المنبر الاعلامي الحر

” فورين أفيرز ” : لمَ سوف يخيّب ترامب آمال السعودية؟

يمني برس / وكالات 

لحظت مجلة «فورين أفيرز»، ما وصفته بـ«التفاؤل السعودي» إزاء عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقب «سنوات التوتر» إبّان عهد سلفه باراك أوباما، لافتة إلى أن تعيين الأمير خالد بن سلمان، سفيراً للمملكة العربية السعودية في واشنطن، يعد مؤشراً على «تنامي نفوذ شقيقه الأكبر»، ولي ولي العهد، ووزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، من جهة، وعلى “محاولة الملك سلمان لتعزيز العلاقات” بين العائلة الحاكمة، والبيت الأبيض، من جهة أخرى.

وانطلاقاً من «السجل العدائي الراسخ» للرئيس الأمريكي ضد إيران، «الغريم الأساسي للمملكة»، توقفت «فورين أفيرز» عند الحفاوة التي لاقتها مكالمة سلمان – ترامب مطلع عهد الإدارة الجديدة، إضافة إلى اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي بولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مؤخراً، في وسائل الإعلام الرسمية السعودية، ملمّحة إلى أن ترامب سوف يقوم بزيارة الرياض ضمن أولى جولاته الخارجية، من باب الاستجابة لهذه الحفاوة، و«ردّ التحية».

وبرغم كل هذه المعطيات، اعتبرت «فورين أفيرز» أنه من المبكر تقييم عهد ترامب، لا سيّما وأن «السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ما زالت مشتتة»، حيث لم تبادر الإدارة الأمريكية الجديدة حتى الآن إلى وضع «عقيدة واضحة للأمن القومي»، ناهيك عن «عدم وضوح الأهداف الرئيسية لها» على صعيد المنطقة ككل. وجزمت المجلة بأن «ترامب يريد أن يكون مختلفاً عن سلفه أوباما» في مقاربة العلاقة مع السعودية، إلا أنها شكّكت في أن «يميل بسياسات واشنطن جذرياً في الاتجاه الذي تحبّذه الرياض»، سواء عن طريق دفعه باتجاه إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، أو عن طريق اندفاعه لـ«مواجهة إيران بوسائل أخرى»، أبعد من التهديدات اللفظية، وفق «فورين أفيرز».

وتابعت «فورين أفيرز» بالقول، إن «هناك قضايا أخرى يمكن أن توفر المزيد من مصادر الاحتكاك والتوتر» بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، مثل إمكانية تدشين «انفراجة في العلاقات الروسية الأمريكية»، كما وعد ترامب خلال حملته الانتخابية، أو ممارسة الأخير «ضغوطاً على الرياض» في سياق مساعيه لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني، والإسرائيلي، مرجحة أن تكون «آمال المملكة في إعادة تأسيس شاملة» للعلاقات الأمريكية السعودية بعيدة عن الواقع.

وبخصوص الموقف من الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان يمثل أحد «أكبر مصادر التوتر» بين الولايات المتحدة، وحليفتها الخليجية، على مدى الأعوام الماضية، رأت «فورين أفيرز» أنه «ليس لدى واشنطن، أقله في الوقت الراهن، نوايا بإعادة التفاوض بشأن الاتفاق»، أو «بإلغائه»، لأسباب تعود إلى أن جهود محاربة «داعش» في الشرق الأوسط، بما هي «أولوية على أجندة ترامب الإقليمية»، «ما زالت ترتكز على عدد من الميليشيات العراقية الشيعية»، المدعومة من إيران، على النحو الذي يجعل واشنطن تتخوف من أن تؤدي ضغوطها على طهران، إلى إضعاف الحملة ضد تنظيم «داعش».

وفي الإطار عينه، شرحت المجلة أن ترامب سوف «يتشدد في الحرص على تنفيذ طهران لالتزاماتها» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، بالتزامن مع «مواجهة نشاطات إيران» على امتداد الإقليم، مشيرة إلى أن إقدام الإدارة الأمريكية الجديدة على تشديد العقوبات على طهران، من جهة، وزيادة دعمها الاستخباري واللوجستي للرياض في حرب اليمن، يندرج ضمن هذا الإطار.

أما بخصوص الموقف من قضايا حقوق الإنسان داخل المملكة العربية السعودية، فقد أوضحت «فورين أفيرز» أنه لدى الرئيس الأمريكي الجديد، «سلسلة أولويات مغايرة» عن تلك التي سادت عهد سلفه، تشمل «زج السعودية في الحرب ضد تنظيم داعش»، إضافة إلى «مواجهة طموحات إيران بالهيمنة الإقليمية»، مرجحة أن ينصب اهتمام فريق إدارة ترامب على «تعزيز الاستقرار السياسي بعيد الأمد» داخل المملكة، عوضاً عن «ممارسة الضغوط من أجل القيام بإصلاحات» فيها، وهو «نهج سوف يلقى استحساناً داخل الرياض».رجحت المجلة أن ينصب اهتمام إدارة ترامب على «تعزيز الاستقرار السياسي بعيد الأمد» داخل المملكة

وبالعودة إلى تصريحات ترامب المثيرة للجدل بحق الأخيرة، بدعوى «عدم تعامل المملكة العربية السعودية بعدالة» مع الولايات المتحدة، لحظت «فورين أفيرز» أن خلفيات كلام الرئيس الأمريكي يمكن إرجاعها إلى غياب الجدية الكافية في جهود المملكة في محاربة الإرهاب، مع انشغالها في حرب اليمن، وترددها في إرسال جنودها خارج الحدود، مضيفة أن الرياض تحاول استرضاء الرئيس الأمريكي عبر «التفاوض على شراء أسلحة» بمليارات الدولارات، بما في ذلك «أسلحة متقدمة»، على غرار نظام «ثاد» الصاروخي.

وفي ما يتعلق بالملف اليمني، رأت المجلة الأمريكية أن المملكة العربية السعودية، «رغم إنفاقها ما يقارب 200 مليار دولار»، على حملتها العسكرية في اليمن منذ مارس 2015، «أخفقت في تحقيق أي نتائج إيجابية». بل، وعوضاً من ذلك، أسفرت الحرب التي تقودها الرياض في ذلك البلد، عن وقوع «كارثة إنسانية» هناك، وتزايد «الانتقادات الدولية» لها، إضافة إلى «دفع إيران للتقرّب من الحوثيين»، وبالتالي «تعريض أراضي المملكة لتهديد صواريخ» الجماعة، والتي يعتقد أن مصدرها طهران، وفق المجلة.

بناء على ما سبق، أوضحت «فورين أفيرز» أن سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن، سوف يكون بمثابة “الاختبار الحقيقي لنوايا ترامب” تجاه المملكة الخليجية. فالأخير، «لم يعمد حتى الآن، إلى إجراء تغييرات كبيرة في سياسة واشنطن داخل اليمن»، حيث ما زال البيت الأبيض ديدعم رسمياً» مسار المفاوضات الأممية لحل الأزمة في البلاد، فضلاً عن «مواصلته سياسة أوباما لمحاربة الإرهاب» لجهة الاعتماد على الطائرات المسيرة في تنفيذ الغارات ضد التنظيمات المتطرفة هناك، إلى جانب الحرص على تحقيق «هدف طويل الأمد»، يتمثل في «الحفاظ على حرية الملاحة في مضيق باب المندب» عبر تواجد عسكري قوي في مياه الخليج وسواحل شرق أفريقيا.

هذا، وألمحت المجلة إلى أن الولايات المتحدة «ترغب في الحصول على مساندة الرياض لحربها ضد تنظيم القاعدة في اليمن»، مقابل إبداء واشنطن «استعدادها لإزالة بعض القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة إلى السعودية»، لا سيما وأن البيت الأبيض يدرك أهمية «عدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع الحوثيين»، وتفضيله «إخراج الرياض من اليمن، من خلال عملية ديبلوماسية تمكّن الأخيرة من حفظ ماء وجهها».

وفي إطار رغبة ترامب في إستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، رأت المجلة أن «ممارسة الضغوط على الفلسطينيين، دون مطالبة الجانب الإسرائيلي بتقديم تنازلات، قد يثقل كاهل العلاقات الأمريكية – السعودية»، مستبعدة في الوقت عينه، أن يعقّد ذلك مسار الأمور بين الطرفين، خصوصاً وأن «النظرة المشتركة المعادية لإيران»، لدى كل من الإسرائيليين والسعوديين، قد «قربت المسافات» بينهما، وأدت إلى تدشين «تعاون سري» بين تل أبيب، والرياض، في مجال الأمن، والاستخبارات.

وفي المحصّلة، اعتبرت «فورين أفيرز» أن «خطاب ترامب المتشدد إزاء إيران»، إلى جانب «بعض العمليات العسكرية» التي أطلق العنان لها في سوريا، واليمن، يؤشران على وجود «نهج أمريكي جديد تجاه المملكة»، على النحو الذي أسهم في «تحسين المناخ السياسي بين الحليفين»، وذلك انطلاقاً من «رغبة واشنطن في إقرار الموافقة على صفقات أسلحة جرى إيقافها خلال عهد أوباما»، و«استخدام القوة العسكرية بزخم أكبر عما كانت عليه» في عهد الإدارة السابقة. وتابعت المجلة بالقول إن جانب التحسّن في العلاقات الأمريكية – السعودية ما زال «طفيفاً»، مشيرة إلى إمكانية ظهور «خلافات» بين الجانبين على أي من قضايا الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يعيد العلاقات الثنائية إلى ما كانت عليه خلال حكم أوباما، ويخيب توقعات السعوديين في عهد ترامب، علماً بأن المناخ الإيجابي الذي باتت تتسم به هذه العلاقات «لم يترجم إلى إطار استراتيجي أوسع».

وختمت «فورين أفيرز» تقريرها بالقول إنه «ليس من الواضح ما إذا كان نهج البيت الأبيض سوف يتغير بما يتوافق تماماً مع أهداف السياسة السعودية. ومن المرجّح أن تكون توقعات الجانب السعودي بشأن مسار محتمل لإعادة تأسيس السياسة الأمريكية بشكل مغاير، مبالغاً فيها».

 

المصدر : العربي

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com