المنبر الاعلامي الحر

حوار مع الاستاذ يحي قاسم ابو عواضه أحد الثقافيين في حركة أنصار الله حول بعض الاشاعات التي تهدف الى اشاعة الفتنه بين المسلمين

يمني برس – صعده

253495_403125843073967_1663431459_n
– السلام عليكم ورحمة الله ، في البداية نرحب بك أستاذ يحيى أبو عواضة وسعداء جداً لتلبية هذه الدعوة..

* أشكركم كثيرا وتلبية طلبكم شرف كبير لي وأسأل الله أن يكتب أجركم وأن ينصر بكم دينه وأن أكون عند حسن ظنكم وأن أكون أهلا لتلبية طلبكم الكريم .

– أستاذ يحيى .. نريد في البداية أن نعرف منكم نظرة أنصار الله للصحابة بشكل عام وهل يحتلون مرتبة في قلوبكم؟.

* بداية نشكركم أخي العزيز على اهتمامكم البالغ في توضيح الحقائق للناس الذين طالما وقعوا ضحية التضليل والتلبيس الذي يمارسه من لا يحملون ذرة اهتمام بدينهم ولا بأمتهم قد ملأ الحقد قلوبهم وطغت الكراهية على حياتهم فأصبحوا يعملون بكل جد لخدمة أعداء الأمة بقصد أو بغير قصد .

ولا شك – أخي العزيز – بأن هناك حملة غير مسبوقة في هذه المرحلة تشنها الأبواق الإعلامية والأقلام المأجورة تعمل وبجد من أجل إثارة الخلافات والصراعات الطائفية سواء على مستوى العالم الإسلامي أو على مستوى بلدنا الحبيب اليمن, ترافق مع هذه الحملة المؤتمرات والندوات وتوزيع المنشورات ووصلت إلى حد المواجهات المسلحة واستقدام مقاتلين أجانب لخوض مثل هذا الصراع كما حدث في حجة وكتاف وريده.

ونحن قد حرصنا منذ انطلاقة هذه المسيرة القرآنية المباركة على أن لا ننجر إلى أي صراع مذهبي أو طائفي.

أولاً: لأن مشروعنا لا يقوم على أساس مذهبي أو طائفي بل هو مشروع قرآني قائم على أساس منهجية القرآن الكريم الذي أمرنا الله أن نعتصم به بقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} ولأن القرآن الكريم هو منهج شامل للحياة في كل زمان ومكان وهو أعظم من أن يؤطر بحزب أو طائفة أو مذهب.

وثانياً: لأن الإنجرار إلى هذا المربع الخطير [الصراع الطائفي] يؤدي إلى تمزق الأمة وتناحرها بأكثر مما هي عليه وهو مطلب صهيوني أمريكي يساهم مساهمة فاعلة في نجاح المشروع الإستعماري الذي يتبنونه لاحتلال المنطقة وضرب الأمة ضربة قاضية.

وثالثاً: لأن مثل هذه الأساليب ليست جديدة فقد عانت منها أمتنا معاناة رهيبة على امتداد تاريخها ولم تعد هذه اللغة بضاعة رائجة وخصوصاً عندما تكون صادرة من قبل هذه الجهات التي لا هم لها إلا إثارة الفتنة والإختلاف بين المسلمين منذ نشأتها وفي كل بلد تحل فيه كما يحدث في كثير من بقاع العالم الإسلامي خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني ولم تعد محط ثقة لدى الناس فقد سئم الناس هذه اللغة المنحطة وأصبحوا يتطلعون إلى لغة الأخوة والتفاهم والتوحد أكثر من أي وقت مضى.

وبالرغم ما وجه إلينا من التهم الباطلة والمزيفة وما ملئت به الساحة من الأكاذيب ورغم حرص العدو من خلال أبواقه وأدواته الإعلامية على محاولة جرنا إلى هذا المربع الخطير مربع الصراع المذهبي إلا أننا لم ننجر إلى ذلك واكتفينا بتقديم مشروعنا قولا وعملا وسلوكا.

وكانت الحروب وما رافقها من أحداث كفيلة أن تكشف الكثير من الحقائق وعلى رأسها الوجه البشع والقبيح الذي ظهر به كل من يقفون لمواجهة هذه المسيرة بكل الأشكال خاصة الوهابيين حيث استبانت وجهتهم واتضحت أهدافهم وظهر للعلن وجههم البشع مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}(الأنعام55).

وقد استمرت حملة التضليل طوال الفترة الماضية إلا أنها في هذه المرحلة الحساسة زادت وتيرتها وعلى وجه الخصوص في بعض المناطق التي يتواجد فيها وهابيون حيث يتحركون ويعملون على توزيع منشورات بين أوساط المجتمع هدفها إثارة النعرات الطائفية والترويج للصراع المذهبي الطائفي وتمزيق النسيج الإجتماعي ولم يثنهم عن هذا العمل الخطير ما تواجهه الأمة من المؤامرات الخطيرة والظروف الحرجة التي تمر بها أمتنا الإسلامية وبلدنا اليمن على وجه الخصوص والتي هي أحوج ما تكون فيها إلى أن تكون كلمتها واحدة معتصمة بحبل الله جميعا وإلى أن تعود إلى مصادر عزتها وقوتها.

هذا العمل الخطير هو مما يبرهن على أنهم جزء من هذا المشروع التآمري ضد هذه الأمة سواء شعروا أو لم يشعروا.

مثل هذه التصرفات التي تحدث من حركة محسوبة على الأمة الإسلامية والعربية وتعرف الأخطار المحدقة بالأمة قد تجعلك تستغرب جدا منها ولكنك عندما تعرف حقيقة هؤلاء الوهابيين ومن هي الجهة التي أنشأتهم وما هو الدور المطلوب من إنشائهم فسيزول استغرابك من قيامهم بمثل هذا العمل وفي هذه الظروف المهمة التي تمر بها أمتنا.

إن من المعروف تاريخيا أن هذه الحركة حركة أنشأها الإستعمار البريطاني في هذه المنطقة الحساسة والمهمة والغنية بالثروات وقد أريد لهذه الحركة أن تلعب دوراً خطيرا في ضرب الإسلام من الداخل باسم الإسلام ومسخ هويته الدينية الحقيقية وزرع الفتنة والتفريق بين المسلمين وفصل الأمة عن مصادر عزتها وتقديم صورة سيئة لهذا الدين العظيم وخلق الذرائع مستقبلا لدخول اليهود والنصارى إلى هذه المنطقة.

وهذا ما عرفوا به في كل بلد يتواجدون فيه وبالذات بعد أن احتضنتهم الولايات المتحدة الأمريكية وتدفق المال الخليجي إليهم بسخاء, ومن يتأمل في هذه المرحلة سيجد وحدة الهدف ووحدة العدو ووحدة الطريق بينهم وبين أمريكا وإسرائيل ولذلك تجد أنهم يقفون الآن مع المخطط الأمريكي الإسرائيلي ويعادون من عادى أمريكا وإسرائيل ويتولون من يتولاهما بشكل واضح أما في سوريا فرأيناهم يقفون في خندق واحد مع الأمريكيين والإسرائيليين من أجل إسقاط سوريا المقاومة وليس من أجل إسقاط نظام ظالم كما يدعون لأنهم في البحرين يقفون جنبا إلى جنب مع نظام طاغية ظالم يرتكب أبشع الجرائم وهذا يكشف بشكل كبير الوجه البشع لهؤلاء ويحدد هويتهم الحقيقية.

إن العدو لدى هذه الحركة هم الشيعة ومن يتحرك في فلكهم ولا أحد سواهم وموقفهم من حزب الله وإيران وكل الحركات التي تتحرك لمواجهة المشروع الصهيو أمريكي واضح وصل إلى حد التآمر على هذه الحركات وإصدار الفتاوى التي تحرم الدعاء لها أو التظاهر من أجل دعمها أليسوا الآن يقدمون الشيعة في وسائل إعلامهم وفي مناهجهم التربوية بأنهم العدو الأول والخطير على هذه الأمة ويغطون على العدو الحقيقي الذي يستبيح كل شيء وخصوصا في اليمن حيث أصبحت أمريكا هي من تسيطر على الجو والبر والبحر وتنهب خيرات هذا الشعب وما توزيعهم هذه الأيام لعدد من المنشورات التضليلية وفي هذه الظروف الحرجة التي تمر بها أمتنا إلا في سياق زرع الفتنة الطائفية لأن أسيادهم يريدون هذا في هذه الظروف بالذات تحت ذريعة أنهم يدافعون عن الصحابة.

وقد كشف وجههم الحقيقي موقفهم ممن سب النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) حيث كان موقف المداهنة والدفاع والتغطية عليهم بشكل سافر لا ينسجم مع مواقفهم الحادة والحازمة والتي تصل إلى حد المواجهة العسكرية واستباحة الدماء ضد من يتهمونهم زورا وبهتانا بأنهم يسبون الصحابة فعرف كل حر أبي أن ما يقومون به تحت مبرر الدفاع عن الصحابة يصب في سياق إثارة الفتنة الطائفية التي يعمل العدو الصهيو أمريكي على إثارتها وأنهم عبارة عن أدوات رخيصة لتنفيذ هذه المؤامرة

إذ لو كانت هذه غيرة حقيقية على رموز الإسلام لسمعنا لهؤلاء ولو جزءا من تلك الحملات الإعلامية المسعورة في مواجهة من يجاهرون بسبهم للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ومن حرقوا القرآن وتبولوا عليه ووجهوا إليه نيران بنادقهم وأطلقوا النار عليه أكثر من مرة وهم الأمريكيون.

لماذا لا تتحرك هذه الأبواق المأجورة من أجل توزيع المنشورات ضد أمريكا وقد قام جنودها في أفغانستان بحرق القرآن الكريم وقتل العشرات ممن قاموا بالإحتجاج من أبناء الشعب الأفغاني المسلم على أيدي الجنود الأمريكيين المحتلين؟ وأساءت إلى رسول الله في أكثر من مرة كان آخرها الفلم السيء لشخص النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) أين غضب هؤلاء وسخطهم ! أليس هذا يدل على أنهم يتحركون متى ما أرادت أمريكا ويسكتون متى ما أرادت أمريكا؟!!.

كما أنه لا أحد في هذا العالم يسمع للوهابيين أي موقف في مواجهة العدو الإسرائيلي هؤلاء الصهاينة الذين يعيثون فسادا منذ أن وطأت أقدامهم فلسطين وارتكبوا المجازر المروعة في فلسطين ولبنان وكان موقف الوهابيين هو الوقوف في صف المصلحة الإسرائيلية دائما وموقفهم في الحروب التي شنها الإسرائيليون مؤخرا على حماس وحزب الله شاهد واضح وكانوا أحرص من إسرائيل في القضاء على حزب الله وحماس؟ ولم نسمع لهم أي موقف ضد الإسرائيليين وهم يعملون على تدمير المسجد الأقصى! ما نجده هو العكس تقدم لهم المليارات من قبل عملاء أمريكا في المنطقة ويتماشون مع السياسة الأمريكية ويهيئون البلاد العربية لاحتلال محقق بما يقومون به من زرع للفتنة الطائفية والمذهبية بين أبناء هذه الأمة وتجد موقفهم من حزب الله وحماس ومن الحركات الإسلامية المناوئة للسياسة الأمريكية هو الموقف الإسرائيلي نفسه لا يختلف إلا في الشكل ويتفق في المضمون.

بعد هذه المقدمة المهمة نجيب على سؤالكم ألعزيز فنقول :

أما رؤيتنا حول الصحابة: فإن ما قدمه السيد حسين بدر الدين الحوثي بشأن الصحابة لا يتجاوز ما قدمه القرآن الكريم الذي أشاد بإحسان المحسنين منهم وأثنى عليهم بإيمانهم وإحسانهم وجهادهم كما قال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً}(الفتح18) {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة:100) {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(التوبة:88).

دون غلو فيهم فهم ليسوا بمعصومين ولا أحد يدعي لهم العصمة من الأمة وقد كان منهم من هو مخطئ ومنهم من هو مذنب والموقف تجاه أي خطأ أو ذنب من أي إنسان هو موقف القرآن الكريم الذي ليس فيه محاباة لأحد فالذنب ذنب من أيٍ كان والخطأ خطأ من أي كان. فهذه رؤيتنا بشأنهم أنهم بشر نحترمهم ونقدسهم ونقتدي بهم في المواقف التي تستحق ذلك لكن من يخطئ منهم أو يذنب منهم لن نحول خطأه إلى صواب ولا ذنبه إلى طاعة ولن نجعل منه قدوة فيما عصا فيه ولن نتبعه فيما أخطا فيه وهذا ليس بسب إنما هو قول بالحق وصدع بما نطق به القرآن الكريم.

ولم نتفرد نحن بهذه الرؤية وإنما هي رؤية سار عليها الصحابة أنفسهم وسار عليها الكثير من مراجع الوهابيين قديما وحديثا يقول ابن باز في [فتاويه الجزء السابع]: فإذا عرف الظالم وجب أن يساعد المظلوم لقوله سبحانه وتعالى في سورة [الحجرات]: { فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} والباغون في عهد الصحابة معاوية وأصحابه والمعتدلة علي وأصحابه فلهذا نصرهم أعيان الصحابة نصروا علياً وكانوا معه كما هو معلوم].

ويقول ابن عثيمين وهو من مراجعهم المعاصرين في شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية: [ ولا شك أنه حصل من بعضهم ـ أي الصحاب ـ سرقة وشرب خمر وقذف وزنى بإحصان وزنى بغير إحصان].

– عند مراجعة بعض محاضرات السيد حسين بدرالدين الحوثي والتي تطرق فيها لجزء من سيرة الصحابة نلاحظ وكأننا أمام تقييم تاريخي لبعض التصرفات التي حصلت في ذلك الزمن فهل ترى أن الحكم على أحد الصحابة بأنه مخطئ أمراً طبيعياً وجائزاً من الجانب الشرعي؟.

* كما تحدثتم أخي أن ما قام به السيد حسين هو عبارة عن تقييم تاريخي الغرض منه تصحيح حاضر الأمة المزري باعتبار أن تصحيح وضع الأمة اليوم مرهون بمعرفة الخلل الذي أوصل الأمة إلى هذه الحالة السيئة باعتبار أن الخلل الذي جعل الأمة بهذا المستوى هو خلل ثقافي وما تحمله الأمة من ثقافة هي امتداد لا شك لما وصل إلينا من عند أولئك السابقين وبعد معرفة السبب الذي أودى بالأمة إلى هذا المستنقع لن ننشغل بهم وسنترك حسابهم على الله .

والصحابة كغيرهم مخاطبون بالقرآن الكريم بالدرجة الأولى وتطبق عليهم أحكامه بل يتحملون مسئولية أكبر من غيرهم باعتبارهم الجيل الأول الذين رأوا النبي (صلوات الله عليه وعلى آله ) وسمعوا من فمه فالمسئولية عليهم أكبر ولذلك نجد فيما يتعلق بزوجات النبي كيف أن الله قال فيمن تعصي منهن {يضاعف لها العذاب ضعفين} وليس هناك من يقول بأنهم أعظم من النبي الذي يقول الله له: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً }الإسراء74ِـ 75

– وماذا عن الإتهامات بأنكم تسبون الصحابة، هل إستخدم السيد حسين بدرالدين الحوثي ألفاظاً صريحة بالسب أو اللعن لأحد من الصحابة أم أن القضية مجرد إنتقاد؟.

* هذا غير صحيح وهو يندرج ضمن الحملة الإعلامية التي تستهدف تشويه السيد حسين وتبرر حروبهم الظالمة عليه وعلى أنصار الله طوال الفترة السابقة .

– الآن نريد منك توضيح لبعض العبارات الواردة في محاضرات السيد حسين بدرالدين الحوثي والبداية من الحكم بالخطأ على أصحاب السقيفة بشكل عام وعلى الصحابي عمر بن الخطاب بشكل خاص لماذا حكمتم عليهم بالمخالفة؟.

* ما ورد من العبارات في المحاضرات عندما تبقى في سياقها الذي وردت فيه لن تكون بالشكل الذي يثير أي مسلم منصف يستشعر الحالة التي تعيشها الأمة الإسلامية وما نطلبه من الجميع هو مطالعة هذه المحاضرات وتفهمها بمسئولية بعيدا عن الإجتزاء أو أخذ نصوص معينة منها فقط ومحاولة تقديمها في غير السياق الذي وردت فيه أو توظيفها في غير محلها الصحيح كما يعمل دعاة الفتنة في المنشورات التي يوزعونها ونحن على يقين أن من يعرف منهجية القرآن في تقييم البشر وتصنيفهم سيتفهم لمثل هذا الكلام.

السيد حسين عندما انطلق لكشف حقائق التاريخ فهو لم ينطلق من منطلق العداء الشخصي أو من باب محاولة التنقيص من أحد أو إثارة أي طرف وإنما من باب البحث عن حلول تنقذ الأمة مما هي فيه من الذلة والمسكنة أمام أعدائها, وهي أمة ممزقة مختلفة لا وزن لها في هذه الحياة؛ لأن المشكلة لدى المسلمين التي تحول دون توحدهم وعزتهم وقوتهم هي مشكلة ثقافية تاريخية ولا بد أن يعيدوا حساباتهم من جديد وأن يقيموا وضعيتهم ليبحثوا عن مواطن الخلل ومكامن الضعف؛ لأن حالة التمزق والضعف والذلة التي تعيشها الأمة ليست من فراغ ولا يمكن أن تكون من الدين المحمدي الأصيل وإذا لم نقيم وضعيتنا على أساس القرآن الكريم فسنبقى في هذه الحالة السيئة إلى يوم يبعثون ومن يلومنا على هذا فهو الذي يريد أن نبقى على هذه الوضعية السيئة ولا نبحث عن أي حل ينقذ الأمة.

لقد كان يؤكد السيد حسين بأن الوضعية التي تعيشها الأمة أصبحت وضعية خطيرة, لم يعد مقبولاً أن تجامل أحداً فيها.

وكان يقول: هذا الشيء لا نريد أن نمتاز به نحن كمتعلمين, نطلب من الآخرين وهم أن يعملوا نفس الشيء, سواء من داخل طائفتنا الزيدية, أو من داخل طوائف أخرى, أنه لا تحاولوا أن يكون الشيء الذي يهمكم هو الرد على ما تسمعون, ولكن انطلقوا بأذهانكم, انطلقوا باهتمامكم إلى معرفة هذه الوضعية السيئة للأمة, ثم تقييم الأخطاء من أين.

وإذا كان لدى أحد أي نقد أو وجهة نظر أخرى أو حلول يمكن أن تنقذ الأمة مما هي فيه فلا مانع لدينا أبدا لكن بالعودة إلى القرآن الكريم سنعرف أننا بحاجة إلى أن نتحدث بهذا الأسلوب, وبهذا المنطق، وإلا فنحن لسنا ممن طبائعهم حمقى أو ضيقة أو شديدي اللهجة على أي إنسان أو يتطاولون بألسنتهم على أي إنسان.. ليس هذا من طبعنا.

ولكن هي الحاجة الماسة التي جعلتنا نتحدث حتى على الرغم من أننا نعلم أننا سنجرح مشاعر كثير من المسلمين بهذا الكلام.

لكننا نقول: نحن أمة مجروحة يجب أن تبحث عن العلاج وعن سبب المرض، عن السبب الذي جعل هذا الجرح ينـزف دماً ولا نجد هناك من يلتئم الجرح على يديه. ليس عصر مجاملة، ليس عصر مداهنة، ليس زمن تغطية وتلبيس، زمن يجب أن تكشف فيه الحقائق على أرقى مستوى، وأن يتبين فيها بدءاً من هناك من مفترق الطرق من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من هـو السبب في كل ما نحن نعاني منه؟ حتى وإن كان علياً، حتى وإن كان عماراً، حتى وإن كانت فاطمة ناهيك عن الآخرين.

– العبارة الثانية هي تحميل الخليفتين الأول والثاني مسؤلية ما قام به معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد بل ومسؤلية الواقع الذي عاشته أمتنا الإسلامية إلى الآن؟

الجواب :

من ينظر إلى الساحة الإسلامية بعد مرور خمسة وعشرين سنة من بعد وفاة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يجد كيف تحولت الأمور وتبدلت الأحوال فيصل الحال أن يقتل أهل بيت النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وهم قرناء القرآن وسفينة النجاة والثقل الأصغر من أمر الرسول أمته بان تتمسك بهم مع القرآن الكريم يقتلون بسيوف محسوبة على الأمة الإسلامية وتصبح الساحة الإسلامية ساحة لا تقبل بالعظماء وإنما تقتلهم وفي الوقت نفسه تقبل بالأقزام وترضى بهم وتسبح بحمدهم وما زالت الأمة على هذه الحالة إلى اليوم أليس هذا مما يجعلنا نقف وقفة تأمل لنعرف الأسباب التي أوصلت الأمة إلى هذه الحالة وسنقدم بعض تلك الصور المأساوية التي أشار إليها السيد حسين وقدمها كشواهد على ما وصلت إليه الأمة . ففي ذكرى استشهاد الإمام علي (عليه السلام) يقول وهو يتحدث عن هذه الذكرى المؤلمة:

كيف لا تكون ذكرى حزينة أن نرى ذلك البطل، ذلك العظيم، ذلك العَلَم يسقط شهيداًً. هل كان سقوطه ذلك في مواجهة مع أعداء الإسلام فكان السيف الذي قُتِل به من خارج هذه الأمة؟ إنه وللأسف الشديد، والذي يدل على الشقاء الذي وقعت فيه هذه الأمة أن علياً (سلام الله عليه) يسقط شهيداً في عاصمة دولته، في باب محرابه، في فِنَاءِ مسجده، وسط هذه الأمة، وبسيفٍ محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرات من قبل من أصبح فيما بعد خليفة يحكم هذه الأمة، والكل تحت عنوان: إسلام ومسلمين.

إن هذا يدل على ماذا؟ يدل على انحراف عن الخط السوي، عن الصراط المستقيم؛ لأن من المعلوم أن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن رسالته، أن تربيته، أن منهجيته كانت بالشكل الذي تخلق ساحة للعظماء، تخلق أمناً للعظماء، تخلق التفافاً تحت رايات العظماء, لا أن يصير الحال إلى أن نرى أولئك العظماء يتساقطون واحداً تِلوَ الآخر داخل هذه الساحة. فعلي يسقط شهيداً، والحسن بعده يسقط شهيداً، والحسين بعده يسقط شهيداً، وزيد بعده يسقط شهيداً وهكذا واحداً تِلوَ الآخر!.

ما الذي حصل؟ إن لم يكن في هذا ما يدل على أنه وقع انحراف خطير فلا أدري ما هو الشيء الذي يمكن أن يدل بعد هذا.

الذي يتأمل كتاب الله يجده يأمر الأمة, يأمر المسلمين أن يكونوا مع الصادقين، فلماذا أصبح الصادقون يتساقطون واحداً تلو الآخر؟! ولماذا أصبحت تلك الأمة التي خُوطِبَت بأن تكون مع الصادقين تعتدي على هؤلاء، وفي نفس الوقت التفوا مع الكاذبين!. يسقط علي شهيداً وتلتف الأمة بعده – رغبة ورهبة – تحت راية معاوية, وفي صف معاوية!.

هل كان ذلك وليد تلك اللحظة؟ وليد ذلك الشهر الـذي سقط فيه الإمام علي (سلام الله عليه) شهيداً؟. لا. إنه الانحراف الذي بدأ، والذي يرى البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أيّة خطورة، لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحِس، عالي الوَعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث, وتسلسل تبعاتها, يقول في كلمة صريحة في بيت صريح:

وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه

عندما نرى الإمام علياً (سلام الله عليه) يسقط شهيداً لا يكفي أن نحزن، لا يكفي أن نبكي، لا يكفي أن نتألم, بل لا بد أن نأخذ العبرة، أن نتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟! ولماذا رأينا فيما بعد وعلى امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة, المحرفين للدين، المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة؟! وباسم رسالة هذه الأمة [الإسلام]! وباسم نبي هذه الأمة [أمير المؤمنين, خليفة رسول رب العالمين،] وعناوين من هذه؟!.

سنظل نحزن نحن وغيرنا، ونظل نبكي نحن وغيرنا ما لم تكن نظرتنا إلى الأحداث على هذا النحو، وسنظل نشاهد الأحداث المريرة، ونتألم لحادث بعينه, للفترة التي هو فيها، دون أن نأخذ العبر, دون أن نأخذ الدروس، إن هذا يعتبر خللاً كبيراً.

لا يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها، لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك المنهج الذي تمثل في سلوكه الالتفاف مع الصادقين، الإنضواء تحت رايات أعلام الدين، لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب، لابد من معرفة الخلفيات.

وهذه قضية ليست جديدة، نحن عندما نربط سقوط الإمام علي (عليه السلام) بحادثة السقيفة على الرغم من قربها فليست قضية مستبعدة، فنحن نسمع اليوم من يقولون عن اليهود: إن الذي جعل اليهود على هذا النحو: يتعاملون مع الأمة بهذه القسوة هو ثقافتهم، تأثر بثقافتهم, تلك الثقافة التي عمرها قرون طويلة قد لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة.

فعندما تسمع محللين من هذا النوع يقولون لك: إن تلك الثقافة قبل قرون من الزمن هي التي جعلت اليهود على هذا النحو في نظرتهم للبشرية، في تعاملهم مع الأمم، في انزوائهم على أنفسهم بأرواح شريرة، بقسوة بالغة، بنظرة ملؤها الحقد والكراهية للبشرية, وبالذات للمسلمين إنما ذلك نتيجة انحراف حدث قبل قرون.

لأن ما هم عليه الآن ليس امتداداً لشريعة موسى في أصلها, في جوهرها, في حقيقتها، ولا تطبيقاً لشريعة عيسى بالنسبة للمسيحيين في أصلها, وجوهرها, وحقيقتها, وما تدعو إليه، لا يمكن لدين من أديان الله سبحانه وتعالى أن يكون أثره في أمة من الأمم على هذا النحو الذي نرى عليه اليهود اليوم، على هذا النحو الذي نرى عليه النصارى اليوم.

إذاً فالكل متفقون، بل لقد سمعنا بعض المحللين من قساوسة المسيحيين يقول: إنما جعل المسيحيين على هذا النحو هو تأثر بثقافة يهودية اخترقت صفوف المسيحيين. فقال: [لدينا مسيحيين يهود، وأنتم عندكم – قال – مسلمين يهود، لكنكم لا تجرءون على أن تقولوا هذا، فكما لدينا مسيحيين يهود أنتم لديكم أيضاً مسلمين يهود].

لأن اليهود اشتغلوا عملوا في الخطين: داخل المسيحيين من قبل, وداخل هذه الأمة وما زالوا يعملون على هذا النحو إلى اليوم.

بهذه الطريقة, وبهذا الأسلوب نحن نجيب على تساؤل, أو نطرح تساؤل: لماذا استشهد علي؟ لماذا قُتل علي (عليه السلام) وعلى هذا النحو: في المسجد، في شهر رمضان، في ليلة القَدْر، بسيف محسوب على المسلمين، رجل محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرة شخص حكم فيما بعد هذه الأمة؟!!.

إنه الانحراف السابق، الانحراف الذي أدى إلى ماذا؟ على الرغم من تأكيدات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لأولئك الذين كانوا على يقين من صدقه، كانوا على يقين من نبوته، كانوا على يقين من حرصه على المؤمنين، كانوا على يقين من حرصه على هداية هذه الأمة، وأن لا ترتد هذه الأمة، وأن لا يسيطر الضلال على هذه الأمة.

فلقد قال لهم (صلوات الله عليه وعلى آله): ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)), وقال لهم أيضاً وقال للناس جميعاً من بعدهم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يَرِدَا عليّ الحوض)) والإمام علي (عليه السلام) هو رأس أهل البيت, هو رأس العترة الطاهرة.. هكذا قال لهم (صلوات الله عليه وعلى آله).

لنأتِ إلى حديث واحد هو قوله (صلوات الله عليه وعلى آله): ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)) حتى يتجلى لنا أن تلك الإنزلاقة التي يراها البعض لم تشكل خطورة على الإسلام والمسلمين أنها في واقعها كانت على هذا النحو.

نحن متأكدون والمسلمون جميعاً يعرفون أن الإمام عليا (عليه السلام) أُقْصِيَ، أُزِيْحَ، أُبْعِدَ عن المقام الذي اختصه به الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وحل محله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان.

فعندما نرى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)) فعندما يُقْصَى علي على جنب فبالتأكيد أن القرآن أُقصِيَ معه أيضاً؛ لأنه قرين القرآن لا يمكن أن تتصور أن أحداً من الناس بإمكانه أن يُقصيَ علياً جانباً ويبقى القرآن يعمل, ويبقى القرآن حياً، ويبقى هو مطبقاً للقرآن، ويبقى هو على منهجية القرآن, لا يمكن ذلك، لو قلنا ذلك لكنا مكذبين بهذه المقارنة المؤكدة, الصريحة, التي قالها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذا الحديث المتواتر, المعروف عند الجميع: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)).

وعندما يُقصى علي ففي الواقع أُقصيَ القرآن معه على جنب، أليس هذا انحراف خطير؟. لذا كان طبيعياً بعد ذلك الانحراف أن نرى العظماء، أعلام الدين، الصادقين, يسقطون واحداً تلو الآخر داخل هذه الأمة، ونرى الكاذبين المنحرفين هم من يَلُوا أمر هذه الأمة، هم من يتحكمون في شؤون هذه الأمة، هم مَنْ بعد تحكموا في هذا الدين فقدموه بشكل آخر.

يصبح هذا طبيعياً, أن ترى معاوية يحكم البلاد الإسلامية، بعد أن رأيت أمير المؤمنين قرين القرآن سقط شهيداً في محرابه؛ لأنه: لولا أبو بكر لما كان عمر، لولا عمر لما كان عثمان، لولا عثمان لما كان معاوية، هذا شيء مؤكد لا شك فيه.

– و هل تعتقد أن السيد حسين بدرالدين الحوثي قد تفرد بهذه الآراء حول هذه القضية كرؤية خاصة لم يسبقه إليها غيره أم أن غيركم من المسلمين ينظرون إلى تلك الأحداث بنفس نظرتكم؟

* هذه الأحداث موجودة عند الجميع ومعترف بها إلا أن ما تفرد به السيد حسين هو أنه قرأ واقع الأمة وفق رؤية قرآنية وقرأ كل المحاولات التي قام بها المخلصون من داخل هذه الأمة من أجل لم شملها وكيف أنه لم يكتب لها النجاح؛ لأنها كانت مبنية على المجاملات ومراعاة مشاعر الأطراف الأخرى فكان السيد حسين يمتلك مع خلال معرفته برؤية القرآن في تقييم الأحداث ومن خلال معرفته بالسنن الإلهية وشعورا كبيرا بالمسؤولية تجاه هذه الأمة التي تداس بأقدام اليهود والنصارى ويمتلك أيضا قدرا كبيرا من الشجاعة لتقديم الرؤية الحكيمة المستوحاة من القرآن الكريم مع علمه أنه سيتأثر الكثير ممن نظرتهم قاصرة ولا يؤلمهم ما وصل إليه حال الأمة.

لقد كان السيد حسين يقول:

ليست المسألة تحامل على الآخرين إنما هي شيء يجب أن نصل إليه من خلال, من خلال ثقتنا بأن هـذا القرآن هو وحده الذي يهدي، من خلال اعتماد القرآن الكريم بأنه هدى الله الذي يهدي للتي هي أقوم، وبروحية القرآن نتحدث عن الآخرين، وبأسلوب القرآن نتحدث عن الآخرين أيضاً.

إذاً فليس هناك مجالاً أن تبدو أكثر تسامحاً من الله، أو أكثر رحمة بالآخرين من الله، أو أكثر حرصاً على وحدة الأمة – فتقول من أجل الأمة تتوحد – من الله، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي لم يراع مشاعر أولئك الذين يقول الكثير: لا بد أن نراعي مشاعرهم، بل خاطبهم بلهجة قاسية في قضية تبدو عادية للبسطاء تبدو عادية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} (الحجرات:2) سننسف أعمالكم.

أليس هكذا؟ هذا منطق شديد والاّ لا؟ يقل: [كانوا وكانوا مع رسول الله, ويقال كانوا يجاهدوا، وكان باهر… وكان.. وكان..] الله الذي يعلم الأعمال ويكون للأعمال قيمتها عنده، يقول: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} عندما تخاطبوه: يا محمد. بعبارات نحو هذه.

{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} سنحبط أعمالكم. ماذا وراء إحباط الأعمال ماذا؟ أليس وراءها جهنم أن تحبط أعمالك الصالحة؟ الإنسان لا يبقى صفر لا سيئات ولا حسنات معناه سترتكب خطيئة وجريمة تحبط كل حسناتك، وتملأ كل ذلك الفراغ سيئات. الإنسان لا يعيش في لحظة لا حسنة ولا سيئة، لا أحد يعيش صفر من هنا ومن هنا.

{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} قالوا: هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر, ودعها تنـزل في الصحابة كلهم.. أليس هذا منطق ولهجة شديدة؟ ألا تدري لماذا؟ لأن في رفع صوتهم فوق صوت النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) ما يخل بالأدب في مجلسه ومحضره, ما يكشف عن عدم إجلال واحترام وتقدير له بالشكل الذي يليق به، فإذا كان محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) رسول الله ليس له المكانة العظيمة في نفسك التي تجعلك تتأدب في مجلسه إذاً فلن يكون لكلامه وتوجيهاته أهميتها في نفسك، ولن تقع موقعها في نفسك، وبالتالي فسيكون من السهل أن تخالفها، من السهل أن تتملص عنها، من السهل أن تؤولها، من السهل أن تبتكر من عندك ما تعتقده بديلاً عنها وتقدمه بديلاً عنها، وهنا مَكْمَن الخطورة.

فكيف بمن رفعوا صوتهم فوق صوت النبي, وخالفوا النبي, ورفعوا صوتهم فوق صوته وهو في حالة المرض وفي قضية مهمة…

قد تتجنى على حكمة الله سبحانه وتعالى، فتبدو وكأنك أكثر حكمةً من الله، الله الذي قال: سيحبط أعمالهم، أعمالاً صالحة. وأنت تريد أن تتغاضى عن أعمال سيئة ترفعها إلى مقام الأعمال الصالحة، كم هو الفارق؟ كبير‍. الله قال: سيحبط أعمالاً وإن كانت أعمالاً صالحة فعلاً، وإن كان فيها جهاد وعبادة وإنفاق، سيحبطها إذا رفعتم صوتكم فوق صوت النبي، فكيف إذا رفعت خطاً ومنهجاً بأكمله خلاف منهج النبي فتجعل حركة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وما بذله من جهد كبير أيام حياته تجعله لا شيء في الأخير..

قل: إذاً أولئك لم يرفعوا فقط أصواتهم فوق صوته بل رفعوا أشياء أخرى خلاف ما جاء به، رفعوا أمة أخرى غير الأمة التي كان يريد أن تكون هي التي ترتفع، رفعوا أمة. هذه الأمة التي كان يريدها النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) أن تكون هكذا على مستوى عال، على مستوى عال في واقع حياتها، في تفكيرها، في هديها، في زكاء نفوسها أصبحت أمة دُنِّسَت بالعقائد الباطلة، تحت أقدام الجبارين من الخلفاء في مختلف العصور..

قد تبدو متسامحاً أكثر من الله. الله لا يتسامح مع الذين يَتَجَـنَّون على عباده، ويظلمون عباده، ويحرفون دينه.

هل تسامح مع آدم؟ أول رجل في هذه الأمة أخرجه هو وزوجته من الجنة التي كان قد أعدها لهم في هذه الدنيا ليقيموا فيها فترة حتى يتكاثر نسلهم، عندما أكل شجرة، ما هي هذه الشجرة؟ هل هو شرب خمراً؟ لا. شجرة.. قال المفسرون: شجرة حنطة، أو أنها الشعير أو أنها التينة، أو أنها الكَرْمة، شجرة عادية من هذه التي نأكلها، لكنه خالف فشقي {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}(طـه: من الآية121) أُخرجا من الجنة، اهبطا منها، ونُزِع عنه وعن زوجته لباسهما فخرجا عاريين، نُزِعت ملابسهما من فوقهما {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} (طـه: من الآية121). شقي آدم بسبب مخالفة؛ ليعطي دروساً لبني آدم من بعده أن مخالفته لا يمكن أن تكون كطاعته.

فتأتي أنت تسوي بين من خالف أمره في أمور مهمة جداً وبين من يطيعه وهو يقول: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} (السجدة:18) {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (الحشر:20) يجب أن نهتدي بهدي الله، وأن نقف موقف القرآن, وأن ننطق بأساليب القرآن وأن نكون أقوياء بقوة القرآن، وإلا فسنكون نحن من يَتَجَنّى على حكمة الله وعدله ورحمته فيـبدو وكأنه أكثر حلماً من الله، أكثر رحمة من الله، أعظم حكمة من الله، أوسع علماً من الله، ستبدو هكذا فتسيء أنت إلى إلهك، وتسيء إلى نفسك إساءة بالغة، إساءة بالغة.

كيف تريد أن تتسامح مع أشخاص هم ضربوا هذه الأمة؟‍ بل لا مخرج لهذه الأمة إلا بأن تصحح وقفتها معهم ونظرتها إليهم من جديد. والله هو الذي يقول لنبيه سيد المرسلين: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (الأنعام:15) هل هناك أحد في هذه الأمة أرفع من محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو الذي يقول: لو عصيت لعذبني، أخاف إن عصيت أن يعذبني. طيب لو عصى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) سنقول: طبيعي، هو نبي هو كذا. حتى هذا أليس منطقاً رفيعاً؟ هل هو مقبول عند الله؟. لا..

– كثرة الإتهامات الموجهة لكم بسب الصحابة ما حقيقة ذلك؟ وما المقصود منه؟ ولما في هذا التوقيت بالذات؟.

* هذا غير صحيح ويحب أن نفرق بين القول بالحق الذي أمرنا الله أن نقوله وحرم كتمه في قوله: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}آل عمران187

أما هدفهم فهو خدمة أعداء الأمة لأنهم في هذه المرحلة يركزون بشكل كبير على الفتنة الطائفية وإلهاء الناس بالصراعات المذهبية ليتسنى لهم تحقيق مؤامراتهم ويتمكنوا من القبضة المباشرة على البلدان العربية والإسلامية وعلى كل مفاصل القرار المهمة ونلاحظ أنه كلما اشتد التدخل الأمريكي في البلدان الإسلامية وخاصة اليمن كلما تحركت أبواق الفتنة لإثارة الصراع الطائفي والمذهبي بنفس الوتيرة.

– هناك من يدعم إتهامه لكم بمقاطع صوتية للسيد/ حسين كما نرى في الإنترنت يقولون أنه يتهجم فيها على الصحابة؟.

* ما ورد من العبارات في المحاضرات عندما تبقى في سياقها الذي وردت فيه لن تكون بالشكل الذي يثير أي مسلم منصف يستشعر الحالة التي تعيشها الأمة الإسلامية وما نطلبه من الجميع هو مطالعة هذه المحاضرات وتفهمها بمسئولية بعيدا عن الإجتزاء أو أخذ نصوص معينة منها فقط ومحاولة تقديمها في غير السياق الذي وردت فيه أو توظيفها في غير محلها الصحيح كما يعمل دعاة الفتنة في المنشورات التي يوزعونها ونحن على يقين أن من يعرف منهجية القرآن في تقييم البشر وتصنيفهم سيتفهم لمثل هذا الكلام.

– الأمة بحاجة الى ما يقارب صفوفها ويوحد رؤيتها الا يؤثر هذا الموقف على وحدة الأمة؟.

* ما يحول بين الأمة وبين توحدها وقوتها وعزتها هي ثقافات مغلوطة وعقائد باطلة عند المسلمين جميعا سنة وشيعة فما عمله السيد حسين هو تخليص الأمة من هذه العوائق التي أوصلت الأمة إلى ما وصلت إليه كل ذلك وفق رؤية قرآنية حكيمة لا مجاملة فيها لأحد فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها .

– قال تعالى ( لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة ….الخ ) معلوم أن أكثر الصحابة الأوائل مثل أبو بكر وعمر فيهم فكيف تقولون أو تنظرون إلى هذه الآية ؟.

* الآية لا تفيد بأنهم معصومون ولا ننكر أن الله رضي عنهم في تلك الحال وأمام ذلك الموقف الإيجابي ولذلك قيد القضية بقوله تعالى: { إذ يبايعونك تحت الشجرة } ولكن الآية لا تعني العصمة لهم . ألم يقل ا لله عن بني إسرائيل وهم مثل قدمه الله لنا: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }الدخان32 ويقول:{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة47 ثم عندما خالفوا ولم يشكروا هذه النعمة لعنهم على ألسن أنبيائه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78

– بإختصار شديد بماذا ترد على من يتهمونكم بأنكم تسبون الصحابة، وماهي الكلمة التي توجهها لهم ونحن أمام حملة شرسة يتعرض لها سيدنا محمد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله من قبل اليهود والنصارى وفي مقدمتهم أمريكا؟

* نقول من يقول أننا نسب الصحابة فهو كاذب مفتر ويخدم بهذا أعداء الأمة الإسلامية ويجب أن يكون هناك فرق بين السب وبين القول بالحق فأنت عندما تذكر حقيقة تاريخية وآثارها السيئة على واقع الامة فأنت لا تسب هنا وإنما تقول بالحق والقرآن مليء بهذا فهل هو عندما يقول {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران152هل هو بهذا يسبب الصحابة أو يوضح حقيقة حصلت منهم ؟ عندما يقول {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }التوبة25 هل هو يسب هنا أو يقول بالحق؟.

ثم نقول لهؤلاء الذين يتحركون بفاعلية وبحماسة شديدة وتحريض غير مسبوق وعمل جاد لمواجهة من يتهمونهم زورا بأنهم يسبون الصحابة لماذا لم نر شيئا من تلك الحماسة في مواجهة من يسبون النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) أم لأن أولئك أمريكيون يجوز لهم أن يعملوا ما يريدون؟ ! هذه المواقف تفضح صدق نواياهم وتكشف ما وراء مثل هذه الحملات المسعورة وأنها في سياق المؤامرة على الأمة بإثارة الفتنة الطائفية فقط .

– كلمه أخيرة تود ان تقولها أستاذ يحي:

* السيد حسين شخُص وضعية الأمة وقيمها على أساس القرآن الكريم وقدم الحل والمخرج لهذه الأمة من القرآن أيضا وفي مقدمتها تصحيح ولاءاتها وثقافاتها التي كانت سببا في ضياعها وأن تعود إلى مصادر عزتها وقوتها فعندما نجد أن هناك ما يعيق الأمة تحقيق عزتها وقوتها وسلامتها وعن الوصول إلى هذا الحل والمخرج سواء ثقافة أو أشخاص من أهل البيت أو من الصحابة فإن على الأمة أن تتعامل معهم وفق منطق القرآن كما يريد الله لها إن أرادت أن تعتز وأن تنتصر وأن تكون هي الغالبة وأن لا يكون تمسكها بهؤلاء بالشكل الذي يعميها عن الحل كما ذكر ذلك في محاضراته التي تناول فيها آيات من سورة المائدة فأرجو ممن اطلع عليها أن يطلع عليها كاملة وأن لا يجتزء منها فقرات معينة فقط لأنه لن يفهم القضية كاملة ولن تتضح له الصورة كاملة وقد وضح بعض ذلك فيما سبق.

– الأستاذ المجاهد يحيى قاسم أبو عواضة أسعدنا اللقاء معك على أمل تجدد الفرصة مستقبلاً بإذن الله نشكرك شكراً جزيلاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين

والسلام عليكم ورحمة الله

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com