فورين بوليسي :صواريخ باتريوت الأمريكية تفشل في السعودية !
يمني برس : ترجمة حفصة جودة
كشف ، جيفري لويس ، مدير برنامج منع انتشار الأسلحة في شرق آسيا بمركز “جيمس مارتن” فشل السعودية باعتراض الصواريخ الباليستية اليمنية
وفال لويس في مقال نشرته مجلة ” فورين بوليسي” الأمريكية ، وترجمته حفصة جودة ونشرة موقع نون بوست . اليكم نص المقال :
” في يوم 25 من مارس، أطلقت قوات الحوثي من اليمن 7 صواريخ على الرياض، وأكدت السعودية أنها اعترضت هذه الصواريخ بنجاح تام، لكن الأمر ليس صحيحًا، فلم يؤد سقوط الصواريخ إلى وفاة شخص وإصابة اثنين فقط، لكنه لا يوجد أي دليل على اعتراض السعودية لتلك الصواريخ، هذا الأمر يثير التساؤلات عن السعودية والولايات المتحدة التي يبدو أنها باعتها مجموعة من الصواريخ الدفاعية الفاشلة “.
تظهر الصور على وسائل الإعلام أن السعودية تمكنت من إطلاق صواريخ اعتراضية، لكن مقاطع الفيديو تدل على فشلها، فأحد الصواريخ انفجر بشكل كارثي في الهواء بعد انطلاقه، أما الآخر فقد عاد مرة أخرى وهو في منتصف الجو وانفجر على الأرض في الرياض.
بالطبع قد يكون أحد الصواريخ الأخرى قد نجح في الاعتراض، لكنني أشك في ذلك، فقد درست أنا وزملائي بمعهد ميدلبوري للدراسات الدولية هجومين صاروخيين مختلفين على السعودية في نوفمبر وديسمبر 2017.
لا يوجد أي دليل على أن السعودية اعترضت أي صواريخ للحوثيين في الصراع اليمني
في كلتا الحالتين وجدنا أنه من غير المحتمل على الإطلاق أن تكون الصواريخ أُسقطت رغم تصريحات المسؤولين التي تقول عكس ذلك، كانت الطريقة التي استخدمناها بسيطة: فقد قمنا بعمل خريطة للحطام تتضمن مكان سقوط جسم الصاروخ ورأسه وموقع الصاروخ الاعتراضي، في كلتا الحالتين ظهر نمط واضح، سقط الصاروخ نفسه في الرياض بينما انفصل رأسه وطار فوق الصواريخ الدفاعية وسقط بالقرب من الهدف، وسقط أحد الرؤوس على بعد مئات الأمطار فقط من المبنى رقم 5 بمطار الملك خالد الدولي في الرياض، أما الصاروخ الثاني الذي انطلق قبل عدة أسابيع فقد دمر توكيل “هوندا” (توكيل سيارات).
لقد كان واضحًا لنا في كلتا الحالتين أن الصواريخ لم يتم إسقاطها أبدًا، حتى إننا لسنا متأكدين من أن السعودية حاولت حتى اعتراض الصاروخ الأول الذي سقط في شهر نوفمبر، فلا يوجد أي دليل على أن السعودية اعترضت أي صواريخ للحوثيين في الصراع اليمني، وهذا الأمر يثير تساؤلات عن مدى نجاح نظام باتريوت الدفاعي.
للإنصاف فهذا النظام الموجود في السعودية – صواريخ باتريوت المتقدمة 2 ” PAC-2″ – ليس مصممًا لاعتراض صواريخ بركان2 التي يطلقها الحوثيون على الرياض، هذه الصورايخ تطير لمسافة 600 ميل ويبدو أنها تمتلك رؤوسًا تنفصل عن جسم الصاروخ نفسه.
لكنني أشك حتى في أن باتريوت قد اعترض أي صاروخ باليستي طويل المدى، فلا يوجد أن دليل مقنع غير سري على اعتراض ناجح تقوم به باتريوت، في حرب الخليج عام 1991؛ تم إقناع العامة بأن صواريخ باتريوت تعمل بأداء قريب من المثالية وتمكنت من اعتراض ما بين 45 و47 صاروخ سكود، بعدها بفترة عدل الجيش الأمريكي من تقديراته لتنخفض إلى 50%، ثم قال بعد ذلك إنه يثق في ربع الحالات فقط، بعد فترة لاحظ أحد موظفي خدمات أبحاث الكونغرس أنه إذا طبق الجيش تقديراته بشكل منهجي سليم فسوف يكون الرقم أقل بكثير (يُقال إنهم أسقطوا صاروخ سكود واحد فقط وكان الصاروخ فاسدًا).
إذا كان نظام باتريوت لا يعمل، فلماذا تدعي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عكس ذلك؟
وفقًا للتحقيقات التي أجرتها لجنة المجلس بخصوص العمليات الحكومية، فليس هناك أي دليل على حدوث أي اعتراضات للصواريخ، ويقول ملخص التقرير: “هناك أدلة قليلة على أن باتريوت ضربت عدة صواريخ سكود أطلقها العراق في حرب الخليج، وهناك بعض الشك في أن تكون هذه الاشتباكات قد حدثت بالفعل”.
هذا التقرير الذي دعا البنتاغون لرفع السرية عن مزيد من المعلومات بشأن أداء صواريخ باتريوت وطالب بتقييم مستقل للبرنامج لم ير النور أبدًا نتيجة حملة ضغط من الجيش وشركة “رايثون” المنتجة للصواريخ.
لكن إذا كان نظام باتريوت لا يعمل، فلماذا تدعي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عكس ذلك؟
تعد الوظيفة الأساسية للحكومة توفير الأمان لمواطنيها، هناك ضغط هائل على السعودية لكي تظهر أنها تتخذ خطوات للدفاع عن مواطنيها، ومن خلال تأكيد القيام بعمليات اعتراض ناجحة؛ تستطيع الحكومة السعودية أن تظهر بأنها تؤدي واجبها لحماية السكان.
ومثلما حدث عام 1991؛ فقد ساعدت الادعاءات عن عمل الأنظمة الدفاعية على تخفيف التوتر الإقليمي، تمامًا مثلما قالت الادعاءات الخاطئة بشأن الصواريخ الدفاعية أنها ساعدت في منع “إسرائيل” من الانتقام من العراق في حرب الخليج، لذا هذه الادعاءات عن دفاع السعودية تجعل من السهل تجاهل حقيقة أن حلفاء إيران يطلقون الصواريخ الإيرانية على العاصمة السعودية.
نظام الصواريخ الدفاعية ليس حلًا للتحديات التي تخلقها القدرات الصاروخية المتنامية
لكنني وزملائي محللون مستقلون ولسنا موظفين في الحكومة وهدفنا كشف الحقيقة، وفي تلك الحالة فالحقيقة تقول إن هذا النظام الدفاعي لا يعمل، والخطر هنا يأتي من أن قادة السعودية والولايات المتحدة يصدقون التفاهات التي ينشرونها.
فرغم أن مسؤولين أمريكيين أكدوا أنه لم يحدث أي اعتراضات ناجحة في نوفمبر 2017، فإن ترامب كان له رأي مختلف تمامًا، فقد قال: “لقد تمكن نظامنا من إخراج الصواريخ من الجو، نحن جيدون للغاية ولا أحد يستطيع أن يفعل ما نفعله، والآن نحن نبيع هذه الصواريخ في كل أنحاء العالم”، هذا ما يكرره ترامب دائمًا.
وعند سؤاله عن التهديدات النووية من كوريا الشمالية قال ترامب: “لدينا صواريخ تستطيع إسقاط صواريخهم وهي في الجو بنسبة نجاح تصل إلى 97% وإذا أرسلنا إليهم صاروخين فقط فسنقضي عليهم”، لقد أوضح ترامب بكل الطرق أنه يؤمن بأن نظامه الدفاعي سيحمي الولايات المتحدة.
هذا الوضع خطير، خاصة في الوقت الراهن، حيث يبدو أن إدارة ترامب سوف تفسد الاتفاق النووي مع إيران مما سيقود طهران إلى نفس طريق كوريا الشمالية حيث تمتلك قدرة نووية تمكنها من ضرب حلفاء أمريكا في المنطقة وربما الولايات المتحدة نفسها.
لذا نحن بحاجة إلى أن نقول الحقيقة: نظام الصواريخ الدفاعية ليس حلًا للتحديات التي تخلقها القدرات الصاروخية المتنامية ولن تنقذنا في العصر النووي، لا توجد عصا سحرية تستطيع أن تسقط جميع الصواريخ التي تستهدف أمريكا أو حلفاءها، والحل الوحيد هو إقناع تلك الدول بالتوقف عن بناء هذه الأسلحة في المقام الأول، وإذا فشلنا في ذلك فلن تنقذنا أي أنظمة دفاعية.