عرب بدون عروبة ومسلمون بدون إسلام … بقلم : علي الشرفي
غريب هذا الزمن الذي صرنا فيه وأغرب منه عرب اليوم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع خوفاً من أمريكا وإسرائيل وبكل رغبة وارتياح يمضون للموت تحت أقدام اليهود، تتلاقفهم أيادي الأعداء وتنهب خيراتهم، تعيث في بلدانهم فساداً وهم في غمرة ساهون ، ناموا ولكنهم لم ينهم عنهم ، مكّنوا أعداءهم من أنفسهم فضعفوا ، وأحبو الحياة الزائلة فذلوا ، سلاحهم أمام أعدائهم أشبه بسيف في يد عجوز ، وكلامهم أمام الأعداء سمعاً وطاعة، مواقفهم أمام أعداء الله ورسوله خالية من الرجولة ومن جميع عناصر العزة والإباء ، وأمام اخوانهم وأبناء امتهم كأنهم خشب مسندة ، تركوا ما أنزله الحاكم الأبدي ملك السموات والأرض وعضوا على تراث اليهود والنصارى بالنواجذ ، صفات العروبة اعلنت رحيلها عنهم والخصال الحميدة في مأتم لم ينقض بعد ، تخاذلوا فغلبوا وابتغوا الهدى من كتب ومجلدات أخرى غير كتاب الله فأضلوا ، صار اليهود هم المزارعون ، وهم أشبه شيء بالساقية التي يعدلها المزارع حيثما أراد وفي أي اتجاه شاء … حاشا لله أن يخلق أمة دون أن يشرّع لها ويهديها إلى السراط المستقيم، ولكنهم اجتهدوا فأسهبوا في الاجتهاد ، ومع مرور الزمن وتكاثر المجتهدين ضاعت الأسس بين اجتهاداتهم فحدث الخلل وتضعضعت الأركان ، واختل الاتزان ، ونتيجة ذلك حتما كان الضياع والضلال ،فأصبح العدو الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرم ما حرم الله ورسوله ولا يدين دين الحق صديقاً مقرباً وحنوناً ، وصار الصديق الذي يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر عدوا خبيثاً ، وأصبح الوقوف مع العدو الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر واجباً وطنياً ودينياً ضد ذلك الذي يؤمن بالله ورسله واليوم الآخر ويجب على العدو الأول ان يقف وقفة لله ويزيل المسلمين من الوجود. هكذا صار حال العرب اليوم، فعلاً ” عرب بدون عروبة” باعتبار أن العربي له مميزات وخصال حميدة ميزته وخلدت ذكره في التاريخ، كالنجدة، والعزة، والغيرة، والشرف… وغيرها. و”مسلمون بدو إسلام” باعتبار أن المسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وأن الإسلام قبل أي يكون تشريعاً سماوياً واجباً هو قيم ومبادئ لا تصلح الحياة إلا به ، وللأسف تركها المتأسلمون ، وبهذا صار الكلام عن أعداء الله ورسوله والمؤمنين محرماً دولياً!، وصار الحديث عن آلة اجرامهم انتهاك للمعايير الدولة والمجتمعية ، فإما أن ترضى أن يدوسك العدو وينتهك عرضك ومقدساتك ودينك أو أن تصنف كافراً ويحل دمك الحاكم العربي بفتوى شرعية من العالِم العربي، وفي كلا الحالين أنت مهدور الدم ويجب استئصالك ، هذا ما يعيشه أحرار العالم اليوم يخوضون حرب شرسة حرب وجود بمعنى الكلمة .
على العموم لنا في إمامنا علي عليه السلام خير أسوة فقد قال عندما وصل مع متأسلموا ذلك العصر قوله الشهير ” من نام لم ينم عنه ، غُلبَ والله المتخاذلون ، والله إن أمرءأ يمكن عدوه من نفسه لعظيم عجزه ضعيف ما ضمت عليه أنامله ، كن ذاك إن شئت أما أنا فو الله دون أن اعطي ذلك ضرباً بالمشرفية تطير منه روؤس الهام وتطيح السواعد والأقدام ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء”.