خالد نائف.. الطالب اليمني الذي عشق الحياة فغدرت به “الخيانة”وخذلته الجهات المعنية
التحقيقات مستمرة للوصول إلى الجناة.. وتفاصيل جديدة تدحض شائعة “الانتحار”
لم يكن يعاني من ضائقة مالية أو مشكلة نفسية ومقتله في الهند شكل صدمة لزملائه
يمني برس | صحيفة الثورة
أكد الدكتور محمد نائف والد الطالب خالد الذي وجد مقتولاً في غرفته بمدينة تشيتورالهندية في فبراير الماضي، أن ابنه قُتل غدراً وليس كما تم الترويج له.
وطالب الجهات المعنية، بتحمل مسؤوليتها الكاملة في المساعدة على إجراء تحقيق عادل ومنصف وشفاف، بعد ان تكشفت العديد من التطورات والخيوط التي من خلالها يُمكن الوصول إلى المجرمين، وفقا للقرائن المتوفرة.
وقال الدكتور المحاضر بجامعة صنعاء، إن ابنه كان متفوقا خلال مراحل دراسته المختلفة ، شابا طموحا متطلعا للمستقبل، يعشق الحياة ويناضل من اجل النجاح والتميز.
وشدد على أن خالد الذي كان يدرس هندسة الالكترونيات والاتصالات بالهند، لم يكن يعاني من أي ظروف مالية أو نفسية أو أي ضغوط أخرى.
وكشف بأن البعض، سعى إلى تغطية الجريمة الحقيقية بحق ابنه، من خلال الترويج لفعل “الانتحار”، والقيام بتضليل المحققين وتقديم انفسهم كأصحاب الدم وولاة أمر الطالب.
وحازت هذه القضية على تضامن واسع من قبل زملاء خالد في الهند ، وسط مطالبات بكشف الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة.
خالد.. تميز ونجاح
كان التميز والتفوق حليفه، بل كان كظله الذي لا يُفارقه من “الروضة” حتى الثالث الثانوي ، ليتوج مشوار نجاحه بحصوله على نسبة 89,63% في القسم العلمي.
اختار اللغة الإنجليزية ، طريقاً يعبر من خلاله إلى العالم الآخر في تحصيل علمي جديد، يُحقق من خلاله طموحه وتطلعه. فتقدم إلى أكثر من منحة خارجية بهدف الدراسة الجامعية خارج الوطن. ليختطف النجاح مرة أخرى من بين المئات من المتقدمين.
أول فرحة له كانت نجاحه بمنحة دراسية من الاتحاد الأوروبي، ولأن خالد لم يكن – حينها- ملتحقاً بأي جامعة محلية (كما كانت تشترط المنحة)، فقد غادرته المنحة الاوروبية.
لكن إصرار الشاب على التميز والنجاح وتحقيق هدفه السامي، بالعودة بشهادته الجامعية من خارج البلاد ، تقدم إلى منحة أخرى ، وكالعادة يفوز عاشق الحياة من جديد ، ولكن هذه المرة ، كان خالد على موعد مع منحة مجلس التبادل الثقافي الهندي عام 2014 لتبدأ أولى خطوات الشاب في تحقيق حلمه، فوصل إلى الهند.
وفي أول سنة دراسية له، كان التفوق من نصيبه، في إحدى الجامعات الهندية التي تُدرس باللغة الانجليزية ، رغم اختلاف البيئة والمجتمع وبُعد الأهل، حيث نتائج العام الأكاديمي الأول ، تؤكد تفوقه، خلاف الكثير من زملائه الآخرين.
خالد لم يكن متفوقاً بدراسته فقط، ، بل كان متفوقاً بنبل أخلاقه، فكان باراً بوالديه، ولأنه يؤمن بأن الجنة تحت إقدام الأمهات.، فقد اخذ استراحة محارب من الدراسة ، وجعل شغله الشاغل – حينها- مرض والدته التي سافرت إليه في الهند للعلاج من مرض السرطان، فوقف إلى جانبها مُضحيا بدراسته وهو في المستوى الثالث.
ولأنه يُحب الحياة، سهر الليالي إلى جوار أمه، متوسلاً لله عز وجل ان ينعم على والدته بالصحة والعافية، لينتصر بالحب والإيثار على السرطان، في موقف قل ان تجد له مثالاً في “عصر عقوق الأبناء لآبائهم”.
ودع الابن البار أمه في مطار مومباي على وقع دموع الفرح وبسعادة غامرة، في رحلة عودتها إلى اليمن في عمر جديد، بنعمة من الله وفضله.
هكذا نجد خالد ينتزع النجاح من جديد؛ لكنه نجاح من نوع آخر؛ نجاح بره بوالدته، ما أعظمه من نجاح .
على الرغم من قرار إيقاف منحته المالية (مؤقتا)، بسبب تغيبه عن الدراسة ، وعودته إلى سكنه الذي انتقل إليه بعد السنة الأولى من سكنه الجامعي، إلا أن خالد كان يتمتع بعزيمة قوية وإصرار كبير على تجاوز أي قصور سابق له، فقبل مقتله بشهر ونصف، قرر تدريجيا تغيير نمط حياته والابتعاد عن بعض أصدقائه الذين أثروا سلباً على حياته الاجتماعية والدراسية، وهو ما لم يرق للبعض.
لم يكن يعاني من ضائقة مالية
كل المعطيات تشير إلى أن خالد لم يكن يعاني من أي أزمة مالية، حيث تؤكد المراسلات بينه وبين والده ، حرص الدكتور محمد على إرسال الحوالات المالية إلى خالد بصورة منتظمة، منعا لأي أزمة مالية قد يتعرض لها ابنه وتؤثر على تحصيله، إلى قبل مقتله بشهر.
كما أن خالد حصل مؤخراً على منحة مالية من السفارة اليمنية . وفي 25 يناير 2018م، حصل الشاب على الربع الأول (1,500 دولار)، وقبل مقتله بأربعة أيام (14 فبراير 2018م)، استلم خالد 1,500 دولار أخرى.
وقد اطلع خالد والده على ذلك في حينه وقبل مقتله بنحو أربعة أيام، ومن خلال مراسلاته مع والده عبر الفيس بوك، بدا خالد سعيدا ونفسيته رائعة، يتطلع للمستقبل (كما هي في كل مرة.)، مشيرا إلى أنه سيحتفظ بجزء من المبلغ للمستقبل .
محفزات واستغلال
بعد أن اطمأن خالد على امه، عاد وفي رأس اهتماماته وأهدافه، تجاوز أي قصور وأي تأخر دراسي، بسبب انشغاله بجوار أمه، فعمد إلى تثبيت محفزات ذاتية على جدار غرفته (على افتراض أنه هو من عمد إلى ذلك)، وهي محفزات يصفها خبراء التنمية البشرية بـ” محفزات الشخصية الايجابية)، تدفعه إلى مواصلة مشواره في تحصيله العلمي، حاول البعض استغلالها استغلالا سيئا لتثبيت ما رسموا له مسبقا في تأكيد “الانتحار”.
صدمة كبيرة وحزن
شكل مقتل الطالب خالد محمد نائف، صدمة كبيرة لأسرته وأصدقائه ومحبيه باليمن ، كما خلف رحيله صدمة وحزناً عميقاً في نفوس الطلاب اليمنيين الدارسين في الهند عموماً ، نظراً لما يتمتع به خالد من نبل الأخلاق وما يمتلكه من إصرار على التفوق والنجاح منذ مراحل دراسته الأولى.
ووفقاً للمعطيات والمعلومات المتوفرة، فإن البعض روّج لفرضية “الانتحار” منذ الساعة الأولى لخبر مقتله، ثم راح يؤكدها عبر “فيديوهات” ركز فيها على أن أبواب الغرفة محكمة الإغلاق ، بل سعى إلى تضليل المحققين في ذلك، لاعبا دور أولياء المجني عليه، ملتقطاً صوراً لمحفزات – قيل أن خالد وضعها على جدران الغرفة- يُوحي من خلالها إلى فرضية “الانتحار” التي تصدرت افاداتهم.
ليكشف مقطع فيديو آخر، حصل عليه والده، أن الدخول إلى الشقة عملية سهلة من خلال بلكونة لا تغلق خلف الشقة ويمكن التسلق إليها في الدور الثاني من المبنى والدخول إلى الشقة خلافا لما سبق أن روج له البعض، كما تلقى الوالد مجموعة من الصور ، إحداها وصفها من أرسل بها، بأنها “سيلفي” لخالد قبل أن يُقدم على الانتحار، وفقا لرسالة المصدر، وقد بدا خالد في هذه الصورة، منهكا ولا يقوى حتى على الجلوس، كما عليه آثار كدمات في وجهه وتحت إحدى عينيه. وبدت يده اليمنى وكأنها تعرضت للربط من خلال صورة عرضت بعد وفاته وهو ملقى على الأرض في غرفته .
الصورة “السيلفي” تم عرضها على الطبيب الشرعي بصنعاء ، الذي أفاد بأن خالد – كما يظهر في الصورة- كان يحتضر.
وهنا جاز لنا السؤال: كيف بشخص لا يقوى على فتح عينيه كاملتين، أن يصعد على طاولة ويربط نفسه بحديد المروحة من خلال حبل (نايلون)، كان يمكن أن يفصل عنقه عن جسده، لو بقي معلقا فيه لنحو 10 دقائق فقط (نظرا لثقل وزن خالد)، حيث أفاد أحد الأشخاص بأنه وصل إلى الغرفة ووجد الطالب مشنوقا بالحبل، والرائحة تصدر من المكان مما يدل على أنه بقي في الغرفة لفترة طويلة!.
احتجاجات طلابية
أثار مقتل خالد بهذه الطريقة الغامضة، حالة من الاستياء العام، وسط زملائه في الجامعة، لتبدأ الاحتجاجات وتتصاعد، حتى وصلت إلى وسائل الإعلام ، مما شكل حرجا على السفارة اليمنية في الهند، التي سارعت في إطفاء هذه الاحتجاجات من خلال تقرير سريع، التقط ما روج له البعض من إقدام الطالب على “الانتحار”، مستبقا صدور تقرير الطبيب الشرعي الذي لم يصدر إلى اليوم، وهو إجراء، فسره البعض بأنه كان يهدف إلى إطفاء الاحتجاجات الطلابية.
لتُسجل القضية ضد مجهول، وتُعلق على شماعة الانتحار، وهي شماعة اعتادت الجهات الرسمية أن تُنهي بها قضايا مقتل العديد من الطلاب اليمنيين بالخارج!.
* نقلا عن صحيفة الثورة