السعودية وقطر والإخوان
يمني برس _ بقلم / عبدالرحمن الاهنومي :
كجزء من صراع مشيخات الخليج النفطية كانت مصر بيئة خصبة لهذا الصراع ، ومنذ اندلاع ثورة يناير طفت إلى السطح نتوءات صراع بين جماعة الاخوان مدعومين من مشيخة قطر وتركيا وأمريكا من ورائهما ، وبين نظام مبارك مدعوما من مشيخة آل سعود في نجد ، وكل طرف كان له وسائله في مواجهة الآخر ، وكلا الطرفين مدعوم من أمريكا وعلى ارتباط مع الكيان الصهيوني ، وكان الهدف من وراء ذلك هو العمل على إجهاض الثورة المصرية التي انطلقت في يناير من 2011-م إضافة إلى إشغال مصر بشؤونها الداخلية، وضرب وحدة النسيج الإجتماعي المصري وإيجاد الشرخ والإنقسام بين الطوائف المصرية ، وخلق نزاع بين الهويات المتعددة ، إضافة إلى هدف إستراتيجي أكبر وهو تفكيك مؤسسة القوات المسلحة المصرية وتفتيتها والعمل على الزج بها في مواجهة الشعب المصري وفي هذه المرحلة نجح المشروع الأمريكي بوصفة قطر في الوصول إلى حكم مصر.من نافلة القول أن الوجود القطري في مصر بدأ في الإنحسار خصوصا مع سقوط حكم الجماعة التي وصلت إلى الحكم بفعل تحالفاتها وتماهيها مع المشروع الأمريكي وتعميدها لكامب ديفيد ومغازلتها لإسرائيل وحشرها في الموضوع السوري بفجاجة تكشف عن صفقات خائبة عقدتها الجماعة مع الامريكيين والإسرائليين ، وجدير بالقول أيضا ان السبب الذي دفع الشعب المصري لإسقاط حكم مبارك الذي كان يمثل الحليف الاستراتيجي لإسرائيل والجندي الأول لأمريكا ، هو السبب نفسه الذي دفع بالشعب المصري لأسقاط حكم الاخوان الذي قام بدور الحاضن الأيدلوجي للمقاتلين الإرهابيين ضد الجيش العربي السوري والمدعوم قطريا وأمريكيا أيضا..الشعب المصري شعب نخبوي حي وبناء وذلك يجعلنا بأن نجزم بأنه ومهما تكالبت على ساحته القوى المرتهنة المتسابقة على خدمة المخطط الأمريكي، لن يسمح بأن تعود إلى ساحته أي قوة مرتهنة سواء كانت مدعومة من قطر أو السعودية أو الإمارات أو تركيا ، وهو مدرك لما تريده السعودية ، وما سعت اليه مشيخة قطر، وهذا ما دفعه الى الخروج الأسطوري في ثلاثين يونيو 2013-م.العودة المفاجئة للدور السعودي في المنطقة ، والإنحسار المفاجئ للدور القطري يندرجان كحلقتين ضمن سلسلة تقلبات للربيع العربي فعلى خلاف موقفها في سوريا تقف السعودية في مصر ، وعلى خلاف موقفها من إخوان اليمن ، وموقف إخوان اليمن منها تختلف السعودية في الحالة المصرية ، وأمريكا تضع مصر بين مصيرين إما المشروع الإخواني ، أو المشروع السعودي الوهابي وبين ذلك تتحرك أمريكا وهو ما يظهر التذبب والتردد في موقفها من ثورة يونيو.ومن تقلبات الربيع وتناقضاته أن إخوان اليمن يقفون الموقف ويقفون ضده ويقفون ضد الضد وفي وقت واحد، ويجمعون بينها ، فهم يرون في إسقاط حكم الجماعة لمصر مؤامرة تستهدف الدين والإسلام ، وفي نفس الوقت يرون في السعودية التي تدفع في ذلك الإتجاه حامية حمى الإسلام والديار وطوال فترة الأحداث المصرية يذهبون لمهاجمة العلمانيين والروافض الشيعة ويتهمون السيسي والجيش المصري بالمؤامرة على الإسلام.محمد اليدومي الشيخ الزنداني حميد الاحمر توكل كرمان وبرغم كثرة حديثهم عن مؤامرة الكفر على الإسلام في مصر إلا أن أحدهم لم يجرؤ على الحديث عن السعودية ودورها في التأليب على الجماعة ، كل ما في الأمر أنهم يحاولون تصويب معركته باتجاه السيسي والجيش المصري واتهام الفلول بذلك!هذا التعاطي المتناقض والملتوي مع الحالة المصرية تجسد في مسيرة إخوانية خرجت يوم أمس الجمعة تضامنا مع ميدان “رابعة” وبدلا من إحراق علم نظام أل سعود ودولة الإمارات بادر الإخوان بإحراق شعار أنصار الله -الحوثيين- وكأن الحوثيين هم من تبرعوا بسبعين مليار لمصر ما بعد مرسي وليست السعودية أو الإمارات..فليس من قبيل الصدفة ان تتفق الجماعة مع المملكة في الموضوع السوري ، ولا من الصدفة أيضا أن تتفق الخيارات في مواجهة حزب الله وإيران وأنصار الله في اليمن ، ولا من قبيل الصدف أيضا أن يرى الإخوان والسعودية ضرورة توجيه بوصلة الجهاد إلى إيران بدلا من القدس ، ولا من الصدفة أيضا أن تقف السعودية والإخوان ومن يقف خلفهما الموقف نفسه من الثورة السلمية في البحرين ، إنما ذلك بسبب الإرتباط الوثيق بين الجماعة والمملكة..الحالة المصرية الوحيدة هي التي يتقاطع فيها الطرفان وربما سبب ذلك أنهما يلعبان أدوارا يصبان في نفس الهدف وهو شلل مصر ودورها وما التسويات والصفقات التي تمخضت عن عزل حمد عن حكم قطر ، وتسليم ملف الإرهاب في سوريا لمملكة السعودية ، إلا خير دليل على ذلك فحينما خرج المصريون لأسقاط الجماعة كانت السعودية جاهزة لتلقف الاحتجاجات وحتى لا ينفلت الوضع من يد أمريكا إلى يد الشعب المصري كان لا بد من وجود قطر والجماعة في ميدان رابعة ووجود السعودية في الجهة المقابلة.تظل جماعة الإخوان بشكل عام وإخوان اليمن بشكل خاص حديقة خلفية للسعودية فارتباط الجماعة بالمملكة تاريخي ومنذ النشأة ، وإذا أردنا أن نضع الأمور في موازينها لنفهم من يحمل مشروعا حقيقيا لنهصة الأمة وصون كرامتها فعلينا أن نبقي بوصلتنا في القدس وفلسطين.