه في مستويات سياسية وإعلامية وعلى مستوى الداخل السعودي ، فمن خلال شكوى سفير دولة العدوان السعودي بالأمم المتحدة المعلمي إلى مجلس الأمن باستهداف بلاده بالصواريخ اليمنية وما أحدثته من تأثير وما ألحقت من أضرار بجانب العدوان ، نلمس مدى تأثير هذه الصواريخ التي اعتاد ناطق العدوان عسيري على إنكارها والتقليل من شأنها .
ان تجييش العدو السعودي للعالم الإسلامي مذهبيا بدعوى استهداف صاروخ يمني لمكة المكرمة يؤكد حالة الرعب التي انتابت السعودية جراء وصول الصواريخ اليمنية إلى مدينة جدة بكلما تمثله هذه المدينة ومنشآتها الحيوية من أهمية للعدو بالمعنى الاستراتيجي .
وما من شك بأن ما عبر عنه المبعوث الأممي ولد الشيخ مؤخرا بشأن طلب تحالف العدوان تدمير هذه الصواريخ يؤكد على الفاعلية المتعاظمة لسلاح الردع الصاروخي اليمني بحمدالله .
*** ****
نجحت السعودية وتحالفها بزعامة امريكا في إدامة معاناة اليمنيين في ظل العدوان العسكري ومنح هذا العدوان الغطاء والشرعية في ما سمي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة رغم أنه لا شرعية له ولا حجية ولا منطقية ولا مبرر ، ونجحت في تسويقه إعلاميا وحجب الحقيقة عن الرأي العام العالمي، لكن صمود الشعب اليمني وغزير تضحياته طيلة عامين من عمر العدوان هي ما أوصلت قضية الشعب اليمني المظلوم إلى كل المحافل الدولية، هذا الصمود اليمني العظيم – رغم الألم والمعاناة التي سببها العدوان – هو ما أعطى المنظمات الدولية الدافع لتقدم شهاداتها وتقاريرها المتوالية عن بشاعة العدوان والحصار السعودي الأمريكي التحالفي المجرم وتأثيره المدمر على الأطفال والنساء والسكان في اليمن عموما ، جراء ما اقترفه من تدمير شمل البنى التحتية والمصانع والمزارع والجسور والطرق وكل أسباب الحياة بقصد إلحاق الأذى بكل يمني .
وفيما عدا مرتزقة السعودية وعملائها وعملاء امريكا وبريطانيا – فهم اليمنيون رسالة العدوان ومآربه الشيطانية، وكل يوم يزدادون يقينا بأنهم في الموقف الصحيح الذي لا بديل عنه سوى الاستسلام والخضوع مرة أخرى للوصاية السعودية وأدواتها القذرة.
***** ******
حاولت الأطراف الوطنية المدافعة عن الوطن وعزته وكرامته التوصل مع مرتزقة العدوان من منتحلي الشرعية إلى حلول سياسية تعيد العملية السياسية إلى طريقها الصحيح ، وخلال عامين عقدت عدة جولات من المشاورات برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ ، قدم خلالها الوفد الوطني مقاربات للحل السياسي وتنازلات حقيقية لتجنيب اليمن مزيدا من القتل والدمار اصطدمت جميعها بإصرار تحالف العدوان على أن يحقق على طاولة الحوار ما عجز عنه بالعدوان والحصار وهو ما لن يسمح به الشعب اليمني ابدا .
لقد صعد التحالف السعودي الأمريكي من عدوانه الوحشي عقب انتهاء جولة مشاورات الكويت وزج إلى الميدان بآلاف من قواته المزودة بأحدث الأسلحة وفشل بعد نحو نصف عام من التحشيد والزحوفات والقصف الوحشي باستخدام الأسلحة الأمريكية البريطانية المحرمة .
وبالتزامن مع تصعيد العدوان العسكري تم فرض الحصار الشامل على حركة الطيران من وإلى مطار صنعاء الدولي ، واتخذ العدوان قراره المشؤوم بنقل البنك المركزي إلى عدن المحتلة بقوات الغزو ومليشيات القتل والإجرام ، في محاولة لفرض مزيد من المعاناة على أبناء الشعب اليمني الصابر الصامد ، وبهدف وضع معضلات إضافية على المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني ..نستطيع القول إن تلك الأهداف للعدوان فشلت وسقطت رهاناته بفضل الله وعونه .
وبمزيد من التكاتف والتعاون بين فرقاء العمل السياسي والتجار وأصحاب رؤوس الأموال يمكن الحد من الآثار المدمرة للحصار الاقتصادي المفروض على اليمن .
**** *****
عامان من العدوان السعودي الإماراتي التحالفي استطاع بفضل الله شعبنا اليمني التكيف مع ظروف العدوان والحصار الشامل، وانتزاع حقه بالحياة من براثن الموت المحتم ، وصور الاشلاء والموت والدمار الذي يزرعه العدوان في طول الأرض اليمنية وعرضها.
ما من خيار أمام الشعب اليمني العظيم سوى الصبر والصمود ، ودعم الجبهات بالمال والرجال والمؤن، وتعزيز الثقة بالله وعونه ، والثقة بالذات الوطنية اليمنية التي تتعرض اليوم لامتحان وتحد وجودي لا خيار معه سوى الصبر والصمود على كل المستويات ، وسنشهد في قادم الأيام مزيدا من التصدعات الداخلية العميقة في جبهة تحالف العدوان ومرتزقته ، وسنشهد مزيدا من الإنجازات العسكرية والمفاجآت التي ستقصم ظهر العدوان ، وهي التي ستكون سببا في ازدياد المطالبات بوقف العدوان ومعها التحركات الدبلوماسية …ذلك أن دخول العدوان السعودي الإماراتي التحالفي عامه الثالث دون أن يحقق أهدافه يعني قلبا للمعادلات والتطورات التي كانت قائمة لليمن وشعبها قبل العدوان .
الشعب اليمني العظيم يقدم اليوم ملحمة صمود وعنفوان غيرت الكثير من الحقائق في المنطقة ، وكان وسيكون لها تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على دور السعودية في المشروع الأمريكي الداعشي الصهيوني في اليمن وسورية والعراق وغيرها .
لم تعد السعودية هي ذاتها اليوم بعد ورطتها في اليمن، ولن ينقذها شراء التأييد الأمريكي والغربي بمئات المليارات ، فذلك إنما يمثل ابتزازا لها واستنزافا لقدراتها المالية الذي سيكون سببا في سقوطها الذي سيكون نتيجة مباشرة لعدوانها الارعن على اليمن.