تطويع النفس لحب وعشق القرآن
بقلم / يوسف الحاضري
(( تطويع النفس لحب وعشق القرآن ))
سألني صديق سوري عزيز قائلا :- لماذا يا دكتور يوسف أشعر هذه الفترة برغبة دائمة للقرآن وبشوق عظيم أنني أبقى مع القرآن خاصة منذ أن أنسجمت مع أفكاركم وفهمت كيف الطريق الأمثل والسليم للتعامل مع القرآن أكثر مما كنا عليه من قبل في تعاملنا مع القرآن ؟
أبتسمت ابتسامة الشاكر لله فقلت له :- السبب أن اليهود (أشد الناس عداوة لنا) مع إخوانهم من المنافقين (الذين يدعون إسلامهم) أستطاعوا خلال قرون من الزمن تقديم القرآن الكريم على أنه كتاب إلهي سماوي أنزل إلينا لنتعبد لله من خلاله عبر (قراءة كلماته ) بإستمرار ، وكلما قرأناه كثيرا كلما كثرت حسناتنا التي أيضا جعلوها مقياسا للجنة والنار ، فأخترعوا أحاديث تهدد وتشدد على عدم (قراءة) القران بإستمرار (وركزوا على كلمة قراءة) وأيضا أحاديثا تفرح وتسعد الناس وتحفزهم لقراءة القرآن قراءة سريعة بدون أدنى تدبر او فهم ، جاعلين مسألة تدبر القرآن وفهمه وأستنباط قوانينه وقواعده على أشخاص معينين أطلق عليهم (علماء الدين) والذي ربطوهم بالمال وبالحكام ، فأصبحنا ننظر للقرآن مثلما ننظر لبقية العبادات بكثير من النفور لولا الخوف من النار ما أقتربنا منه وننتظر شهر رمضان لنجعل منه حصادة نحصد فيه ما يكفينا حسنات للسنة كاملة فنتسابق لقراءته ولكن بنفسية المكرة لذلك والمجبور عليه ، فنتذكر مثلا حديثا (أن القران في البيت يلعن صاحبه الذي لا يقرأه) فنفتح المصحف خمس دقائق كأداء واجب وأيضا لكي لا نسقط في أن يلعنا القران ، فتم تفريغ الهدف الاسمى من القرآن الكريم بانه لنتدبره ونستنبط منه ما ينفعنا في حياتنا على كل المستويات (السياسية والأجتماعية والأقتصادية والإعلامية والفكرية والعلمية والعسكرية والأخلاقية وكل شيء ) ونتدبر عبر قصص السابقين ما ينفعنا فنقوم به وما يضرنا فنجتنبه مستفيدين من تجاربهم وأحداثهم ونعي بقوة وعمق حقائق كثيرة خارج نطاق العقل المجرد المعلب ونصل في نهاية المطاف إلى معرفة الله حق المعرفة وعندها سنحقق الهدف الأسمى من أستخلافنا في الأرض ، وهذه جميعا هي من ستقودنا للفلاح والسعادة في الدنيا والنجاح والجنة في الآخرة …
هنا أرتبطت نفسيتك بتدبر القران والتفكر فيه وإعادة تصحيح ثقافات مغلوطة كثيرة غالبا تصل الى 80% وأكثر وهذا بحد ذاته فتح قلبك وهيأ نفسيتك ليرتبط بشوق ولهفة مع القرآن من منطلق الحب ، وهو المنطلق الذي يجذب ويحبب ويرغب عكس منطلق الخوف الذي ينفر ويجعل أي ارتباط به بكره وعدم رغبة وعدم إندفاع .
هذه النفسية والرؤية لا تنطبق فقط علة القانون والدستور المسمى (قرآن) بل يجب ان ترتبط مع كل العبادات الأخرى كالصلاة والزكاة والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والموالاة والمعاداة و و و والذي سيجعل كل العبادات بحقيقتها الحقيقية مرغوبة مستلذة ومشتاق إليها بإستمرار … فعامل الترهيب المقترن بالإجبار والتخويف وتقديم العبادة بصورة مرعبة ومخيفة طالما جعلت النفوس تتهرب منها او تبتعد أو تتلاعب بها أو تتكاسل عن اداءها او تؤديها بفراغ روحاني مطلق .