ما لا يعرفه الكثير من الناس عن قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي
يمني برس – ياسر عبدالوهاب الوزير
اعتاد الكثير من الناس سماع الشعر أو النشيد أو الكلمات المعبرة عن الحب والولاء للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يرون صوره المنتشرة بين أنصاره، ويسمعون منه (القول السديد)، لكن القليل هم من يسمعون حديثاً عن شمائله العظيمة وأخلاقه السامية وسلوكه القويم، ورغم صعوبة طريق الحديث عن هذا إلا أني سأحاول دخوله متحدثاً عنه ومقرباً إياه للناس الذين قد يُبعد الكثير منهم عن هذا السيد ما يرونه أو يسمعونه مما لا يستطيعون التفريق بينه وبين ما يحصل مع أي زعيم هنا أو هناك.
سمعت عنه سنة 2000 تقريباً عندما كان والده السيد بدر الدين بن أمير الدين الحوثي في صنعاء، حيث كان يحدثني عنه بعض من حضر دروس سيدي بدر الدين قائلاً: إن السيد بدر الدين كان يصرفه عن بعض الدروس باعتبار أنه قد أخذها ناصحاً له باستغلال الوقت في قراءة شيء لم يكن قد حصّله من قبل، فكان ينصرف عن معظم الدروس لأنه قد حصلها عاكفاً على قراءة الكتب المختلفة، لكنه كان إذا حضر درساً وبدأ في الحوار مع والده فإن معنى ذلك أن الدرس قد انتهى لأن حوارهما المهم والعميق كان يستغرق وقتاً أطول من وقت الدرس! نعم؛ فقد نبغ في مختلف العلوم التقليدية الدينية منذ صغره ولذلك فإن السيد بدر الدين كان يتوسم فيه الخير الكثير.
ولما دارت الأحداث واندلعت الحروب في صعدة بدأ اسمه يظهر، وكانت بداية ظهوره الإعلامي من مقال نشِر في صحيفة الوسط بداية سنة 2005 بعد المقابلة التي أجرتها مع والده السيد بدر الدين بأسبوعين، كان مقالاً يبشر بشخصية لم تعرف في الأوساط العامة من قبل، وفعلاً كان المجاهدون آنذاك قد بدءوا بالالتفاف حوله عندما وجدوا فيه الإخلاص والرحمة والإحسان والاهتمام والحكمة والشخصية القيادية التي يمكن أن تسد الفراغ الهائل الذي خلفه غياب شخصية بحجم السيد حسين بدر الدين الحوثي.
لقد عرفوه عن قرب معرفة حقيقية، ولذلك قد يتعجب من لم يعرفه عندما يرى حجم الحب الذي يكنونه له، وما زلت أتذكر حديث أحد المجاهدين عنه قبل سنوات عندما قال: يا أخي عرفناه رحمة رحمة، احنا نقدر نميّز وقد عرفنا الناس ما وجدنا أحد مثله.
في إحدى المرات فوجئ الحاضرون معه في الاجتماع مع اللجنة القطرية التي نزلت بعد الحرب الرابعة عندما رأوه يغادر الاجتماع ليجيب واحداً من المجاهدين جاء يشكو إليه بعض المشاكل الخاصة، خرج إليه فسمعه وطيّب خاطره ثم عاد إلى الاجتماع، ورجع ذلك من حيث جاء مرتاح البال!
سألوه: كيف تترك اللجنة القطرية التي ما وصلت إلا بصعوبة لتجيب مجاهداً يمكنك إجابته في وقت لاحق؟
فأجاب: هؤلاء المجاهدون دمرت منازلهم وقتل أهلهم وشردوا من قراهم، ولم يعد معهم أهل غيرنا، فكيف لا أجيبه!
هذه القصة سمعناها في السجن عندما تحدث بها الشهيد/ بسام توفيق أبو طالب الذي كان يومها كما قال ضمن الأمنيات المنتشرة في مكان الاجتماع، وعندما تسمعها يمكنك تفهّم قول أحد أعضاء اللجنة القطرية نفسها لبعض الحاضرين: معكم سيد من المحسنين.
فإذا كانت دقائق معدودة قد أثرت فيه هكذا فكيف بأحداث متعددة في الحرب وفي السلم عرفها أنصار الله عن هذا السيد على مدى سنوات! أحداث ربما سمعتَ بعضهم يتناقلونها فيما بينهم وهم يحاولون استرجاع ذكريات الحروب الأولى أو تذكّر كيف خرج من مران وقطع مسافات شاسعة حتى وصل إلى والده في نشور بعد الحرب الأولى، أو كيف اختار منطقة مطرة ليستقر بها أنصار الله بعد خروجهم من نشور في الحرب الثانية، أو كيف كانت عودته إلى خولان عامر بعد دحر قوات الظلم منها في الحرب الخامسة وكيف تعامل مع من وقف ضده من أبناء المنطقة بكل رحمة وعطف.
إنها مواقف تجسد صورةً أخرى لتلك الشخصية العظيمة سيندهش – من لا يرى غير الصور المرئية له – عند سماعها، لكن عليه أن يستوعب بعد ذلك معنى الحب والولاء الذي يكنه أنصار الله له، إنه ولاء يختلف كثيراً عما ألف الناس رؤيته يقدم بين يدي هذا الشيخ أو ذاك (الفندم) أو غيرهم، ولذلك لم يستطع استيعابه بعد بعض من حول انتمائه مؤخراً إلى مسيرة أنصار الله.
ليس الناس بحاجة إلى مداحين أو حملة مباخر ليحدثوهم عن السيد عبد الملك، ولا هم بحاجة لمن يلمع ويحسن، بل هم بحاجة لمعرفة السيد كما هو ليعرفوا كم حرموا بالابتعاد عنه.
أعلم أن السيد عبد الملك يفضل تقديم المسيرة والقضية عن تقديمه هو كشخص، ومع إقراري – أني لا في هذه العجالة ولا في غيرها يمكنني إنصاف القارئ – أقول إن ما أردته هو إيضاح سبب تعلق أنصار الله به، ذلك التعلق والارتباط الذي لا أستطيع لومهم عليه أبداً،،،